سر تراجع سلالة دلتا في بريطانيا رغم التوقعات بارتفاعها.. هل حققت مناعة القطيع أم تشهد تفشياً خفياً؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/07/29 الساعة 16:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/29 الساعة 16:09 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون/رويترز

أصيب العلماء بالدهشة جراء تراجع فيروس كورونا في بريطانيا، عكس ما كانت تشير توقعاتهم.

إذ بدأت حالات الإصابة بفيروس كورونا تتراجع في بريطانيا، رغم أنّها كان من المفترض أن تزيد، لكن العلماء ليسوا متأكدين بعد من سبب حدوث ذلك، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية.

وتراجعت أعداد الإصابات الجديدة يومياً في البلاد لسبعة أيامٍ على التوالي، قبل أن تزيد بشكلٍ طفيف يوم الأربعاء 28 يوليو/تموز، حين بلغت الحالات 27,734 حالة. وهو رقمٌ لا يزال يُقارب نصف حالات الأسبوع الماضي.

ولا شكّ أن العالم يراقب بقلقٍ وعن كثب مسار الفيروس داخل بريطانيا، لاختبار كيفية تصرف المتحور دلتا داخل مجتمعٍ حقق معدلات تطعيم عالية نسبياً.

ويعد تراجع فيروس كورونا في بريطانيا أخباراً طيبة، ولكن يحتاج إلى تحليل عميق.

العلماء حذروا من زيادة في الإصابات ووصولها لـ100 ألف يومياً

إذ تنبّأ خبراء الصحة العامة والحكومة بزيادة الحالات في بريطانيا خلال هذه المرحلة، وربما بمعدلاتٍ كبيرة، حيث إنّ متحور دلتا شديد العدوى من الفيروس هو المسؤول عن كافة الحالات الجديدة تقريباً هنا، وفي الـ17 من يوليو/تموز، وصلت أعداد الحالات الجديدة إلى 54,674، وهو الرقم الأعلى منذ يناير/كانون الثاني.

وبعدها بيومين، أعلنت حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون إنهاء كافة القيود الحكومية المفروضة لإلزام الناس بارتداء أقنعة الوجه والحفاظ على التباعد الاجتماعي.

لذا حذّر عددٌ من أفضل خبراء الأمراض المعدية حول العالم من وصول الحالات الجديدة إلى نحو 100 ألف حالة يومياً خلال الصيف.

لكن أعداد الحالات بدأت تتراجع بشدة منذ ذلك الحين، حسب تقرير الصحيفة الأمريكية.

سر تراجع فيروس كورونا في بريطانيا

كان لدى العلماء بعض النظريات، هل السبب هو أشعة الشمس؟ حيث مرّت بريطانيا بموجة حرٍّ استمرت أسبوعاً كاملاً.

وقد أُغلِقَت المدارس من أجل العطلة الصيفية، وبالتالي أدى ذلك إلى تقليل انتشار الفيروس بين الأطفال.

وربما حققت آلية الاختبار والتتبع بعض النجاح، حيث تلقى نحو 620 ألف شخص في إنجلترا وويلز إشعارات على هواتفهم من تطبيق هيئة الخدمات الصحية الوطنية، لإخطارهم بأنّ عليهم عزل أنفسهم بعد تعرّضهم للفيروس.

ومن المحتمل أيضاً أنّ الناس قد توقّفوا عن الخضوع للاختبارات، ما أدى إلى تقليل الحالات المكتشفة، لأنّ إيجابية الاختبار ستُلزمهم بعزل أنفسهم لمدة 10 أيام، حتى في حال حصولهم على جرعات التطعيم كاملة.

هل وصلت بريطانيا أخيراً إلى مناعة القطيع؟

أو ربما بلغت بريطانيا عتبة مناعة القطيع اللازمة، حيث إنّ أكثر من 70% من البالغين هناك قد حصلوا على جرعات التطعيم كاملة، بينما حصل 88% على الجرعة الأولى على الأقل، في واحدةٍ من أفضل حملات التلقيح حول العالم. أما من لم يحصلوا على اللقاح بعد فالكثير منهم أُصيبوا بعدوى كوفيد، أو كانت إصابتهم بدون أعراض، حسب Washington Post.

وهو ما أكّده أستاذ الطب بول هانتر، الذي أوضح أنّ تداعيات القرارات الأخيرة للحكومة لن تكون فورية. وأن ارتفاع الحالات سيبدأ في الظهور أواخر الأسبوع الجاري أو أوائل الأسبوع المقبل، لأنّ الأعراض قد تستغرق أسبوعين بعد الإصابة قبل أن تظهر، لكنّه توقع "أنّنا لن نشهد ارتفاعاً كبيراً في أعداد الحالات إجمالاً كما حدث في الماضي".

تراجع فيروس كورونا في بريطانيا
بريطانيا أنهت الإجراءات الاحترازية/رويترز

في حين قال أستاذ الصحة العامة الأوروبية مارتين ماكي إنّه يشك في تحقيق بريطانيا لمناعة القطيع: "ليست لدينا إجابةٌ بسيطة لتفسير ذلك، ولا أحد يمتلك تلك الإجابة".

ولهذا لم يبدأ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاحتفال بعد، حيث قال رئيس الوزراء للمراسلين يوم الثلاثاء 27 يوليو/تموز، إنّه قد لاحظ "الأرقام المبشرة" بالفعل، لكنه أردف: "من المهم للغاية ألا نُسارع للخروج باستنتاجات سابقة لأوانها، يجب أن يُحافظ الناس على حذرهم، وأن يظل هذا هو نهج الحكومة".

وفي يوم الأربعاء، أعلنت الحكومة أنّ المسافرين -الذين حصلوا على تطعيمهم بالكامل- القادمين من الولايات المتحدة وأوروبا سوف يتمكنون من دخول إنجلترا بدءاً من الثاني من أغسطس/آب، بدون الحاجة إلى حجرٍ صحي.

أمر عجيب

في حين قال الأستاذ المساعد بجامعة ليدز ستيفن غريفن إنّ تراجع الحالات هو "أمرٌ عجيبٌ للغاية".

وقد حذّر بأنّ علينا تحليل المزيد من البيانات، لكنه اقترح أنّ التراجع قد يكون نتيجةً للعديد من العوامل، بدءاً من الطقس الحار والتزام الناس بتوجيهات العزل، ووصولاً إلى تجنّب الخضوع لاختبارات قبل السفر في عطلة، أما العامل الآخر فهو نهاية بطولة الأمم الأوروبية 2020، التي دفعت الآلاف للخروج إلى الحانات والشوارع.

وأردف: "كل هذه العوامل مجتمعة يُمكنها أن تنعكس على تراجعٍ في حالات كوفيد الإيجابية بعد الاختبار، لكننا لا نعلم إن كانت الأرقام تعكس حالات العدوى الفعلية أم لا".

هل اجتازت بريطانيا الجائحة؟

بينما قال عالم الأوبئة نيل فيرغسون، إنّه من المحتمل الآن أنّ نكون قد اجتزنا الجائحة.

لكنه أضاف تحذيراته أيضاً حين أخبر شبكة BBC البريطانية، يوم الثلاثاء، بأنّ تأثيرات رفع القيود مؤخراً لم تظهر بعد.

وأردف فيرغسون أيضاً أنّنا ربما نشهد ارتفاعاً في الحالات مع تغيّر المناخ، أو حين يعود الطلاب إلى المدارس في سبتمبر/أيلول: "لم نُفلِت من الخطر بالكامل بعد، لكن المعادلة تغيّرت بشكلٍ جوهري. 

فتأثير اللقاحات كان كبيراً في تقليل خطر نقل الحالات إلى المستشفى أو وفاتها. وأنا واثقٌ في أنّنا سنكون قد اجتزنا الشطر الأعظم من الجائحة بحلول أواخر سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول. وسوف يظل كوفيد موجوداً، وسوف يموت البعض بسببه، لكننا سنكون قد اجتزنا مرحلة خطر الجائحة".

تحميل المزيد