أصدرت وسائل الإعلام الحكومية الصينية مقطع فيديو جديداً قد يشير إلى أن أول حاملة طائرات محلية الصنع لـ البحرية الصينية، وهي حاملة طائرات شاندونغ، يمكن أن تُجري قريباً المزيد من التجارب في أعالي البحار. ومن المُتوقَّع أن تدخل حاملة الطائرات الجديدة، التي تستند إلى تصميم حاملة الطائرات "لياونينغ" سوفييتية الصنع، الخدمة بالكامل بحلول نهاية العام الجاري 2021.
الصين أصبحت ضمن قلة من الدول التي تصنع حاملات طائراتها محلياً
أُعلِنَ عن تكليف شاندونغ رسمياً، في ديسمبر/كانون الأول 2019، في حفلٍ حضره الرئيس الصيني شي جين بينغ، بعد أربع سنواتٍ من وضعها في مقاطعة لياونينغ، في مارس/آذار 2015، من قِبَلِ شركة داليان لبناء السفن.
كان يُنظَر إليها باعتبارها إنجازاً بارزاً لبحرية الجيش الصيني، حتى مع قدراتها التي تعتبر أقل من نظيراتها في البحرية الأمريكية. ومع ذلك فإن قدرة بكين على بناء حاملة طائرات تضعها ضمن قلةٍ من الدول تمتلك هذه القدرة.
والآن، توشك أول حاملة طائرات محلية الصنع على الخضوع للمستوى التالي من الاختبارات قبل دخول الخدمة. وصرَّح مصدرٌ من بحرية الجيش الصيني لصحيفة South China Morning Post الصينية، قائلاً: "من المُحتَمَل أن تبدأ شاندونغ تدريباتها في أعالي البحار في وقتٍ لاحق من هذا العام، وهي خطوةٌ ضرورية لتحقيق القدرة التشغيلية الأوَّلية".
ما هي حاملة الطائرات الصينية "شاندونغ"؟
يقول تقرير لمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، إن تشغيل الطائرات الصينية "شاندونغ" التي يبلغ طولها 315 متراً بعد سنوات من وضعها في مقاطعة لياونينغ، في مارس/آذار 2015، من قبل شركة "داليان" لبناء السفن، إنجاز بارز آخر لبحرية جيش التحرير الشعبي.
وتقول المجلة الأمريكية إن السفينة الصينية محلية الصنع تتمتع بكل مقومات القوة، وهي بمثابة نقطة انطلاق لشيء أكبر بالنسبة للجيش الصيني، ومن المحتمل أن تكون منصة للبعثات الاستكشافية الصينية في الخارج.
ويمكن لحاملة الطائرات الصينية شاندونغ أن تحمل ما مجموعه 44 طائرة، بما في ذلك 32 طائرة مقاتلة.
وتتمتع السفينة الصينية برادارات ممسوحة ضوئياً إلكترونياً بأربع هوائيات متجهة في اتجاهات مختلفة، وهي تتمتع بدقة عالية وأكثر مقاومة للتشويش، لتزويد شركات النقل بمراقبة الحركة الجوية، وتنسيق العمليات القتالية واكتشاف التهديدات الواردة.
وتستند حاملة الطائرات الصينية إلى "طراد حاملة طائرات" سوفييتي غير مكتمل يسمى Varyag، والتي كانت مصممة بهدف تسليح السطح بصواريخ قوية مضادة للسفن، على عكس الحاملات النموذجية التي تعتمد على طائراتها الموجودة على متنها للقدرة الهجومية.
تجارب أكثر تقدماً تنفذها حاملة الطائرات الصينية "شاندونغ"
في وقتٍ سابق من هذا الشهر، أصدر التلفزيون المركزي الصيني مقطع فيديو يُظهِر كيف تُواصل حاملة الطائرات استعداداتها لخوض تجارب أكثر تقدُّماً في أعالي البحار خلال جائحة كوفيد-19 الحالية.
ولدى الحاملة طاقمٌ مُكوَّن من 5 آلاف بحَّار، بما يتضمَّن الجناح الجوي، وبسبب القيود المفروضة على خلفية جائحة كوفيد-19، التُقِطَت أغلب المشاهد في مقطع الفيديو على يد أفراد الطاقم، ما يقدِّم رؤيةً نادرة داخل الحاملة المُكوَّنة من 20 طابقاً.
بعد تسليم شركة بناء السفن حاملة الطارات إلى بحرية الجيش الصيني، كان من المُتوقَّع أن يستغرق الأمر ثمانية عشر شهراً على الأقل، حتى تصل الحاملة إلى القدرة التشغيلية الأوَّلية. ووفقاً لمقطع الفيديو، تتميَّز حاملة الطائرات بأكثر من 12 ألف نظام معدَّات مختلف بحاجة بالطبع إلى الاختبار. وحتى الآن، أجرت شاندونغ تسع تجارب بحرية، اكتملت في بحر الصين الجنوبي، القريب نسبياً من القاعدة الرئيسية للسفينة الحربية في سانيا بمقاطعة هاينان.
قدَّم الفيديو أيضاً نظرةً ثاقبة على قدرات حاملة الطائرات، بما في ذلك مسارات إطلاق الطائرات، والتي قيل إنها كانت ترتفع 14 درجة بدلاً من 12 درجة. وذكرت صحيفة South China Morning Post أنه بسبب قوة دفع الطائرات الصينية المقاتلة J-15، يُعتَقَد أن زاوية المنحدر قد تقلَّصَت. وعمليات الطيران ليست سوى اختباراتٍ يتعيَّن إكمالها قبل وصول حاملة الطائرات إلى القدرة التشغيلية الأوَّلية.
وليست حاملة طائرات شاندونغ وحدها التي تضطر إلى الخضوع لمثل هذه التجارب الطويلة، إذ خضعت أيضاً حاملة الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية "يو إس إس جيرالد آر فورد" للعديد من التجارب البحرية. وفي العام الماضي فقط، أكملت السفينة البحرية التي تعمل بالطاقة النووية -وهي أكبر سفينة عسكرية في العالم- شهادة سطح السفينة وشهادة مركز التحكُّم في الحركة الجوية.
البحرية الصينية تحقق إنجازات كبيرة مؤخراً
وفق تقرير للبنتاغون الأمريكي، حول القوة العسكرية الصينية لعام 2020، والذي يرصد وتيرة ومدى التحديث العسكري الصيني الطموح، فإن البحرية الصينية أصبحت بالفعل الأكبر في العالم، متجاوزة نظيرتها الأمريكية، بأسطول يتكون من أكثر من 350 سفينة حربية، بما في ذلك أسطول سريع النمو من المدمرات والناقلات والغواصات.
وبحسب التقرير، يثير هذا الواقع الجديد القلق في الولايات المتحدة الأمريكية، ويؤثر على مطوّري أسلحة البنتاغون والبحرية الأمريكية، التي تعد الأقوى والأحدث فنياً وتقنياً في العالم. وبحلول نهاية هذا العقد، من المتوقع أن تشغل الصين ما يصل إلى 360 إلى 400 سفينة حربية.
وهذه ليست خطة كبيرة فحسب، إذ أصبحت السفن والغواصات الصينية أكثر حداثة، يقول التقرير إن "بحرية جيش التحرير الشعبي أصبحت قوة حديثة ومرنة بشكل متزايد، وركّزت على استبدال الأجيال السابقة من المنصات، بقدرات محدودة لصالح مقاتلين أكبر حديثين ومتعددي الأدوار".
ويقول تشاد سبراجيا، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق لشؤون الصين، لمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، "إن الصين هي أكبر دولة منتجة للسفن في العالم من حيث الحمولة، وتزيد من قدرتها على بناء السفن بجميع الفئات البحرية".
في حين أن الأسطول الصيني المتنامي هو بالفعل أكبر بكثير من 293 سفينة تابعة للبحرية الأمريكية، فإن بعض قادة البحرية والمراقبين يشيرون إلى أن الأرقام هذه قد لا تكون في النهاية مقياس التفوق. يوضح تقرير البنتاغون هذه النقطة، ولكن مع التحذير الواضح من أن حجم الأسطول الصيني الناشئ، وسرعة تطوره، أمر مثير للقلق بالفعل.