سيل من شهادات تطعيم كورونا المزيفة معروض في أوروبا وأمريكا.. فهل تستطيع خداع الحكومات؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/08/08 الساعة 20:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/08 الساعة 20:11 بتوقيت غرينتش
انتشار لشهادات تطعيم كورونا مزيفة/رويترز

أصبحت شهادات لقاحات كورونا المزيفة مطروحة على نطاق واسع في العديد من الدول الغربية، فلماذا أصبح هناك إقبال كبير عليها في الدول الغربية رغم عدم وجود نقص في اللقاحات؟ وهل يستطيع صنَّاعها خداع الحكومات؟ 

فمع انتشار اشتراطات الحصول على اللقاحات المضادة لـ"كوفيد-19″ في الولايات المتحدة وأوروبا؛ ازدهرت تجارة المحتالين الذين يبيعون شهادات لقاحات كورونا المزورة، بشكل دفع الأجهزة المعنية في الدول الغربية إلى الاستنفار، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.

وأعلنت الإدارة الأمريكية وجوب تطعيم العمال الفيدراليين وإلا سيلتزمون بالخضوع للفحوصات الدورية ومتطلبات القناع والتباعد الاجتماعي. وتشترط ولاية كاليفورنيا تلقيح موظفي الولاية أو فحصهم مرة واحدة على الأقل في الأسبوع. 

وستتبنى ولاية نيويورك، بدورها، هذه الاشتراطات قريباً، وتخطط مدينة نيويورك لتعميم شرط تقديم دليل على التطعيم من العملاء والموظفين في المطاعم والصالات الرياضية.

إضافة إلى ذلك، يشترط أرباب العمل في شركات مثل Walt Disney، و Walmart، و Microsoft و Tyson Foods، التطعيم على الأقل لبعض موظفيها.

وصار ضرورياً كذلك إثبات الحصول على التطعيم في أجزاء من الولايات المتحدة وأوروبا؛ في حال الرغبة في تناول الطعام في أماكن مغلقة، وزيارة المتاحف وحضور الأحداث الرياضية الكبيرة.

أدى انتشار هذه القواعد إلى خلق سوق شهادات مزورة لغير المُلقّحين. وفي الأسابيع الأخيرة، تضاعفت مخططات بيع أدلة غير قانونية على التطعيم على الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة مثل Telegram وعلى شبكة "الإنترنت المظلم"، وفقاً لمحققين حكوميين وخبراء في الأمن السيبراني.

كثير من زبائن شهادات لقاحات كورونا المزيفة هم من مناهضي التطعيم

وفي هذا السياق، قال ديمتري غالوف، الباحث في شركة الأمن السيبراني Kaspersky، الذي كان يتابع بيع الشهادات المزورة منذ مارس/آذار: "بينما تسعى شريحة من السكان إلى تجنب الإجراءات الجديدة، يتفاعل الإنترنت المظلم مع السوق الحقيقي، ومن ثم أعطى ارتفاع الطلب حياة جديدة لهذه العروض المزيفة".

في الولايات المتحدة، ظهرت بطاقات التطعيم المزيفة التي يُزعَم أنها صادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها للبيع على مواقع مثل Amazon و eBay و Etsy. وفي مايو/أيار، اعتقل ضباط صاحب حانة في كاليفورنيا لبيعه بطاقات تطعيم مزيفة مقابل 20 دولاراً للواحدة. 

واتهم الجاني المزعوم بسرقة هويات وتزوير وثائق حكومية وتزوير سجلات طبية، حسب تقرير The Wall Street Journal.

وقال متحدث باسم وزارة العدل الأمريكية: "في حين أننا لا نملك أرقاماً محددة، صرنا نشهد المزيد من هذه الأنواع من المخططات مؤخراً".

أقراص تحصين ضد كورونا، وأمريكا تواجه مشكلة في توحيد شهادات التطعيم

لم تزدهر هذه التجارة عبر الإنترنت فحسب؛ ففي الشهر الماضي، ألقت وزارة العدل الأمريكية القبض على طبيبة معتمدة في الطب التجانسي في كاليفورنيا بزعم بيع المرضى ما وصفته بحبيبات تحصين ضد "كوفيد-19". ثم قدمت بطاقات تطعيم مزيفة من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها تقول إنَّ المرضى تلقوا لقاح "موديرنا".

وفي الولايات المتحدة، أدى عدم وجود بطاقة رقمية فيدرالية موحدة إلى تسهيل عمل المحتالين. إذ من السهل تزوير البطاقات البيضاء الصغيرة الصادرة عن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، ولم يكن الغرض منها أن تكون مصدراً رئيسياً لإثبات التطعيم، وفقاً لخبراء الأمن.

في حين أنَّ الاتحاد الأوروبي لديه شهادة رقمية برمز استجابة سريع (QR) مخصص لكل شخص. وبرغم أنَّ كل دولة من الأعضاء السبعة والعشرين توزع بطاقات التطعيم الخاصة بها؛ مما يعني وجود اختلافات في الشكل وأماكن قبولها، فإنها تستخدم نفس التكنولوجيا، وهناك إجماع حول كيفية إصدارها واستخدامها.

شهادات لقاحات كورونا المزيفة
الاتحاد الأوروبي وضع قواعد لشهادات التطعيم/رويترز

وجاء تطبيق فكرة الشهادات في البداية لتسهيل السفر بين دول الاتحاد الأوروبي، لكنها تُستخدَم الآن الشهادات لضمان السلامة النسبية في مواقف مثل تناول الطعام في الأماكن المغلقة. وتؤكد الشهادات الأصلية أنَّ حاملها حصل على التطعيم، أو خضع لفحص "كوفيد-19" مؤخراً وجاءت نتيجته سلبية أو تعافى من المرض.

ورغم وجود شهادة موحدة في أوروبا  فإن الإصدارات المزيفة لا تتوقف، وعلى الرغم من التنسيق الأوروبي الآمن لهذه الشهادات، فقد تضاعفت الإصدارات المزيفة من الشهادة الرقمية الخاصة بالاتحاد. 

في إيطاليا، هناك حوالي 30 ملفاً شخصياً على الشبكات الاجتماعية تزعم بيع شهادات لقاحات كورونا مزيفة، وبيع نحو 500 منها في الأشهر القليلة الماضية، وفقاً لإيفانو غابرييلي، قائد الشرطة الإيطالية الذي يشرف على تحقيقات الاحتيال عبر الإنترنت. وقال إنَّ تطبيق Telegram هو المنصة الرئيسية المستخدمة لبيع الشهادات المزورة.

وقال غابرييلي: "يحاول البائعون نشر تجارتهم من خلال نشر معلومات غامضة على منصات الشبكات الاجتماعية المعروفة، لكن هدفهم هو جعلك تنتقل إلى تطبيق مراسلة مُشفَّر".

من جانبها، صرّحت منصة Telegram، على لسان متحدث، بأنَّ الشركة أغلقت قنوات تبيع شهادات مزورة عندما طلبت الحكومة الإيطالية ذلك.

بيد أنَّ إغلاق القنوات التي تقدم شهادات مزورة، يتبعه ظهور قنوات جديدة بسرعة بنفس العروض، وفقاً للصحيفة الأمريكية.

وقال أوجينيو فوسكو، المدعي العام في ميلانو الذي حقَّق في الشهادات المزورة: "على الأقل بإغلاق الحسابات، نوقف هذه الظاهرة مؤقتاً".

وأشار غابرييلي إلى أنَّ عدد المبيعات الاحتيالية زاد زيادةً كبيرة بعدما أعلنت إيطاليا أنَّ الشهادة الرقمية ستكون مطلوبة لبعض الفعاليات والسفر. واستبعد أن تصمد الشهادات المزيفة أمام التدقيق الجاد، ما لم يدخل المتسللون إلى قاعدة بيانات التطعيم الوطنية ويغيروا البيانات هناك، وهي جريمة سيبرانية أخطر وأكبر تحدياً من الناحية التقنية.

وفي فرنسا، وجَّهت السلطات مؤخراً اتهامات أولية ضد 6 أشخاص بتهمة الاحتيال فيما يتعلق بإنشاء وبيع بطاقات تطعيم مزيفة ضد "كوفيد-19″، وفقاً للمدعين العامين.

وحتى منتصف يوليو/تموز، حدَّدت الشرطة الفرنسية 400 مشترٍ لبطاقات لقاح مزورة، وقالت إنَّ العدد الفعلي قد يكون أعلى بثلاث مرات، وفقاً لتقارير صحفية فرنسية.

الإقبال بدأ فور فرض قيود على غير المطعمين، ولكن هل تستطيع خداع الحكومات؟

وقال ميرو ديتريش، الباحث في مركز المراقبة والتحليل والاستراتيجية في ألمانيا، إنَّ الشهادات المزيفة طُرِحَت لأول مرة في ألمانيا على الإنترنت المظلم، لكن لم تجد أي مشترين. وأردف أنه بمجرد استحداث ألمانيا قيوداً على غير المُلقَّحين، وانتقل البائعون إلى Telegram، انفجر كل من العرض والطلب على الشهادات.

ونوه ديتريش: "البائعون أذكياء ومستعدون لتلبية الطلب الذي تدفق مع القيود. ووُجِد بإحدى محافظ البيتكوين المتصلة بتاجر شهادات مزيفة مبلغ 20 ألف دولار. من الممكن أنه يبيع أشياء أخرى مثل البنادق أو المخدرات، لا يمكننا أن نكون متأكدين، لكن من المحتمل أنَّ بعضاً من ذلك على الأقل جاء من الشهادات".

ويحذر غالوف، من شركة Kaspersky، مشتري الشهادات المزيفة من أنها لن تعود عليهم بفائدة.

وقال غالوف: "على مدى سنوات، باع الناس مستندات مزورة من جميع الأنواع- أشياء مثل الشهادات أو الشهادات الطبية. وبعض عمليات الاحتيال التي نراها اليوم، التي تعرض أكواداً أو شهادات، مشابهة لتلك القديمة من حيث إنها غالباً لا تقدم أي شيء في المقابل، بل تترك المستخدمين بدون أموال أو مستندات".

تحميل المزيد