اتهام للمرشد بالتهرب الضريبي وجدل حول الإنترنت.. مناظرة رئاسية قد تؤدي لمفاجأة بالانتخابات الإيرانية

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/06/08 الساعة 22:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/08 الساعة 22:20 بتوقيت غرينتش
المرشح الإيراني المحافظ إبراهيم رئيسي/ رويترز

شهدت أول مناظرة تلفزيونية في الانتخابات الرئاسية الإيرانية سجالاً وهجوماً متبادلاً بين المرشحين، كما بدا فيها أن مرشحاً إصلاحياً قد يستطيع منافسة المرشح المتشدد إبراهيم رئيسي.

وتمتّعت المناظرة الرئاسية الإيرانية بنفس زخم وحماس نظيراتها في الغرب، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.

إذ ألمح أحد المرشحين إلى أنّ منافسه من رجال المافيا الذين أداروا شبكات تهريب السجائر إلى البلاد. فرد المنافس بأنّ الحكومة القائمة هي "الأكثر ظلاميةً خلال 40 عاماً من تاريخ الجمهورية الإسلامية".

بينما فقد المرشح "الإصلاحي" الأبرز عبدالناصر همتي (64 عاماً)، الذي كان محافظ البنك المركزي قبل الترشح، أعصابه نتيجة التشهير المستمر بإدارة رئيسه روحاني للاقتصاد: "بالطبع لا يمتلك أي رؤيةٍ اقتصادية، لكنه يظل أفضل منكم جميعاً".

ويعتقد على نطاق واسع أن السياسي المتشدد إبراهيم رئيسي هو المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ويثير تاريخه قلقاً كبيراً لدى المعارضين الإيرانيين، كما يلقي مزيداً من الشكوك حول تطورات المفاوضات النووية الإيرانية.

وضمت القائمة النهائية 7 أسماء فقط من أصل 40 شخصاً قدمواً أوراقهم إلى مجلس صيانة الدستور للترشح للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 18 يونيو/حزيران المقبل.

المرشح المتشدد يتحدث عن ألعاب الفيديو

المناظرة تضمنّت الحيلة الانتخابية المعتادة التي تشهد محاولة أكثر المرشحين تقليديةً وبُعداً عن الشارع لاستمالة شباب الأمة: إذ أعلن رجل الدين ورئيس القضاة إبراهيم رئيسي (60 عاماً) عن وعوده بسرعات إنترنت أكبر "لأنّه من المزعج أن تتعطل لعبة الفيديو الخاصة أثناء اللعب".

خلال المناظرة الانتخابية الثانية التي أقيمت اليوم، الثلاثاء 8 يونيو/حزيران، بدا لافتاً حدة التجاذب بين المرشحين وتبادل الاتهامات المختلفة، فضلاً عن تقديم وعود انتخابية "براقة"، سبق أن سمعها الناخب الإيراني كثيراً من قبل، ولم يجد لها أي أثر على أرض الواقع.

وتطرق كل من المرشَحيْن عبدالناصر همتي، ومحسن مهرعلي زادة إلى القضايا السياسية والثقافية، بينما أكد المرشحان الأصوليان أن المشاكل الرئيسية في إيران هي القضايا الاقتصادية وليست السياسية والثقافية.

ورداً على تصريحات المرشح الإصلاحي مهرعلي زادة، قال المرشح المتشدد رئيسي أيضاً إن المرشحين يدلون "بتصريحات خارجة عن المألوف ثم يقولون لا توجد حرية".

وأشار رئيسي إلى تصريحات مهرعلي زادة قائلاً: "لقد حدثت بعض الإهانات في تلك المناظرة"، وأردف أن بعض "الناطقين باللغة الأذرية" اعتذروا إليه بعد تلك المناظرة.

جدل حول الرسائل النصية للنساء واتهامات لمؤسسات المرشد بالتهرب الضريبي

ولفت همتي ومهرعلي زادة إلى قضايا مثل: تلقي النساء في إيران رسائل نصية حول مراعاة الحجاب، وهجرة الشباب، وفرض الحظر على تطبيقات الفضاء الافتراضي، والعقوبات الأمريكية على طهران، وفي المقابل أكد المرشحان الأصوليان ضرورة مكافحة الفساد وانتقاد حكومة روحاني.

وخلال المناظرة الانتخابية، أشار المرشح عبدالناصر همتي ضمنياً إلى المؤسسات التابعة للمرشد الإيراني، قائلاً: "إن 50% من المجموعات الناشطة في المجال الاقتصادي لا تدفع الضرائب".

وقال المعارضون الإيرانيون في المنفى وصقور واشنطن إنّ المناظرات من هذا النوع، والانتخابات في حد ذاتها بجولتها الأولى المقررة في 18 يونيو/حزيران، هي خدعةٌ مصممة لإضفاء هالةٍ من الشرعية على نظامٍ هو في جوهره عبارةٌ عن تحالفٍ راسخ بين رجال الدين المتشددين وبين الحرس الثوري الذي يُدير البلاد فعلياً.

بينما يُخالفهم الرأي من يتفاوضون مع النظام، قائلين إنّ سياسات الرئيس وحكومته- ممن يتعاملون مع العالم الخارجي- مهمة. ويرون أيضاً أنّ الاتفاق النووي في عام 2015 لم يكُن ليتحقّق بدون الانفتاح النسبي لروحاني "الإصلاحي" ووزير خارجيته الذي درس في الولايات المتحدة محمد جواد ظريف.

رئيسي الأقرب للفوز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية

ويُعتبر مرشح المتشددين رئيسي هو المرشح الأقرب للفوز إلى حدٍّ كبير، لدرجة أنّ النقاش حول نتيجة الانتخابات يُركّز على ما إذا كان أي شخص سيذهب للتصويت من الأساس. وهذا لأنّ أعضاء مجلس صيانة الدستور استبعدوا جميع المرشحين البارزين الآخرين.

لكن الأمور لم تكن كذلك دائماً. إذ فاز روحاني بانتخابات عام 2013 وأُعيد انتخابه مرةً أخرى بعد أربع سنوات رغم كونه من الإصلاحيين (أول الوسطيين). وفي عام 2009، فاز المرشح الشعبوي المتشدد محمود أحمدي نجاد بفارقٍ ضئيل على منافسيه "المعتدلين". ثم تمرّد سكان طهران الشباب ضد ما رأوا فيه تلاعباً، ونظموا "الحركة الخضراء" الإيرانية التي تمخّضت عن أسابيع من الاحتجاجات دون نجاحٍ حقيقي.

ومع ذلك، فقد تغيّر شيءٌ منذ ذلك الحين. إذ كان رئيسي مرشحاً من غير المتوقع أن يصمد في مواجهة روحاني عام 2017؛ لذا هُزِمَ شرّ هزيمة.

وكانت تلك الهزيمة مبررة فقط باعتباره ترشحاً تجريبياً لانتخابات عام 2021، كما تبيّن لاحقاً. ويقول بعض المحللين إنّها علامةٌ أيضاً على شيءٍ أكبر: وهو أنّ رئيسي لا يجري إعداده ليكون رئيس إيران المقبل فقط، بل ليصير المرشد الأعلى المقبل كذلك- وهي وظيفةٌ مدى الحياة التي يشغلها آية الله علي خامنئي منذ عام 1989، ويبلغ من العمر الآن 82 عاماً.

وازدادت قوة المشاعر بتصعيد النظام لرئيسي بعد عام 2017؛ إذ جرى تعيين رئيسي في منصب رئيس القضاة رفيع المستوى عام 2019. وحين فُتِحَ باب الترشح للرئاسة العام الجاري، أعلن العديد من المرشحين المتشددين مسبقاً أنهم لن يترشحوا في مشاركة رئيسي.

وكان أبرز ما حدث هو قيام مجلس صيانة الدستور بتقليص قائمة المرشحين بشدة. وشملت قائمة المستبعدين العديد من الإصلاحيين البارزين مثل إسحق جهانجيري، إلى جانب شخصيات معروفة منذ زمن بأنّها من المحافظين مثل علي لاريجاني الذي تسود عنه فكرةٌ بأنّه مقربٌ من خامنئي.

ولكن الإصلاحيين يمكن أن يشكلوا له تهديداً

بينما قال محمد ماراندي، المحلل الإيراني الذي له علاقات جيدة بالنظام في طهران، إنّ التهديد الوحيد لرئيسي الآن سيأتي في حال احتشد الإصلاحيون والمعتدلون حول منافسٍ مثل همتي.

وأوضح ماراندي لصحيفة The Times البريطانية: "لن تكون لدى همتي فرصة في حال غياب الإجماع بين المعتدلين والإصلاحيين. ومن المرجح أن يفوز رئيسي حتى في حال تكاتفهم معاً بالكامل، وذلك بسبب أدائهم الضعيف على مدار السنوات الثماني الماضية".

ويظل السؤال الكبير هو إلى أي مدى خسر المشروع "الإصلاحي" شعبيته في أعقاب الإخفاقات المتصوّرة لسنوات حكم روحاني الثمانية؛ إذ لا يرغب الإصلاحيون في تغيير النظام الديني، بشكلٍ علني على الأقل، بل يُعتبرون أشبه بالتكنوقراطيين المستعدين لتقديم تنازلات تضمن علاقات اقتصادية أفضل مع العالم الخارجي- كما حدث في الاتفاق النووي.

روحاني سبق أن حقق مفاجأة أمام المحافظين

ورأى الكثيرون في انتخاب روحاني عام 2013 خطوةً إلى الأمام على مسار آمال الليبراليين في إيران: فبغض النظر عن مدى عدم شعبية النظام في الغرب؛ فقد أمل كثير من المواطنين الذين انتخبوا روحاني أن يظل مسموحاً لإيران بالاندماج في أنظمته بما يُتيح التجارة والسفر والانفتاح بشكلٍ أسهل.

لكن إعادة فرض ترامب للعقوبات عام 2018 قضت على ذلك الحلم، وأغرقت البلاد في عزلةٍ وفقرٍ أكبر من عام 2013.

وتجلّت خيبة الأمل اللاحقة في استعداد كافة المرشحين خلال المناظرة للهجوم على حكومة روحاني.

ولكن ما تزال احتمالات المفاجأة قائمة؛ إذ لم يتوقع أحد مطلقاً فوز روحاني بالرئاسة، ناهيك عن اكتساحه للأصوات عام 2013. وقد أثبت همتي، المرشح الوحيد الذي يمتلك خبرةً اقتصادية، نفسه في المناظرة باعتباره المنافس الإصلاحي المحتمل الوحيد لرئيسي.

الانتخابات الرئاسية الإيرانية

كما أظهر أيضاً حيله الخاصة التي كانت أكثر واقعية بعض الشيء من محاولة رئيسي لاستمالة محبي ألعاب الفيديو: إذ دعا إلى رفع الحظر عن تويتر (الشبكة الاجتماعية المحظورة التي يستعملها المرشد الأعلى شخصياً)، إلى جانب تخفيف قيود الحجاب على النساء أكثر. وسمح لزوجته أيضاً بالحديث نيابةً عنه في التلفزيون.

وإذا نجح همتي في منع رئيسي من الفوز بـ50% من الأصوات خلال الجولة الأولى من الانتخابات، فسوف تكون أمامه فرصة لتعبئة الزخم خلال الجولة الثانية بعدها بأسبوع. لكن احتمالات فوز رئيسي من الجولة الأولى ما تزال قوية.

وقال عبدالناصر همتي، محافظ البنك المركزى الإيرانى السابق، إن أغلب الوعود التي يطلقها المرشحون ليس لها أساس، مضيفاً: أبدي اهتمامي بالتوزيع العادل للثروة، وأمتلك القدرة على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.

 فيما تبادل همتي خلال المناظرة التلفزيونية الأولى، الاتهامات مع المرشح المتشدد محسن رضائي، قائلاً: "بمعارضتكم للاتفاق النووي أضررتم بالشعب الإيراني.. أنتم لا تعرفون الاقتصاد والكل يعلم كيف حصلتم على الشهادات".

وقالت سانام فاكيل، الباحثة في سياسات منطقة الخليج بمعهد Chatham House: "أجد صعوبةً في اعتبار همتي مرشحاً قوياً. ولا أعلم إن كان يمتلك ما يكفي من الدعم الشعبي. والاتجاه الشعبي الآن هو عدم التصويت، وفي هذه الحالة سيفوز رئيسي بالانتخابات".

تحميل المزيد