يرى محللون إسرائيليون أن ما يعرف بـ"مسيرة الأعلام" التي تنوي جماعات إسرائيلية متطرفة تنظيمها بالقدس الشرقية، اليوم الثلاثاء، في ذكرى احتلال المدينة -وفقاً للتقويم العبري- ستكون امتحاناً صعباً للحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نفتالي بينيت، بل قد تكون أحد عوامل انهيارها المبكر.
ووافق، الإثنين، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارك ليف على إجراء مسيرة الأعلام اليوم الثلاثاء 15 يونيو/حزيران 2021، بعد جلسة تقدير موقف مع مفوض الشرطة. وقال المفوض لضباط الشرطة بحسب ما نقلت الإذاعة العبرية: "استعدوا لتجدد المعارك مع غزة على خلفية مسيرة الأعلام".
هل ينفجر لغم "مسيرة الأعلام" بحكومة بينيت – لابيد؟
يقول يوني بن مناحيم، المحلل السياسي الإسرائيلي، إنه مما لا شك فيه أن مسيرة الأعلام ستشكل امتحاناً للحكومة الجديدة، مضيفاً أن "حماس تهدد بأنه إذا ما تم الاعتداء على الفلسطينيين خلال المسيرة، فإنها سترد، وهذا يعني أنها ستطلق صواريخ على إسرائيل، وفي مثل هذه الحالة فإن الحكومة الإسرائيلية سترد بضرب مواقع في غزة وعندها كيف سيكون رد منصور عباس؟ هل سيبقى دعمه للحكومة؟"، يتساءل بن مناحيم.
وأضاف المحلل الإسرائيلي لوكالة الأناضول: "لن يقبل الشعب الإسرائيلي واقعاً لا ترد فيه إسرائيل على إطلاق صواريخ من غزة، وبالمقابل فإن الضغوط على منصور عباس، ستشتد من أجل سحب دعمه للحكومة، وفي حال فعل ذلك فإن الحكومة ستسقط".
وتابع بن مناحيم: "لقد حصلت الحكومة على ثقة 60 نائباً فقط بالكنيست بمقابل معارضة 59 نائباً، وهو ما يعني أن الحكومة ستسقط قريباً لا محالة".
من جهته، قال جيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي في لقاء مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، الإثنين: "حذر المفوض قبل أسبوع من خطورة انتهاك الهدوء العام ولم يوافق على مسيرة الأعلام، فما الذي تغير منذ ذلك الحين؟ لا أعتقد أن المنطقة هدأت واختفت المخاطر"، وأضاف: "بغض النظر عن حماس، لو كنت مكان المفوض، سألغي المسيرة بسبب التوتر الذي ينشأ داخل القدس مع السكان العرب".
حكومة وليدة وهشّة أمام اختبار صعب
يسود الاعتقاد داخل إسرائيل أن الحكومة الجديدة، بخليطها غير المتناغم سياسياً، "هشة"، وغير قابلة للبقاء طويلاً. حتى رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت، لم يشر في كلمته أمام الكنيست (البرلمان)، الأحد، إلى أنها ستبقى حتى نهاية ولايتها التي تستمر قانوناً 4 سنوات.
وإضافة إلى مسيرة الأعلام التي قد تقلب الأمور رأساً على عقب يوم الثلاثاء، فإن الحكومة ستواجه مخاطر على وجودها في حال اتخاذ قرارات استيطانية كبيرة أو تنفيذ عملية عسكرية ضد غزة أو لبنان.
وتتشكل الحكومة الجديدة من 8 أحزاب يمينية ووسطية ويسارية والقائمة العربية الموحدة. وتختلف الأحزاب المشكّلة للحكومة فيما بينها، وتحديداً في مواقفها تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وخاصة الدولة الفلسطينية والقدس وغزة.
ويرى المحلل بن مناحيم أن "الحكومة لن تعمّر طويلاً، بسبب الاختلافات في المواقف السياسية للأحزاب المشكلة لها"، مضيفاً أن "رئيس الحكومة نفتالي بينيت مؤيد قوي للاستيطان والآن يُنظر إليه على أنه تنازل عن مبادئه، مقابل أن يكون رئيساً للوزراء، وهو يريد استعادة شعبيته وذلك لا يكون إلا بالاستيطان".
وأضاف أنه "إذا ما قرر بينيت تعزيز الاستيطان، فماذا سيكون موقف حزب ميرتس (اليساري المعارض للاستيطان)؟ وإذا ما قرر تنفيذ عملية عسكرية ضد قطاع غزة، فماذا سيكون موقف القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس؟".
وبشأن قطاع غزة وتوقعات التصعيد معها بسبب تطورات مسيرة الأعلام الاستفزازية، قال بينيت في خطابه بالكنيست، الأحد: "آمل أن يتم الحفاظ على وقف إطلاق النار في الجنوب، لكن إذا اختارت حركة حماس مرة أخرى طريق العنف ضد المدنيين الإسرائيليين، فستواجه جداراً من حديد".
وأضاف في كلمته: "يجب على الفلسطينيين تحمّل المسؤولية عن أفعالهم، وأن يفهموا أن العنف سيقابل برد حازم". لكنه استدرك قائلاً: "ومع ذلك، فإن الهدوء الأمني سيؤدي إلى تحركات اقتصادية، مما سيؤدي إلى تقليل الاحتكاك والصراع"، في إشارة لمبدأ "السلام الاقتصادي"، الذي يرفضه الفلسطينيون، ويعتمد على تحسين أوضاعهم المعيشية بدلاً عن منحهم حقوقهم الوطنية.
مسيرة الأعلام وأزمات الأقصى وحي الشيخ جراح وسلوان
في السياق، يقول وديع أبونصار، الخبير في الشؤون الحزبية الإسرائيلية، إن "حكومة بينيت تسير على حقل ألغام، وستواصل السير، حتى ينفجر أحد الألغام فيها"، مضيفاً أن "هذه الحكومة تواجه منذ أول يوم لها 3 تحديات أمنية، الأولى ما يتعلق بالقدس، وهنا لا أتحدث فقط عن مسيرة الأعلام وإنما أيضاً عن حي الشيخ جراح، وعن سلوان وعن المسجد الأقصى".
وأضاف: "الأمر الثاني هو مسألة قطاع غزة، فصحيح أن هناك وقف إطلاق نار ولكنْ هناك ثمن ينبغي على الحكومة الإسرائيلية أن تقدمه من أجل تثبيت وقف إطلاق ليتحول إلى هدنة طويلة المدى، كما تريد مصر والولايات المتحدة، فهل هي على استعداد لدفعه؟".
وأردف أبونصار: "الأمر الثالث هو الضفة الغربية، فنحن نشهد ارتفاعاً في وتيرة الاحتجاجات على الاستيطان وبلا شك فإن أي قرار استيطاني جديد سيزيد الأمور تفاقماً".
واعتبر أبونصار أن أي تفجير في أي من هذه الملفات قد يغضب النواب العرب وبالتالي التسريع بإسقاط الحكومة. وقال: "أنا لا أتحدث عن نواب القائمة العربية الوحدة فقط وهم 4 وإنما أيضاً هناك نائبان عربيان من حزب ميرتس اليساري وقد يصوتان ضد الحكومة". وأضاف: "بالتالي، أنا لا أتوقع أن تدوم هذه الحكومة طويلاً، بطبيعة الحال لن تسقط فوراً، فدائماً هناك أساليب سياسية للتلاعب على الأزمات ولكن قد تدوم، تقديري سنة واحدة".
إسرائيل تتأهب أمنياً
وكانت القناة 11 العبرية نقلت عن رئيس أركان جيش الاحتلال طلبه من قادة الجيش رفع حالة التأهب الأمني والاستعداد لإمكانية عودة التصعيد مع قطاع غزة؛ بسبب مسيرة الأعلام.
وأضافت القناة، الإثنين، أن "الجيش الإسرائيلي سيعزز بسرية واحدة فرقة غزة، والغرض منها المساعدة في إخماد الحرائق؛ حيث اندلع حريقان منذ صباح الإثنين في غلاف غزة، ولا توجد تعزيزات كبيرة للقوات في غزة والضفة في هذه المرحلة. لكن تم رفع جاهزية القبة الحديدية خشية إطلاق صواريخ من قِبَل قطاع غزة".