الصين تتودد للأسد لتظفر بموطئ قدم لها في المنطقة.. ما الذي ستحصل عليه من سوريا وماذا ستعطيها بالمقابل؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/20 الساعة 14:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/20 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش
وزير الخارجية الصيني خلال زيارته لدمشق ولقائه برئيس نظام سوريا بشار الأسد، تموز 2021/ سانا

ساندت الصين رئيس النظام السوري "المعاد انتخابه" مؤخراً، بشار الأسد، نظراً إلى أن إنقاذ البلد الذي يمزقه الصراع يصير مشروعاً مركزياً بالنسبة للمحور المناهض للغرب، الذي يمتد من موسكو ويمر بطهران وصولاً إلى بكين، وذلك بحسب تقرير نشرته صحيفة The Times البريطانية.

فقد صار وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أول وزير خارجية لأي بلد يزور الأسد، منذ أن أُعلن عن فوزه بنسبة 95% من التصويت في الانتخابات التي عُقدت في شهر مايو/أيار، ليظل في منصبه لولاية رئاسية رابعة. وتزامنت الزيارة مع مراسم تأدية الأسد اليمين أمام 600 شخص من الضيوف المدعوين المختارين من قبل النظام.

هل يجد الأسد ضالته في الصينيين؟

عرض وانغ ضم سوريا إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي خطة للاستثمار في البنية التحتية حول آسيا والشرق الأوسط مقابل الوصول إلى الأسواق المحلية في هذه البلاد، والحصول على الدعم الدبلوماسي.

لم تحقق سوريا الكثير على صعيد إعادة إعمار مدنها الممزقة، منذ أن بدأت الحرب الأهلية المستمرة منذ 10 سنوات تأخذ في الزوال مع استعادة السيطرة على حلب في عام 2016. ولا تزال البلاد ممزقة بين أربع مناطق سيطرة، وإن كان أكثر هذه المناطق هي التي يسيطر عليها النظام السوري.

تعهدت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، بعدم رفع العقوبات المفروضة على دمشق والسماح بتدفق الاستثمارات إلى سوريا ما دام الأسد في سدة الحكم. وسَخَرت هذه البلاد من هذه الانتخابات، مثلما سَخَرت منها المعارضة السورية التي وصفتها بأنها "هزلية".

يعني ذلك لجوء الأسد إلى داعميه الروس والإيرانيين من أجل الحصول على المساعدة، لكن الدولتين تمران بضائقة مالية هما الأخريان، بجانب تأثرهما بالعقوبات المفروضة عليهما من الدول الغربية. أبلغ الأسد وانغ قائلاً: "تتمنى سوريا أن تنضم إلى مبادرة الحزام والطريق وأن تعزز التعاون مع الصين على صعيد الاقتصاد والتكنولوجيا والثقافة والتعليم. نشكر الصين على تقديم المساعدات الإنسانية إلى سوريا".

"الصين تتدخل في سوريا بالوقت المناسب"

في حديثه مع صحيفة Global Times الصينية الحكومية، قال هوا ليمينغ، سفير بكين السابق لدى إيران، إن بكين كانت تجني ثمار عدم التدخل في الحرب السورية، على النقيض الصارخ من السياسات الأمريكية.

وأضاف: "الآن، مع انسحاب القوات الأمريكية من سوريا وبدء الأسد ولايته الرئاسية الرابعة، يبدو التوقيت مهماً لأنه يوضح سياسة الصين الخارجية المستقلة المختلفة عن سياسات الدول الغربية، التي ثبت أنها الموقف الصحيح".

منذ بداية الأزمة السورية في 2011، صارت هذه الأزمة اختباراً لشراكة جديدة بين روسيا والصين، اللتين تعدان متنافستين على إرث الشيوعية لكنهما الآن تقاربتا خوفاً من دعم الولايات المتحدة لـ"تغيير النظام" في البلاد ودعم الحركات المؤيدة للديمقراطية.

تأمل سوريا أن تستفيد اقتصادياً مثلما استفادت دبلوماسياً وعسكرياً، فقد أنقذت القوات الجوية الروسية الأسد في حلب وفي مناطق أخرى. ولا تقتصر معاناة سوريا على العقوبات، لكنها تمتد كذلك إلى انهيار النظام المصرفي اللبناني، الذي يستضيف حسابات عديد من رجال الأعمال السوريين.

وحتى قبل ذلك، فقد قيل إن الاقتصاد السوري فقد أكثر من نصف إنتاجه خلال الحرب. مع نهاية العام الماضي، قُدرت الخسائر المادية بـ118 مليار دولار، وقُدرت الخسائر المتراكمة التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي بـ234.5 مليار دولار.

الأسد: "ندعم الصين دعماً غير مشروط في سياساتها"

وزير الخارجية الصيني خلال لقائه الأسد في دمشق/ سانا

قال وانغ بعد مراسم تأدية الأسد القسم الدستوري في الأسبوع الماضي: "نرحب بسوريا لتصير شريكاً جديداً. ندعم سوريا في معارضتها للعقوبات الأحادية ومن أجل تخفيف المعاناة الإنسانية". وأضاف: "نعتقد أن الشعب السوري سوف يتحد أكثر ويكرس نفسه لإعادة الإعمار والتجديد".

ومثلما هو معتاد لمن يرغبون في تلقي سخاء بكين، أعرب الأسد عن دعمه للصين في سياساتها التي تُنتقد بشدة فيما يتعلق بتايوان وهونغ كونغ وأقلية الإيغور المسلمين. قال الأسد: "ندعم الصين دعماً غير مشروط".

بيد أن واقع العلاقة بين دمشق وبكين على الأرض يعد أكثر تعقيداً من عبارات الصداقة الودودة.

فليس هناك كثير من الإشارات على أن رجال الأعمال الصينيين يرغبون في المخاطرة باستثمار أموالهم في بيئة اقتصادية يتواصل فيها هبوط العملة وتعاني من سوء الوضع الأمني ويهيمن فيها أمراء الحرب والشخصيات المحلية الشهيرة على مناخ الأعمال، في ظل علاقاتهم مع النظام التي تبدو أحياناً غامضة.

تحرص الصين على بقاء الأسد لمواصلة التصدي لجماعات المعارضة المسلحة في شمال غرب سوريا، التي تتضمن فصيلاً يتألف من مجموعة من أبناء الإيغور المنفيين بحسب صحيفة "ذي تايمز". لكن بعض المحللين يتكهنون بأن "بكين تحرص كذلك على ألا ينتصر الأسد في هذه الحرب الخاصة بكل سهولة، فحينها قد يعود الإيغور المهزومون إلى ديارهم".

تحميل المزيد