أصبح التطلع في وجوه زملائك وهم في منازلهم عبر شاشة الهاتف المحمول أو الحاسوب، سمة من سمات العصر، لكنه أمر قد يحمل العديد من الأضرار والمخاطر ويثير مشاعر سلبية لدى الإنسان، سماها العلماء "إرهاق اجتماعات Zoom".
فقد أصبح هذا "العبء الزائد غير اللفظي" من اجتماعات الفيديو عبر الإنترنت (إرهاق اجتماعات Zoom)، ظاهرة لفتت نظر العلماء الذين اكتشفوا أن اجتماعات Zoom وغيره من التطبيقات المماثلة أمر مربك للعقل البشري"، حسبما نقلت صحيفة The Guardian البريطانية.
فمع دخول جائحة كوفيد عامها الثاني، واستمرار عمل العديد من الأشخاص والذهاب إلى المدرسة عن بعد، بدأ باحثون من جامعة ستانفورد ومدارس أخرى في دراسة كيفية تأثير مؤتمرات الفيديو على الأشخاص على المستوى النفسي.
التفسيرات المحتملة لظاهرة إرهاق اجتماعات Zoom ليست خاصة بتطبيق Zoom، ولكن تنطبق على برامج مؤتمرات الفيديو الأخرى أيضاً، لكن الباحثين استخدموا اسم العلامة التجارية Zoom لأنه أصبح الأشهر بعد الجائحة.
سواء نظرت إلى نفسك أو للآخرين عبر الشاشة فهناك مشكلة
"الانتقال من عدد قليل من مؤتمرات الفيديو أسبوعياً، في بعض الحالات، إلى تسعة أو 10 مؤتمرات في اليوم، أمر جديد حقاً في تاريخ استخدام الوسائط"، حسبما نقل تقرير لموقع CNBC، عن جيريمي بيلنسون، المدير المؤسس لمختبر التفاعل البشري الافتراضي بجامعة ستانفورد، في البحث الذي نُشره الأربعاء 24 فبراير/شباط 2021.
ورصدت الدراسة التي خضعت لمراجعة الأقران، ونشرت في مجلة Technology, Mind and Behaviour، العواقب المحتملة لهذا القدر المفرط غير المسبوق من التواصل البصري عبر النظر لصور مقربة مع الآخرين وأثره على الأفراد خلال محادثات الفيديو الطويلة.
غالباً ما تعرض برامج مؤتمرات الفيديو وجوهاً كبيرة جداً لدرجة أنها تخدع عقلك للاعتقاد بأنهم أمامك مباشرةً، في مساحتك الشخصية. يمكن أن يؤدي ذلك إلى بعض الغرائز العميقة الجذور.
وأوضح بيلنسون أنه عندما تكون وجوه الآخرين قريبة للغاية من وجوهنا، تدفعنا أدمغتنا للاعتقاد بأن ثمة تواصلاً جنسياً أو صراعاً قد بات وشيكاً. وتابع: "وما يحدث هو أنك في الواقع، عند استخدام تطبيق Zoom لساعات طويلة، تكون في حالة تأهّب شديدة وهو ما يؤدي إلى حدوث ظاهرة إرهاق اجتماعات Zoom".
من وجهة نظر فسيولوجية، أنه إذا كان شخص ما قريباً منك حقاً، وكان ينظر إليك، فأنت على وشك التزاوج، أو أنك على وشك القتال، هذا من وجهة نظر تطورية.
لماذا تحدث مشكلة عندما ننظر لصورتها مطولاً عبر تطبيقات الفيديو؟
كما تشير الأبحاث إلى أن الصندوق الصغير أثناء مؤتمر الفيديو الذي يسمح للمستخدمين برؤية أنفسهم أمر غير طبيعي ويمكن أن يؤدي إلى التقييم الذاتي المستمر، حسبما ورد في تقرير CNBC.
في رأي بيلنسون، أكبر سبب في ظاهرة إرهاق اجتماعات Zoom هو الصندوق الصغير أثناء مؤتمر الفيديو الذي يسمح للمستخدمين برؤية أنفسهم.
وقال بيلنسون لبرنامج Today على إذاعة BBC Radio 4: "تُظهر أبحاث علم النفس على مدى عقود أنه عندما ننظر إلى أنفسنا، نخضع أنفسنا للتدقيق والتقييم، وهذا مع مرور الوقت يتسبب في التوتر والمشاعر السلبية".
وأضاف: "عندما نضطر للنظر إلى أنفسنا في فيديو أو مرآة، نتصرف بمثابة نسخة مثالية من أنفسنا، أو بعبارة أخرى، نحاول أن نكون في أفضل صورة من ذواتنا. لكن هذا له ثمن".
- هناك أربع طرق رئيسية يمكن أن تساهم بها مؤتمرات الفيديو في ظاهرة إرهاق اجتماعات Zoom
- تجبر مؤتمرات الفيديو المستخدمين على إجراء اتصالات بصرية ممتدة
- تتطلب الإشارات غير اللفظية مثل الإيماء مزيداً من الجهد
- الصندوق الصغير حيث يرى المستخدمون أنفسهم غير طبيعي
- يضطر المستخدمون للجلوس في مكان واحد.
ويمكن للأفراد فهم الإشارات الاجتماعية والتلميحات بسهولة أكبر خلال التواصل الشخصي أكثر من الفيديو، ولكن مع انتشار العمل في المنزل بسبب جائحة كورونا، زاد انعقاد الاجتماعات عبر الفيديو بشكل كبير، وأصبح تطبيق Zoom هو البرنامج الأكثر شيوعاً لهذا الغرض، إذ إنه مجاني وسهل الاستخدام.
عمليات التجميل تتزايد
قد تؤدي فترة الاعتماد على الإنترنت لتنظيم الاجتماعات، التي طالت خلالها ساعات جلوس الأفراد أكثر مما اعتادوا في مقار العمل، إلى عواقب أكثر ديمومة، تتعدى تداعيات إرهاق اجتماعات Zoom التي سبق الإشارة إليها.
فوفقاً للجمعية الأمريكية لجراحي التجميل، ازدادت الاستشارات عبر الإنترنت بشأن عمليات التجميل بنسبة 64% في الولايات المتحدة منذ بداية الجائحة.
قال الدكتور مايكل سومينيك، الذي رصد زيادة بنسبة 50% إلى 60% في جراحات التجميل التي أجراها بواشنطن: "لقد شهدنا بالتأكيد زيادة في عدد عمليات التجميل الجراحية التي سعى الناس للخضوع لها لأسباب تتعلق مباشرة بصورتهم في اجتماعات Zoom".
وأضاف: "الإجراء الجراحي الأبرز الذي أثار اهتمام الناس هو إما جفونهم العليا أو رقبتهم، إذ تبدو رقابهم بذقن مزدوج على الكاميرا".
كيف يمكن معالجة إرهاق اجتماعات Zoom؟
- إخفاء صورة الذات، ففي تطبيق Zoom يمكنك النقر بزر الماوس الأيمن على الفيديو ثم الضغط على "Hide Myself"، وبرامج مؤتمرات الفيديو الأخرى لديها خيارات مماثلة.
- عدم استخدام خاصية العرض على الشاشة كاملة، وقم بتقليص نافذة التكبير/التصغير لجعل الأشخاص الآخرين أصغر قليلاً. اجعلها ثلث الشاشة بدلاً من تكبيرها، كما يقترح معد الدراسة.
- يمكنك وضع مقعدك بعيداً قليلاً عن كاميرا الويب.
- استخدم لوحة مفاتيح خارجية ليبعد المستخدم نفسه عن وجوه الآخرين، الأمر الذي يقلل من ظاهرة إرهاق اجتماعات Zoom.
- اقض نصف ساعة في تعديل الإعداد قبل الاجتماع المهم. تحقق من الإضاءة، واكتشف مكان وضع الكاميرا الخارجية، وتأكد من أن مقعدك مريح وعلى الارتفاع المناسب، ربما حاول وضع الكمبيوتر المحمول على كومة من الكتب لرفع ارتفاعه.
- ضع معايير ثقافية مع زملائك في العمل أنه لا بأس من إيقاف تشغيل الكاميرا في بعض الأحيان، إذا تسنّى ذلك، كي تحصل على فاصل بسيط من الراحة من التواصل المرئي.
- إضافة إلى وقف تشغيل الكاميرا، خذ استراحة صوتية فقط لمدة خمس دقائق أثناء اجتماع طويل لمنح نفسك فرصة للتنقل.
- قم بإبعاد جسمك عن الشاشة أيضاً، كي لا تنغمس في الإيماءات التي تنعكس على إدراكك دون أن يكن لها معنى اجتماعي".