ماذا لو ثبت تورُّط إسرائيل في استهداف المفاعل النووي الإيراني؟ هذا ما يقوله القانون الدولي

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/12 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/12 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش
صورة ملتقطة بالأقمار الاصطناعية لمنشأة نطنز النووية الإيرانية/ رويترز

الحادث الذي تعرَّض له مفاعل نطنز الإيراني كان من الممكن أن يتسبب في كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، وإذا ما ثبت وقوف إسرائيل خلفه، فماذا يعنيه ذلك من وجهة نظر القانون الدولي؟

الحادث الذي لا تزال الأنباء متضاربة بشأنه وقع في منشأة نطنز النووية الإيرانية، الأحد 11 أبريل/نيسان، وتسبب في قطع الكهرباء بالكامل عن المنشأة النووية التي تقع تحت الأرض، ووصفته إيران بأنه "إرهاب نووي"، موجِّهة أصابع الاتهام لإسرائيل.

فقد أشارت تصريحات وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، الإثنين 12 أبريل/نيسان، إلى تورُّط تل أبيب، حيث حذَّر من ضرورة عدم الوقوع فيما سمَّاه "الفخ الذي نصبته إسرائيل الساعية للانتقام من إيران على النجاحات التي حققتها".

هجوم نطنز
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف/ رويترز

وقال ظريف: "لن نسمح لإسرائيل بالانتقام من النجاح في مسار رفع العقوبات عبر حادثة نطنز"، مشيراً إلى أن "إيران ستنتقم من الصهاينة على ممارساتهم"، مضيفاً: "يخطئ العدو إذا اعتقد أن الحادثة ستضعف موقفنا في المفاوضات النووية في فيينا"، لافتاً إلى أن "العمل التخريبي في نطنز سيجعل موقف طهران في المفاوضات أكثر قوة".

ماذا تقول إسرائيل؟

كعادة إسرائيل في مثل هذه الحوادث، لا يوجد اعتراف رسمي بالوقوف خلف الحادث وفي نفس الوقت تؤكد التصريحات الإعلامية وشبه الرسمية أن الموساد (جهاز المخابرات الإسرائيلي) هو من نفذ الهجوم، ولم تعلق إسرائيل على الحادث، وهذا ما نقلته الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر استخباراتية لم تسمها قالت إن الهجوم الإلكتروني من تنفيذ الموساد، مضيفة أن العملية تسببت في "أضرار أكبر مما أعلنته إيران".

ويأتي الحادث التخريبي في سياق مساعٍ إسرائيلية متصاعدة، يصفها البعض بأنها حرب قائمة بالفعل، لمنع عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاتفاق النووي الإيراني في ظل محادثات فيينا التي تجري حالياً بمشاركة جميع أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) وهي إيران وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، إضافة إلى واشنطن التي تشارك بشكل غير مباشر.

انتخابات الكنيست
رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو – رويترز

وكانت إسرائيل قد استهدفت سفينة إيرانية في البحر الأحمر قبل أيام، ويبدو أن الهجوم الأخير الذي استهدف مفاعل نطنز يقع في نفس السياق، ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن مصادر استخباراتية إسرائيلية قولها إن الهجوم السيبراني أوقع ضرراً أكبر مما أعلنت عنه إيران.

ماذا يقول القانون الدولي؟

المتحدث باسم الخارجية  الإيرانية قال عن الحادث إنه "إذا كان الهدف من الهجوم على منشأة نطنز هو دفع صناعتنا النووية إلى الوراء فنؤكد أن الهجوم لم يكن ناجحاً"، كاشفاً أن الحادث أدى إلى تعطيل أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول وسيتم استبدالها بأجهزة أكثر تطوراً، مجدداً التأكيد أن حادثة نطنز  "إرهاب نووي" على الأراضي الإيرانية، ونحتفظ بحق الرد في إطار القوانين الدولية.

كما لفت المتحدث إلى أن حادثة مفاعل نطنز النووي كانت ستؤدي إلى كارثة وجريمة ضد الإنسانية في حال أدت إلى تلوث إشعاعي.

وفي هذا الإطار توضح الاتفاقية الدولية لمنع أعمال الإرهاب النووي التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أبريل/نيسان 2005 الإطار الذي يمكن من خلاله معاقبة الدول التي تقوم أجهزتها بأي عمل يتم تصنيفه كإرهاب نووي، وهذا هو الإطار الذي يتحدث عنه الإيرانيون وروسيا أيضاً فيما يتعلق بحادثة نطنز.

وقد دخلت الاتفاقية المذكورة حيز التنفيذ في يوليو/تموز 2007، وتعطي تلك الاتفاقية الصلاحية الكاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقيق في الحوادث النووية وتحديد المسؤولين عنها ومن ثم تقديم نتائج تحقيقاتها إلى الأمم المتحدة.

الاتفاق النووي
الرئيس الإيراني حسن روحاني – رويترز

وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي برياكوف قد أشار إلى أنه على إيران أن تقدم ما لديها من إثباتات حول تورط تل أبيب في حادث نطنز التخريبي إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى تتولى الوكالة التحقيق، نظراً لخطورة الحادث وتهديده لإيران والمنطقة ككل، على أن يتم تطبيق قواعد القانون الدولي في هذا الشأن.

لكن هناك عدة نقاط قانونية تقف كعقبات أمام إجراء تحقيق دولي في حادثة المفاعل الإيراني، أبرزها أن إسرائيل وإيران ليستا من الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية لمنع أعمال الإرهاب النووي، كما أن إسرائيل أيضاً ليست من الدول الموقّعة على معاهدة حظر الانتشار النووي من الأساس.

عوائق سياسية أمام معاقبة إسرائيل

لكن الجانب القانوني ليس العائق الوحيد أمام التحرك الدولي لمعاقبة إسرائيل على الحادث التخريبي في نطنز، رغم أن كل المؤشرات تؤكد ضلوع تل أبيب في الحادث، إذ إن طهران نفسها قد لا تكون حريصة على سلوك هذا المسار لأسباب متنوعة أغلبها مرتبط بالتعقيدات الداخلية، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المتوقعة في يونيو/حزيران المقبل.

ويرى كثير من المحللين أن ما تريده طهران حالياً هو الحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات من جانب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإعادة إحياء الاتفاق النووي واستغلال الزخم الحالي الذي تمثل في انطلاق محادثات فيينا أخيراً، وبالتالي فإن إيران تنظر إلى أعمال إسرائيل العدوانية على أنها محاولات لتخريب العودة للاتفاق النووي، وهذا ما عبّر عنه بالفعل وزير خارجية طهران.

الرئيس الأمريكي جو بايدن يريد إحياء الاتفاق النووي

فقد شدد ظريف على أن "طهران لن تقع في الفخ الإسرائيلي الذي نصب لها بعد النجاح الذي يتحقق في مباحثات فيينا"، موضحا أنه "على الأطراف المتفاوضة أن تدرك أنها إن كانت تتعامل مع الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي، فإنها ستتعامل مستقبلاً مع أجهزة أكثر تطوراً، وبقدرة أعلى على تخصيب اليورانيوم".

والمقصود هنا هو التقليل من الضرر الذي أحدثه الهجوم السيبراني المفترض على مفاعل نطنز، وفي الوقت نفسه التلويح بقدرة إيران على استبدال أجهزة الطرد المركزي التي تضررت نتيجة للحادث بأجهزة طرد أكثر تطوراً وأعلى قدرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء أعلى وبسرعة أكبر.

فقد أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن استهداف المفاعل النووي الإيراني تزامن مع تدشين الرئيس الإيراني حسن روحاني، السبت 10 أبريل/نيسان، أجهزة طرد مركزي جديدة في نطنز، التي تعتبر منشأة رئيسية لبرنامج تخصيب اليورانيوم في البلاد، وذلك في حفل بث على الهواء مباشرة على التلفزيون الرسمي.

وفي هذا السياق أشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن الحادث قد يتسبب في تأخير عمل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في نطنز لمدة تسعة أشهر، وهو ما يؤخر من قدرة طهران على الاقتراب من عتبة الحصول على سلاح نووي، تزعم تل أبيب أنها (أي تلك العتبة) كانت أصبحت في غضون ثلاثة أشهر فقط، فيما تنفي إيران من جانبها أنها تسعى لامتلاك سلاح نووي من الأساس.

وبالعودة إلى ما يقوله القانون الدولي بشأن معاقبة إسرائيل، في حال ثبت تورطها في الهجوم التخريبي الذي استهدف منشأة نطنز، نجد أن بنود الاتفاقية الدولية لمنع أعمال الإرهاب النووي تخلو من نصوص عقابية محددة وتترك الأمر لتقدير مجلس الأمن الدولي، في حال خلصت تحقيقات وكالة الطاقة الذرية إلى أن إسرائيل تقف بالفعل خلف الهجوم، وهو ما يعني استحالة صدور قرار لمعاقبة إسرائيل في ظل تمتع واشنطن بحق الفيتو في مجلس الأمن.

تحميل المزيد