منذ عدة أيام، لا تزال الحرائق المدمرة مندلعة في مناطق عدة من جنوب تركيا، حيث امتدت الحرائق من الغابات إلى مناطق مأهولة بالسكّان تقع على مقربة من مواقع سياحية عديدة في جنوب البلاد؛ مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، واضطر السلطات لإخلاء عشرات القرى من قاطنيها. فما الذي يحدث في تركيا وما أسباب هذه الحرائق؟
الحرائق في تركيا.. من أين بدأت وما المناطق التي وصلت لها؟
كان أول حريق قد اندلع يوم الأربعاء 28 يوليو/تموز 2021، في غابة بمنطقة منافغات بمحافظة أنطاليا قبل أن يمتدّ إلى قرى مجاورة. وأمام اتّساع رقعة الحريق، أخلت السلطات عشرات القرى من سكّانها، كما أخلت فندقاً في مدينة بودروم السياحية من نزلائه.
واندلعت حرائق منفصلة في غابات تقع في منافغات وألانيا وأضنة ومرسين وبودروم ومرمريس وموغلا، بالقرب من المواقع السياحية المطلة على البحر المتوسط في جنوب تركيا، لكنّها سرعان ما وصلت إلى مناطق مأهولة بالسكان بسبب الرياح العاتية.
وأسفرت الحرائق عن مقتل أربعة أشخاص، أحدهم رجل يبلغ من العمر 25 عاماً كان في طريقه لمدّ يد العون في منطقة أتت عليها النيران في مرمريس، وفقاً لقناة "إن تي في" التلفزيونية الإخبارية. والتهمت النيران عشرات المنازل والحقول والإسطبلات في قرى عديدة.
وبثت وسائل إعلام تركية مشاهد لأشخاص مذعورين وهم يركضون للنجاة بحياتهم في شوارع أضاءتها ألسنة النيران في مناطق مختلفة من جنوب البلاد.
ما الذي تقوله السلطات في تركيا حول هذه الحرائق؟
نقلت وكالة أنباء الأناضول الرسمية عن رئيس بلدية أنطاليا محيي الدين بوجك قوله الأربعاء إنّ "اندلاع حريق منافغات من أربعة مواقع مختلفة يشير إلى أنّه حريق مفتعل، لكن ليس لدينا في الوقت الراهن معلومات واضحة بهذا الشأن".
وساهم في امتداد الحرائق ارتفاع درجات الحرارة التي اقتربت من 40 درجة مئوية وشدّة الرياح في المنطقة؛ إذ بلغت سرعتها 50 كلم/ساعة. وبسبب اندلاع النيران بصورة متزامنة وفي أماكن مختلفة، ترجّح السلطات التركية أن تكون هذه الحرائق مفتعلة.
فقد قالت وكالة الأناضول إنّ المدّعي العام في مدينة مرمريس فتح تحقيقاً لتحديد أسباب اندلاع هذه الحرائق. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال مساء الأربعاء: "سيتمّ تقديم كل الدعم اللازم لمواطنينا الذين عانوا من الحريق"، متعهّداً بإجراء تحقيق معمّق لتحديد أسباب الكارثة.
من جهته، قال حكمت أوزتورك، خبير الغابات في المؤسسة التركية لمكافحة تآكل التربة، وهي منظمة غير حكومية تعمل على حماية الغابات في تركيا، لشبكة CNN، إنه في حين أن 95% من الحرائق في تركيا سببها الناس، فإن سبب تفاقم انتشار الحرائق هو تغير المناخ.
وقال أوزتورك إن منطقة الحرائق تقع داخل حوض البحر الأبيض المتوسط وهو إحدى أكثر المناطق عرضة لمخاطر تغير المناخ. وأضاف: "الأحوال الجوية المعتادة في الصيف في المنطقة حارة وجافة؛ مما يعني أن مخاطر نشوب حرائق مرتفعة بالفعل، وتغير المناخ يزيد من هذا الخطر".
ونقلت فرق الإسعاف إلى مستشفيات المنطقة 183 شخصاً، ثلاثة منهم أصيبوا بحروق والبقية باختناقات تنفّسية من جرّاء تنشّقهم الأدخنة المنبعثة من الحرائق.
والخميس أنقذت فرق الطوارئ عشرة أشخاص تقطّعت بهم السبل على متن قارب كان يبحر في بحيرة لفّتها ألسنة النيران. ويحاول أكثر من أربعة آلاف عنصر من طواقم الإطفاء، تؤازرهم مروحيات وطائرات إطفاء، السيطرة على النيران.
وقال وزير الزراعة التركي بكير باك ديميرلي إنّه "وفقاً للمعلومات الأولية، فقد نفق 150 رأساً من الأبقار وألف رأس من الأغنام وتضرّر 600 هكتار من الأراضي الزراعية و50 هكتاراً من الخيم الزراعية".
ما ردود الفعل الخارجية؟
قالت السفارة الروسية في تغريدة على تويتر الخميس إنّ ثلاث طائرات روسية لإطفاء الحرائق تشارك في جهود إخماد النيران في جنوب تركيا.
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية التركية أنّ وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس أبلغ نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو مساء الخميس أنّ اليونان، التي توتّرت علاقاتها مع جارتها، "مستعدّة لتقديم المساعدة عند الاقتضاء".
من جهته، أعرب وزير خارجية أذربيجان جيهون بيرموف عن تضامنه مع تركيا، مؤكداً في تغريدة على تويتر استعداد بلاده لتقديم "الدعم" لحليفتها.
وأرسلت الحكومة الأوكرانية الجمعة، طائرتين من طراز أنتونوف إن-32، إلى تركيا للمساعدة في إطفاء حرائق الغابات، إلى جانب فريق خاص للمساعدة في إطفاء الحرائق.
ما وضع الحرائق المندلعة وكم عددها حتى اللحظة؟
حتى منتصف نهار يوم الجمعة، اندلع 58 من حرائق الغابات في تركيا، ولا يزال 20 حريقاً في جميع أنحاء البلاد، وفقاً لمديرية الغابات التركية.
وقال وزير الزراعة والغابات التركي إن الحرائق اندلعت في 17 مقاطعة مختلفة، وإن الحرائق العشرين التي لا تزال مشتعلة ومنتشرة في 7 مقاطعات، بما في ذلك أنطاليا وموغلا وهما من الوجهات السياحية الرئيسية في تركيا.
وأضاف باكديميرلي أنه تم إخلاء فندقين بسبب الحرائق كإجراء احترازي، وأن 77 منزلاً لحق بها أضرار في أنطاليا ونفق أكثر من 2000 من حيوانات المزرعة.
والجمعة، عقد أربعة وزراء مؤتمراً صحفياً في مركز إدارة إخماد الحرائق بقضاء منافغات في ولاية أنطاليا، هم وزير الزراعة والغابات ووزير الخارجية ووزير البيئة والتخطيط العمراني ووزير النقل والبنى التحتية.
وبين وزير الزراعة والغابات أن 3 طائرات، وتسعة مسيرات، و38 مروحية، و680 سيارة إطفاء، و55 مركبة آلية، وغيرها من المعدات تشارك في عمليات الإخماد، بالإضافة لأربعة آلاف رجل إطفاء.