إسرائيل تدق ناقوس الخطر من إجراء الانتخابات الفلسطينية.. تخشى “اكتساح حماس” وعباس يشاركها القلق

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/26 الساعة 09:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/26 الساعة 14:52 بتوقيت غرينتش
"من الأفضل ألا تقام الانتخابات الفلسطينية على الإطلاق".. مخاوف أمنية إسرائيلية من اكتساح حماس مجدداً/ تعبيرية، رويترز

أمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإجراء انتخابات عامة في 22 مايو/أيار، وانتخابات رئاسية في 31 يوليو/تموز، واستكمال انتخابات تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني في 31 آب/أغسطس المقبل، ورحبت حركة حماس بهذا الإعلان، لكن يبدو أنه من وجهة نظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، من الأفضل ألا تُقَام الانتخابات الفلسطينية المقررة على الإطلاق.

وهناك 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة المُحاصَر والقدس الشرقية وأراضي الضفة الغربية المحتلة مؤهلون للتصويت. لكن لن تسمح إسرائيل على الأرجح، التي ضمت القدس الغربية المحتلة في 1967، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي قط، للمقدسيين بالتصويت، بحسب الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان، المعلق في الشؤون الأمنية والاستخباراتية.

"إسرائيل تتذكر جيداً كيف صدمها فوز حماس قبل 15 عاماً"

ويقول ميلمان في مقالة له بموقع Middle East Eye البريطاني إن إسرائيل تتذكر جيداً كيف صدمها فوز حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة في عام 2006. وتغلبت حماس على فتح، التي أسسها ياسر عرفات وقادها محمود عباس ورجاله منذ وفاته، في انتخابات قال مراقبون دوليون إنها تمتعت بالحرية والنزاهة.

ويقول الكولونيل مايكل مليشتاين، الرئيس السابق للشعبة الفلسطينية في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، للموقع البريطاني: "تمثل الانتخابات الفلسطينية لإسرائيل مصدر خطر أكثر منها نافذة فرص".  

وبعد عام من الانتخابات، سيطرت حماس على السلطة في غزة بعد اشتباكات عنيفة مع فتح، وهي تسيطر على القطاع الساحلي منذ ذلك الحين.

بحسب التصور الأمني ​​الإسرائيلي فإنَّ الانتخابات تشكل تهديداً. إذا فازت حماس في الانتخابات مجدداً، فستزداد ثقة بنفسها لدرجة تصعيد التحدي ضد إسرائيل/ انتخابات 2006، وفا

وتعتبر الانتخابات العامة تطوراً واعداً لتعزيز العملية الديمقراطية وزيادة ثقة الجمهور وترسيخ دعم دولي للمأزق الفلسطيني وإنعاش السياسة الفلسطينية الراكدة وسياسييها المسنين.

وتعاني فتح من توترات داخلية وانقسامات طائفية وتدهور صورتها العامة. وفي غضون ذلك، تُظهِر حماس تصميماً ودرجة عالية من الوحدة والمهارات التنظيمية، بحسب مليشتاين.

وكانت هذه السمات موجودة بالفعل في العامين المضطربين 2006 و2007؛ مما أدى إلى فوز حماس في الانتخابات وهيمنتها على غزة. ولفت مليشتاين، وهو الباحث في مركز هرتسليا بتل أبيب إلى أنه "يمكن أن يتكرر هذا السيناريو في الانتخابات القادمة".

ولهذا، ينتاب القلق مسؤولي الأمن الإسرائيليين من المخابرات العسكرية وجهاز الأمن العام، الذين يراقبون ويحللون التطورات في الضفة الغربية المحتلة وغزة.

إسرائيل تستعد مبكراً للانتخابات الفلسطينية ولكن ليس بيدها الكثير لفعله

تقول صحيفة معاريف الإسرائيلية إن تل أبيب سارعت خلال الأيام الماضية إلى اعتقال العديد من قيادات ورموز ونشطاء حركة حماس في الضفة الغربية، فيما وجهت تهديدات وتحذيرات لكل من يفكر بالمشاركة في الانتخابات ترشحاً.

وبحسب الصحيفة، فإن المصلحة الإسرائيلية هي أن تفوز فتح كممثل للسلطة الفلسطينية في انتخابات مايو/أيار القادم، وأن الرئيس محمود عباس، 86 عاماً، يفوز في الانتخابات الرئاسية. لكن الصورة الأكثر تعقيداً، هي أن حكومة نتنياهو تخشى من إفراز سلطة فلسطينية قوية، سلطة يمكن أن تمثل جميع الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وتشارك بها حماس بشكل أو بآخر.

وتقول "معاريف" إن هناك دائماً احتمالاً أن توقف إسرائيل الانتخابات الفلسطينية، لكن حتى ذلك لن يخدمها. وخلال عهد إدارة ترامب، أرسلت إسرائيل رسالة واضحة للسلطة الفلسطينية بأنها لن تسمح بإجراء انتخابات في حالة مشاركة حماس فيها. لكن الآن نحن في عهد بايدن، وبالتالي فإن حكومة نتنياهو باتت أمام معضلة حقيقية، لا يوجد إنكار أو تصريح صريح لإمكانية السماح بإجراء انتخابات ديمقراطية في الضفة وغزة والقدس الشرقية، وكل ما يمكن أن نعرفه حول هذه القضية سيتضح فقط بعد نتائج الانتخابات الإسرائيلية في مارس/آذار القادم.

"مخاوف فتح تشابه مخاوف إسرائيل من فوز حماس"

بالعودة إلى مقال يوسي ميلمان في MEE، فوفقاً لمسؤولين أمنيين إسرائيليين، لا يقِل قلق عباس وكبار مساعديه عن ذلك الذي تشعر به إسرائيل. ويقولون إنَّ "عباس كان متردداً جداً في الموافقة على الدعوة للانتخابات".

وتواجه قيادة عباس الضعيفة تحدياً من مروان البرغوثي، الذي يُعتبَر الزعيم الأكثر شعبية بين مؤيدي فتح والسلطة الفلسطينية. وباءت بالفشل حتى الآن جميع محاولات عباس لإقناع البرغوثي بالتراجع عن ترشيحه.

ولتسهيل هدف عباس، وصل مسؤولو الأمن الإسرائيليون إلى حد السماح لمستشاري الرئيس بزيارة البرغوثي في ​​زنزانته بالسجن، حيث يقضي عدة أحكام بالسجن مدى الحياة بعدما أدانته محكمة إسرائيلية بالقتل خلال الانتفاضة الثانية. لكن عباس استسلم في النهاية للضغط، الذي تصاعد ضده من جيل الشباب الفلسطيني الذي يأمل في رؤية تغيير في السلطة. 

الانتخابات الفلسطينية 2006/ رويترز

ويواجه عباس الآن معضلة. إذا لم تُعقَد الانتخابات، فستؤول محاولاته لتحقيق الوحدة الوطنية وإعادة تقديم فتح على أنها قوة بارزة في غزة إلى الفشل. لكن إذا أُجرِيَت الانتخابات، فقد تُهزَم فتح مرة أخرى وتزداد حماس قوة، ليس فقط في قاعدتها الجماهيرية الصلبة في غزة بل أيضاً في الضفة الغربية.

أما التصور الأمني ​​الإسرائيلي بحسب الصحافة العبرية، فهو أنَّ الانتخابات الفلسطينية تشكل تهديداً. إذا فازت حماس في الانتخابات، فستزداد ثقة بنفسها لدرجة تصعيد التحدي ضد إسرائيل.

ووضع محللو المخابرات العسكرية وجهاز الأمن العام الإسرائيلي بالفعل سيناريوهات يقولون فيها إنه "إذا فازت حماس، أو اكتسبت مزيداً من القوة في الانتخابات، فستستخدم نفس التكتيكات العسكرية المستخدمة في غزة؛ وهي: إطلاق الصواريخ، وزرع القنابل، واستخدام الكر والفر، ضد القوات الإسرائيلية والمستوطنين اليهود في الضفة الغربية"، بحسب مصادر يوسي ميلمان.

في النهاية، قد لا تملك إسرائيل حقاً فعل الكثير، إذ لا يمكنها معارضة الانتخابات علانية، وهي تعلم أيضاً أنها ليس لديها إجراءات حقيقية للتأثير فيها.

تحميل المزيد