تعد الطائرة إكس-1 إحدى الطائرات التي غيرت الطيران الحربي للأبد، ومكنت العالم من الولوج إلى مجال الطيران الأسرع من الصوت، رغم أنها لم تدخل الإنتاج الكمي أبداً.
والطائرة إكس-1 كانت من إنتاج شركة بيل الأمريكية لتصنيع الطائرات، تتويجاً لإنجازات الطيران الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية، حسبما ورد في تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.
كانت أول طائرة من طراز إكس تعد حلقة من سلسلة من الطائرات المُزوَّدة بمحرِّكات صاروخية ومحرِّكات نفَّاثة لم يكن من المفترض أن تُنتَج، بل أن تُستخدَم في الأغراض البحثية. استُخدِمَت بيانات الرحلات التي جمعتها سلسلة إكس لتحسين تصميمات الطائرات اللاحقة في المستقبل.
لماذا كانت هناك حاجة ماسة إلى الطائرة إكس-1؟
بدأ مشروع الطائرة إكس-1 عندما قررت لجنة استشارية وطنية مشتركة للملاحة الجوية بالولايات المتحدة، إطلاق مشروع بحث حول الطيران الأسرع من الصوت في سلاح الجو الأمريكي، وتم تصميمها خلال عام 1944 وبناؤها في عام 1945.
وكانت الأولى من طائرات X، وهي سلسلة من الطائرات الصاروخية التجريبية الأمريكية (والطائرات غير الصاروخية)، المصممة من أجل اختبار التقنيات الجديدة.
خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، واجهت الطائرات التي تقترب من النطاق العابر للصوت، أي من 0.8 ماخ إلى 1 ماخ، عدداً من الخصائص السلبية، بما في ذلك الاضطراب المفرط، والتغيُّرات غير المُتوقَّعة، وفقدان التحكُّم العام في الطائرة.
ومن أجل فهمٍ كاملٍ لكيفية عمل هيكل الطائرات في النطاق العابر للصوت، طُوِّرَت الطائرة إكس-1 لتتجاوز سرعة الصوت.
تصميم فريد مستوحى من الرصاصة.. لماذا اعتمدت على المحركات الصاروخية؟
جرى تحسين جسم الطائرة ليكون على شكل الرصاصة، من أجل أن يتمتَّع بسرعةٍ أكبر. وفي الحقيقة صُمِّمَ الجسم اعتماداً على شكل الرصاصة من عيار 0.50، والتي كانت تتحرَّك بسرعةٍ أكبر من الصوت، وكانت معروفة بأنها مستقرة عند سرعات 1 ماخ فأعلى.
وبدلاً من الأجنحة ذات الديناميكية الهوائية، كان لدى طائرة إكس-1 أجنحةٌ مستقيمة أكثر تقليدية، رغم أنها استفادت من كونها أرق بالتأكيد، مقارنةً بالأجنحة المستقيمة الأخرى في تلك الحقبة.
وعلى عكس الطائرات الأخرى لم تكن هياكل طائرات إكس-1 مدعومة بمحرِّكاتٍ نفَّاثة، بل بمحرِّكات صاروخية تعمل بالوقود السائل، وبدلاً من استخدام المحركات النفَّاثة المبكِّرة بسرعاتٍ لم تتحقَّق سابقاً، سمحت المحرِّكات الصاروخية لطائرات إكس-1 بتحقيق سرعة أكبر من 1 ماخ الضرورية، دون المخاطرة بتلف المحرِّك وتعريض سلامة الطيَّار للخطر.
ورغم أن الطائرات إكس-1 التي تعمل بالطاقة الصاروخية يمكن أن تقلع بشكلٍ تقليدي من المدرج، كانت تُطلَق عادةً من قاذفات بي-50 مُعدَّلة خصيصاً لهذا الغرض. وسمحت عمليات الإطلاق الجوية لطائرات إكس-1، بتوفير المزيد من وقود الصواريخ عن طريق تجاوز ذلك الجزء من الإقلاع كثيف الاستهلاك للوقود.
أول طائرة تحلق بسرعة الصوت
في الفترة السابقة على أول رحلة بسرعة 1 ماخ، أجرى طيارو اختبار طائرة إكس-1 سلسلةً من الرحلات التي اقتربت ببطءٍ من 1 ماخ، لفهم خصائص طيران إكس-1 بشكلٍ كامل في النطاق العابر للصوت.
طار النقيب تشاك ييغر بسرعة 0.85 ماخ، في أواخر أغسطس/آب 1947، وكاد يتجاوز حاجز الصوت، وحلَّق بسرعة 0.997 ماخ، في 10 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
وكما لو أن تجاوز حاجز الصوت لم يكن مهمةً صعبة بما يكفي، أُصيبَ ييغر بكسرٍ في ضلعين في الليلة السابقة على الرحلة بسرعة 1 ماخ. هذا ما رواه ييغر في مقالٍ له عام 1987. صعد بصعوبةٍ على متن الطائرة الصاروخية بسبب ضلعيه المكسورين، وبعد أن أسقطته القاذفة بي-50 على ارتفاع 43 ألف قدم، ضغط على زر الإشعال.
وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول 1947، أصبح تشاك أول طيار يطير بسرعةٍ أكبر من سرعة الصوت، إذ حلَّقَ بسرعة 1.06 ماخ وتجاوز حاجز الصوت، لتصبح الطائرة إكس-1 أول طائرة مأهولة تتجاوز سرعة الصوت في مستوى الطيران.
وعلى الفور بعد هذه الرحلة القياسية، صُنِّفَت جميع البيانات التي جُمِعَت أثناء الرحلة بأنها سريةٌ للغاية، وحُجِبَت الحقيقة حول رحلته لعدة أشهر، حسب المجلة الأمريكية.
كيف غيرت تاريخ الطيران الأسرع من الصوت؟
قدَّمَ كلٌّ من تشاك ييغر والطائر إكس-1 مساهماتٍ كبيرة في معارف الطيران الأمريكي، حسب مجلة National Interest.
إذ تقول وكالة ناسا إن برنامج إكس-1 نتجت عنه "ثروة من المعلومات الفنية للطيران"، وكان ضرورياً لفهم الرحلات التي تتجاوز حاجز الصوت.
وأضافت الوكالة: "بدون الفهم التقني الأكثر اكتمالاً لديناميكيات الطيران عالي السرعة الذي قدَّمَته طائرة إكس-1، لكانت الصناعة والعلم قد عُرقِلا بشدة في جهود إنتاج طائراتٍ متطوِّرة".