يتوقع مراقبون انتخاب رئيس إيران الثامن وسط تدني إقبال الناخبين وخيبة أمل الجمهور، وستفتح صناديق الاقتراع يوم الجمعة 18 يونيو/حزيران 2021 لإجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية في ظل ظروف اقتصادية صعبة وعقوبات دولية على طهران.
وسيكون على الإيرانيين الاختيار بين 4 رجال لرئاسة البلاد بعد انسحاب آخرين خلال الأيام الماضية. لكن في الوقت ذاته، تشير توقعات عديدة إلى أن أحد هؤلاء المرشحين 4 يتمتع بتقدم كبير على المنافسين الآخرين، وأن مسألة فوزه باتت محسومة.
وتُعزى احتمالات انخفاض الإقبال على الاقتراع، الجمعة، لخيبة الأمل العامة لدى الإيرانيين بعد استبعاد واسع النطاق لمرشحين إصلاحيين وبراغماتيين من قِبَل مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة تدقيق دستوري مؤلفة من 12 عضواً يحددهم المرشد.
وإليك في هذا التقرير كل ما نعرفه عن المتنافسين الأربعة على رئاسيات إيران.
1- المرشح الأوفر حظاً.. إبراهيم رئيسي
إبراهيم رئيسي، كبير القضاة الحاليين في إيران، هو المرشح الأوفر حظاً إلى حد بعيد، بحسب العديد من التوقعات واستطلاعات الرأي. ويتمتع رئيسي بدعم واسع من التيار المحافظ في إيران. ويعد رجل الدين المحافظ (60 عاماً) من بين المقربين من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، الذي عيَّنه مرات عديدة على رأس مناصب حساسة، وكان منذ بداياته أحد طلابه في إحدى المدارس الدينية بمدينة مشهد.
ويُنظر إلى رئيسي على أنه المرشح الأكثر حظاً ليحل محل خامنئي البالغ من العمر 82 عاماً عند وفاته، وهي نقطة أثارها أحد المعارضين في المناظرات الرئاسية المتلفزة على أنها شيء قد تجعل رئيسي يتخلى عن الرئاسة إذا فاز بها.
وينحدر رئيسي من مدينة مشهد شمال شرق البلاد (مدينة خامنئي ذاتها)، وهي مركز ديني مهم للشيعة حيث يدُفن الإمام رضا، الإمام الثامن للشيعة. وبالرغم من ارتدائه عمامة سوداء، فإنه لا ينتمي إلى صف "آية الله" بل إلى "حجة الإسلام" وهي درجة دينية سُفلى في الهرم الشيعي.
وخلال الثورة الإسلامية عام 1979، انضم رئيسي إلى مكتب المدعي العام في "مسجد سليمان" في جنوب غرب إيران، وأصبح لاحقاً المدعي العام لعدة جهات قضائية. وانتقل إلى العاصمة طهران عام 1985 بعد تعيينه نائباً للمدعي العام.
يُزعم أنه لعب دوراً في الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين الذي حدث في عام 1988، بعد وقت قصير من انتهاء الحرب الإيرانية – العراقية التي استمرت ثماني سنوات. وعلى مدى العقود الثلاثة التالية، شغل رئيسي منصب المدعي العام في طهران، ورئيس هيئة التفتيش العامة، والمدعي العام للمحكمة الخاصة لرجال الدين، ونائب رئيس المحكمة العليا.
وسبق لإبراهيم رئيسي أن ترشح في 2017 ضد حسن روحاني. لكنه لم يفُز بالانتخابات واكتفى بالحصول على 38% من الأصوات. لكن هذه المرة يبدو أنه يمتلك حظوظاً أكبر للوصول إلى سُدة الحكم.
ويصف رئيسي نفسه بأنه "عدو للفساد وعدم الكفاءة والطبقية"، وقال إنه سيدعم الاتفاق النووي باعتباره اتفاقية دولة، لكنه يعتقد أن هناك حاجة إلى حكومة "قوية" لتوجيهها في الاتجاه الصحيح.
2- "الاقتصادي الواقعي".. عبدالناصر همتي
عبدالنّاصر بن أحمد هِمَّتي (64 عاماً)، أكاديمي وسياسي واقتصادي إيراني. حيث كان سفيراً لإيران في الصين ما بين عامَي 2016 و2018، ورئيساً للبنك المركزي الإيراني ما بين عامَي 2018 و2021. وهو عضو في حزب كوادر البناء، أحد أحزاب اليمين التقليدي الذي أصبح بعد سنوات من إنشائه جزءاً من حركة الإصلاح الإيرانية.
وأصبح همتي محافظاً للبنك المركزي الإيراني في عام 2018 خلال فترة مضطربة، بعد فترة وجيزة من تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الاتفاق النووي وبدأ في فرض عقوبات قاسية أدت في النهاية إلى تصدع الاقتصاد الإيراني بأكمله.
وأقال روحاني همتي من منصبه في وقت سابق من هذا الشهر بسبب ترشحه للرئاسة، لكن خصومه حاولوا تصويره على أنه أحد الشخصيات التي تقف وراء الوضع الاقتصادي السيئ الحالي.
وخلال حملته الانتخابية، حاول همتي -وهو صحفي سابق أيضاً في التلفزيون الحكومي وخبير سابق في قطاعي البنوك والتأمين في إيران- تصوير نفسه على أنه شخص واقعي، إذ عارض بعض الوعود الكبيرة التي قدمها المرشحون الآخرون، قائلاً إنه لا يمكن فعلها مع استمرار البلاد في محاربة العقوبات وتعاني الحكومات من عجز كبير في الميزانية. لكنه وعد أيضاً بزيادة المساعدات النقدية الشهرية بشكل كبير للأسر ذات الدخل المنخفض ومرة أخرى خفض التضخم إلى "خانة مكونة من رقم واحد".
ويعتبر همتي من المؤيدين صراحة لاستعادة الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية، ورفع العقوبات. كما أشار خلال حملته الانتخابية إلى أنه منفتح على مقابلة الرئيس الأمريكي جو بايدن إذا كان مثل هذا الاجتماع يقع في إطار موافقة القيادة الإيرانية ومصلحة البلاد.
3- العسكري البراغماتي.. محسن رضائي
يُطلق على محسن رضائي لقب "المرشح الدائم" بسبب محاولته لسنوات طويلة أن يصبح رئيساً، وهو يرأس مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ عام 1997.
واللواء رضائي هو رجل سياسي واقتصادي وقائد عسكري إيراني سابق. قاد حرس الثورة الإسلامية لعدة سنوات، ثم عيَّنه المرشد الأعلی أميناً عاماً لمجمع تشخيص مصلحة النظام.
وينحدر الرجل البالغ من العمر 66 عاماً من مدينة مسجد سليمان بمحافظة خوزستان جنوب غرب إيران، حيث وُلد لعائلة بختياري الدينية وهو أيضاً من قدامى المحاربين في الحرب مع العراق. انضم رضائي إلى فيلق الحرس الثوري الإسلامي الناشئ (IRGC)، وأصبح رئيس مخابراته، وكان له دور فعال في توسيع قوة النخبة. وفي عام 1981 تم تعيين رضائي من قِبَل المرشد الأعلى آنذاك آية الله روح الله الخميني كقائد عام للحرس الثوري الإيراني واحتفظ بهذا المنصب لمدة 16 عاماً.
وإلى جانب خبرته العسكرية، يحمل رضائي شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة طهران. وخلال حملته الانتخابية وعد رضائي بتعزيز العملة الوطنية المتعثرة، وتحديد وإعادة توجيه عشرات المليارات من الدولارات من الميزانية الضائعة، وزيادة الإعانات النقدية بمقدار عشرة أضعاف للعائلات المتعثرة، وإشراك الشباب والنساء والإيرانيين المهمشين في خططه للمستقبل.
ورضائي كان معارضاً للاتفاق النووي وأيَّد إلغاء العقوبات "لجعل العدو آسفاً" لأنها فرضت عقوبات على إيران. لكن في الآونة الأخيرة كان رضائي من أبرز المؤيدين للمصالحة مع الولايات المتحدة. وفي خروج عن مطالب بعض زملائه التي اعتُبرت أكثر تشدداً طرح هدف استئناف المحادثات مقابل التزام من واشنطن برفع العقوبات تدريجياً.
وفي مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية طرح اقتراحه قائلاً إنه "يجب رفع العقوبات شهرياً أثناء المحادثات، مع منح الأولوية للمعاملات المالية وصادرات النفط".
واقترح رضائي أن ترفع الولايات المتحدة تجميد مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المودعة في بنوك أجنبية كإجراء لبناء الثقة. كما أعلن القائد السابق للحرس الثوري عن معارضته تصعيد إيران أنشطتها النووية، مدعياً أنها تلحق الضرر بمصالح البلاد، وتستفز في النهاية المجتمع الدولي.
4- المرشح "المتشدد" الأقل حظاً.. أمير حسين قاضي زاده هاشمي
وهو المرشح الذي يعتقد أنه الأقل حظاً في الانتخابات الرئاسية. هو الأصغر بين المرشحين (49 عاماً)، وهو مشرع برلماني منذ فترة طويلة وطبيب أنف وأذن وحنجرة.
ويعتبر قاضي زاده هاشمي ابن التيار المحافظ، وينحدر من فاريمان في خراسان رضوي، وفاز بالبرلمان الإيراني عن مدينة مشهد لدورات متتالية. وكان قاضي زاده نائباً لرئيس مجلس النواب المحافظ "محمد باقر قاليباف" في السنة الأولى للبرلمان الحالي، الذي وصل إلى السلطة وسط إقصاء واسع النطاق للإصلاحيين وانخفاض الإقبال في انتخابات فبراير/شباط 2020. وتم استبداله في وقت سابق من هذا الشهر وهو الآن عضو في البرلمان.
ويعتبر هاشمي زاده عضواً في "جبهة ثبات الثورة الإسلامية"، أحد أكثر الأحزاب الأصولية الإيرانية تشدداً، وهو المتحدث الرسمي باسمها.
وخلال المناظرات الرئاسية الثلاث، حاول هاشمي لعب دور الشخص العقلاني، وامتنع إلى حد كبير عن المواجهات الشخصية كباقي المرشحين، والتزم بالأسئلة التي طرحها مدير التلفزيون الحكومي بينما تبادل الآخرون الانتقادات اللاذعة.
ووعد هاشمي بتشكيل حكومة شابة لتوجيه الثورة في مرحلتها الثانية حسب توجيهات المرشد الأعلى.