بالتأكيد لم تكن قمة مجموعة العشرين في روما قمة عادية، ليس فقط لأنها أول اجتماع لقادة مجموعة العشرين بشخصهم منذ عامين، بل لبعض القرارات والتفاهمات التي جرى التوصل إليها في القمة.
واجتمع القادة في القمة لمناقشة عدد من القضايا، تشمل تغيُّر المناخ، وجائحة كوفيد، والضرائب، ومخاوف الاقتصاد العالمي.
وألقى زعماء قمة مجموعة العشرين عملات معدنية في نافورة تريفي بروما، الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021، طلباً للسعادة وتحقيق الأماني، في تقليد لزوار العاصمة الإيطالية يعود لمئات السنين، حيث تقول الأسطورة إنك لو ألقيت قطعة عملة معدنية باليد اليمنى من فوق الكتف اليسرى في النافورة فإنك ستعود إلى روما مجدداً.
تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية عرض ملخصاً لأبرز ما توصلت إليه قمة مجموعة العشرين في روما وأبرز الإخفاقات.
أبرز نتائج قمة مجموعة العشرين في روما
موقف صارم من الفحم، ولكن كانوا أقل حزماً بشأن انبعاثات الكربون
التزم القادة بالهدف الرئيسي لاتفاق باريس المتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية بما يفوق مستويات عصور ما قبل الصناعة، وتعهدوا باتخاذ إجراءات بحق محطات الفحم الملوِّث، لكنهم فشلوا في تحقيق هدف خفض الانبعاثات إلى الصفر.
وقالت مجموعة العشرين في بيانها الختامي: "تحقيق هدف 1.5 درجة يتطلب إجراءات هادفة وفعالة والتزاماً من جميع البلدان، مع أخذ اختلاف الأساليب بعين الاعتبار".
وتعهدوا أيضاً بتحقيق هدف خفض انبعاثات الكربون إلى الصفر "بحلول منتصف القرن أو بقربه"، بدلاً من تحديد عام بعينه (2050)، مثلما كان يأمل النشطاء وإيطاليا، الدولة المضيفة للقمة.
وفي موضع آخر من البيان، اتفقوا على وقف تمويل محطات الفحم الملوِّث الجديدة في الخارج بحلول نهاية عام 2021، وجددوا التزامهم الذي لم يتمكنوا من الوفاء به حتى الآن بجمع 100 مليار دولار للبلدان النامية، لتغطية تكاليف تغير المناخ.
وأقر القادة للمرة الأولى بأن "استخدام آليات ومحفزات تسعير الكربون" أداة ممكنة لحل مشكلة تغير المناخ، حيث وجّه صندوق النقد الدولي (IMF) الدول الأشد تلوثاً باتباع هذا المسار عن طريق وضع حد أدنى لسعر الكربون.
تحصيل حد أدنى من الضرائب على الشركات
وضع القادة ختم موافقتهم على اتفاقية تخضع الشركات متعددة الجنسيات بموجبها لضريبة لا تقل عن 15%، في إطار مساعٍ جديدة لتشكيل"نظام ضريبي دولي أكثر استقراراً وإنصافاً".
ويستهدف هذا النظام العالمي الجديد شركات الإنترنت الأمريكية الكبرى، مثل أمازون، وشركة Alphabet، الشركة الأم لـ"جوجل"، وفيسبوك، وآبل- التي تستفيد من إقامة مقارها في بلدان منخفضة الضرائب لتقليل فواتيرها الضريبية- على وجه التحديد.
وهذا التعديل الجديد، الذي توسطت فيه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتدعمه 136 دولة تمثل أكثر من 90% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، في طور الإعداد منذ فترة طويلة، ومن المفترض أن يدخل حيز التنفيذ عام 2023.
ويتعين على كل دولة مشاركة في هذا الاتفاق العالمي إصدار تشريعات على المستوى المحلي أولاً، والرئيس الأمريكي جو بايدن من بين مَن يواجهون معارضة محلية قوية لهذا الاتفاق.
ودعا قادة مجموعة العشرين مجموعات العمل المعنية داخل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين إلى "تطوير نموذج قواعد وأدوات متعددة الأطراف سريعاً… بهدف ضمان دخول القواعد الجديدة حيز التنفيذ على مستوى العالم عام 2023".
وعود للدول النامية بشأن اللقاحات ومحاولة لإرضاء بوتين بشأن مصل سبوتنيك
تعهد القادة بدعم هدف منظمة الصحة العالمية المتمثل في تطعيم ما لا يقل عن 40% من سكان العالم للوقاية من كوفيد-19 بحلول عام 2021، و70% بحلول منتصف العام المقبل، عن طريق زيادة إمدادات اللقاحات في البلدان النامية وإزالة قيود الإمداد والتمويل.
وتعهدوا أيضاً بـ"التعاون للاعتراف بلقاحات كوفيد-19 التي تعتبرها منظمة الصحة العالمية آمنة وفعالة"، بعد اعتراض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال محادثات القمة، على غياب موافقة دولية على لقاح Sputnik V الروسي.
استمرار سياسات التحفيز للاقتصاد العالمي رغم شبح التضخم
استبعد قادة مجموعة العشرين، في ظل زيادة التضخم، المدفوع بارتفاع أسعار الطاقة، واضطرابات سلسلة التوريد التي تلقي بثقلها على الاقتصاد العالمي الذي لا يزال متأثراً بـ"كوفيد"، التعجل بإلغاء تدابير الحفز المالي.
وقالوا: "سنحرص على استمرار التعافي الاقتصادي، وتحاشي أي توقف مبكر عن تدابير الدعم، والحفاظ في الوقت نفسه على الاستقرار المالي والاستدامة المالية طويلة الأجل والوقاية من مخاطر التراجع والتداعيات السلبية".
وفيما يتعلق بالتضخم، قالوا إن "البنوك المركزية تراقب ديناميات الأسعار الحالية عن كثب"، و"ستتصرف حسب الحاجة للوفاء بالتزاماتها التي تشمل استقرار الأسعار، ودراسة ضغوط التضخم".
وأخيراً، تعهد قادة مجموعة العشرين بـ"الحفاظ على يقظتهم للتحديات العالمية التي تؤثر على اقتصادات العالم، مثل اضطرابات سلاسل التوريد، (و) مراقبة هذه المشكلات ومعالجتها في ظل تعافي اقتصاداتنا".
100 مليار دولار للدول النامية
وَضع القادة هدفاً جديداً يتمثل في توجيه 100 مليار دولار للدول الفقيرة من مبلغ الـ650 مليار دولار الذي وفره صندوق النقد الدولي (IMF)، من خلال إصدار جديد لحقوق السحب الخاصة (SDR).
وحقوق السحب الخاصة ليست عملة، ولكن بإمكان البلدان النامية استخدامها إما كعملة احتياطية تساهم في استقرار قيمة عملتها المحلية، وإما بتحويلها إلى عملات أقوى لتمويل الاستثمارات.
وستفيد الدول الفقيرة أيضاً من ذلك بالحصول على العملات الصعبة دون الاضطرار إلى دفع أسعار فائدة كبيرة.