تراهن شركات الطيران العالمية أنه سيكون باستطاعتها تحسين منظومات تقنية المعلومات لديها وخصوصاً فيما يتعلق بفقدان حقائب المسافرين وأغراضهم وتتبع مسارها، عن طريق الاستثمارات الكبرى في مجال التقنية. فكيف ستحمينا شركات الطيران من فقدان حقائبنا في المستقبل القريب؟
بيانات تعقب الأمتعة ترفع معدلات تحسين شركات الطيران
يقول باسكال بوشنر، رئيس المعلومات في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الإياتا)، لشبكة BBC البريطانية: "نحن نعلم أنّ البيانات هي مصدر الأداء الرئيسي لدى شركات الطيران". فبدءاً من الصيانة التنبؤية ومناولة الأمتعة وتعقب الشحنات، وصولاً إلى إدارة الموظفين وبرامج ولاء العملاء؛ سرعان ما تحوّلت البيانات- وكيفية تحليلها- إلى واحد من أهم العناصر التي تحدد مدى نجاح شركة الطيران في تشغيل عملياتها.
إذ قال جاك ديمايل، نائب رئيس دعم الأعمال في شركة SITA المختصة بمجال تقنية المعلومات للطيران: "خلال رحلةٍ واحدة، ربما يتفاعل الراكب مع 10 كيانات مختلفة: من شركات الطيران إلى الحكومة، إلى العاملين في حمل الأمتعة داخل مطارين مختلفين على الأقل، وجميعهم يتطلبون تبادلاً آمناً للأمتعة ووثائق الرحلات الجوية والسفر".
ووفقاً لديمايل، فإنّ حجم المعلومات التي تجري مشاركتها في هذه الصناعة "انفجر" على مدار السنوات القليلة الماضية.
وربما لا يدرك المسافرون ذلك، لكن سلاسة الرحلة تعتمد بنسبةٍ كبيرة على البيانات، بدءاً بمشاركة وثائق السفر ووصولاً إلى مراقبة تدفق الأمتعة بين المطارات.
إذ أردف ديمايل، موضحاً أنّ استخدام بيانات تعقب الأمتعة ترفع معدلات تحسين شركات الطيران إلى قرابة الـ66%: "إنّ القدرة على تعقب حقيبتك على مدار الخطوات العديدة في رحلتك ومشاركة تلك المعلومات.. تُقلّص بشدة من فرص إساءة التعامل مع حقيبتك. وقد أسفرت هذه التحسينات عن خفض معدلات إساءة التعامل مع الأمتعة حول العالم بمقدار النصف خلال العقد الماضي".
ملايين الحقائب تتعرض لمشاكل سنوياً وهذا يكلف خسائر كبيرة
يقول تقرير BBC إنه لا يزال هناك الكثير لفعله رغم التحسينات؛ إذ وجد تقريرٌ لشركة SITA أنه في عام 2019 وحده، جرى التعامل بشكلٍ خاطئ مع 25.4 مليون حقيبة أو قطعة أمتعة حول العالم، مما كلف صناعة النقل الجوي نحو 2.5 مليار دولار أمريكي.
وقد كانت الجائحة العالمية بمثابة كارثةٍ على صناعة الطيران. لكن الاتحاد الدولي للنقل الجوي بدوره يرى أنّ الصناعة ستعود إلى معدلات عام 2019 خلال عام 2022، وهو نفس العام الذي من المتوقع أن تعود فيه الصناعة إلى نقطة التعادل أو الربحية.
وستشهد هذه الانتعاشة جمع كميات غير مسبوقة من المعلومات. ويسمح استخدام معطيات الوقت الفعلي للمطارات وشركات الطيران بأن تُخصّص مواردها بفاعليةٍ أكبر، مما يعني توفير ما يكفي من الموظفين عند البوابات وشبابيك تسجيل الخروج ومراكز الأمتعة، إلى جانب إمكانية التعامل مع الأحداث غير المتوقعة- مثل الطقس وإلغاء الرحلات- بسرعةٍ أكبر.
شركات الطيران تسعى لتطوير أنظمتها البيانية
وبالنسبة للركاب، يقول ديمايل إنّ البيانات ستكون مهمةً على نحوٍ خاص في بيئة ما بعد كورونا. إذ تستخدم خطوط طيران Air Canada منصةً من تطوير شركة Sisense الأمريكية لجمع ومشاركة مختلف أشكال البيانات مع الموظفين، بدءاً بالعاملين في الخطوط الأمامية ووصولاً إلى كبار المديرين.
حيث يقول شاؤول شاليف، مدير تحليلات وابتكار السلامة في Air Canada: "إنّ القياس هو الوسيلة الوحيدة للتحسن، والآن يمكننا القياس بسرعةٍ تقترب من الوقت الفعلي".
وتقليدياً، كانت تجري مشاركة البيانات عبر رسائل البريد الإلكتروني، والتنبيهات، وملفات PDF، ولوحات المعلومات البسيطة. أما الآن، فتسمح التقنيات الجديدة لـAir Canada بتبادل المعلومات سريعاً مع الموظفين عبر التطبيقات، والساعات الذكية، والبيئات ثلاثية الأبعاد التي تعرض البيانات.
وأردف شاليف: "الأمر كله يتعلق بعرض البيانات على الشخص المناسب في الوقت المناسب. ولا يجب أن أتوقع من مستخدمٍ إيقاف عمله من أجل التوجه إلى المكتب وطباعة ملف PDF، أو النظر إلى لوحة معلومات، أو نشرة عبر البريد الإلكتروني من أجل الحصول على المعلومات التي يحتاجها".
والآن، بمجرد نقرات بسيطة، يستطيع الراكب الحصول على جميع أنواع المعلومات حول أسطول Air Canada. وهي مهمةٌ كان إنجازها في الماضي يتطلّب عدة أيام.
توقع مشاكل الطيران وتجنبها
يقول شاليف إنّ الخطوة التالية ستكون القدرة على تحديد المشكلات قبل حدوثها بفترة: "تخيل لو كان بإمكاننا معرفة أنّ هناك أحد أجزاء الطائرة بحاجة إلى التغيير قبل فترةٍ من نهاية عمره الافتراضي، أو كان بإمكاننا التنبؤ بحدوث عطلٍ ما حتى نتخذ الخطوات اللازمة مسبقاً. بات بإمكاننا فعل هذا الآن استناداً إلى مقاييس تدهور الأداء بمرور الوقت- وسيضيف هذا النهج مزيداً من الدقة، مما سيسمح لنا بتحديد ما يجب استبداله، وأين يجب استبداله، ومتى يجب استبداله".
أما في خطوط طيران American Airlines، فهناك نحو 100 نظام تم ضمها معاً في 10 أنظمة من أجل تسهيل إدارة البيانات في عمليات الشحن.
وحتى يومنا هذا، أثّرت التقنية على عمل أكثر من ثمانية آلاف موظف في عمليات الشحن والمطار، إلى أكثر من 30 ألف عامل.
إذ تقول جيسيكا تايلر، رئيسة الشحن ونائبة رئيس عمليات الابتكار والتوصيل في American Airlines: "نستطيع الآن أن نعرف أكثر بفضل مستوى البيانات التي نحصل عليها بناءً على سلوك العملاء، وأداء الشحنات، وأي مشكلات متكررة تواجهنا. وفي العديد من الحالات، نرى أنماطاً تساعدنا على حل المشكلات قبل أن تؤثر على رحلة الشحن".