هل تعيد هجمات “المقدادية” شبح الحرب الأهلية مرة أخرى بالعراق؟، نعم وهذا هو السبب

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/05 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/05 الساعة 09:02 بتوقيت غرينتش
العراق- المقدادية /رويترز

أثارت هجمات دامية شهدتها محافظة ديالى شرقي العراق، قبل أيام، مخاوف واسعة لدى السكان، ودفعت مئات العائلات إلى ترك منازلها، ما أعاد إلى أذهان العراقيين مشاهد "اقتتال طائفي" بين السُنة والشيعة خلف آلاف القتلى.

ففي مساء 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شن مسلحون من تنظيم "داعش" الإرهابي هجوماً على قرية "الرشاد"، ذات الغالبية الشيعية في قضاء المقدادية بديالى، وقتلوا 11 شخصاً، وفق تقدير رسمي، فيما قال مصدر طبي للأناضول إن الهجوم أدى إلى مقتل 15 وإصابة 13 آخرين.

ينتشر نحو 5 آلاف جندي أمريكي في قواعد عسكرية بأرجاء العراق، ضمن التحالف الدولي لمحاربة "داعش"/ الأناضول

وغداة الهجوم، شن مسلحون شيعة هجوماً استهدف سكان أهالي قرية "نهر الإمام"، التي يقطنها سُنة، "انتقاماً" لمقتل أبنائهم على يد "داعش"، ما أسفر عن سقوط 8 قتلى وإضرام النيران في منازل وبساتين للأشجار المثمرة، وفق مصدر أمني للأناضول.

وفي أعقاب هذه التطورات، انتشر الجيش، بما فيه قوات النخبة من جهاز مكافحة الإرهاب، والشرطة في قضاء المقدادية، وفرضت السلطات حظراً للتجوال خلال ساعات الليل استمر لأسبوع، إضافة إلى قطع الطرق مع المناطق المحيطة.

وهذا هو أول هجوم واسع ذي صبغة طائفية في العراق منذ انتهاء الحرب ضد "داعش" (2014-2017)، مما أثار الهلع بين المدنيين.

 300 عائلة نازحة

وقال قائممقام مدينة بعقوبة مركز المحافظة، عبد الله الحيالي، للأناضول، إن "المدينة استقبلت قرابة 300 عائلة نازحة من قرى قضاء المقدادية جراء الهجمات الأخيرة".

وأوضح أن "العائلات النازحة جاءت من قرية الرشاد، ونهر الإمام، وشوك الريم، وقرى صغيرة مجاورة في المقدادية".

وأفاد الحيالي بـ"استمرار النزوح من القرى لغاية الآن، رغم وجود وانتشار القوات الأمنية في القضاء".

وأضاف أن "أهالي بعقوبة هم من استقبلوا النازحين، في حين قدمت الحكومة المحلية والمنظمات الإغاثية المساعدات الإنسانية، فضلاً عن توزيع مبالغ مالية لهم".

  تأجيج "الفتنة الطائفية"

والثلاثاء، حذر السياسي الشيعي البارز، مقتدى الصدر، من تأجيج "الفتنة الطائفية" في ديالى.

وقال الصدر، عبر "تويتر"، إن "الخطر محدق بمحافظة ديالى، ونار الفتنة الطائفية يؤججها البعض".

وأضاف أن "المحافظة أسيرة التهريب والمليشيات والتبعية والإرهاب"، في إشارة إلى الفصائل الشيعية التي تدين بالولاء لإيران، إضافة إلى "داعش".

ألغام داعش مشكلة أزمة حقيقية بالعراق
ألغام داعش أزمة حقيقية بالعراق

وتابع الصدر، الذي تصدرت كتلته نتائج الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بالقول: "على قواتنا الأمنية في وزارة الداخلية العمل الجاد والسريع لحماية الحدود والانتشار السريع من أجل درء المخاطر".

وبين عامي 2006 و2008، شهد العراق اقتتالاً طائفياً بين السُنة والشيعة خلف آلاف القتلى والجرحى.

كما شهدت الحرب ضد "داعش" انتهاكات ذات طبيعة طائفية ارتكبتها فصائل شيعية بحق مدنيين سُنة شمالي وغربي البلاد، بينها عمليات تعذيب وإخفاء قسري، وفق جهات سياسية داخلية ومنظمات دولية معنية بحقوق الإنسان.

  توتر سياسي

وجاءت أحداث المقدادية في ظل توتر سياسي يشهده العراق في أعقاب الانتخابات البرلمانية؛ إذ تعترض فصائل شيعية متنفذة مرتبطة بإيران على نتائجها الأولية، مما أثار مخاوف من احتمال اندلاع اقتتال داخلي.

وخلال الحرب ضد "داعش"، اكتسبت الفصائل الشيعية نفوذاً كبيراً وتم الاعتراف بها رسمياً ضمن القوات المسلحة العراقية، وتتلقى الأسلحة والتمويل من الدولة، إلا أنها فعليا تخضع لأوامر قادتها المقربين من إيران، بحسب مراقبين.

وتقع محافظة ديالى على حدود إيران، ويقطنها خليط طائفي من الشيعة والسُنة.

العراق
العراق يستعد لإجراء الانتخابات البرلمانية- رويترز

وقال شاهد عيان، طلب عدم نشر اسمه، للأناضول، إن المسلحين الشيعة، الذين هاجموا سكان قرية "نهر الإمام"، قاموا أيضاً بـ"نهب وسرقة ممتلكات الناس، بما فيها آليات زراعية، قبل أن يضرموا النيران في المنازل".

وأضاف أن "القوات الأمنية وصلت إلى قرية نهر الإمام والقرى المحيطة بها وسيطرت عليها، لكن الأهالي يرفضون العودة إليها، خوفاً من تكرار الهجمات المسلحة، سواءً من داعش أو الفصائل المسلحة".

  انفلات أمني

ووفق عضو مجلس محافظة ديالى السابق، خضر مسلم، فإن "ديالى تشهد انفلاتاً أمنياً كبيراً من خلال انتشار الفصائل المسلحة وعمليات التهريب الكبيرة التي تتم عن طريق المحافظة".

وأضاف مسلم للأناضول أن "المحافظة بحاجة إلى تغيير القيادات الأمنية المتواجدة، فضلاً عن الاعتماد على خطة أمنية جديدة للسيطرة على القرى والمناطق التي تتعرض لهجمات مستمرة".

إيران توقف إمدادات الكهرباء
إيران توقف إمدادات الكهرباء عن العراق الذي يعاني من درجات الحرارة المرتفعة – رويترز

وبشأن نزوح العائلات من قرى المقدادية، أفاد مسلم بأن "هناك تخوفاً كبيراً لدى حكومة ديالى (المحلية) من استمرار نزوح العائلات جراء العمليات والهجمات في القضاء".

وأوضح أن "الاحتقان الطائفي لا يزال يخيم على أجواء ديالى، وفصائل مسلحة عديدة متواجدة أيضاً"، محذراً من "تكرار الاقتتال الطائفي في المحافظة".

تحميل المزيد