من هو أخنوش صديق العاهل المغربي الذي أطاح حزبه بالإسلاميين والمكلف بتشكيل الحكومة؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/09/09 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/09/12 الساعة 10:57 بتوقيت غرينتش
عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية (مواقع التواصل الاجتماعي)

فاز حزب التجمع الوطني للأحرار بالمركز الأول في انتخابات المغرب التشريعية، ليصبح رئيسه عزيز أخنوش، رجل الملك كما يطلق عليه، مكلفاً بتشكيل الحكومة للمرة الأولى منذ 10 سنوات من سيطرة حزب العدالة والتنمية الإسلامي.

وصباح اليوم الخميس 9 سبتمبر/أيلول، أعلن وزير الداخلية المغربي عبد الوافي الفتيت تصدّر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج الانتخابات التشريعية في المغرب بحصوله على 97 مقعداً.

كما حصل حزب الأصالة والمعاصرة على 82 مقعداً، وحزب الاستقلال على 78 مقعداً، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على 35 مقعداً، وحزب الحركة الشعبية على 26 مقعداً، وحزب التقدم والاشتراكية على 20 مقعداً والاتحاد الدستوري على 18 مقعداً.

وفي المركز الثامن جاء حزب العدالة والتنمية، الذي كان قد تصدر نتائج الانتخابات في عامي 2011 و2016 بعد أن أوصلته النسخة المغربية من احتجاجات الربيع العربي إلى الحكومة، بحصوله على 12 مقعداً فقط، بل وفقد سعد الدين العثماني، رئيسه ورئيس الحكومة الحالية، مقعده.

زلزال سياسي.. كان متوقعاً إلى حد ما

وشهدت تلك الانتخابات ظاهرتين رئيسيتين لم يكن أحد يتوقعهما على الإطلاق، أولها ذلك الانهيار الذي حل بحزب العدالة والتنمية. إذ كان البعض يتوقع أن يفقد الحزب الإسلامي المعتدل الصدارة هذه المرة، لأسباب متعددة منها ما يتعلق ببعض القرارات الكبرى كالتطبيع مع إسرائيل وتقنين زراعة القنب وفرنسة التعليم، ومنها ما يتعلق بالتوسع غير المسبوق في توظيف المال السياسي من جانب حزب التجمع الوطني برئاسة الملياردير أخنوش تحديداً. لكنّ أحداً لم يتوقع أن يحل العدالة والتنمية ثامناً بـ12 مقعداً فقط، بعد 125 مقعداً حصل عليها في الانتخابات الماضية.

أما الظاهرة الثانية في تلك الانتخابات فتمثلت في نسبة الإقبال التي تخطت الـ50%، في ظل مؤشرات عديدة على عزوف المغاربة عن التصويت، خصوصاً والانتخابات أقيمت في ظل إجراءات صارمة تقيد الحركة والتجمعات بسبب تفشي فيروس كورونا، وكانت تلك الإجراءات حجة لمنع التجمعات الانتخابية أثناء فترة الدعاية.

المغرب العدالة والتنمية الانتخابات المغربية
فرز الأصوات في الانتخابات المغربية / الأناضول

وكان وسم "مامصوتينش" (لن نصوّت) قد تصدر التريند المغربي وعكست تقارير إعلامية قرار فئة واسعة من المجتمع المغربي مقاطعة الانتخابات، إضافة إلى استطلاعات رأي غير رسمية على حسابات المشاهير في إنستغرام، والتي كان آخرها استطلاع فنان الراب "دون بيغ" الذي عبرت فيه نسبة 92% من المستطلعين عن رغبتها في المقاطعة، مقابل 8% فقط للذين فضلوا التصويت، بحسب مقال رأي للكاتب المغربي يوسف بناصرية.

لكن وزير الداخلية قال إن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات التي تضمنت كذلك الانتخابات المحلية والجماعية، 50.35%، مقابل 42% في عام 2016، مضيفاً أن انتخابات الثامن من سبتمبر/أيلول شهدت "مشاركة 8 ملايين و789 ألفاً و676 ناخباً وناخبة، أي بزيادة مليوني و152 ألفاً و252 ناخباً مقارنةً مع الانتخابات التشريعية عام 2016".

ورأى لفتيت أن هذه "نسبة جد مهمة تعكس مدى الأهمية القصوى التي يوليها المواطن المغربي لهذه المحطة الانتخابية الهامة ومختلف المؤسسات المنتخبة".

وإذا كان فقدان حزب العدالة والتنمية للصدارة لا يعتبر في حد ذاته مفاجأة بالمعنى الواسع للكلمة، فإن فقدان الحزب أكثر من 90% من المقاعد التي حصل عليها في المرة السابقة يشكل انهياراً وعلامات استفهام كبيرة، ويعيد إلى الأذهان ما صرح به عبد الإله بنكيران، رئيس الوزراء وزعيم الحزب الإسلامي السابق، قبل أيام ثلاثة من الانتخابات.

بنكيران في بث مباشر عبر صفحته بفيسبوك الأحد 5 سبتمبر/أيلول، قال إنه يشعر بأن "هناك شيئاً يُحَضَّر في الخفاء (لم يذكره) بخصوص انتخابات 8 سبتمبر/أيلول الجاري"، وأضاف: "لا أدري هل سيغير ذلك الذي يتم التحضير له من المعطيات أم لا، لكن أجزم أن ما يرتب له ليس في صالح البلد".

من هو الملياردير عزيز أخنوش؟

عزيز أخنوش من مواليد عام 1961 بدوار أكَرض اوضاض تَفراوت وهي مدينة تابعة إدارياً لإقليم تيزنيت بجهة سوس ماسة في جنوب المغرب، وأكمل دراسته في الخارج وحصل على شهادة في الأعمال من جامعة شيربروك الكندية عام 1986.

وبعد عودته للمغرب أصبح رئيس مجموعة أكوا، وهي شركة قابضة تسيطر على عشرات الشركات المتخصصة في توزيع البنزين والاتصالات والخدمات. وهو متزوج من سيدة الأعمال سلوى إدريسي التي تملك شركة للمراكز التجارية وحائزة على حق الامتياز بالمغرب لشركات عالمية متخصصة في الملابس.

وتبلغ ثروة أخنوش، الملقب بإمبراطور المحروقات، ملياري دولار هذا العام، بعد أن كانت 1.7 مليار في العام الماضي، وهو المغربي الوحيد الذي ظهر اسمه في قائمة أثرياء العالم، بحسب تقرير لمجلة فوربس الأمريكية.

وتولى أخنوش وزارة الفلاحة في المغرب منذ عام 2017 ضمن حكومة العثماني، وتربطه علاقة وثيقة بالقصر والعاهل المغربي محمد السادس، وقبل أيام قليلة من الانتخابات التي فاز بها حزبه، نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريراً بعنوان "عزيز أخنوش.. رجل الملك الذي يهدف إلى طرد الإسلاميين في المغرب"، رصد توظيف أخنوش ثروته الطائلة بهدف الوصول لرئاسة الحكومة.

iStock/ ملك المغرب

تقرير الصحيفة البريطانية لخص المشهد السياسي في الانتخابات المغربية على أنه محطة أخنوش الملياردير ووزير الفلاحة والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار و"صديق الملك" من أجل إزاحة إسلاميي حزب العدالة والتنمية من صدارة المشهد السياسي وقيادة الحكومة.

ورصد التقرير خروج المؤيدين للملياردير السياسي أخنوش في بلدة فقيرة قرب أغادير الساحلية للترحيب به في حملته الانتخابية بالأغاني وقرع الطبول والزغاريد.

ويقول سكان البلدة إن الوقت قد حان لأن يصبح صديق الملك رئيساً للوزراء، وأن حزبه سيفوز في الانتخابات العامة، وعندها "سيغدق" عليهم الهدايا ويبني المدارس والمستشفيات في منطقتهم الفقيرة، ويوفر لهم الوظائف، بل ويعطيهم المال لشراء الأحذية التي هم في أمسّ الحاجة إليها.

صلاحيات الحكومة في المغرب

تقرير الصحيفة البريطانية عن أخنوش يقول إن هناك فرصة للتغيير في المغرب، وأن الناخبين سيصوتون ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ الربيع العربي، منهياً عقداً من حكم الإسلاميين الذين يقول أنصاره إنهم لم يفوا بوعودهم بتحقيق الازدهار وفشلوا في ذلك.

لكن يعتقد النقاد، بحسب تقرير الصحيفة، أن تغيير الحزب الحاكم في المغرب لن يغير الأوضاع بالضرورة، لأنه مهما كانت نتائج الانتخابات، فسيظل الملك السلطة السياسية والأمنية والعسكرية والدينية العليا. إذ يقوم الملك حسب التقرير، بتعيين مسؤولين في الدفاع ووزارة الداخلية ووزراء الخارجية وحكام الولايات. بل ويذهب البعض للقول إلى أن هزيمة الإسلاميين تعتبر ردة عن الإصلاحات التي قام به الملك في أعقاب الربيع العربي والتي منح فيها مزيداً من السلطات للبرلمان المنتخب والحكومة.

وفي هذا السياق يبدو أن أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، مفضلاً لدى الملك، بحسب تقرير الصحيفة. ومنذ انتخاب الملياردير رئيساً للحزب قبل خمسة أعوام، قضى أخنوش الوقت في إعادة بناء الحزب وتوسيع تأثيره في البلاد. وكان هذا وراء التوتر بينه وبين الإسلاميين والأحزاب الأخرى التي اتهمته بإدارة بتمويل حملته الانتخابية بطريقة غير قانونية. وقال حزب الأصالة والمعاصرة إن حزب التجمع الوطني للأحرار "أغرق المشهد السياسي بالأموال".

العدالة والتنمية المغرب النتخابات المغربية
قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي/رويترز

أخنوش، من جانبه، يصر على نفي الاتهامات بشأن المال السياسي، وأيضاً الاتهام بسعيه لطرد الإسلاميين من المشهد بالأصالة عن الملك وأدت مناوراته للإطاحة بعبد الإله بنكيران، الزعيم السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء السابق، الذي شكّل تهديداً على الملكية وسلطتها.

لكن أخنوش لا يخفي ولاءه المطلق للملك حيث يقول: "الفرصة الوحيدة للبلد تأتي لو كان لجلالته رؤية طويلة الأمد تحدد الأولويات الاقتصادية والتنمية، وكونه موجوداً للتأكيد على استمرارية هذه الاستراتيجيات في كل البلاد".

وفي نهاية المطاف، من الواضح أن الشعور بعدم جدوى الانتخابات في إحداث تغيير حقيقي في المشهد ينعكس على الأوضاع الاقتصادية للمواطنين قد تسلل بالفعل إلى كثير من المغاربة. ونقل تقرير الصحيفة البريطانية آراء كثيرة في هذا الاتجاه عشية الانتخابات.

إذ إن كثيراً من المغاربة يعرفون محدودية صوتهم، ولكن "عليك أن تفهم أننا لا نصوت هناك للأيديولوجيات السياسية ولكن للرجال الأثرياء الأقوياء الذين قد يعطوننا شيئاً"، كما قال شاب مغربي للصحيفة. لكن الصيادين الكبار في السن شعروا بالدهشة من موكب رجل الأعمال وقالوا "لا يهم" ولن يكون هناك أي فرق لمن سنصوت.

تحميل المزيد