خط بري لنقل البضائع بين الإمارات وتركيا.. ما قصته وكيف يؤثر على قناة السويس؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/15 الساعة 12:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/15 الساعة 12:07 بتوقيت غرينتش
الرئيس التركي ووزير الخارجية الإمارات عبد الله بن زايد/الأناضول

وقّعت تركيا والإمارات اتفاقاً بشأن طريق شحن بري لنقل البضائع بعيداً عن قناة السويس المصرية، في ظل ارتفاع قياسي في استثمارات أبو ظبي في أنقرة، فما قصة هذا الطريق الجديد؟

وكانت العلاقات التركية الإماراتية قد شهدت تحسناً كبيراً في الأشهر الأخيرة بعد قطيعة استمرت أكثر من ثماني سنوات. وجاءت زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد لأنقرة في 18 أغسطس/آب الماضي، كبداية لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وناقش معه القضايا الإقليمية والاستثمارات الإماراتية في تركيا.

تغير المشهد بشكل كامل وتحولت القطيعة السياسية والاقتصادية الشاملة بين البلدين إلى تعاون، وثيق انعكس بشكل مباشر في استثمارات اقتصادية في مختلف القطاعات.

طريق شحن بري جديد

وفي هذا السياق، أفادت وسائل إعلام تركية قبل أيام بتوقيع أنقرة اتفاقين منفصلين مع كل من أبو ظبي وإسلام آباد، بشأن تدشين طريق شحن جديد لنقل البضائع، وقالت المصادر التركية إن أنقرة فعّلت اتفاقية "دفتر النقل البري الدولي" (TIR التير) مع الإمارات وباكستان، والتي ستوفر مزايا الوقت والتكلفة للشركات المصدرة، خاصة في ظل أزمة الحاويات وارتفاع أسعار الشحن البحري عقب جائحة كورونا.

وأوضحت ذات المصادر، بحسب موقع إرم نيوز الإماراتي، أن مسؤولي وزارة التجارة التركية تباحثوا مع المسؤولين الإماراتيين خلال الزيارات الميدانية، كما قدموا الدعم اللازم لشركة النقل التي ستنقل أولى الشحنات عن طريق البر، خاصة في ظل عدم وجود اتفاقية ثنائية للشحن البري بين تركيا والإمارات، إلا أن التوقيع بين وزارتي النقل في البلدين سيُسهم في تطوير المسار الجديد.

ميناء الشارقة الإماراتي

أما عن مسار خط الشحن الجديد، فهو يشمل نقل الحاويات المحملة بالبضائع من ميناء الشارقة في الإمارات إلى ميناء بندر عباس في إيران ومنه تنقل براً إلى معبر "غوربولاك" البوابة الحدودية لتركيا مع إيران.

ومن المعبر الحدودي، يتم نقل البضائع إلى مدينة إسكندرون التركية. وإضافة إلى ذلك، تم إجراء أول عملية نقل البضائع براً بين طهران وإسلام آباد، مروراً بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في إطار اتفاقية دفتر النقل البري الدولي.

ماذا تعني اتفاقية دفتر النقل البري الدولي؟

اتفاقية النقل البري الدولي (TIR) عبارة عن معاهدة متعددة الأطراف تم التوقيع عليها في جنيف في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1975، والهدف منها تبسيط ومواءمة الإجراءات الإدارية والجمركية المتعلقة بالنقل البري للبضائع بين الدول.

وحلت اتفاقية جنيف 1975 محل اتفاقية سابقة كانت قد أبرمتها بضع دول أوروبية فيما بينها لأول مرة عام 1949 وتم تحديثها مرة ثانية عام 1959 وكانت تحمل نفس الاسم.

وأصبحت تلك الاتفاقية معتمدة من جانب الأمم المتحدة وتحت رعاية اللجنة الاقتصادية في المنظمة الأممية، وانضمت إليها دول عربية، منها الإمارات والأردن وتونس والمغرب، كما انضمت إليها مصر هذا العام.

اتفاقية النقل البري الدولي تسها شحن البضائع عن طريق البر

وتؤسس اتفاقية (التير) لنظام عبور جمركي دولي يتمتع بأقصى قدر من التسهيلات لنقل البضائع، في المركبات أو الحاويات المختومة؛ من مكتب مغادرة جمركي في أحد البلاد وصولاً إلى مكتب جمارك في بلد آخر، دون الحاجة إلى عمليات تفتيش واسعة النطاق ومستهلكة للوقت على الحدود الوسيطة، مع توفير الأمن والضمانات اللازمة للسلطات الجمركية في نفس الوقت.

كم يبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا؟

وبالعودة إلى الاستثمارات الإماراتية في تركيا، تشير البيانات الرسمية الصادرة عن معهد الإحصاء التركي إلى أن مجموع الاستثمارات الخليجية في تركيا بلغ قرابة 11.4 مليار دولار خلال السنوات الـ18 الأخيرة، حلت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بين الدول الخليجية كأكبر مستثمر في تركيا بقيمة بلغت نحو 4.3 مليار دولار، تلتها قطر، والمملكة العربية السعودية في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي.

وتتنوع الاستثمارات الإماراتية في تركيا لتشمل قطاعات التمويل والبنوك والطاقة المتجددة والمشاريع العقارية والصناعات الغذائية والدوائية والطبية والسلع الاستهلاكية والخدمات اللوجستية والموانئ وتجارة التجزئة.

كما تتركز الاستثمارات الإماراتية في تركيا، على المراكز التجارية والفنادق والمنتجعات السياحية، فضلاً عن شراء وضخ استثمارات في الشركات التركية الرائدة في القطاع التكنولوجي والرقمي.

استثمارات الإمارات في تركيا زادت خلال الأشهر الماضية/ الأناضول

وبحسب بيانات وزارة الخارجية التركية، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين قرابة 7.3 مليار دولار عام 2019، ونحو 7.6 مليار دولار عام 2018، وخلال العام الماضي سجل التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نمواً بنحو 21%، حيث بلغ نحو 8.9 مليار دولار، وذلك مقارنة مع عام 2019.

وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، زاد حجم حركة التجارة بين الإمارات وتركيا بنحو 100%، بحسب تصريحات للسفير التركي لدى الإمارات توجاي تونشير. وفي ظل التحسن الكبير في علاقات البلدين في النصف الثاني من العام الجاري، من المتوقع أن يزداد حجم التبادل التجاري والاستثمارات الإماراتية في تركيا.

ففي مطلع أغسطس/آب الماضي، قامت شركة "فينيكس" الإماراتية للسكوتر بالاستحواذ على شركة "بالم" التركية الرائدة في مجال النقل الخفيف (السكوتر الكهربائي) مقابل 43 مليون ليرة تركية (نحو 5 ملايين دولار)، فيما يعتبر أحدث الاستثمارات الإماراتية في تركيا.

ما هدف خط الشحن البري الجديد؟

وبالعودة إلى الخط البري الجديد لنقل البضائع بين الإمارات وتركيا، مروراً بإيران ووصولاً إلى باكستان وغيرها من الدول في آسيا وأوروبا، نجد أن طريق الشحن البحري من الشارقة إلى مرسين (التركية) والذي يستخدم معبر قناة السويس يستغرق 20 يوماً، بينما يستغرق المسار الجديد من 6 إلى 8 أيام، إضافة إلى أن الشحن البحري من باكستان الذي كان يستغرق شهراً، أصبح اليوم يستغرق 10 إلى 12 يوماً عن طريق البر.

وبدأت بالفعل الرحلة "الاستكشافية" للمسار الجديد من مدينة رأس الخيمة في الإمارات، حيث تم اقتناء سلع من ضمنها الألومنيوم والسيليكا، وتمت عملية نقل الشحنات من ميناء الشارقة في الإمارات إلى ميناء بندر عباس في إيران عن طريق الشحن البحري في الخليج العربي، وبعد ذلك، تم تسليم الشحنات المرسلة إلى تركيا عبر بوابة غوربولاك الحدودية ومن هناك إلى مدينة إسكندرون التركية.

وسيؤثر هذا الطريق البري الجديد بالطبع على قناة السويس، التي تمثل أحد أهم مصادر الدخل القومي المصري من العملات الأجنبية، رغم أن حجم هذا التأثير لا يزال غير محدد، في ظل بداية العمل على خط الشحن البري الجديد بين الإمارات وتركيا قبل أيام قليلة فقط.

قناة السويس إيرادات
قناة السويس مصدر رئيسي للدخل في مصر- رويترز

وكانت أزمة السفينة إيفرغيفن التي جنحت في قناة السويس وعطلت الملاحة لمدة أسبوع أواخر مارس/آذار الماضي قد أثارت أحاديث كثيرة حول سعي بعض الدول في المنطقة لإيجاد بدائل للممر البحري المصري.

إذ إن قناة السويس، التي تفصل إفريقيا عن الشرق الأوسط وآسيا، تعد واحدة من أكثر طرق التجارة ازدحاماً في العالم، ويمر عبرها حوالي 12% من إجمالي التجارة العالمية، وبالإضافة إلى نقل النفط، يُستخدم الشحن البحري في الغالب لنقل بضائع استهلاكية مثل الملابس والأثاث ومكونات التصنيع وقطع السيارات.

وأظهرت بيانات الشحن وقت الأزمة أن السفينة الضخمة التي جنحت في قناة السويس تسببت في تعطيل وصول بضائع تقدر قيمتها بنحو 9.6 مليار دولار، وهو ما يعادل 400 مليون دولار من التبادل التجاري في الساعة على طول الممر المائي الذي يعد معبراً حيوياً بين الشرق والغرب.

وبحسب بيانات من مجلة لويدز ليست (Lloyd's List)، المختصة بالشحن، تقدر حركة المرور المتجهة غرباً عبر القناة بحوالي 5.1 مليار دولار في اليوم، وحركة المرور المتجهة شرقاً بحوالي 4.5 مليار دولار في اليوم.

تحميل المزيد