الإمارات تنقل صواريخها ومدرعاتها من إريتريا لمصر.. قصة القاعدة العملاقة التي استغلتها أبوظبي لدعم حفتر، وماذا يدور بها الآن؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/08 الساعة 18:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/03/08 الساعة 21:24 بتوقيت غرينتش
الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي مع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر/رويترز

عادت قاعدة سيدي براني بغرب مصر للأضواء مجدداً، بعد نشر الإمارات مركبات عسكرية وأنظمة صواريخ باتريوت بها، نقلتها من قاعدة عصب الإريترية.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية تضاعُف عدد المركبات في سيدي براني 5 مرات مقارنة بالعام الماضي، حسبما كشف تحقيق لقناة الجزيرة.

وتوصف القاعدة التي سُميت قاعدة محمد نجيب على اسم أول رؤساء مصر، بأنها أكبر قاعدة عسكرية في إفريقيا والشرق الأوسط، وارتبطت القاعدة بتورط أبوظبي في الأزمة الليبية، وبالدعم المصري الإماراتي للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، الذي تراجع دوره مع تقدُّم التسوية في ليبيا، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الهدف من هذه التحركات الإماراتية.

وكشف تحقيق الجزيرة، أن الإمارات فكَّكت منشآت وثكنات عسكرية، ونقلت منظومة باتريوت وطائرات ومركبات من قاعدتها بـ"عصب" في إريتريا على البحر الأحمر إلى اليمن وحدود مصر مع ليبيا، حسب التقرير.

الإمارات استخدمتها لتنفيذ غارات في ليبيا

وقبل عدة أشهر، كشف تقرير لـ"بي بي سي" عن أدلة جديدة حول مقتل 26 طالباً أعزل، بطائرة إماراتية مسيَّرة بطرابلس في يناير/كانون الثاني 2020، وأن الإمارات نشرت طائرات مسيَّرة وطائرات عسكرية أخرى لدعم حلفائها الليبيين، وأن مصر تسمح للإمارات باستخدام قواعد جوية قريبة من الحدود الليبية (على الأرجح أنها قاعدة سيدي براني).

ورغم أن الأزمة الليبية شهدت تهدئة من قِبل القاهرة، وسط حديث عن رفضها الاستمرار في المراهنة على حفتر كما تريد أبوظبي، فإنَّ نقل أبوظبي معدات عسكرية إلى قاعدة سيدي براني يثير مخاوف من محاولة إماراتية لإفساد جهود التسوية السياسية بليبيا، في وقت يستعد فيه مجلس النواب للانعقاد لمنح رئيس الحكومة الجديد عبدالحميد دبيبة الثقة، وهو الاجتماع الذي يحاول حفتر عرقلته.

الإمارات تتخلى عن قاعدتها في إريتريا وتعزز وجودها بقاعدة سيدي براني المصرية 

وأظهرت صور الأقمار الصناعية حركة طائرات شحن عسكري بين عصب وقاعدة سيدي براني المصرية، في ظل حديث عن تفكيك الإمارات قاعدتها في إريتريا، الواقعة على البحر الأحمر.

وكشف تحقيق لغرفة أخبار الجزيرة، عمِل عليه فريق البحوث المتقدمة والاستقصاء بالتعاون مع فريق متخصص في تحليل صور الأقمار الصناعية، قيام دولة الإمارات بتفكيك قاعدتها العسكرية في إريتريا، والتي تُعرف بقاعدة عصب، ونقل منشآتها وآلياتها العسكرية إلى جزيرة ميون اليمنية، وإلى قاعدة سيدي براني العسكرية المصرية، التي تقع على مقربة من الحدود مع ليبيا.

 كما أظهرت صور الأقمار الصناعية إنشاءات عسكرية في جزيرة ميون اليمنية في باب المندب، وذلك بالتزامن مع تفكيك القاعدة الإريترية.

وكشف تحقيق الجزيرة تحركات وتفكيك قاعدة عصب في الفترة بين 28 ديسمبر/كانون الأول 2020 إلى 2 مارس/آذار 2021.

كما أظهر التحقيق قيام الإمارات بإنشاء مدرج للطائرات في جزيرة ميون بطول 1800 متر، ونقلت طائرات مسيرة من ميناء عصب إلى الجزيرة اليمنية.

سفينة إماراتية تحاول التخفي من الرصد

وبناء على صور الأقمار الصناعية، أظهر التحقيق نقل الإمارات مركبات من طراز نمر وG6 إلى قاعدة سيدي براني.

وبالاستناد إلى صور الأقمار الصناعية، ظهرت سفينة الشحن الإماراتية "جبل علي 7" في قاعدة عصب بإريتريا في 23 يناير/كانون الثاني الماضي لتنقل معدات ومنشآت تم تفكيكها في القاعدة، وهي السفينة التي انطلقت من ميناء الفجيرة العسكري في الإمارات، إذ كان آخر ظهور لها في الميناء بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول 2020، قبل أن توقف السفينة أجهزة الرادار التي تظهرها على أنظمة التتبع المفتوحة للسفن.

وتتبعت السفينة الإماراتية نمط التخفي والظهور من حين لآخر في طريقها من قاعدة عصب إلى ميناء الإسكندرية شمالي مصر، وهو ما نتج عنه تضارب في بيانات المنصات المفتوحة والمتعلقة بسير السفينة، إلا أن مصادر تتبع خاصة أظهرت توقف السفينة عند عدد من الأماكن منها السويس وصولاً إلى ميناء الإسكندرية، حسب تقرير الجزيرة.

ونقلت سفينة الشحن الإماراتية أكثر من 1300 مركبة عسكرية من قاعدة عصب إلى قاعدة سيدي براني المصرية، إذ انخفض عدد المدرعات في القاعدة الإريترية من 2349 مركبة في 23 يناير/كانون الثاني الماضي إلى 1008 مركبات في 4 فبراير/شباط الماضي.

من الإسكندرية إلى سيدي براني عبر القطار

ونقلت الشحنات العسكرية بالقطار من ميناء الإسكندرية إلى قاعدة سيدي براني، إذ استطاعت الجزيرة التحقيق من ثلاثة فيديوهات، التقطت لحركة القطارات محملة بالعربات العسكرية في عدة مواقع على خط السكة الحديد بين مدينة الإسكندرية وسيدي براني، وتظهر الوسائط تطابق الصور في الفيديو مع صور الأقمار الصناعية في مواقع على خط سكة الحديد.

وفي قاعدة سيدي براني، أظهرت صور الأقمار الصناعية تضاعف عدد المركبات العسكرية بالقاعدة 5 مرات في 24 فبراير/شباط الماضي، مقارنة بمنتصف العام الماضي.

قاعدة استثنائية في تاريخ مصر العسكري 

وشكل بناء قاعدة سيدي براني بهذه الضخامة تحولاً في التوجهات التاريخية للأمن القومي المصري الذي كان يركز على التهديدات من الغرب والجنوب. 

وجاء ذلك اتساقاً مع توجهات التحالف المصري الإماراتي بعد 30 يونيو/حزيران  2013 والذي تركز على مناصبة الربيع العربي العداء، وهو ما ظهر في دعم انقلاب الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر على العملية السياسية في ليبيا.

وبدت هذه التوجهات ظاهرة في احتفالية افتتاح القاعدة عام 2017 حيث افتتحها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي آنذاك بحضور ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة وأمير مكة خالد الفيصل ووزير الدفاع الكويتي محمد الخالد الحمد الصباح والقائد العسكري الليبي خليفة حفتر.

وعزز دور الإمارات في قاعدة سيدي براني الشكوك بأنها قد شاركت في تمويل القاعدة وأنها قد تكون الدافع وراء تأسيسها بما يخالف التوجهات التقليدية للأمن القومي.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر/رويترز
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر/رويترز

فلقد دأبت مصر عبر التاريخ على أخذ الحيطة والحذر من حدودها الشرقية. حيث وقعت عبر هذه الحدود غزوات وحروب. وآخر الحروب كانت مع إسرائيل في يونيو/حزيران 1967.

أما غرباً فقد لعبت الصحراء المترامية الأطراف دور الحاجز الطبيعي وبالتالي قلما تعرضت مصر للغزو من الغرب، حسبما ورد في تقرير آخر لموقع "بي بي سي".

لكن إنشاء قاعدة "محمد نجيب العسكرية" في مدينة الحمام بمرسى مطروح وتوسيع القاعدة العسكرية في "سيدي براني" قرب الحدود مع ليبيا يأتي في إطار توجه جديد في مصر في عهد الرئيس السيسي.  

خط سرت الأحمر

ومن هذه القاعدة سبق أن قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، في ذروة التصعيد في الأزمة الليبية عقب هزيمة حفتر في معركة  طرابلس  في يونيو/حزيران 2020 إن أي تدخل مباشر من الدولة المصرية في الأزمة الليبية باتت تتوفر له الشرعية الدولية، سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة (حق الدفاع عن النفس)، أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي (مجلس النواب الليبي).

كما قال السيسي في ذلك الوقت خلال تفقده للمنطقة العسكرية الغربية التي تقع بها القاعدة  إن تجاوز سرت والجفرة خط أحمر، بالنسبة للقاهرة، وذلك بعدما أبدت بعض مكونات حكومة  الوفاق، رغبتها في طرد قوات حفتر من سرت، بعد أن سبق أن  تنصل من التسوية السياسية، إضافة إلى أن المدينة هي جزء من الغرب الليبي، وكانت خاضعة لحكومات طرابلس المختلفة منذ بداية الأزمة الليبية.

معلومات أساسية عن القاعدة

  •  مساحتها 18 ألف فدان، حسبما ورد في تقرير لـ"بي بي سي".
  • تحتوي على ميادين رماية كثيرة واستراحات للقادة وسكن للضباط وصف الضباط.
  • تحتوي على 1155 منشأة حيوية و72 ميدان تدريب.
  • تحوي عنابر لفوج ناقلات دبابات ثقيلة عددها 451 ناقلة.
  • يتمركز فيها مزيج من مختلف الأسلحة من مدرعات ومدفعية ثقيلة وقوات تدخل سريع وعشرات الطائرات العمودية ما بين هجومية وناقلة.
  • تم تطوير وتوسعة الطرق الخارجية والداخلية بالقاعدة بطول 72 كم، منها وصلة الطريق الساحلي بطول 11.5 كم، حسب تقرير لموقع العربية
  • اشتملت الإنشاءات الجديدة على إعادة تمركز فوج لنقل الدبابات يسع نحو 451 ناقلة حديثة لنقل الدبابات الثقيلة من منطقة العامرية، وكذلك إعادة تمركز وحدات أخرى من منطقة كنج مريوط.
  • تبلغ قدرات الفرقة 21 المدرعة المتمركزة في القاعدة عام 2020 نحو 714 ضابطاً، و5154 عسكرياً من درجات أخرى، و1760 معدة ومركبة أنواع مختلفة، وفقاً لما ذكرته الهيئة العامة للاستعلامات (الجهة الرسمية المصرية المكلفة بنشر المعلومات الحكومية).
  • تضم وحدات للدفاع الجوي، ومدفعية الرمي غير المباشر، واللواء الأول مدرع وعناصر دعمه، واللواء 17 المشاة الميكانيكي وعناصر دعمه، واللواء 14 المدرع وعناصر دعمه، ومدفعية الرمي المباشر للمقذوفات الموجهة للدبابات، والقوات الخاصة وقوات المظلات.
تحميل المزيد