زعيم داعش الحالي خان رفاقه المتطرفين وأفشى أسرار تنظيمه إلى المحققين الأمريكيين في أثناء أسره، مما أتاح للقوى الغربية تنفيذ عمليات ناجحة لاعتقالهم وقتلهم.
يمثل هذا خلاصة تسريبات أمريكية عن زعيم داعش الحالي (تنظيم الدولة الإسلامية)، سعيد عبدالرحمن المولى.
فحسب تقرير لصحيفة The Independent البريطانية، فإن زعيم داعش الحالي، كان مصدراً للاستخبارات الغربية وأمدَّها بمعلومات تفصيلية أحياناً خلال فترة اعتقاله.
زعيم داعش الحالي يكره المقاتلين الأجانب
ونقلت الصحيفة عن محلل، قوله إن هذه المفاجآت رُفع عنها النقاب بغرض زرع بذور الشقاق بين التنظيم، وأضاف هذا المحلل أنَّ حرص سعيد عبدالرحمن المولى على الإبلاغ عن الإسلاميين الآخرين جعله معروفاً باسم "الخليفة الكناري" أو "الخليفة الواشي" عندما كان خلف القضبان. وبحسب هذا المحلل، "كان يغرد مثل طائر".
توضح الملفات الاستخباراتية الصادرة حديثاً، أن استجواب "المولى" في سجن بوكا الأمريكي الذي أدارته بريطانيا جنوب العراق في 2008، كشف عن عدائه للمقاتلين الأجانب الذين بدأوا في الوصول إلى الشرق الأوسط بأعداد كبيرة في ذلك الوقت.
كذلك أظهرت أنه عارض بشكل جوهري، اشتراك النساء في أي صراع مسلح.
تسبَّب في مقتل قائده وأدى ذلك إلى وصوله لزعامة التنظيم
كان أبو جاسم أبو قسورة، وهو نائب زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، الذي صار لاحقاً "داعش"، من بين الأشخاص الذين نُقلت تفاصيل عنهم عن طريق "المولى". ولاحقاً توفي أبو قسورة في تبادل إطلاق نار مع القوات الأمريكية في الموصل. وكان أبو قسورة إسلامياً مغربياً سويدياً جنَّد متطوعين من اسكندنافيا للقتال في العراق.
ويذكر التقرير أن زعيم داعش الحالي عندما كان سجيناً رسم مخططاً لمعسكر أبو قسورة غرب الموصل، مما ساعد على تحديد هويته عن طريق أسمائه المستعارة المتعددة، ووصف خادماً موثوقاً يستعين به أبو قسورة، وضمن ذلك هيئة الرجل الجسدية والسيارات التي يستخدمها والأماكن التي يتردد عليها.
ساعدت وفاة أبو قسورة "المولى" في الوصول إلى قمة تسلسل التنظيم، ليخلف أبو بكر البغدادي في قيادة التنظيم، بعد مقتل البغدادي في عملية للقوات الأمريكية الخاصة قبل عامين.
ضابط سابق في الجيش العراقي
قضى زعيم داعش الحالي، الذي يبلغ من العمر الآن 44 عاماً وهو الآن متزوج ولديه ابن، 18 شهراً مجنداً بجيش صدام حسين قبل اعتقاله في أعقاب اتهامه بالاشتراك في العمليات المسلحة التي تلت الغزو الأمريكي البريطاني. وأُطلق سراحه في 2009، مكافأةً على كونه مخبراً، وانضم إلى القاعدة على الفور.
قال هارورو إنجرام، الباحث الكبير لدى جامعة جورج واشنطن في برنامج الجامعة المعني بدراسة التطرف، إن الوثائق يمكن "حقاً أن تهز الثقة" بين المقاتلين في قيادة داعش.
وأضاف: "ما يُحتمل أن تكشفه الوثائق هو أن تنظيم داعش لديه مشكلة وشاية، وهي في القيادة. فلديك في الأساس الخليفة الكناري يجلس هنا".
تعد تقارير الاستجواب التكتيكية الـ56 ثاني مجموعة من الوثائق السرية المرتبطة باعتقال "المولى" في 2008، والتي تصدر عن طريق الإدارة الأمريكية عبر الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت وبواسطة مركز مكافحة الإرهاب.
كشفت المجموعة الأصغر، في العام الماضي، كيف أمد زعيم داعش الحالي المحققين بمعلومات عن 88 مسلحاً.
تكشف الوثائق الجديدة أن "المولى" قدَّم تفصيلاً لتشكيل الجماعة الإسلامية في قاعدتها الرئيسية آنذاك بالموصل، ورسم الهياكل العسكرية والأمنية الداخلية والإدارية والدعائية. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية: "رسم خريطة للقيادة الكاملة لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين (سليل داعش) بالموصل".
أعطى الرجل الذي يقود داعش الآن، إلى مُعتقِلِيه المواقع التي يمكن تعقُّب رفاقه الجهاديين فيها.
نصائحه تضمنت أفضل وقت للقبض على رفاقه
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية: "في تقارير عديدة، قدَّم زعيم داعش الحالي نصائح للقوات الأمريكية حول أفضل وقت من اليوم يمكنهم العثور فيه على المتطرفين في مواقع مختلفة حول الموصل، على سبيل المثال وصف مقهى محدداً يلتقي فيه الأعضاء يومياً".
وتُظهر تقارير التحقيق أن المولى حاول تشكيل "رسم وجه مُركَّب بالحاسوب" لجهادي سعودي يُعرف باسم جار الله. وتضمنت أوصافه لبعض رفاق جار الله للمساعدة في الكشف عن هوياتهم، أوصافاً على شاكلة "خدَّين سمينين" و"لكنة عربية محددة" و"نظارة طبية ذات إطار فضي" و"بطن منتفخ"، ووصف أحدَ رفاقه بأنه "يتمايل في أثناء السير".
كان إنتاج "المولى" غزيراً على صعيد تقديم معلومات تتعلق بالفريق الإعلامي الخاص بالتنظيم، المعروف بمؤسسة الفرقان، التي كانت معنيَّة بالأعمال الدعائية الخاصة بالتنظيم. فقد كشف حقيقة موقع لضباط الاستخبارات الغربيين، قائلاً إن "هناك علامة فوق المكتب تقول (فيديوهات زفاف) لكن المكتب لم ينتج قط فيديوهات زفاف". وأضاف أن "أفضل وقت لاعتقال شخص ما في المكتب هو بين العاشرة صباحاً والثانية عشرة ظهراً، ما عدا الجمعة".
وقدَّم نزيل سجن بوكا معلومات عن العاملين في مؤسسة الفرقان، مع تفاصيل عن الأماكن التي يركنون فيها سياراتهم، وركَّز على قائد الدعايا الشيخ حكيم، المعروف كذلك باسم أبو سارة.
وأوضحت صحيفة The Independent، أن الذراع الدعائية للتنظيم يُفترض أن تصدر خطابات زعيم داعش الجديد، ولكن اللافت أن "المولى" لم يصدر أي خطابات منذ توليه في أكتوبر/تشرين الأول 2019.