"أحمد شاه مسعود البطل القومي الراحل لأفغانستان"، أصبح هذا الشعار يتردد بقوة مع سيطرة حركة طالبان على معظم أفغانستان بما فيها العاصمة كابول، والإعلان عن نشوء حركة مقاومة للحركة في ولاية بنجشير معقل شاه مسعود بقيادة ابنه أحمد مسعود.
وكان لافتاً تركيز أحمد مسعود نجل القائد الطاجيكي الراحل أحمد شاه مسعود ونائب الرئيس الأفغاني أمر الله صالح خلال إعلانهما عن إطلاق حركة المقاومة ضد طالبان على إحياء إرث مسعود، لدرجة أن ابنه الذي تعلم في أرقى جامعات بريطانيا، يرتدي زياً مماثلاً لوالده تماماً، وتلقفت وسائل الإعلام الغربية هذه الرواية لتعيد التأكيد على أسطورة أسد بنجشير أحمد شاه مسعود البطل القومي لكل الأفغان، الذي يمثل إرثه إلهاماً لحركة المقاومة ضد طالبان، علماً بأن أخوة أحمد شاه مسعود ومستشاره المقرب عبد الله عبد الله يتفاوضون مع طالبان.
النقطة الواضحة أن الحديث عن بطل قومي واحد للشعب الأفغاني يبدو غير واقعي في ظل انقسام هذا الشعب، بين عرقيات وإثنيات وطوائف مختلفة.
فأحمد شاه مسعود هو طاجيكي يتركز نفوذه وشعبيته في مناطق الطاجيك الذين يمثلون أكثر قليلاً من ربع الأفغان ولم يكن له أي وجود في مناطق البشتون الذين يمثلون أكبر عرقية في البلاد حيث يشكون نحو 42% من السكان.
بل على العكس فإن إرث مسعود في مناطق البشتون قد يكون سلبياً بالنظر إلى أنهم قد ينظرون له باعتباره الرجل الذي نازعهم حقهم الطبيعي في حكم أفغانستان باعتبارهم أكبر قوميات البلاد، وحكامها التقليديون لقرون.
فمن هو أحمد شاه مسعود، ولماذا يحظى تاريخه بالاحتفاء في الغرب، بينما يعد تاريخاً مثيراً للجدل من وجهة نظر الأفغان.
تاريخ أحمد شاه مسعود
وُلد أحمد شاه مسعود في قرية بازاراك في إقليم بانشير أو بنجشير الأفغاني في سبتمبر/أيلول 1953، واغتيل في 9 سبتمبر/أيلول 2001، قبل يومين من وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، ويعتقد أن تنظيم القاعدة قد نفذ هذا الاغتيال حتى لا يتعاون الأمريكيين معه حينما كان يقود تحالف الشمال المناهض لطالبان التي كانت تأوي القاعدة.
وكان أبوه دوست محمد خان عقيداً في الجيش الأفغاني، وعمه عبد الرزاق خان ضابطاً في الاستخبارات.
درس أحمد شاه مسعود في كلية الهندسة في جامعة كابول، حيث انضم إلى "منظمة الشباب المسلم" بهدف مقاومة التدخل السوفييتي في أفغانستان بعد انقلاب الأمير محمد داوود خان، المدعوم من الحزب الشيوعي الأفغاني وموسكو، ضد الملك محمد ظاهر شاه.
وانخرط في صفوف الجمعية الإسلامية (المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمون)، وبدأ حياته السياسية عضواً في "الجمعية الإسلامية" التي أسسها عبد الرحيم نيازي في عام 1969، وضمت الرئيس الأفغاني السابق برهان الدين رباني والقائد البشتوني قلب الدين حكمتيار.
وانتقل أحمد شاه مسعود إلى المقاومة المسلحة في صفوف "الانتفاضة الإسلامية" عام 1975 ضد نظام داوود خان التي تعمّقت خصوصاً بعد انقلاب الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني (شيوعي) ضد نظام خان نفسه عام 1978 وتأسيسه لنظام تابع للاتحاد السوفييتي وبدء مرحلة دامت 10 سنوات من الحرب المجاهدين للتدخل السوفييتي الشهير في أفغانستان.
وتمكن مسعود خلال حربه مع السوفييت أن يعقد معاهدة لوقف إطلاق النار لمدة سنة في وادي بنجشير. استغل مسعود من هذه التهدئة وتوجه إلى محافظات أخرى نحو ولاية بدخشان وتخار وبغلان وفتح جبهات جديدة أخرى ضد السوفييت بعدما كان جبهة واحدة في بنجشير وقام بتشكيل كتيبة باسم القوات المركزية وانضم في هذه الكتيبة بعض من المقاتلين العرب منهم القائد عبد الله أنس الجزائري صهر الفلسطيني عبد الله عزام (الأب الروحي للمقاتلين العرب في أفغانستان).
وبعد ثلاث سنوات من قتال الروس بعد فشل كامل للهجوم العسكري للاتحاد السوفييتي السابق في بنجشير، توصل القائد العام للجيش الروسي في أفغانستان مع أحمد شاه مسعود، إلى اتفاق وقف إطلاق النار ولمدة سنتين، تم توقيع هذه الاتفاقية (1982)، التي تتعامل مع المجاهدين للمرة الأولى المعترف بها كحزب سياسي.
عمل مسعود الاستفادة من هذه الفرصة لتنظيم المقاومة ضد السوفييت، وتوسيع نفوذه في أفغانستان.
بروز نجمه يجسّد صعوداً لأمراء الحرب على حساب القادة السياسيين
لكن هذه الانتصارات العسكرية كانت تخفي مشكلة كبيرة، كان يفترض أن أحمد شاه مسعود هو زعيم الجناح العسكري للجمعية الإسلامية التي يترأسها رباني.
ولكن في مجتمع قبلي ومسلح وقليل التسيس كأفغانستان، كان من يمتلك السلاح على الأرض هو الأقوى في مواجهة من يمتهن السياسة.
وبالفعل، كان صعود مسعود تعبيراً عن بروز قادة الأجنحة العسكرية للفصائل الأفغانية على حساب القادة السياسيين، والأهم كان ذلك يعني مزيداً من تعميق الخلافات بين هذه الفصائل، وتحويل الأجنحة العسكرية من كونها تنظيمات إسلامية مؤدلجة إلى جيوش تابعة لأمراء حرب مناطقيين أكثر ارتباطاً بمحيطهم الإثني على حساب الطابع القومي الأفغاني الشامل، والأهم فقدت هذه الفصائل الانضباط الأيديولوجي، الأمر الذي أدى إلى تورطها في ممارسات أضرت بصورتها لدى الشعب الأفغاني.
وبينما أثبت مسعود بسالة وقدرة نادرة في مواجهة السوفييت، ولكن لم يكن وحده، فمن المعروف أن المناطق البشتونية الجنوبية تحملت الجزء الأكبر من عبء القتال مع السوفييت، وأظهر العديد من قادة المجاهدين الأفغان نجاحات كبيرة، والدليل على ذلك أن أقوى فصيل في الجهاد لم يكن فصيل مسعود بل فصيل القائد البشتوني قلب الدين حكمتيار.
كما أن أحد أسباب صعود مسعود إلى جانب قدراته العسكرية وذكائه والطبيعة الجبلية لمعقله في ولاية بنجشير، كان الدعم الغربي الكبير، لأنه على الأرجح بدا للغرب أقل إسلامية من حكمتيار الذي كان يوصف عادة بالمتشدد.
دور مسعود في اندلاع الحرب الأهلية بين المجاهدين الأفغان بعد انسحاب السوفييت
بعد الانسحاب السوفييتي من أفغانستان، ومحاصرة النظام الشيوعي في العاصمة كابول أبرمت فصائل المجاهدين اتفاقاً لتنظيم المستقبل السياسي للبلاد، عرف بـ"اتفاق بيشاور" الذي وقع يوم 24 أبريل/نيسان 1992 من قبل الأحزاب السبعة المشتركة في الاتحاد الإسلامي لمجاهدي أفغانستان مع حزب الوحدة الشيعي والحركة الإسلامية (الشيعية – محسني)، تمت الموافقة على تشكيل حكومة مؤقتة لمدة شهرين برئاسة صبغة الله مجددي ثم أربعة أشهر لبرهان الدين رباني، كما نصت على أن تكون وزارة الدفاع للجمعية الإسلامية، ومعها تولي منصب وزير الدفاع أحمد شاه مسعود، ولم يقبل الحزب الإسلامي (حكمتيار) بالاتفاقية رغم توقيعه عليها وقام بالهجوم على كابل، وبعد أن مد رباني فترة رئاسته انتهت هذه الاتفاقية تماماً.
ويتحمل مسعود قدراً كبيراً من المسؤولية في فشل هذا الاتفاق الذي أدخل البلاد في نفق الحرب الأهلية.
وينقل موقع "عربي 21″ عن كتاب: "صيف أفغانستان الطويل.. من الجهاد إلى الإمارة"، لمؤلفه الدكتور أحمد موفق زيدان قوله إن "الخلافات بين الجمعية الإسلامية بقيادة برهان الدين رباني، وقائده العسكري المعروف أحمد شاه مسعود، وبين الحزب الإسلامي بقيادة المهندس قلب الدين حكمتيار قديمة، وبقيت موجودة خلال سنوات الجهاد الأفغاني".
وظهرت الخلافات بشكل جلي بعد أن بدأ النظام الشيوعي في كابل يترنح، وقد كانت لكل طرف منهما علاقات واتصالات بأجنحة النظام وضباطه، فأحمد شاه مسعود أعلن عن بدء الهجوم على العاصمة، وتمكن سريعاً ـ بترتيب كان قد أعده منذ زمن ـ من السيطرة على أحياء في منطقة خير خانه، بعد أن سلمه الجنرال عبد السلام التابع للنظام الأفغاني كل مواقعه البالغ عددها 300 موقع من تشاريكار عاصمة ولاية بروان.. وهو ما كسر احتكار سيطرة حكمتيار على الجهات الأربع للعاصمة كابل، فأفلح مسعود من خلال هذه الخطة في إحداث اختراق بالطوق الذي كان حكمتيار قد ضربه على العاصمة، لسنوات لتكون جائزة كابل له دون غيره.
كان مسعود يسابق الزمن، فانتقل إلى كابول للقاء وزير خارجية النظام عبد الوكيل لوضع اللمسات الأخيرة للاتفاق الجديد بينهما، بعد أن خرج بينون سيفان الوسيط الدولي من اللعبة تماماً، وبدأ المجاهدون في بيشاور بوساطة باكستانية وسعودية يتفقون على طريقة دخول العاصمة لكن مسعود، انفرد بالفوز بجائزة العاصمة.
وبدخوله كابول خالف مسعود اتفاقاً بين المجاهدين بألا ينفرد أحد منهم باقتحام العاصمة وأغضب حكمتيار الذي كان يحاصرها، والأهم أنه تحدى تقاليد عمرها قرون تتضمن سيطرة البشتون على السلطة في البلاد.
واللافت هنا أن السياسي الطاجيكي برهان الدين رباني الذي يعتبر نظرياً قائد مسعود حذره من مهاجمة العاصمة لأن ذلك سيُخرج حكمتيار من الكعكعة، وهو أمر من الصعب قبوله من قبل حكمتيار الذي يعد أكبر أقوى قائد بشتوني في البلاد.
أما حكمتيار فلم ينتظر طويلاً للرد على استبعاده فشن هجوماً عسكرياً على الأرض حاول من خلاله أن يحقق اختراقاً عسكرياً بالتنسيق مع بعض الضباط الشيوعيين الباقين في كابول، لكنه فشل مع انحياز إيران لمسعود، ومعها باكستان والسعودية، وأدرك حكمتيار حينها أن العنصر الأقوى اليوم في المعادلة إيران فشن هجوماً عليها لدعمها الحلف الأقوى الأفغاني، ورد على الفور أحمد شاه مسعود بمهاجمة باكستان الداعمة لحكمتيار وتسليحه.
وبعد أن فشلت كل الجهود الأفغانية والإسلامية في رأب الصدع بين الجمعية الإسلامية والحزب الإسلامي، استمرت المواجهات والمعارك العسكرية بين قواتهما، وتقلبت معها التحالفات مع ما تبقى من مليشيات النظام السابق، كالميليشيات الأوزبكية بقيادة الجنرال المشهور بوحشيته عبد الرشيد دوستم، التي تحالف معها أحمد شاه مسعود، ما حمل حكمتيار على مهاجمة هذا التحالف بشدة، ثم دارت الأيام لتنقلب تلك الميليشيات على رباني ومسعود وتتحالف مع حكمتيار، وهو ما أضعف شعبيته بسبب تورطه فيما كان يهاجمه وينتقده من قبل وبالنظر للسمعة السيئة لهذه الميليشيات.
في ظل الاقتتال الدامي المتواصل في كابول ومع تصاعد الانقسامات القبلية والعرقية والطائفية، وسيطرة الفصائل على القرى والبلدات والولايات، وانتشار الفوضى وما تردد عن استشراء قضايا منافية للأخلاق في قندهار، حيث معقل حركة طالبان التي انطلقت منها، كان كثير من القيادات الأفغانية والشعب الأفغاني يرغبون في التخلص من هذا الوضع، كحال مجموعة من القيادات الميدانية المجتمعين بالقرب من بغرام، ووفر هذا تربة خصبة لنشأة طالبان.
مقاومة طالبان
وعقب سيطرة حركة طالبان على كابول في 1996، وإقامة نظام إسلامي متشدد عام 1996 بزعامة الملا عمر. ورغم انسحاب قوات المجاهدين إلى الشمال الأفغاني أمام زحف طالبان، ظل مسعود متحصناً في وادي بنجشير القريب من كابول والذي لم يتمكن أحد من اختراقه.
ودارت معارك قوية بين تحالف الشمال وحركة طالبان، كان لشاه مسعود دور كبير فيها، ولم تستطع الحركة دخول إلى مناطق نفوذ شاه مسعود.
ولكن اللافت أنه في هذه الفترة كان الدعم الرئيسي الذي يأتي لتحالف الشمال الذي أسسه أحمد شاه مسعود كان يأتي من روسيا وإيران القلقتين من طالبان.
ولكن أحمد شاه مسعود أقام علاقة استخباراتية وثيقة مع المخابرات الأمريكية التي كانت قلقة من وجود تنظيم القاعدة في أفغانستان أكثر من قلقها من طالبان، وكان أمر الله صالح نائب الرئيس الأفغاني الهارب أشرف غني أحد حلقات التواصل الاستخباراتية بين مسعود والغرب.
موقف الأفغان المتوقع من أحمد مسعود
ومن هنا يظهر مأزق محاولات أحمد مسعود وأمر الله صالح تقديم نفسيهما كزعيمين للمقاومة الشعبية الأفغانية ضد طالبان.
فهذه الدعوات قد تجلب التعاطف في الغرب ولكن ليس لها قيمة كبيرة في أفغانستان. فحتى لو أن البشتون ليسوا بالضرورة مؤيدين لطالبان، فإنهم على الأرجح لن يتعاطفوا مع أحمد مسعود نجل شاه مسعود الذي هو في نظرهم أمير حرب طاجيكي أخل بالاتفاق بين المجاهدين بشأن دخول العاصمة، ما هدد سيطرتهم التاريخية على كابول، وأدى إلى نشوب الحرب الأهلية بين المجاهدين التي أدت إلى ظهور طالبان.
كما أن بقية القوميات مثل الأوزبك والهزارة لهم زعماؤهم الذين قد يتحالفون مع طالبان أو أحمد مسعود حسب الظروف.
فبعيداً عن حديث أحمد مسعود عن والده كمقاتل من أجل الحرية، فالواقع أنه أمير حرب طاجيكي طموح استغل مهاراته السياسية لقلب المعادلة التقليدية لأفغانستان.
فإرث أحمد شاه مسعود هو إرث إسلامي سابق تحول إلى أمير حرب طاجيكي يتعاون مع الغرب في بلد أكبر قومية فيه هي البشتون، الذين يرون أنفسهم أحق بحكم البلاد.
بين الجذور الإسلامية الإخوانية، ثم التحالف مع إيران الشيعية، وأخيراً تبني الليبرالية لإرضاء الغرب، فإن أحمد شاه مسعود كان بمنتهى البساطة مثل غيره من أمراء الحرب الأفغان يبحث عن السلطة، ولكن كان الأجرأ في قلب توازنات البلاد التقليدية.
فالنزاع بين مسعود وأمراء الحرب الآخرين في التسعينيات هو الذي أدى إلى انزلاق أفغانستان إلى فوضى مدمرة في التسعينيات، انتهت بصعود طالبان كتحرك من الطلاب الغاضبين على ممارسات أمراء الحرب، مثل مسعود وغيره.
ويتحمل مسعود ذنباً أكثر من غيره في هذه الحرب الأهلية، لأنه أفشل محاولة نادرة لتحقيق توافق بين المجاهدين بشأن دخول كابول عقب انهيار النظام الشيوعي، والأهم أنه أراد تحطيم حقيقة بديهية في تاريخ أفغانستان، وهي أن الحكم من حق البشتون باعتبارهم أقوى عرقية وأكبرها، حيث يمثلون 42% من سكان البلاد، مقابل نحو 24% للطاجيك.
لا أمل في إيجاد بديل لطالبان دون ظهير بشتوني
بالتالي فإن أي حركة مقاومة يقودها مسعود وأمر الله ستبدو كأنها محاولة تمرد، وهي قد تستطيع التحصن بمعقل أحمد شاه مسعود القديم، ولاية بنجشير، التي نال منها لقبه الشهير أسد بنجشير.
ولكن ستكون أقصى قدرة لها هي العمل في مناطق الأقليات في الشمال والغرب، علماً بأن واحداً من أغرب ما حدث في صعود طالبان الأخير هو توغلها في البداية في المناطق الشمالية والغربية، وهي مناطق الأقليات التي لطالما كانت تعتبر مناهضة لطالبان، وأول ما سقط في يد الحركة هي الحدود مع طاجيكستان ومدن شمالية وغربية تعد معاقل للأقليات وأمراء الحرب المناهضين لها، مثل قندوز ومزار شريف وهرات، وبعض هذه المناطق لم تخضع لسيطرة طالبان قط.
وبالتالي من الواضح أن طالبان أصبح لها نفوذ قوي في هذه المناطق، عبر تجنيد مقاتلين منها، أو أنها أبرمت تفاهمات مع القوى التقليدية بهذه المنطقة، أو أن أمراء الحرب قد ضعفوا بشكل لم يعد ممكناً معه التصدي لطالبان.
ولكن هذا لا يمنع أن أمر الله صالح وأحمد مسعود قد يكونان قادرين على تشكيل نواة مقاومة ضد طالبان في ولاية بنجشير، خاصة إذا تلقيا دعماً من الغرب أو إيران أو روسيا أو الصين، ولكن هذا سيظل تحالفاً من أمراء الحرب الطاجيك والأوزبك، يعتمد على موروث المنافسة بين البشتون والطاجيك وغيرهما من الأقليات أكثر منه نتيجة رغبة شباب الأفغان في الحصول على حقهم في حرية الرقص كما يقول مسعود في مقاله الشهير بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
وبالتالي ستظل قدرة هذا التحالف على العمل خارج مناطق الطاجيك محدودة، وقد يستطيع محاولة توسيع نطاق عمله إلى مناطق الأوزبك والهزارة، وفي هذه الحالة سيصبح بمثابة حلف للأقليات ضد البشتون.
في كل الأحوال هناك فرص لا يمكن تجاهلها لنجاح أمر الله ومسعود في تشكيل حركة معارضة مسلحة ضد طالبان، وهو أمر ليس بالصعب في بلد جبلي وقبلي ومسلح مثل أفغانستان، خاصة إذا تلقوا دعماً خارجياً.
ولكن في الأغلب في هذه الحركة لن تؤدي إلى إسقاط حكم طالبان، بقدر ما تسبب في توترها، وقد تدفعها للتخلي عن سياسات المصالحة والاعتدال التي تُبديها، وصعود دور العناصر الأكثر تطرفاً بها.
كما أنه لو أدى هذا التحرك إلى سقوط نظام طالبان من خلال تحالف للأقليات يضم الطاجيك والأوزبك والهزارة، فهذا قد يستفز البشتون ويجعلهم يلتفون حول طالبان.