مئوية الأردن العاصفة.. اعتقالات وحديث عن محاولة انقلاب وأصابع خارجية

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/04 الساعة 13:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/05 الساعة 06:53 بتوقيت غرينتش
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني - رويترز

قال مسؤولون أردنيون إن المملكة التي تحتفل بمئويتها هذه الأيام تتعرض لمحاولات خارجية لزعزعة استقرارها، فيما نشرت صحيفة إسرائيلية تقريراً حول ما زعمت أنه دور "سعودي وإماراتي" سري في محاولة انقلاب فاشلة للإطاحة بالملك عبدالله الثاني.

وكان الأردن قد شهد حملة اعتقالات أمس السبت 3 أبريل/نيسان طالت رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عبدالله ومسؤولين آخرين، فيما تم إخضاع ولي العهد السابق والأخ غير الشقيق للملك، الأمير حمزة بن الحسين، للإقامة الجبرية مع أفراد آخرين من أسرته، وسط تضارب الأنباء بشأن مصيره أو دوره في الأحداث التي أدت لحملة الاعتقالات غير المسبوقة.

الأمير حمزة بن الحسين
الأمير حمزة بن الحسين

ورغم أن الغموض لا يزال هو كلمة السر فيما يجري في الأردن، انتظاراً لبيان تفصيلي قالت الحكومة إنها ستصدره اليوم الأحد 4 أبريل/نيسان، فإن وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لا تتوقف عن نشر تقارير بعضها في إطار تحليلات لما يجري، والبعض الآخر في صورة معلومات نقلاً عن "مصادر مطلعة" دون تحديد هوية تلك المصادر.

الأردن يحتفل بمئوية تأسيسه في أجواء ساخنة

الأحداث التي لم يشهد لها الأردنيون مثلاً من قبل تتزامن مع احتفالات المملكة الهاشمية بمئوية تأسيسها، إذ كان مجلس الوزراء قد اتخذ قراراً باعتبار يوم الأحد 11 أبريل/نيسان عطلة رسمية بهذه المناسبة احتفالاً بتأسيس إمارة الأردن عام 1921، التي تحولت لاحقاً إلى المملكة الأردنية الهاشمية.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن قد حملت أمس السبت أنباء اعتقال نحو 20 شخصية بارزة وفرض الإقامة الجبرية على الأمير حمزة وبعد ساعات من الترقب وتضارب الأخبار، نشرت وكالة الأنباء الرسمية "بترا" خبراً مقتضباً يفيد بـ"اعتقال كل من الشريف حسن بن زيد، ورئيس الديوان الملكي السابق باسم إبراهيم عوض الله وآخرين، لأسبابٍ أمنية".

وازداد غموض الموقف بعد تصريحات رسمية نفت وضع الأمير حمزة قيد الإقامة الجبرية، وقال رئيس هيئة الأركان الأردنية المشتركة (قائد الجيش) إنه "لم يتم توقيف الأمير حمزة، لكن طُلب منه التوقف عن تحركات ونشاطات توظف لاستهداف أمن الأردن واستقراره"، دون تقديم المزيد من التوضيحات.

لكن هيئة الإذاعة البريطانية BBC نشرت مقطع فيديو للأمير حمزة أكد فيه أنه يخضع للإقامة الجبرية، وجاء فيه: "تلقيت زيارة من رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأردنية صباح اليوم أبلغني فيها بعدم السماح لي بالخروج والتواصل مع الناس أو مقابلتهم، لأن انتقادات وجهت للحكومة أو الملك في الاجتماعات التي كنت حاضراً فيها أو على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالزيارات التي قمت بها".

أحداث الأردن والأيادي الخارجية وصفقة القرن

وكان لافتاً صدور بيانات دعم وتأييد للأردن وعاهله عبدالله الثاني بمجرد انتشار أنباء حملة الاعتقالات الواسعة، من جانب دول عربية وغربية وشرق أوسطية، فيما خرجت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، اليوم الأحد، بتقرير زعمت فيه -نقلاً عن مصادر أردنية وصفتها "بالرفيعة جداً"- وجود "دور سعودي وإماراتي" سري فيما وصفته الصحيفة بأنها "محاولة انقلاب فاشلة" تعرضت لها المملكة الأردنية.

وقالت المصادر الأردنية التي زعمت الصحيفة أنها تحدثت لها -دون تسمية تلك المصادر- أن الدليل على دور السعودية، قيام ملك الأردن عبدالله الثاني بزيارة مفاجئة إلى المملكة الشهر الماضي، ولم يتم إعطاء تفاصيل عنها أو عن أهدافها، وأشارت مصادر الصحيفة أيضاً إلى أن الملك وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تحدثا في الزيارة، وامتنع الجانبان عن الإدلاء ببيان مشترك.

وبحسب "يديعوت أحرونوت" أيضاً، فإن المصادر الأردنية تُقدر أن "ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأحد قادة الإمارات الخليجية، على ما يبدو أنها أبوظبي، هما شريكان سريان في محاولة الانقلاب الفاشلة". 

ولفتت الصحيفة إلى أن أحد أبرز المعتقلين هو باسم عوض الله، الذي كان وزيراً للمالية في الحكومة الأردنية، وقالت إنه معروف عن عوض الله أنه مساعد للملك عبدالله، ويمثل حلقة الوصل بين النظام الملكي السعودي والأردن، كما يحظى عوض الله بعلاقة قوية مع القصر الملكي السعودي، ويعتبر مستشاراً للأمير محمد بن سلمان وصديقاً قديماً له، وهو يحمل كذلك الجنسية السعودية.

محاولة انقلاب بالأردن
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وملك الأردن عبد الله الثاني – رويترز

وحتى الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش لم يصدر أي تعليق رسمي من الأردن، أو السعودية، أو الإمارات، حول ما زعمته الصحيفة الإسرائيلية، فيما لم يستخدم أي من المسؤولين الأردنيين توصيف "محاولة انقلاب" عند الحديث عن الأحداث التي تشهدها المملكة، فيما أكد المسؤولون من الوزراء ورئيس مجلس الأعيان على أن الملك عبدالله "خط أحمر".

وجاء في افتتاحية صحيفة الرأي الأردنية إشارات واضحة على أن ما تشهده المملكة يتخطى حدودها: "طفقت الشائعات تجوب الأردن طولاً وعرضاً وأخذت التكهنات تحرك شهية الصحافة العالمية لتحقيق سبق صحفي، وفي هذه الساعات الحاسمة ظهرت الأوزان الحقيقية التي رجحت وبصورة قاطعة وكاملة انحياز الأردنيين لشرعية الحكم ولدستورهم ومؤسساتهم. وربّ ضارة نافعة، ففي هذه الساعات التي أنهاها خروج قائد الجيش بتصريحات واضحة تبين مدى التماسك الوطني وقدرة الأردنيين على الوقوف صفاً واحداً".

واستمرت الافتتاحية: "يسعى البعض إلى توهم محاولة انقلابية في الأردن ويحاولون الزج بالأمير حمزة في أمنياتهم السقيمة، وكل ما في الأمر أن بعض تحركات الأمير كانت توظف لاستهداف أمن الأردن واستقراره ويمكن لقراءة تفاصيل المشهد أن تبدد البناء للمجهول الذي يقوم بالتوظيف والمحبط حالياً من الاقتراب من إجهاض صفقة القرن والعودة للحديث بصورة جدية عن حل عادل للقضية الفلسطينية، حل لا يكون على حساب الأردن".

وحديث افتتاحية "الرأي" عن صفقة القرن وعلاقتها بما يجري في الأردن يمثل على الأرجح إشارة مبطنة لدور إسرائيلي بطبيعة الحال لما حدث ويحدث في الأردن، ويرى البعض أن مسارعة صحيفة يديعوت أحرونوت إلى الحديث عن "دور سعودي وإماراتي" فيما يجري ربما يكون مقصوداً منه خلط الأوراق واستباق اتهامات متوقعة تطال تل أبيب.

تفاصيل مثيرة لاعتقالات الأردن

التصريحات التي تخرج من الأردن حتى الآن، ورغم تجنب الحديث عن محاولة انقلابية، تشير إلى أن ما رشح من أحداث السبت ربما يكون قمة جبل الجليد، ولا يزال الجميع في انتظار تفاصيل "الحملة الأمنية" من جانب الحكومة الأردنية، لكن الواضح أن هناك حرصاً على عدم الزج باسم الأمير حمزة في محاولات "زعزعة استقرار المملكة".

وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قد نشرت جانباً من كواليس ما جرى في الأردن، وقالت إن عشرات السيارات توقفت أمام مبنى المخابرات الأردنية في منطقة دابوق بالعاصمة عمّان، وتم إنزال محتجزين كانت وجوههم مغطاة بملاءات سوداء حتى لا يمكن التعرف عليهم، وكانوا محاصرين من قِبل رجال الأمن.

وأضافت الصحيفة أن قوة خاصة وصلت إلى الأمير حمزة، الذي يبلغ من العمر 41 عاماً، لكنها تركته مع شقيقه الأمير هاشم، وأيضاً مع أخ غير شقيق آخر، وهو الأمير علي، في قصر العائلة في عمّان، وقال ضابط كبير في الأجهزة الأمنية في عمان لـ"يديعوت أحرونوت" الليلة الماضية: "مثل هذا الشيء من هذا الحجم، بمشاركة كبار أعضاء العائلة المالكة لم يحدث لنا من قبل".

الملكة نور
الملكة نور والدة الأمير حمزة بن الحسين – رويترز

وكان القصر محاطاً بالحراس، ولم يُسمح بالدخول أو الخروج، كما ورد اسم مشتبه به آخر هو الأمير حسن بن زيد، وهو عم الملك عبدالله من الدرجة الثانية، ويعيش الأمير حسن في السعودية، ويحمل جواز سفر أردنياً، بالإضافة إلى جواز سفره السعودي.

وصباح اليوم الأحد قالت وكالة رويترز إن قوى أمنية وصلت إلى منزل الأمير حمزة لفتح تحقيق معه، ونقلت عن مصادرها القول إن الملك عبدالله استاء من الأمير حمزة، لأن بعض الشخصيات المعارضة تجمعت حوله، بينما نشرت الملكة نور -والدة الأمير حمزة- تغريدة عبر حسابها في تويتر تعليقاً على الأحداث.

ويرى كثير من المحللين أنه كلما تأخرت الحكومة الأردنية في كشف تفاصيل حملتها الأمنية غير المسبوقة، زادت وتيرة التكهنات والشائعات، خصوصاً في زمن منصات التواصل الاجتماعي وقدرتها على نشر المعلومات أو الشائعات على حد سواء.

تحميل المزيد