دخل علاج جديد من فايزر مرحلة التجارب السريرية، يهدف إلى محاصرة فيروس كورونا، وهو عبارة عن حبة دواء يتناولها المريض مرتين يومياً، تُساعد على التعافي وعدم نقل العدوى، لكن هل يتعارض مع اللقاحات؟
وفي إطار السعي الحثيث لإيجاد وسيلة تُسرع من العودة للحياة الطبيعية أو أقرب ما يمكن لذلك، أعلنت شركة فايزر الأمريكية أنها بدأت المرحلة الأخيرة من الاختبارات السريرية لحبة دواء توفر الحماية للأشخاص المعرضين للإصابة بفيروس كورونا أو كوفيد-19.
ويرى كثير من خبراء الفيروسات أن ذلك العلاج الفموي يوفر سلاحاً جديداً في الحرب على الوباء الذي أصاب الحياة على الكوكب بحالة من الشلل، وتحوّل منذ ظهوره في مدينة ووهان بالصين أواخر عام 2019، إلى أسوأ كارثة صحية يواجهها البشر منذ أكثر من قرن كامل.
ما الهدف من حبة كورونا؟
تيموثي شيهان، خبيرة الفيروسات في جامعة نورث كارولينا الأمريكية، التي لعبت دوراً رئيسياً في فريق تطوير حبة علاج كوفيد، قالت لشبكة CNN إن "مضادات الفيروسات الفموية لديها القدرة ليس فقط على تخفيض الفترة الزمنية التي يعاني خلالها مريض كوفيد من الأعراض، لكنها أيضاً تساعد على الحد من نقل العدوى لأفراد عائلة المريض ومَن يخالطونه".
وبشكل عام، تُستخدم مضادات الفيروسات كعلاج أساسي لكثير من العدوى الفيروسية، مثل فيروس سي والإيدز. ويعتبر أشهر تلك العلاجات التامي فلو، وهو العلاج المستخدم للتعامل مع الإنفلونزا وتقليل خطر الحاجة لدخول المستشفى في حالة تناول العلاج في مرحلة مبكرة من العدوى.
وتعمل حبة علاج كوفيد، التي يتم تطويرها بغرض منع العدوى الفيروسية في البشر والحيوانات بطريقة مختلفة، بناء على نوع الفيروس أو حدة العدوى، ولكن يمكن هندسة تلك الحبوب العلاجية لتعمل كمقوٍّ لجهاز المناعة، كي يقاوم العدوى ويغلق مستقبلات الفيروس في خلايا الجسم، حتى لا يتمكن الفيروس من النفاذ إلى الخلايا غير المصابة، أو تقليل حجم الحمل الفيروسي داخل جسم المصاب.
كانت شركة فايزر قد بدأت في تطوير العقار "PF-07321332" منذ مارس/آذار 2020، وتجري اختبارات عليه مع عقار "ريتونافير"، وهو دواء مضاد لفيروس نقص المناعة البشرية أو الإيدز، تم بالفعل استخدامه لأغراض أخرى.
وقبل أيام أعلنت الشركة الأمريكية للأدوية عن بداية مرحلة جديدة لتقييم فاعلية العقار المضاد للفيروسات، ويتم تناوله بطريقة فموية (PF-07321332)، حيث يتم إعطاؤه مع جرعة منخفضة من دواء ريتونافير، للوقاية من مرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا.
ويشمل الاختبار السريري 2660 بالغاً يشاركون مع ظهور أول مؤشرات على إصابتهم بكوفيد، أو لدى علمهم أول مرة بتعرّضهم للفيروس، ويتم إعطاؤهم بشكل عشوائي إما مزيجاً من "PF-07321332" و"ريتونافير"، أو دواء وهمياً مرتين في اليوم لمدة خمسة أو عشرة أيام.
حبة كورونا ونتائج مبشرة
ميراندا كيلي وزوجها جو من المشاركين في التجارب السريرية، شاركا ما تعرضا له خلال التجارب مع CNN. كيلي تبلغ من العمر 44 عاماً، وتعمل ممرضة مساعدة، أصيبت بعدوى كورونا في يونيو/حزيران الماضي، وكانت مريضة بصورة أشعرتها بالقلق، لأنها مصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم، إذ كانت تعاني من ضيق التنفس وأعراض أخرى خطيرة جعلتها تتوجه إلى الطوارئ في المستشفى.
وعندما أصيب زوجها جو بأعراض كوفيد أيضاً ازداد قلقها، وبصفة خاصة بشأن أبنائهم الخمسة المراهقين الذين يعيشون معهما في المنزل. "كانت أمنيتي الوحيدة وقتها ألا ينتهي بنا الأمر على جهاز التنفس الصناعي، لدينا أطفال، من سيُربيهم؟"، كانت تلك كلمات كيلي لشبكة CNN.
ووافقت كيلي وزوجها بعد تشخيصهما كمصابي كورونا على الانضمام إلى التجارب السريرية التي تجريها فايزر على العلاج المضاد للفيروسات الذي يمكن أن يوقف الفيروس في مراحله الأولى.
وفي اليوم الأول من التجارب تناول كل من الزوجين حبتين يومياً، ورغم أنهما لم يعرفا إذا كانت الحبوب علاجاً فعالاً أم لا فإنه بعد أسبوع بدأت أعراضهما في التراجع، وشفيا تماماً خلال أسبوعين.
وقالت كيلي: "لا أعرف إذا كنا قد تناولنا العلاج، لكنني أشعر أن هذا ما حدث بالفعل، في ظل ظروفي الصحية والأعراض الكثيرة التي كنت أعاني منها، شعرت أن مدة التعافي (من كوفيد) كانت سريعة".
ولا بد أن يكون المشاركون في التجارب السريرية لحبة كورونا غير ملقحين ضد الفيروس، ويشاركون خلال 5 أيام فقط من الإصابة بالعدوى التي يثبتها فحص كورونا.
وتواجه الشركة صعوبة في وجود متطوعين لهذا العلاج، وغيره من علاجات ولقاحات كورونا، وهذا ما أخّر الانتهاء من عملية تطوير حبة كورونا بالأساس. وقالت الدكتورة إليزابيث دوك، المشاركة في الإشراف على التجارب، "بشكل عام هناك كثير من عدم الثقة في الأمور العلمية، لدرجة أن بعض الناس يوجهون ألفاظاً قاسية لمتدربينا الذين يتواصلون معهم بغرض المشاركة في التجارب".
هل تتعارض حبة كورونا مع اللقاحات؟
البحث عن علاج فموي فعال ضد كورونا لا يتعارض مع حملة التطعيم ضد الفيروس القائمة على قدم وساق حول العالم حالياً، رغم التفاوت الرهيب بين الدول الغنية والفقيرة في هذا الشأن، فالهدف حالياً هو تسريع العودة إلى الحياة الطبيعية، بعد ما يقرب من عامين من حياة عنوانها الرعب من الوباء.
ومنذ ظهوره حتى اليوم الخميس 30 سبتمبر/أيلول 2021، أصاب الوباء أكثر من 234.1 مليون شخص حول العالم، فقد منهم ما يقرب من 4.8 مليون حياتهم وتعافى نحو 211 مليوناً، بحسب موقع وورلد ميترز كورونا.
وقال مايكل دولستن كبير علماء شركة فايزر: "نعتقد أن التعامل مع الفيروس سيتطلب علاجات فعالة للمصابين بالفيروس، أو أولئك الذين تعرّضوا له، تتكامل مع تأثير اللقاحات".
لا صوت يعلو إذن فوق صوت العودة إلى الحياة الطبيعية قبل الوباء بأسرع ما يمكن، في ظل التداعيات المدمرة لجميع مناحي الحياة على الكوكب منذ ظهوره. وفي هذا السياق، قال باحثون بريطانيون إن قطرات من فيتامين "أ" في الأنف قد تعالج حالة فقدان حاسة الشم، أو تغيرها، لدى بعض الأشخاص الذين أصيبوا بمرض كوفيد.
وحالياً تجري جامعة إيست أنغليا البريطانية تجربة في هذا الصدد، تستغرق 12 أسبوعاً، وسيتلقى بعض المرضى المتطوعين فقط العلاج، لكن سيُطلب من الجميع شم الروائح القوية، مثل رائحة البيض الفاسد، والورود، وستُبين صور مسح الدماغ إن كان الفيتامين قد أصلح المسارات الشمية المصابة أو "أعصاب الشم"، أو لا.
ويعد فقدان حاسة الشم، أو تغيّرها من الأعراض الشائعة لكوفيد، رغم أن هناك عدداً آخر من الفيروسات، مثل الإنفلونزا، يمكن أن يسببها أيضاً، وبينما يستعيد معظم الناس القدرة على الشم بشكل طبيعي في غضون أسبوعين، يعاني كثير منهم من اضطرابات مستمرة في التعرف على الروائح.
أما فيما يتعلق بالسلاح الأبرز في مواجهة الوباء، وهو اللقاحات، فقد كانت تهدف منظمة الصحة العالمية إلى تطعيم ما لايقل عن 10% من سكان كل دولة على الكوكب بنهاية سبتمبر/أيلول (أي اليوم)، لكن الواقع يشير إلى أن هذا الهدف لن يتحقق بالنسبة للدول الفقيرة.
ورغم كل الوعود وتأسيس مبادرة كوفاكس الهادفة إلى مساعدة الدول الفقيرة بتوفير جرعات اللقاح لها من جانب الدول الغنية، فإن الدول الفقيرة لم يصلها إلا جزء صغير جداً من اللقاحات التي وعدتها بها الدول الغنية.
وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم جيبريسوس "نحن في حاجة لالتزام عالمي قوي لدعم عملية تطعيم ما لا يقل عن 40% من سكان كل دولة بحلول نهاية هذا العام"، مضيفاً أن الهدف المقبل هو 70% من تعداد سكان كل دولة بحلول منتصف العام المقبل.
لكن وفقاً لإحصاءات المنظمة، تم توزيع 0,15 جرعة لقاح فقط لكل 100 شخص في جمهورية الكونغو الديمقراطية، و0.87 في تشاد و1.5 في مدغشقر. وبالمقارنة، قامت ألمانيا حتى الآن بتوزيع ما لا يقل عن 128 جرعة لقاح لكل 100 شخص، والصين نحو 146 وكندا 147.
كما تنتقد المنظمة الدول الغنية لقيامها باكتناز جرعات اللقاح، حيث تستخدمها الكثير من الدول لإعطاء جرعات معززة، في الوقت الذي لم يحصل فيه الملايين حول العالم على الجرعة الأولى من اللقاح.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.