خلاف أم استقواء.. محطات التوتر بين المدنيين والعسكريين في السودان وكيف وصل الأمر للإطاحة بحمدوك

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/25 الساعة 10:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/25 الساعة 12:22 بتوقيت غرينتش
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مع نائبه محمد حمدان خلال حفل توقيع وثية تسليم السلطة/رويترز

 الآلاف من المعتصمين السودانيين احتفلوا في الشارع عقب إعلان خبر تعيين عبد الفتاح البرهان برئاسة المجلس العسكري السوداني في إبريل/نيسان 2019، واليوم يقود البرهان انقلاباً على المكون المدني في الحكم الانتقالي، بين اللحظتين محطات عديدة من الخلاف بين العسكريين والمدنيين بالسودان، كانت مؤشراً واضحاً أن الانقلاب قادم لا محالة.

كانت وزارة الإعلام السودانية قد أعلنت اليوم الإثنين 25 سبتمبر/أيلول أن عدداً من المسؤولين المدنيين في الحكومة والمجلس الانتقالي من بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قد اعتقلوا.

وأضافت أن حمدوك قد نُقل إلى مكان مجهول بعد رفضه إصدار بيان يدعم الانقلاب العسكري الجاري.

انقلاب يراه الجميع إلا القوى المدنية السودانية

منذ الإطاحة بالبشير في إبريل/نيسان 2019، وهناك مؤشرات واضحة على تلاعب العسكريين بالقوى المدنية، التي بدورها تفكر من منظور أيديولوجي وليس من مصلحة السودان.

فائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي يسيطر عليه اليسار السوداني، تعتبر عدوها الرئيسي الإسلاميين، وفي سبيل هذا التفكير رأت التحالف وتقاسم السلطة مع ما يمكن تسميته المكون غير المؤدلج في الجيش السوداني بما في ذلك أمير الحرب السابق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع. 

وخوفاً من فوز الإسلاميين، أصرت القوى المدنية على إطالة المرحلة الانتقالية لثلاث سنوات، وعدم إجراء انتخابات خوفاً من عدم الفوز بها، رغم أن ذلك من شأنه تعزيز سيطرة العسكريين على السلطة.

وتقاسمت قوى الحرية والتغيير بالسودان السلطة مع العسكريين في عملية غير ديمقراطية بها إقصاء لقوى سياسية عديدة أخرى، واستناداً لنشاطها في الشارع، وهو نفس المنطق الذي استخدمه العسكريون للضغط على القوى المدنية بعد ذلك.

كما تركت قوى الحرية والتغيير رئاسة النصف الأول من فترة مجلس السيادة الانتقالي إلى العسكريين ممثلين في عبد الفتاح برهان ونائبه محمد حمدان، وقبلت بإطالة فترتهما الرئاسية وعدم تسليمهما رئاسة المجلس لعضو مدني.

منذ البداية لم تحاول قوى الحرية والتغيير إقامة دولة ديمقراطية مؤسسية، وتخيلت مرحلة انتقالية تتقاسم فيها السلطة مع عسكريين غير مؤدلجين رغم علمها بتحالفهم مع القوى الإقليمية المعادية للديمقراطية.

إليك أبرز محطات الخلاف بين العسكريين والمدنيين بالسودان

-19 ديسمبر/كانون الأول 2018 :  بدأت المظاهرات المناهضة للرئيس السابق عمر البشير في مدينة "عطبرة" بولاية نهر النيل، في ، بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، مطالبة بتوفير الخبز والوقود، على أثرها أحرق الثوار مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وتطورت لمظاهرات.

–  11 إبريل/نيسان 2019: أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف، اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، وبدء فترة انتقالية لعامين، كما أعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وحظر التجوال لمدة شهر، من العاشرة مساء إلى الرابعة، ولكن تولي بن عوف السلطة قوبل باحتجاجات من الشارع السوداني.

– 13 أبريل/ نيسان 2019: الفريق أول عبدالفتاح البرهان يتولى قيادة المرحلة الانتقالية في السودان، بعد توليه رئاسة المجلس العسكري الانتقالي خلفاً لوزير الدفاع الفريق عوض بن عوف الذي كان يوصف بأنه امتداد للنظام السابق، فيما يوصف البرهان بأنه مستقل، وخرج الآلاف للاحتفال في شوارع الخرطوم، بهذا القرار.

المدنيون يرفضون الانتخابات المبكرة والعسكريون يرتبكون مجزرة

– 8 مايو/أيار 2019 : هدد قادة الاحتجاج في السودان، بتنظيم "عصيان مدني" في أرجاء البلاد رداً على ما وصفوه بـ"تعطيل" نقل الجيش السلطة لحكومة مدنية، قائلين إن حديث المجلس العسكري عن انتخابات مبكرة محاولة لشرعنة النظام القديم.

– 3 يونيو/حزيران: وقعت مذبحة القيادة العامة للجيش السوداني عندما اقتحم أكثر من ألفي جندي تابعين لقوات الدعم السريع وقوات خاصة وقوات أمنية وبعض القوات الشرطية مكان الاعتصام بحسب شهود عيان، ما خلّف نحو 150 قتيلاً، وفقاً لبعض التقديرات، ورميت 40 جثة منهم في نهر النيل، ونفى متحدث باسم المجلس العسكري أن يكون المجلس قد أقدمَ على فض الاعتصام "بالقوة" وقال "إن خطة أمنية استهدفت منطقة مجاورة باتت تشكل خطراً على أمن المواطنين وتحولت إلى بؤرة للفساد والممارسات السلبية التي تتنافى وسلوك المجتمع السوداني، ثم  خرجَ رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان مساء يوم المجزرة مُعلناً عن إيقاف التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير كما دعا إلى انتخابات عامة خلال 9 أشهر ووصفَ ما جرى "بعملية تنظيفٍ للشارع"، واتهمَ البرهان قوى الحريّة بإطالة أمد المفاوضات والعمل على احتكار السلطة.

– 4 يونيو/حزيران 2019: أقدمَ المجلس العسكري على قطع الإنترنت على كامِل السودان تقريباً وذلكَ بعد بدء العصيان المدني الشامل بقيادة تجمّع المهنيين.

– 7 يونيو/حزيران 2019: رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يصل البلاد للوساطة بين المجلس العسكري والمعارضة.

وثيقة تقسم السلطة بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير دون انتخابات

–  17 يوليو/تموز 2019: جرى توقيع الوثيقة الأولى لاتفاق تسليم السلطة الذي لعب الاتحاد الإفريقي دوراً في الوساطة للتوصل له .

–   17 أغسطس/آب أقيمت مراسم توقيع رسمية بحضور رؤساء دول وحكومات وشخصيات من دول عدة، يقضي الاتفاق السوداني بتقاسم السلطة بين طرفي النزاع خلال فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات على الأقل، وتشكيل مجلس سيادة يتكون من 11 عضوًا؛ وهم: خمسة مدنيّون تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، وخمسة آخرون يختارهم المجلس العسكري الانتقالي، ويكون العضو الحادي عشر مدنياً، يتم اختياره بالتوافق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، ويرأس المجلس في الواحد والعشرين شهراً الأولى للفترة الانتقالية من يختاره الأعضاء العسكريون، ويرأسه في الثمانية عشر المتبقية من الفترة الانتقالية عضو مدني، وتشكيل مجلس وزراء يمثِّل السلطة التنفيذية العليا للدولة، ومجلس تشريعي يمتلك سلطة التشريع والرقابة على الجهاز التنفيذي.

 فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية، أشار الفصل الخامس الخاص بمجلس الوزراء الانتقالي، إلى أنه يتكون من رئيس وعدد من الوزراء لا يتجاوز عددهم العشرين، يعينهم رئيس مجلس الوزراء من قائمة مرشحي قوى إعلان الحرية والتغيير، ويعتمدهم مجلس السيادة، عدا وزيري الدفاع والداخلية اللذين يرشحهما المكون العسكري بمجلس السيادة، وتختار قوى إعلان الحرية والتغيير رئيس مجلس الوزراء ويعينه مجلس السيادة. وبالنسبة للسلطة التشريعية، نص الفصل السابع الخاص بالمجلس التشريعي الانتقالي، في المادة الثالثة والعشرين، على أن يكون بنسبة ٦٧٪ ممن تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، ونسبة ٣٣٪ للقوى الأخرى غير المُوقِّعة على إعلان الحرية والتغيير، والتي تتم تسميتها وتحديد نسب مشاركة كل منها بالتشاور بين قوى إعلان الحرية والتغيير والأعضاء العسكريين في مجلس السيادة.

الخلاف بين العسكريين والمدنيين بالسودان
رئيس الوزراء السوداني مع نظيره الإثيوبي آبي أحمد/رويترز

–   21 أغسطس/ آب 2019: أدى عبدالله حمدوك (مواليد كردفان عام 1956)، اليمين كرئيس وزراء السودان، وهو يتمتع ويتمتع حمدوك بخبرة تزيد على 30 عاماً في مجالات التنمية الاقتصادية في أفريقيا.

– 20 أكتوبر/تشرين الأول 2019: أصدر رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، قراراً بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات، التي حدثت في مذبحة فض الاعتصام، وبعد أكثر من عامين، ما زالت جثث ضحايا مذبحة القيادة العامة راقدة في غياهب النسيان بإحدى مشارح العاصمة السودانية، حسب تقرير The New York Times الأمريكية.

تطبيع قسري

– في فبراير/شباط 2020: أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو أنه التقى البرهان في عنتيبي بأوغندا، وأنهما اتفقا على بدء حوار من أجل "تطبيع العلاقات" بين البلدين، بينما قال مجلس الوزراء السوداني إنه لا يعلم شيئاً عن اللقاء.

– 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020: الإعلان على لسان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، وبرزت توترات بين أجنحة السلطة في السودان، الذين يؤيدون تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبين غالبية المواطنين الذين يرفضون إضفاء طابع رسمي على العلاقات، وكذلك بعض مكونات قوى الحرية والتغيير، ولمح عمر قمر الدين، وزير الخارجية السوداني المكلف، إلى أن الفصيل العسكري في الحكومة الانتقالية للسودان هو الذي اتخذ قرار الانضمام إلى الإمارات والبحرين لبدء العلاقات مع إسرائيل، ما أجبر رئيس الوزراء المدني على التماشي مع هذه الخطوة على مضض. 

اتفاق سلام يطيح بموعد تسليم السلطة واتهام للعسكريين بافتعال اضطرابات

–   أكتوبر/تشرين الأول 2020:  اتفاق سلام مع بعض المتمردين في  البلاد يعدل المواعيد بشأن تسليم السلطة دون تحديد تاريخ جديد  بعد أن كان الإعلان الدستوري، المُوقع في أعقاب الانتفاضة التي أطاحت باالبشير، قد حدد موعداً لتسليم قيادة مجلس السيادة في مايو/أيار 2021.

–   1 يوليو/تموز 2021 : إسقاط 50 مليار دولار من ديون السودان وفي واحدة من أضخم عمليات إسقاط الديون لدولة فقيرة، عبر اتفاق اتفاق تاريخي مع البنك الدولي.

–  11 إبريل/نيسان 2019:  انشقاق مجموعة من تجمع الحرية والتغيير، تضم أعضاء في الحكومة، ممثلين وفقاً لاتفاقية سلام جوبا، أبرزهم وزير المالية جبريل إبراهيم، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وهم مشاركون في الحكومة الانتقالية بأكثر من وزارة، واتهموا التحالف الحاكم بإقصائهم واختطاف الثورة من الثوار، وسط اتهامات من قبل القوى المدنية للعسكريين بأنهم خلف هذه التطورات.

الخلاف بين العسكريين والمدنيين بالسودان
نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان/رويترز

–  21 سبتمبر/أيلول: الإعلان عن محاولة إنقلاب غامضة، والعسكريون يتهمون القوى المدنية بالمسؤولية عن هذا الإنقلاب المزعوم، بسبب الخلافات بينهم، بينما رئيس الحكومة عبد الله حمدوك يتحدث في تصريحاته تعليقاً على محاولة الانقلاب عن"تحركات غريبة وإغلاق طرق"، في إشارة إلى ما يحدث في شرق السودان، وهو ربط مباشر بين تلك الأحداث وبين الموقف العام في البلاد من "محاولة لعرقلة الانتقال المدني الديمقراطي".

–   17 سبتمبر/أيلول 2021: المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة يصعّد خطواته في شرق السودان ضد حكومة حمدوك حين أعلن إغلاق عدد من الطرق التي تربط بين شرق السودان وباقي مناطق البلاد، كما أغلق عدداً من الموانئ على البحر الأحمر، بما فيها ميناء بورتسودان، وذلك احتجاجاً على نتائج اتفاقية "جوبا" الموقعة في العاصمة الجنوب سودانية في تشرين الأول/أكتوبر 2020، بين الحكومة السودانية وأطراف سياسية وحركات مسلحة، والتي اعترفت بأن مناطق شرق السودان عانت لعقود من التهميش وشح الخدمات الأساسية، ولكن المحتجون يعترضون على تمثيل شرق السودان.

وأشار ساسة مدنيون مراراً إلى أن للموالين للنظام السابق يداً في إثارة التوتر العرقي، واتهموا الجيش السوداني بالفشل في احتواء الاضطرابات، بل وبدعمها في محاولة لزعزعة استقرار الحكومة. 

منع من السفر يمهد للاعتقالات الكبرى

–  26 سبتمبر/أيلول 2021: تجمع المهنيين أبرز مكونات قوى الحرية والتغيير يدعو إلى "إنهاء الشراكة" مع المجلس العسكري، وتشكيل حكم مدني خالص"، في المقابل، البرهان يتعهد بتسليم السلطة بحلول نهاية الفترة الانتقالية. وقال "نحن كعسكريين نلتزم بالانتخابات في الموعد الذي اتفقنا عليه في نهاية الفترة الانتقالية"

–   11 أكتوبر/تشرين الأول: قال رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، ، إن حل الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد لا يأتي إلا بحل الحكومة؛ مشيرا إلى أن الشق العسكري يرفض الاستمرار في الشراكة بشكلها القائم.

–   12  أكتوبر/تشرين الأول 2021:  أفادت تقارير بأن المخابرات السودانية منعت سفر مسؤولين بالحكومة، منهم عضو مدني في مجلس السيادة ووزير، وأفادت تقارير كذلك بأن مجلس السيادة السوداني قام بتعديل لائحته الداخلية، بمنع سفر أي من أعضائه دون الحصول على إذن مسبق.

–       17 أكتوبر/تشرين الأول: مظاهرات تردد هتافات مناوئة لحكومة عبد الله حمدوك، وتنوعت الشعارات بين المطالبة بتوسيع المشاركة في الحكومة أو حلها بالكامل وتحسين الأوضاع الاقتصادية.

–  24 أكتوبر/تشرين الأول: محتجون يطالبون بحل الحكومة المدنية وتسليم السلطة للعسكريين.

– 25 أكتوبر/تشرين الأول: اعتقال حمدوك، وقالت وزارة الإعلام السودانية إن قوة اقتادته لمكان مجهول واقتحم عسكريون مقراً للتلفزيون، جاء ذلك في منشور للوزارة على صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك". 

وكانت الوزارة قد قالت في وقت سابق إن القوات العسكرية المشتركة التي تحتجز رئيس الوزراء داخل منزله مارست عليه ضغوطاً لإصدار بيان مؤيد "للانقلاب".

وسبق الإعلان عن اعتقال حمدوك، نقل وزارة الإعلام رسالة عنه من مقر إقامته، بأنه دعا السودانيين إلى التمسك بالسلمية و"احتلال الشوارع للدفاع عن ثورتهم".

وكالة رويترز، نقلت من جانبها عن ثلاثة مصادر سياسية، قولها إن "جنوداً اعتقلوا معظم أعضاء مجلس الوزراء السوداني وعدداً كبيراً من قادة الأحزاب المناصرة للحكومة اليوم الإثنين فيما يبدو أنه انقلاب عسكري"، فيما أغلقت السلطات مطار الخرطوم.

نقطة الخلاف الرئيسية بين المكونين العسكري والمدني

من الصعب رصد نقطة خلاف رئيسية بين المكونين العسكري والمدني، بل من الصعب القول إن هناك خلافاً بين المدنيين والعسكريين بقدر ما نحن أمام استدراج واستقواء من قبل العسكريين على المدنيين، لأنه منذ تشكيل الحكومة، فرض المكون العسكري رأيه في معظم القضايا، بينما ورط الحكومة والقوى المدنية في المسؤولية، ونال منها كثير من المكاسب مثل إلغاء ديون ديون السودان، وتمرير الإجراءات الاقتصادية الصعبة.

فلقد استفرد المكون العسكري بالتطبيع وفرضه على الحكومة ثم ألغى موعد تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين، عبر اتفاق جوبا، ويمكن القول إن هذا هو كان البداية الواضحة للإنقلاب الحالي، وهي النقطة التي تعاملت معها القوى المدنية بضعف شديد؛ إذ كيف ولماذا يمكن تغيير موعد تسليم السلطة الموضوع في إعلان دستوري مؤسس للمرحلة الانتقالية عبر اتفاقية مع إحدى أو بعض الحركات المسلحة، فالإعلان الدستوري لا يغيره إلا إعلان دستوري أو دستور.

وباستثناء اعتراض بعض زعماء القوى المدنية مثل محمد الفكى سليمان الذي اعترض على إلغاء موعد تسليم السلطة وعدم إيجاد بديل له، لم ترد القوى المدنية على هذه النقطة المفصلية بحسم، وقبل ذلك عدم اتخاذها موقفاً حاسماً بشأن عرقلة التحقيق في مذبحة القيادة العامة، ثم تقبل القوى المدنية ولو على مضض لقرارات التطبيع التي فرضها العسكريون والتي جعلتهم طرفاً لا يستغنى عنه لإسرائيل والغرب ودول التطبيع العربي.

في المقابل، استغل العسكريون ضعف ردود القوى المدنية لينتقلوا للهجوم، سواء عبر تشجيع أو السماح بإضرابات الشرق، وتشجيع الانقسامات بين القوى المدنية، وتحميلها مسؤولية الفشل في البلاد، ثم التحرش بها عبر المنع من السفر لقياداتها.

ومع محاولة قوى الحرية والتغيير الرد، والعمل على حشد شارعها، والمطالبة بفض الشراكة مع المكون العسكري في السلطة، حرك العسكريون شارعهم، وباعتبار أن الحكم الحالي جاء بضغط الشارع، فإنه يمكن الزعم بأن شرعيته تزول بالشارع وأعقب ذلك اعتقال رئيس الوزراء وأغلب القيادات المدنية بعدما بدا أن شارع القوى المدنية قد فقد زخمه، ولو إلى حين.

تحميل المزيد