تناول تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية تبعات القرار الأمريكي بإيقاف جرعات لقاح جونسون آند جونسون، وقالت الصحيفة إن الدعوة للتوقُّف مؤقتاً عن استخدام هذا اللقاح الذي يُحقَن مرةً واحدة، في الولايات المتحدة، يعد بمثابة ضربة أخرى للآمال في تطعيم العالم برمته بأسرع ما يمكن.
أوصت وكالات الصحة بأن توقف الولايات المتحدة استخدام اللقاح أثناء إجراء التحقيقات في ست حالاتٍ من النساء اللاتي عانين من تخثُّرٍ نادرٍ في الدم مصحوبٍ بانخفاضٍ في الصفائح الدموية في الأيام التالية للتلقيح.
وأعلنت شركة جونسون آند جونسون أنها "ستؤخِّر بشكلٍ استباقي طرح اللقاح في أوروبا"، حيث كانت وكالة الأدوية الأوروبية تقوم بالفعل بمراجعة التقارير الأمريكية.
لقاحا جونسون آند جونسون وأسترازينيكا كانا يعدان أفضل فرصة للدول الفقيرة
تقول الغارديان إن الحالات الست في الولايات المتحدة -من بين 6.8 مليون جرعة من لقاح جونسون آند جونسون- تبدو مشابهة لتلك التي سبَّبَت القلق في جميع أنحاء أوروبا، والمرتبطة بلقاح أكسفورد/ أسترازينيكا. أوقفت بعض الدول لقاح أكسفورد/أسترازينيكا، بينما فرضت دولٌ أخرى حدوداً للسن. في فرنسا، لن يُقدَّم اللقاح لأيِّ شخصٍ دون سنِّ الـ55 عاماً، بينما يُقدَّم اللقاح في ألمانيا لم هم فوق الستين عاماً. وتسمح المملكة المتحدة لمن هم دون الثلاثين من العمر باختيار بديل.
وبين جميع اللقاحات، كان لقاح أسترازينيكا وجونسون آند جونسون أفضل فرصة للعديد من الدول النامية. ويُنتَج لقاح أكسفور/أسترازينيكا بدون ربحٍ، ويسهُل نقله وتخزينه في درجة حرارة الغرفة. وكان ذلك مُتعمَّداً -فقد تعهَّدَت الجامعة والشركة بجعله في المُتناوَل. أما لقاح جونسون آند جونسون فكان يمثِّل أملاً كبيراً بديلاً عن ذلك، لأنه يُقدَّم في جرعةٍ واحدة، وليس جرعتين، مِمَّا يقلِّل التكلفة ويجعل من السهل على البلدان ذات الأنظمة الصحية المتزعزعة أن تقوم بالتحصين الشامل.
وبعد التحقيق المُكثَّف في ما يحدث مع لقاح أكسفورد/أسترازينيكا، لم يُفاجأ أيٌّ من العلماء من أن الحالات المماثلة التي شهده تخثُّراً في الدم يجب أن تظهر مع لقاح جونسون آند جونسون.
وبسبب المخاوف من مخاطر لقاح أكسفورد المحتملة، علقت عدة دول أوروبية حملات التطعيم به، ثم أعادتها مع منع بعض الفئات من تلقيه. وتراجعت أسهم شركة AstraZeneca المنتجة لهذا اللقاح في بورصة لندن، حسب تقرير لموقع CNBC الأمريكي.
تشابه الحالات بين جونسون آند جونسون وأسترازينيكا
وصُمِّمَ اللقاحان، وكذلك لقاح سبوتنيك الروسي، بالطريقة نفسها. وتستخدم هذه اللقاحات فيروسات البرد الشائعة -من الشمبانزي في لقاح أكسفورد/أسترازينيكا ومن البشر في لقاح جونسون آند جونسون- لإيصال البروتينات من فيروس كورونا إلى الجسم، والتي تؤدي بعد ذلك إلى استجابةٍ مناعية في شكل أجسامٍ مضادة وخلايا تائية تقاوم الفيروس الحقيقي.
ويبدو الآن أن هذه التقنية قد تكون سبباً وراء هذه الحالة النادرة، والتي أدرجتها وكالة الأدوية الأوروبية كأثرٍ جانبي رسمي في حالة لقاح أكسفورد/أسترازينيكا. ولم نسمع بعد ما إذا كانت هناك حالاتٌ مرتبطة بلقاح سبوتنيك.
وتسبَّبت حالات تخثُّر الدم مع انخفاض الصفائح الدموية في حيرةٍ للأطباء في بادئ الأمر. بدا الأمر وكأنه حالة ناجمة عن عقار الهيبارين الذي يرفع سيولة الدم -ولكنه لم يُعطَ لأيٍّ من المرضى قبل أن يمرضوا. وفي الواقع، يبدو أن معظمهم كانوا من البالغين الأصغر سناً. لكن بطريقةٍ ما، قد يكون اللقاح تسبَّبَ في تفاعل الجهاز المناعي، مِمَّا ينتج عنه أجسامٌ مضادة مسؤولة عن تكوين الجلطات في الدماغ وأماكن أخرى من الجسم.
حالات نادرة الحدوث.. ولكن الثقة تزعزعت باللقاحين
لا يزال الأمر نادر الحدوث، ففي المملكة المتحدة، التي لديها حالات أكثر من أيِّ دولةٍ أخرى، لأنها قدَّمَت المزيد من الجرعات من لقاح أكسفورد/أسترازينيكا، حدثت 4 حالات من بين مليون شخص. وفي الولايات المتحدة حتى الآن، النسبة أقل من واحد من كلِّ مليون، لكن قد تظهر حالاتٌ أخرى. ويمكن للأطباء الآن التعرُّف على الحالات ومعالجتها، مِمَّا سيقلِّل من أعداد الوفيات، لكن بعض هؤلاء ماتوا قبل أن يعرف الأطباء ما يجب عليهم فعله حيال ذلك.
وسيؤدِّي وجود هذه الحالات إلى زعزعة الثقة في لقاح أكسفورد/أسترازينيكا وجونسون آند جونسون، لكن الخبراء يحثون الناس على فهم أن مخاطر الوفاة وأعراض الإصابة بكوفيد-19 تفوق بكثير مخاطر تجلُّط الدم بالنسبة لمعظم الناس. وقال المنظِّمون في أوروبا والمملكة المتحدة إن هذه أحداثٌ نادرة ودعموا استخدام لقاح أسترازينيكا إلى أقصى حد، ولا يوجد سببٌ للاعتقاد بأن الحال سيكون مختلفاً مع لقاح جونسون آند جونسون. لسوء الحظ، قد تضر هذه الآثار الجانبية النادرة بفرص تطعيم العالم بأسره في أيِّ وقتٍ قريب.