حي “بطن الهوى” بالقدس قد يصبح ساحة معركة جديدة، وإسرائيل قد تستخدم خطة مختلفة لتهجير سكانه

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/06/07 الساعة 10:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/13 الساعة 13:32 بتوقيت غرينتش
حي الشيخ جراح بتعرض للتهجير - الأناضول

قد يصبح حي "بطن الهوى" في منطقة سلوان بالقدس الشرقية ساحة لمعركة جديدة للمقدسيين مع الاحتلال الإسرائيلي.

إذ تواجه 86 عائلة مقدسية جديدة خطر التهجير الإسرائيلي لها، إذ يعيش ما بين 750 إلى 800 شخص في 15 مبنى في حي "بطن الهوى" في منطقة سلوان بالقدس الشرقية، وتطالب منظمة "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية الإسرائيلية بالاستيلاء على منازلهم.

وتستدعي الأوضاع في بطن الهوى المشابهةَ الأحداث في حي الشيخ جراح، التي أشعلت محاولات التهجير الإسرائيلية لأهله نيران المواجهة المسلحة الأخيرة بين إسرائيل وفصائل المقاومة في قطاع غزة في الفترة من 10 إلى 20 مايو/أيار، حسبما ورد في تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.

حي "بطن الهوى" في قرية سلوان يمثل الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى، وتستهدف إسرائيل تهجير سكانه الفلسطينيين لصالح مستوطنين، كما هو الحال في حي الشيخ جراح.

وكانت خطط حكومة الاحتلال اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو لتهجير عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين، ثم إغلاق منطقة باب العامود والاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى قد فجر الأوضاع وصولاً إلى حرب غزة التي انتهت بوقف إطلاق النار فجر الجمعة، 21 مايو/أيار الجاري.

وفي مؤشر على العلاقة الوثيقة بين تجربتي الصمود، في حي بطن القوى وحي الشيخ جراح، نظم فلسطينيون في القدس ماراثوناً من حي الشيخ جراح إلى حي بطن الهوى ببلدة سلوان، بهدف تقديم الدعم للأهالي هناك في مواجهة مشروع الاستيطان الإسرائيلي، الذي يهدف إلى تهجير الأهالي من ديارهم لصالح المستوطنين. 

وحمل الماراثون اسم "ماراثون القدس"، وشارك خلاله عدد من أهالي حي الشيخ جراح إلى جانب متضامنين معهم.

خطة لإنشاء مستوطنة في حي "بطن الهوى"

وتطمع منظمة عطيرت كوهانيم الاستيطانية في إجلاء سكان "بطن الهوى" عن الحي وتحويله إلى مستوطنة تترابط مع البؤر الاستيطانية المقامة في أحياء القدس الأخرى.

بلدة سلوان، الواقعة جنوب باب المغاربة في البلدة القديمة بالقدس، كانت موقعاً لنشاط استيطاني مكثف بدأ بإنشاء بؤرتين استيطانيتين في عام 2004. وفي عام 2014، اشترى مستوطنون يهود عدة عقارات في أحياء "وادي حلوة" وحارة "بيضون" في سلوان، وكذلك أراضي بطن الهوى. وفي 8 أبريل/نيسان 2021، سيطر المستوطنون على مبنيين سكنيين في بطن الهوى، واستحوذت منظمة عطيرت كوهانيم الاستيطانية على عدد من الممتلكات العقارية الفلسطينية.

تدَّعي منظمة عطيرت كوهانيم أن المنازل المبنية في حي بطن الهوى شُيِّدت على أراض يملكها يهود يمنيون كانوا يعيشون في الحي قبل قيام دولة إسرائيل في عام 1948.

في عام 2018، افتتحت المنظمة في حي بطن الهوى مركزاً تهويدياً يُعرف باسم "مركز تراث يهود اليمن". وادَّعت أن الأراضي التي يقع عليها المركز كانت موقعاً لكنيس يهودي استخدمه يهود يمنيون في القرن التاسع عشر.

حي
اعتداء مستوطنون إسرائيليون على موائد إفطار رمضانية في حيّ "الشيخ جراح"/الاناضول

وقال زهير الرجبي، رئيس لجنة أهالي حي بطن الهوى، لموقع Al-Monitor إن منظمة عطيرت كوهانيم سلَّمت أهال الحي في عام 2015 إخطارات إخلاء تطالب فيها بملكية الأرض. وأضاف أن السكان سعوا للحصول على تعويض قانوني.

جاءت أحكام المحاكم الإسرائيلية مراراً وتكراراً لصالح منظمة عطيرت كوهانيم. وقدَّم السكان طعوناً أمام المحكمة الجزئية والمحكمة العليا، ولا تزال القضايا قيد المراجعة القضائية.

أرجأت المحكمة الجزئية مراراً البتَّ في قرار الاستئناف، وطلبت من المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي مندلبليت التدخل في القضايا. وتراجع المحكمة العليا حالياً الطعون المقدمة إليها.

يحاجج الرجبي عن أهالي الحي بالقول: "لدينا صكوك ملكية ونحن نعيش في الحي منذ أكثر من 60 عاماً"، وينتقد ما تطالب به المنظمة الاستيطانية التي تقول إن الأرض التي بُنيت عليها المنازل تعود إلى يهود يمنيين عاشوا هناك عام 1892.

واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً زهير الرجبي رئيس لجنة الدفاع عن حي بطن الهوى في سلوان جنوب المسجد الأقصى، كما هدمت قوات الاحتلال، قبل ثلاثة أيام خيمة اعتصام حي بطن الهوى في سلوان، بعد الاعتداء على المتواجدين فيها، حيث اقتحمت قوات كبيرة خيمة الاعتصام وامطرت المكان بالقنابل الصوتية، واعتدت على المتواجدين بالضرب والدفع، وحطمت محتويات الخيمة ثم قامت بهدمها.

تضامن بين أهالي القدس

الضجة المحلية والدولية التي أثارتها الأحداث في حي الشيخ جراح أعطت سكان بطن الهوى أملاً. ويقول الرجبي: "ما حدث في حي الشيخ جراح ولَّد نوعاً من التضامن والاتحاد بين أهالي القدس وعائلاته ككل".

وأضاف الرجبي: "نحاول الدفاع عن بيتنا بكل الوسائل الممكنة. وهذا يشمل اللجوء إلى القضاء الإسرائيلي الذي لا نثق به ولا ينصفنا، لكن ليس لدينا خيار آخر". وقال إن السكان يفكرون أيضاً في رفع قضيتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية.

دفعت المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة والفلسطينيين في الداخل المحتل أطرافاً دولية عدة للضغط على إسرائيل لوقف عمليات التهجير القسري للعائلات الفلسطينية في القدس، خشيةَ أن تقوض تلك الممارسات جهود وقف إطلاق النار. كما أثار تهجير العائلات الفلسطينية انتقادات من مؤسسات حقوقية وقانونية دولية.

منظمة العفو الدولية تصف ما يحدث بأنه إجرامي

في 25 مايو/أيار، وصف نائب مدير المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، صالح حجازي، إجراءات الإجلاء القسري للعائلات في منطقة بطن الهوى بأنها "مثال آخر على سياسات إسرائيل الإجرامية القائمة على التهجير القسري للفلسطينيين على الأرض".

وتابع حجازي: "بإصرار إسرائيل على المتابعة في هذه القضية- على الرغم من الاحتجاجات الأخيرة ضد عمليات التهجير القسري المخطط لها في الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة-، فإنها تدفع باتجاه تأجيج نيران التصعيد الأخير للعنف، وإدامة نفس الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان الفلسطيني، وهي الجذور التي أشعلت أعمال العنف الأخيرة".

وأشار حجازي إلى أن "إسرائيل سعت على مدى سنوات إلى توسيع مساحة المستوطنات غير القانونية في منطقة سلوان، وأجبرت أكثر من 200 فلسطيني على النزوح من منازلهم". 

وقال أمير مراغة، وهو محام وناشط حقوقي في الحي، لموقع Al-Monitor: "قضية بطن الهوى قضيةٌ سياسية، وليس لها أي أساس قانوني. ومزاعم منظمة عطيرت كوهانيم باطلة وتعتمد على وثائق مزورة".

وأضاف مراغة أن "الضغوط التي ظهرت على إثر قضية الشيخ جراح بثَّت حالةً من الخوف بين القضاة، ولهذا قرروا تأجيل النظر في الاستئنافات".

ولفت إلى أن "سكان الحي رفضوا العروض المالية من المنظمة الاستيطانية، فهم يريدون الاحتفاظ بأرضهم ومنازلهم ويرفضون المغادرة. وأقاموا بالفعل خيمة اعتصام في الحي لتنظيم فعاليات شعبية واجتماعية وفنية لدعم قضيتهم".

وأضاف مراغة أن ملف بطن الهوى الآن في يد المحكمة العليا، التي تعد أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، ومن ثم ينطبق حكمها على القضايا الأخرى، بغض النظر عن المحكمة الجزئية التي تتعامل مع تلك القضايا.

لكن من جهة أخرى، يخشى سكان بطن الهوى أن تعمد الحكومة الإسرائيلية إلى إطالة أمد هذه القضايا، لإتاحة الفرصة أمام تنفيذ خطة التهجير الخاصة بها دون إثارة غضب الرأي العام، لا سيما أن التأجيل قد يُضعف الزخم الشعبي ويوهن الدعم لسكان الحي.

تحميل المزيد