بينما تتزايد الآمال بإمكانية تحقيق تسوية حقيقية في ليبيا، صعدت إلى الصدارة قضية إخراج مرتزقة فاغنر الروس من ليبيا التي بدت تلقى اهتماماً كبيراً من الإدارة الأمريكية والأوروبيين، فيما مازالت مواقف اللواء المتقاعد خليفة حفتر تجاه التسوية مازالت غامضة.
ويقدر حجم قوات مرتزقة فاغنر بـ2000 فرد، منتشرين عبر شرق وجنوب ليبيا وتدعمها طائرات مقاتلة أرسلتها روسيا، وأفاد تقرير للأمم المتحدة أن مرتزقة سوريين يقاتلون إلى جانب قوات حفتر.
ورغم الصيت المحيط بهم، فشل مرتزقة فاغنر في الاستيلاء على العاصمة الليبية بحلول منتصف عام 2020 عندما كثَّفت تركيا، التي تدعم الحكومة المُعترَف بها دولياً في طرابلس، ضربات الطائرات بدون طيار. وانسحبت قوات فاغنر وحفتر، لكنها تركت وراءها أحياءً كاملة مُدجَّجة بالألغام.
وأفادت تقارير أن ديميتري أوتكين هو من أسس مجموعة، فاغنر ويعتقد أنه كان أحد عناصر القوات الخاصة في جهاز المخابرات العسكرية الروسي، وقد أفادت وسائل إعلام أن الاسم السري لديميتري كان "فاغنر" ، الذي حصل عليه بسبب إعجابه بالنظام النازي الذي استخدم مؤلفات الموسيقي الألماني فاغنر لتدعيم رؤيته الأيديولوجية.
وظهر نشاط فاغنر أول مرة من خلال الدور الذي لعبته المجموعة في النزاع الروسي الأوكراني حول شبه جزيرة القرم.
وسبق أن اتهم تقرير مفتش وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) العام لعمليات مكافحة الإرهاب في إفريقيا الإمارات بأنها تساعد في تمويل شركة المرتزقة الروسية فاغنر في ليبيا.
وتعاني ليبيا من انقسامات قبلية ومناطقية، وتدخلات خارجية مباشرة أو عبر مجموعات من المرتزقة الأجانب، مع غياب شبه واضح للدور الأمريكي منذ مغادرة الرئيس الأسبق باراك أوباما البيت الأبيض عام 2017.
وكانت إدارة أوباما قد شاركت إلى جانب قوات حلف الناتو في إسقاط نظام الراحل معمر القذافي في 2011.
إخراج مرتزقة فاغنر الروس من ليبيا أولوية لبايدن
وترى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ضرورة إنهاء التدخلات الروسية وتواجدها العسكري من خلال مرتزقة "فاغنر"، لضمان انتخابات ديمقراطية نزيهة.
كما أن الأوروبيين والأمريكيين يرون الوجود الروسي في ليبيا بمثابة تهديد غير مسبوق للخاصرة الجنوبية لأوروبا.
وتعتقد الولايات المتحدة أن هناك تحديات تواجه المجلس الرئاسي الليبي المكلف بمهمة إجراء مصالحة وطنية شاملة لتحقيق مستوى مقبول للمشاركة الشعبية في انتخابات نهاية العام.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن تخلت عن سياسة الحياد في الأزمة الليبية التي انتهجتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتضع إدارة بايدن إخراج المرتزقة الروس من ليبيا وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية على رأس أولويات سياساتها الخارجية المتعلقة بالملف الليبي.
وهددت الإدارة الأمريكية بمحاسبة "أي طرف يسعى إلى تقويض الانتخابات في ليبيا"، وفق تصريحات مستشار الأمن القومي جيك سوليفان في 13 مارس/ آذار الماضي، مؤكداً ضرورة خروج القوات الأجنبية لدعم المسار السياسي.
وفتح اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الفرقاء الليبيين في أكتوبر/تشرين الأول 2020 الطريق أمام تشكيل حكومة "وحدة وطنية مؤقتة" لمهمة محددة، هي التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية مقرر لها أن تُجرى في 24 ديسمبر/كانون الأول، الذكرى السنوية لاستقلال ليبيا.
وكان ممثلون عن حكومة الوفاق الوطني (المنتهية ولايتها) والجيش الوطني الليبي وقعوا في جنيف في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020 اتفاقية لوقف إطلاق النار، وصفتها الأمم المتحدة بأنها اتفاقية "تاريخية".
ونجح ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عقد في جنيف مطلع فبراير/شباط الماضي في اختيار سلطة تنفيذية مؤقتة جديدة، عبر نجاح قائمة تضم رئيساً للحكومة وهو عبدالحميد الدبيبة، ورئيساً للمجلس الرئاسي وهو محمد المنفي مع عضوين آخرين بالمجلس.
وتولت الأمم المتحدة قيادة عملية تشكيل الحكومة المؤقتة المكلفة بإجراء الانتخابات القادمة، وإطلاق جهود الإعمار وتحسين المستوى المعيشي والخدمي وتوحيد مؤسسات الدولة على أساس تفاهمات "لجنة 5+5" خلال الفترة الانتقالية بقيادة رئيس الحكومة المؤقتة.
ومنح البرلمان الليبي في 10 مارس/آذار الماضي الثقة لحكومة الدبيبة لتكون ليبيا لأول مرة تحت سلطة تنفيذية واحدة منذ عام 2014، وقوبلت نتائج ملتقى الحوار السياسي بترحيب داخلي وإقليمي ودولي، رغم أنها سلطة مؤقتة.
ومن المقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، يسبق ذلك استفتاء شعبي للموافقة على مسودة دستور كانت قد وضعته لجنة منتخبة عام 2017 لكنه لم يطرح على التصويت الشعبي حتى الآن.
وتواجه الحكومة المؤقتة التي يرأسها الدبيبة تحديات حقيقية في المضي قُدماً نحو موعد الانتخابات مع الحفاظ في نفس الوقت على سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
وتنظر حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة والمجلس الرئاسي الليبي إلى مخاطر وجود المرتزقة الأجانب والتأكيد على ضرورة خروجهم من الأراضي الليبية.
وسبق أن دعا عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، السلطات الروسية إلى ممارسة ضغوطها على شركة فاغنر الروسية المتهمة بإرسال مرتزقة إلى ليبيا، لسحب عناصرها من البلاد.
ويعتقد مراقبون أن من أهم الأسباب التي قادت إلى انبثاق حكومة الوحدة الوطنية، رغبة المجتمع الدولي في التوصل إلى تسوية سياسية للصراع الداخلي بعد مجيء الديمقراطيين إلى البيت الأبيض واعتقادهم بضرورة العمل على تصحيح الأخطاء التي وقعت فيها إدارة الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما.
ومن بين أسباب انبثاق حكومة الوحدة أيضاً فشل محاولة اللواء المتقاعد خليفة حفتر في السيطرة على العاصمة طرابلس بعد أن أعلن عن هجومه الواسع في 4 أبريل/نيسان 2019.
وعينت الإدارة الأمريكية في 10 أيار/مايو الماضي ريتشارد نورلاند سفيراً لها في طرابلس، كما زار مساعد وزير الخارجية الأمريكية جو هود العاصمة الليبية والتقى عدداً من كبار المسؤولين بينهم الدبيبة.
كما عينت واشنطن مبعوثاً خاصاً للبيت الأبيض إلى ليبيا من أجل تسريع وتيرة العملية السياسية والضغط من أجل تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها وأهمها إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية نهاية العام الجاري.
وتركز الولايات المتحدة على ضرورة إخراج القوات الأجنبية من ليبيا، ومنع جميع أشكال التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية كتمهيد لإجراء الانتخابات المقبلة التي تعول عليها إدارة بايدن في إخراج ليبيا من الحرب وعدم الاستقرار.
مؤتمر برلين جديد
وتستند الولايات المتحدة إلى مخرجات "مؤتمر برلين" في 19 يناير/كانون الثاني 2020 الذي لم يحقق وقف الحرب، لكنه وضع أسسا ومبادئ للخروج من الأزمة بتوافق الأطراف المحلية على نزع سلاح المجموعات شبه العسكرية وإخراج جميع القوات الأجنبية والتحضير للانتخابات المقبلة.
وتعتزم ألمانيا بالتنسيق مع الأمم المتحدة عقد مؤتمر "برلين 2" بمشاركة دول ومنظمات في 23 من الشهر الجاري، لمناقشة الاستعدادات للانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، والتأكيد على انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، على النحو المتفق عليه في اتفاقية وقف إطلاق النار.
بالإضافة إلى ذلك، سيناقش المشاركون في المؤتمر ما يتعلق بتوحيد المؤسسات الليبية، الأمنية والعسكرية، وفق بيان لوزارة الخارجية الألمانية اعتبرت فيه أن المؤتمر هو "تعبير عن الدعم الدولي المستمر لتحقيق الاستقرار في ليبيا، حيث لا يزال المجتمع الدولي على استعداد لمواصلة دعمه الوثيق والبناء لعملية السلام، التي تقودها الأمم المتحدة في ليبيا".
ورغم أنها كان من المفترض أن تغادر ليبيا في فبراير/شباط 2021 الماضي، تستمر قوات مرتزقة "فاغنر" الروسية، التي يُقدَّر قوامها بـ2000 فرد، بالانتشار والعمل المستمرين عبر شرق وجنوب ليبيا وتدعمها طائرات مقاتلة أرسلتها روسيا.
ولا يبدو أن موسكو لديها الرغبة حتى اللحظة في إخراج مرتزقة فاغنر الروس من ليبيا، أو التخلي عن بلد لديه أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في إفريقيا.
وفي شهر مارس/آذار وصل وفد صغير من المراقبين الأمميين إلى مدينة سرت الليبية (وسط) الأمر الذي بعث بمؤشرات إلى إمكانية إرسال قوات حفظ سلام أممية لمنطقة وقف إطلاق النار بين سرت والجفرة. لكن ذلك مرتبط أساساً بانسحاب مرتزقة شركة "فاغنر" الروسية من المنطقة.
وأفادت تقارير بأن مرتزقة فاغنر عادوا إلى سرت بعد أن كانوا قد خرجوا منها.
وكان مجلس الأمن قد منح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مهلة 45 يوماً- انتهت في 19 مارس/آذار الماضي- لتقديم تقريره بشأن إرسال فريق أممي لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار بين القوات الحكومية الشرعية وميليشيات خليفة حفتر، على خطوط التماس بين سرت (450 كلم شرق طرابلس) والجفرة (300 كلم جنوب سرت).
وعقدت في نهاية شهر أبريل/نيسان 2021، جلسة مغلقة لمجلس الأمن بطلب قدمته الدول الإفريقية الأعضاء في مجلس الأمن (كينيا والنيجر وتونس)، وقال دبلوماسيون إن عدد المرتزقة الأجانب في ليبيا يقدر "بأكثر من عشرين ألفاً بينهم 13 ألف سوري و11 ألف سوداني". وقد طلبت السلطات الليبية الجديدة رحيلهم، ومنذ أشهر طلبت الأمم المتحدة والقوى العظمى ذلك.
وصرحت مصادر عدة لوكالة فرانس برس بأنه لم يتطرق أحد خلال الاجتماع إلى بداية انسحاب هؤلاء المسلحين الذين يمثل انتشارهم تهديداً جديداً لجيوش المنطقة التي يعاني معظمها من نقص في المعدات والتدريب.
وأكد مصدران دبلوماسيان أن الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن ربطت بشكل مباشر بين وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا والاضطرابات في تشاد التي أدت إلى مقتل رئيس البلاد.
وقال دبلوماسي إن كينيا طالبت بتوسيع تفويض البعثة السياسية للأمم المتحدة في ليبيا ليشمل مراقبة الحدود الجنوبية للبلاد، لكنها فكرة يصعب تحقيقها وستؤدي إلى تبدل أبعاد المهمة. وكان مجلس الأمن الدولي أضاف مؤخراً إلى مهمة الأمم المتحدة وحدة لمراقبة وقف إطلاق النار تتألف من ستين شخصاً. لكن هذه الصيغة غير كافية إطلاقاً للإشراف على انسحاب المرتزقة وتنظيم تسريح للمجموعات المسلحة ونزع أسلحتها.
وأوضحت مصادر دبلوماسية لفرانس برس أن الاجتماع شهد نقاشات حادة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الإشارة إلى مجموعة فاغنر المعروفة بأنها قريبة من موسكو والتي أكد مصدر أمريكي تورطها في الهجوم الأخير للمتمردين التشاديين.
وفي مؤتمر صحفي عقد قبل الاجتماع، نفى نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي الاتهامات. وقال: "إنه فعلاً سيناريو هوليوودي رائع. لا علاقة له بالواقع. ليست هناك حقائق بل شائعات فقط".
حفتر يواصل الاستعراض
إلى جانب ملف المرتزقة، فإن حفتر الذي يعاني من الضعف وتراجع الدعم الداخلي والخارجي له بعد فشله في السيطرة على طرابلس، يحاول تحسين صورته أمام الليبيين عبر إعلانه دعمه لعملية السلام والانتقال الديمقراطي في ليبيا، أو تقديم الوعود بتحسين المستوى المعيشي وبناء وحدات سكنية لليبيين، أو عبر استعراض القوة في إقامة استعراضات عسكرية لقواته، ومنها الاستعراض الأخير الذي سقطت فيه إحدى الطائرات المقاتلة وقتل قائدها.
ولا يزال موقفه غامضاً من حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، ما دفع بعض المحللين إلى التعبير عن مخاوفهم من تقويض المسار السلمي في البلاد.
وخلال الاستعراض العسكري في 29 مايو/أيار الماضي، قال حفتر إن قواته "لن تتردد في خوض المعارك من جديد لفرض السلام بالقوة في حال تمت عرقلته بالتسوية السلمية المتفق عليها".
وعلى ما يبدو فإن القوى والأطراف الدولية والإقليمية الداعمة لحفتر ليست مهتمة بدعم الحكومة المؤقتة في مهمة إجراء الانتخابات التشريعية بقدر اهتمامها بتنفيذ سياساتها في الداخل الليبي وتأمين مصالحها الحيوية، الأمنية والاقتصادية.
وتدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الانتخابات القادمة بشكل رسمي ومعلن.
هل يستطيع الأمريكيون والأوروبيون إخراج مرتزقة فاغنر؟
ومن المهم لدول الاتحاد الأوروبي، رغم تباين مواقف بعض دوله، إرساء أسس السلام والاستقرار في ليبيا للسيطرة على الهجرة غير المشروعة والتهديدات الإرهابية المحتملة، بالإضافة إلى مساهماتها في ملف إعادة الإعمار والاستثمار في القطاعات الإنتاجية المختلفة، مثل قطاع الطاقة.
ولكن رغم التحركات الأوروبية والأمريكية في ملف ليبيا، فإنه من الواضح أنه ليس هناك خطط واضحة للتعامل مع ملف مرتزقة فاغنر، خاصة أن روسيا بمنتهى البساطة تنفي علاقتهم بها، كما أنه من الواضح أنهم خرجوا عن سيطرة حفتر، الذي بدوره يبحث عن دور في ظل تجاهل القاهرة له.
وسبق أن قالت صحيفة The Times البريطانية إن مرتزقة فاغنر "أصبحوا هم السادة"، وقد ينتهي الأمر بحفتر خادماً للقوات الروسية في ليبيا، حسب الصحيفة.
قالت صحيفة The Times البريطانية إنه من المحتمل أن ينتهي الأمر بالجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر "خادماً" لمرتزقة شركة فاغنر الروسية، وأوضحت أن مرتزقة فاغنر لم يعودوا يتظاهرون بالعمل لدى حفتر وجيشه الوطني الليبي، بل إن كبار ضباطه يرغبون في إزاحته.
كما أضافت أن مرتزقة فاغنر، الذين لا يأخذون أوامرهم إلا من وزارة الدفاع الروسية والكرملين، هم من يتولون زمام الأمور.
وقال دبلوماسي غربي: "هناك انزعاج واضح بين كبار ضباط قوات حفتر المسماة (الجيش الوطني الليبي) من احتمال فقدان الليبيين السيطرة بالكامل على عملية صنع القرار. فقد أصبح المرتزقة هم السادة".
من جانبها، تضغط الولايات المتحدة، تحت إدارة بايدن، على الإمارات العربية المتحدة، التي يقول البنتاغون إنها تمول مرتزقة فاغنر، لقطع هذا التمويل.
فقد تمتع الزعيم الإماراتي الفعلي محمد بن زايد بعلاقة خاصة مع دونالد ترامب، لكنها أغضبت المسؤولين الأمريكيين. وفي سبتمبر/أيلول 2019، قتلت غارة تركية بطائرة مُسيَّرة على قاعدة للقوات التابعة لخليفة حفتر ما لا يقل عن ثلاثة ضباط إماراتيين يعملون في تشغيل منظومة صواريخ بانتسير روسية الصنع، وفقاً لثلاثة مسؤولين غربيين وقائدين ليبيين.
بينما قال مسؤولان إن الإمارات ردت بمحاولة نقل إحدى بطاريات صواريخ باتريوت الأمريكية الصنع إلى ليبيا، في خطوة لاقت انتقاداً لاذعاً من الولايات المتحدة؛ إذ إن نشر الصواريخ الأمريكية هناك ينتهك اتفاقية التصدير وربما يمنح روسيا إمكانية الوصول إلى النظام الأمريكي.
ومن الواضح أن روسيا هي الخاسر الأكبر من العملية السياسية في ليبيا، فمصر والإمارات لديهما علاقات بحفتر حتى لو تدهورت قليلاً في الحالة المصرية، كما أن القاهرة لديها علاقات وثيقة مع مكونات الشرق الليبي الأخرى مثل عقيلة صالح، إضافة إلى أنها انفتحت على الغرب الليبي، وتركيا لديها علاقات وثيقة بالغرب الليبي سواء بالإسلاميين أو غيرهم، ويعني هذا أن أي عملية تسوية سياسية ستؤدي إلى تقاسم السلطة بين حلفاء القاهرة وأنقرة، وبصورة أقل الإمارات، بينما الروس ليس لديهم حليف وثيق الصلة حتى لو كانت علاقتهم بحفتر وعقيلة صالح جيدة.
ولكن بينهم الأتراك لديهم حافز لسحب المقاتلين السوريين، لأن عملية التسوية ستؤدي إلى دور لحلفائهم، فإن الأمر مختلف بالنسبة للروس، الذين تمثل فاغنر أداتهم الرئيسية، وبالتالي لا يتوقع أن يقبلوا طوعاً الانسحاب من ليبيا.
ولكن هل تمتلك إدارة بايدن الإرادة والقوة للضغط على بوتين بهدف إخراج مرتزقة فاغنر الروس من ليبيا؟ هذا السؤال الذي سيحدد مصير البلاد.