غاب اليسار عن الحكومة فهل يتوحد من أجل المعارضة؟ فرصة ذهبية لأحزاب مغربية بفوز أخنوش

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/18 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/18 الساعة 14:58 بتوقيت غرينتش
صراع داخل الحكومة المغربية/ خاص

عاد اليسار المغربي ليصطف في المعارضة بكل مكوناته، لأول مرة منذ 23 سنة، وذلك عقب إجراء انتخابات 8 سبتمبر/أيلول الماضي، وإعلان تشكيل تحالف الأغلبية من ثلاثة أحزاب.

ومنذ ستينيات القرن الماضي، قاد اليسار المعارضة لعقود، ويرى مراقبون أنَّ نقطة التحول في مسارهم كانت قيادة حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" لحكومة التناوب ما بين 1998 و2002.

وظلت أحزاب اليسار حاضرة في الحكومات المتعاقبة، منذ اعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة، في يوليو/تموز 1999، إثر وفاة والده الراحل الحسن الثاني، وحتى حكومة سعد الدين العثماني، المنتهية ولايتها، والمعينة في 17 مارس/آذار 2017.

وتصدّر "التجمع الوطني للأحرار" ( يمين وسط/102 مقعد) الانتخابات التشريعية والمحلية، التي أجريت في 8 سبتمبر/أيلول الماضي، متبوعاً بحزب "الأصالة والمعاصرة" (يمين وسط/86 مقعداً) و"الاستقلال" (محافظ/81).

صورة من انتخابات المغرب – رويترز

وفي العاشر من الشهر ذاته، عيَّن الملك محمد السادس، أخنوش رئيساً للحكومة وكلفه بتشكيلها.

وفي 22 سبتمبر/إيلول الماضي، أعلن أخنوش أن الائتلاف الحكومي سيتشكل من أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال.

ويرى محللون في تصريحات متفرقة لـ"الأناضول"، أن أمام اليسار فرصة للوحدة أو لتعزيز التنسيق على الأقل، شرط استبعاد عوامل التفرقة والتشرذم.

 المشهد الحزبي

وقال عباس بوغالم، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة محمد الأول في وجدة (حكومية)، لـ"الأناضول"، "لأول مرة منذ نهاية التسعينيات، يقع اصطفاف كلي لأحزاب اليسار في المعارضة البرلمانية".

وأضاف بوغالم: "هذا لا يعني وجود تقارب بين الأحزاب السياسية اليسارية، لأن الموقع يفرض نوعاً من التنسيق ونسج خطاب متقارب".

المغرب والجزائر
المغرب والجزائر

وتابع: "رغم التباينات الموجودة بين العائلة اليسارية، فإن هناك المقولات المرجعية نفسها التي تؤطر هذه الأحزاب، وهو ما يجعلها قادرة على بلورة خطاب سياسي يعكس المرجعية الأيديولوجية".

تراجع شعبية اليسار

ويتزعم حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" الأحزاب اليسارية، لكن شعبيته ومكانته السياسية تراجعت كثيراً بعد الربيع العربي.

إذ بلغ "الاتحاد الاشتراكي" ذروة نجاحه عندما ترأس زعيمه التاريخي عبد الرحمن اليوسفي، حكومة التناوب (1998-2002) التي ضمت كلاً من الحركة الشعبية (يمين) وحزب التقدم والاشتراكية (يسار)، إضافة إلى حزب الاستقلال (محافظ).

كما تمكن "الاتحاد الاشتراكي" من الفوز بالمرتبة الأولى في انتخابات 2002، وكان اليوسفي ينتظر أن يستدعيه الملك محمد السادس لتشكيل الحكومة، إلا أن الأخير اختار شخصية تكنوقراطية (إدريس جطو).

عزيز أخنوش رئيس حزب "التجمع الوطني للأحرار" المغربي ورئيس الحكومة المكلف/ الأناضول

مشاركة الأحزاب اليسارية في انتخابات 2016، لم تسمح لهم باستعادة الصدارة مجدداً، حيث مُني "الاتحاد الاشتراكي" بهزيمة قاسية وحلّ سادساً (20 مقعداً من إجمالي 395)، أما حزب التقدم والاشتراكية فحل في المرتبة الثامنة (12 مقعداً).

وهذه النتائج السلبية لم تمنع "الاتحاد الاشتراكي" و"التقدم والاشتراكية" من الانضمام لحكومة سعد الدين العثماني، إلى جانب التجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الدستوري (يمين)، فضلاً عن حزب العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحكومي آنذاك).

ومكنت مشاركة الأحزاب اليسارية في انتخابات 8 سبتمبر/أيلول الماضي، من ربح مقاعد إضافية، دون أن تسمح لهم باستعادة الصدارة مجدداً، حيث تقدم "الاتحاد الاشتراكي " إلى المركز الرابع، (35 مقعداً من إجمالي 395).

وتعد "فيدرالية اليسار الديمقراطي" أبرز تجربة للوحدة اليسارية، التي تشكلت في عام 2016، من تحالف بين الحزب الاشتراكي الموحد، وحزبي الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمؤتمر الوطني الاتحادي.

وكانت نتائج أحزاب اليسار الثلاثة أسوأ من حصيلة ما يسمى أحزاب "اليسار الإصلاحي"، إذ لم تحصد سوى مقعدين فقط في انتخابات 2016 والعدد نفسه بانتخابات 8 سبتمبر/أيلول الماضي.

فرصة سانحة

وبحسب بوغالم، "من شأن وجود كل الأحزاب اليسارية في المعارضة إعادة ترتيب المشهد الحزبي".

وزاد بوغالم: "لدينا أحزاب متقاربة في مرجعيتها بالأغلبية (الحكومية)، مع وجود العائلة اليسارية في المعارضة، مما قد يؤدي إلى بروز قطبية منتظرة".

وتابع: "من المتوقع حدوث إرهاصات أولية، لإعادة ترتيب المشهد الحزبي، في أفق أنه يكون عندنا فرز واضح للأحزاب على أساس أيديولوجي".

وأضاف بوغالم: "نظرياً أحزاب العائلة اليسارية المفروض أنها تتقاسم الأيديولوجية نفسها، وهي الأقرب للوحدة، لكن الواقع يعطينا نتيجة عكسية".

"المعارضة اليسارية لن تتوحد"

وقال عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض في مراكش، لـ"الأناضول": "لا أظن أن اليسار سيتوحد، فقط لأنه موجود في المعارضة".

ملك المغرب محمد السادس مع رئيس الوزراء السابق سعد الدين عثماني

وتابع: "هناك أسباب اختلاف غير قابلة لتقريب فجوة الخلاف بين اليساريين حالياً".

وأوضح العلام، أن "هناك تيارات يسارية تطالب بالملكية البرلمانية (الملك يحكم ولا يسود)، مثل فيدرالية اليسار والحزب الاشتراكي الموحد، وهناك يسار آخر لا يشارك في الانتخابات".

ويرى أنه "من الصعب جداً إيجاد مساحات للاتفاق والتنسيق بين أحزاب يسارية راديكالية، مع حزب الاتحاد الاشتراكي مثلاً، الذي تجاوز مطلب الملكية البرلمانية".

وأضاف: "حزباً الاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية، من الصعب تصوُّر توحدهما؛ فقط لاصطفافهما معاً في المعارضة، فهناك أسباب شخصية تستبعد ذلك أيضاً، إذ إن العديد من قيادات الأحزاب السياسية لها رغبة في الاستمرار بالقيادة".

وخلص الأكاديمي إلى القول، إنه "رغم ذلك، ما يمكن استشرافه من المعارضة القادمة، هو أن الفروقات بين اليسار ستتضاءل، ويمكن أن تؤدي إلى تنسيق، لنشهد ما يشبه تحالف الكتلة الذي كان يجمع ثلاثة أحزاب، وهي الاتحاد الاشتراكي والتقدم الاشتراكية اليساريان، وحزب الاستقلال المحافظ".

النقد الذاتي

ودعا الأكاديمي عباس بوغالم أحزاب اليسار إلى "القيام بنقد ذاتي، ومراجعات، لتجاوز واقع التشرذم".

وتابع: "واقع التشرذم سيعزز انعدام الثقة بالتيارات اليسارية، وسيحدُّ من توسعها وانتشارها، إن لم يحدث نوع من القطيعة مع الواقع السابق، نحو تشكيل تكتل تنتظم فيه كل الحساسيات اليسارية، وفق هوية جديدة، ربما تنسجم مع متطلبات المرحلة والواقع السياسي".

واستطرد: "بدون إحداث نوع من القطيعة، سيظل الأمل في الوحدة مجرد حلم وتمنٍّ، ما لم تكن هناك ثورة فكرية من داخل العائلة اليسارية".

وخلص بوغالم إلى أنه "يلزم كثير من العمل لتجاوز واقع التشرذم، باستحضار رؤية جديدة تقرأ المشهد السياسي بعمق، وتحقق نوعاً من الامتداد على مستوى الجماهير".

تحميل المزيد