معركة مأرب.. لماذا يواصل الحوثيون التقدم بالمحافظة الاستراتيجية على حساب التحالف والقوات الحكومية؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/05 الساعة 08:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/05 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش
مقاتلون من جماعة الحوثي اليمنية/رويترز

تواجه محافظة مأرب وسط اليمن، هجمات مكثفة من قبل الحوثيين، هي الأعنف منذ مطلع العام الجاري، في مسعى للجماعة المدعومة من إيران، للسيطرة على هذه المحافظة الاستراتيجية.

ومنذ بداية فبراير/شباط الماضي، كثَّف الحوثيون هجماتهم في مأرب بهدف بسط نفوذهم عليها، كونها أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيسي لوزارة الدفاع، فضلاً عن تمتعها بثروات النفط والغاز، ومحطة مأرب الغازية التي كانت قبل الحرب تغذي معظم المحافظات بالكهرباء.

استراتيجية الحوثيين الجديدة للسيطرة على مأرب

منذ أيام، ازداد اهتمام الشارع اليمني بشكل كبير، بتطورات الأوضاع في مأرب، وسط تباين في وجهات النظر بخصوص مستقبل المحافظة، التي تحوي أحد أكبر التجمعات السكانية في البلاد.

وجاء هذا الاهتمام منقسماً بين مخاوف كبيرة من قبل بعض أنصار الحكومة خشية إسقاط مأرب، فيما يستبعد آخرون سيطرة الحوثيين عليها، وأن "القوات الحكومية ستواصل مواجهة الجماعة حتى النصر".

ويرسل الحوثيون رسائل تطمين لأبناء مأرب، ويشددون على أنهم سيواصلون عملياتهم العسكرية حتى "تحرير" كامل المحافظة واليمن أجمع.

خارطة تقدم الحوثيين نحو مدينة مأرب اليمنية/ iswnews

والأحد، أعلن المتحدث العسكري للحوثيين يحيي سريع، في بيان، أن جماعته سيطرت على كامل مديريات المحافظة، باستثناء مديرية مأرب، الواقع ضمنها مركز المحافظة (مدينة مأرب)، ومديرية "الوادي"، التي تحوي حقول النفط والغاز.

فيما تقول المصادر العسكرية الحكومية، وفق مراسل الأناضول، إن قوات الجيش لا تزال تتواجد في مناطق في مديريات "صرواح" و"الجوبة" و"رغوان"، وإن الحوثيين لا يسيطرون على كامل هذه المديريات.

لكن خلال الأيام الماضية، استطاع الحوثيون السيطرة على مديرية "جبل مراد" ومعظم مديرية "الجوبة" المجاورة، جنوبي مأرب، ما أثار مخاوف لدى المكونات المؤيدة للحكومة في المحافظة.

انتقاد شديد لقوات التحالف وحكومة هادي لفشلهما بمعركة مأرب

وفي تطور سياسي لافت، اتهمت مكونات سياسية، مساء الإثنين، الحكومة والتحالف العربي بخذلان محافظة مأرب، والفشل في إدارة المعركة ضد الحوثيين.

وأبرز هذه المكونات "المؤتمر الشعبي العام" (ليبرالي)، و"التجمع اليمني للإصلاح" (أكبر حزب إسلامي بالبلاد)، والحزب "الاشتراكي اليمني" (يساري)، و"التنظيم الناصري" (قومي). وعبرت المكونات في بيان "عن استغرابها الشديد لأداء التحالف العربي وسوء إدارته للمهمة التي أنيطت به".

ورأت أن "قيادة الحكومة الشرعية فشلت فشلاً ذريعاً في مسؤولياتها على مختلف الأصعدة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعلامياً؛ ما انعكس سلباً على مشروع المقاومة لإسقاط الانقلاب (الحوثي) واستعادة الجمهورية".

هذا الموقف هو الأول من نوعه لمكونات سياسية مشاركة في الحكومة، وتتمتع بعلاقات وثيقة مع التحالف العربي بقيادة السعودية.

صور نشرها الحوثيون في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 لمواقع جديدة سيطروا عليها في محيط مدينة مأرب/ مواقع التواصل

وأثار البيان، اهتماماً كبيراً في اليمن، حيث اعتبره كثيرون أنه شخَّص المشكلة الميدانية بشكل واضح ودقيق، فيما ذهب آخرون إلى اتهام المكونات السياسية نفسها بأنها هي ضمن أسباب الفشل.

وقال السياسي اليمني البارز صالح سميع، المعين من قبل الحكومة، لمحافظة المحويت (شمال)، إن البيان "جامع لكل القوى السياسية الحقيقية ذات التأثير الشعبي في بلادنا من المهرة (أقصى الشرق) حتى صعدة (أقصى الشمال)".

وأضاف في حسابه على "تويتر"، أن البيان "كاشف لضعف أداء السلطة التنفيذية بجناحيها الحكومي والرئاسي ولحلفائنا (التحالف العربي) في مواجهة إيران وأداتها المحلية (جماعة الحوثي)".

هل تسقط مأرب بيد الحوثيين؟

مع استمرار تقدم الحوثيين ميدانياً، ثمة من يستبعد إسقاط مدينة مأرب الحيوية في يد الجماعة الشيعية المسلحة. وتحوي المدينة أكثر من مليوني نازح، فيما شهدت خلال السنوات الماضية تنمية نسبية غير معهودة منذ عقود.

وقال مصدر عسكري حكومي يمني، مطّلع على الوضع الميداني، إن "مدينة مأرب محمية بأبنائها ومقاتليها"، حسب تعبيره.

وأضاف لوكالة الأناضول، طالباً عدم ذكر اسمه، إن "إسقاط مدينة مأرب أو حقولها النفطية أمر مستبعد تماماً". وأردف: "صحيح تقدم الحوثيون في عدة مديريات، لكن مدينة مأرب وحقول النفط محاطة بتحصينات دفاعية كبيرة عصية على الحوثيين".

وتابع: "في حال أراد الحوثيون السيطرة على حقول النفط، فالأمر يستوجب منهم الدخول في صحراء مكشوفة، ما سيجعلهم فريسة سهلة لقوات الحكومة وطيران التحالف، ما يجعل تقدمهم مستبعداً، غير المناطق الجبلية التي سيطروا عليها كونهم لديهم خبرة في القتال عبر الجبال والتلال، التي يوجد فيها تحصينات".

تقع أكبر حقول النفط في اليمن بمدينة مأرب وتحديداً في شرق المدينة كما هو موضح بالخارطة

"السعودية تحجم عن توفير إمكانياتها لدعم الجيش اليمني"

بدوره، ذكر الكاتب السياسي يعقوب العتواني، أن "المواجهات الدائرة في مأرب منذ أشهر هي الأشرس والأكثر دمويةً منذ بداية الحرب اليمنية، وهو ما تدل عليه الإحصائيات المتداولة".

وأضاف المتحدث للأناضول: "الحوثيون ينزفون أكثر، لكنهم في الوقت ذاته يربحون أرضاً أوسع في مأرب، والسبب عائد إلى امتلاكهم تسليحاً أفضل وتنظيماً أكثر تماسكاً".

وتابع: "في المقابل تحجم السعودية عن استخدام إمكانياتها في دعم الجيش الحكومي والقبائل، وتقصر تدخلها على الطيران وحده، وهو ما لا يفلح في ردع الحوثيين كما توضح خارطة المواجهات المتغيرة".

وزاد: "المستقبل في مأرب مفتوح على أكثر من احتمال، فكما أن سقوط المدينة في يد الحوثيين غير مستبعد، إلا أن إمكانية صمود المدينة حاضرة بشكل كبير، خصوصاً في ظل استحالة فرض حصار كامل عليها من قبل الحوثيين، وهي ميزة جغرافية وعسكرية".

ويشهد اليمن حرباً منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

وللنزاع امتدادات إقليمية، منذ مارس/ آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعماً للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.

تحميل المزيد