نجحت الصين في تراجع معدل مواليدها لكنها لم تكن تحسب حساباً لهذه الكارثة!.. فما الحل أمام بكين؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/12 الساعة 12:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/12 الساعة 12:03 بتوقيت غرينتش
الرئيس الصيني / Xinhua

قال خبراء إنّ عقوداً من سياسة الطفل الواحد وتغيير المواقف الاجتماعية بشأن الأسرة والزواج في الصين قد أدّت إلى تراجع معدل المواليد، بعد أنّ أظهرت الأرقام الأوّلية الأسبوع الجاري تراجعاً بنحو 15% عام 2020.

وقال علماء الدراسات السكانية والاجتماع إنّ الأسباب وراء تراجع معدلات المواليد تشمل ارتفاع تكاليف السكن، والتعليم، وزيادة رفض الزواج بين الفتيات الشابات؛ إذ وصلت معدلات الزواج عام 2019 إلى أدنى مستوياتها، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

وقد أظهرت البيانات الصادرة يوم الإثنين الثامن من فبراير/شباط عن وزارة الأمن العام الصينية أنّ عدد تسجيلات المواليد الجديدة عام 2020 كان 10.035 مليون، مقارنة بـ11.8 مليون عام 2019. وتجدر الإشارة إلى أنّ الرقم المسجل عام 2019 كان الأدنى منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949.

كما سلّطت أرقام التسجيل -التي لا تعكس بالضرورة جميع المواليد- على استمرار عدم التوازن بين الجنسين. فنحو 53% من المواليد كانوا من الذكور، أي بزيادة نحو 545 ألف طفل عن الإناث.

الاقتصاد الصيني الشائخ!

ودقّ تراجع المواليد جرس الإنذار بالنسبة للاقتصاد الصيني لأن سكانها يشيخون بسرعة دون دعمٍ كافٍ لجميع كبار السن. ومن المتوقع أن يزيد عمر ثلث السكان عن 60 عاماً بحلول سنة 2050، بينما قال تقريرٌ صادر عام 2019 عن الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية إنّ صندوق التقاعد الحكومي ستنفد أمواله على الأرجح بحلول عام 2035.

في حين قال الأستاذ بيتر ماكدونالد من كلية الصحة والسكان بجامعة ملبورن إنّ الأرقام كانت آخر الأدلة على المشكلات السكانية في الصين.

iStock/ شعب موسو في الصين
iStock/ شعب موسو في الصين

وقال إنّ التأثير القائم لفيروس كورونا ضئيلٌ نسبياً، لأنّ معدلات المواليد تتراجع منذ سنوات وإجمالي السكان في منحنى هبوطي بالفعل، رغم إلغاء سياسة الطفل الواحد المثيرة للجدل عام 2016، الأمر الذي حقّق ارتفاعاً مؤقتاً فقط.

وأردف بيتر: "أظهر ذلك أنّ معدل الخصوبة في الصين يعكس ما يحدث في المجتمع، وهو أنّ الناس لا يُريدون سوى القليل من الأطفال؛ إذ كانت معدلات المواليد منخفضة حتى في المناطق التي لم تشهد تطبيق سياسة الطفل الواحد".

وتابع بيتر قائلاً إنّ سياسة الطفل الواحد غرست شعوراً سلبياً حيال الأطفال وخلقت موقفاً عاماً لا يضع قيمةً كبيرة لفكرة الأمومة أو الأبوة: "كما أنّ هناك سكاناً عائمين يصل عددهم إلى 200 مليون شخص يضطرون للرحيل عن قراهم من أجل العمل في المدن، تاركين أطفالهم في القرى. وهذا لا يُضفي قيمةً كبيرة على العلاقة بين الوالدين والطفل".

الأطفال ليسوا من اهتماماتهن!

بينما قالت ليجيا تشانغ، الكاتبة والصحفية الصينية، إنّ هناك تغييراً قد طرأ على المواقف وإنّ العديد من النساء -خاصةً المتعلمات تعليماً عالياً من سكان المناطق الحضرية- لم يعدن يعتبرن الزواج والأمومة "من المسارات الضرورية في الحياة، أو المكونات الأساسية للحياة السعيدة".

وبالنسبة للنساء اللواتي لا يتعلّق الأمر بالنسبة لهن بالرغبة في التحرّر من قيود الأطفال، فقد كانت هناك العديد من العقبات الاجتماعية الأخرى؛ إذ قالت شيونغ جينغ، الناشطة النسوية الصينية، إنّ نظام الدعم الاجتماعي للأمهات الجدد يفتقر إلى الكثير من الأشياء. إذ لا تكفي إجازة الوضع المقررة، إلى جانب التمييز بين الجنسين في مكان العمل، والنفقات والتنافسية المرتفعة في رعاية الأطفال، والضغوط المجتمعية على المرأة لتكون مقدم الرعاية الأساسي للطفل.

عودة 200 مليون طالب صيني للدراسة لكن بلا طوابير أو نشيد وطني، بل عبر الإنترنت.. نظرة سريعة إلى أوضاع أولياء الأمور والأطفال مع الخطة الجديدة
معلمة تسجل دروسها داخل فصل دراسي خاوٍ بالمدرسة المتوسطة في شاويانغ، الصين، يوم الأحد – رويترز

بينما أشارت شيونغ إلى أنّ إنجاب الأطفال ما يزال مرتبطاً بالزواج على نحوٍ كبير من الناحية الثقافية والسياسية، واقترحت أن تزيد الحكومة قدرة الوصول إلى الخدمات الإنجابية للنساء العازبات وغير المتزوجين.

وقد حاولت الحكومة تشجيع الأزواج على إنجاب المزيد من الأطفال، لكن دراسةً أُجرِيَت عام 2017 وجدت أنّ 50% من العائلات التي لديها طفلٌ واحد لا تنوي إنجاب طفلٍ ثان.

ومن المتوقع أن تتضح الصورة الكاملة في ما يتعلّق بمعدل المواليد عام 2020 في أبريل/نيسان مع صدور إحصاءات السكان النهائية، ونتائج تعداد عام 2020. لكن الأرقام الأخيرة متوافقةٌ مع أحدث الاتجاهات، وإحصاءات المقاطعات، والتوقعات الإقليمية بشأن تأثير الجائحة على معدلات المواليد؛ إذ سجلت بعض المدن والمناطق انخفاضاً بنسب تجاوزت الـ25% وفقاً لليانغ جيانشانغ، أستاذ الاقتصاد بجامعة بكين: "في حال عدم زيادة معدلات المواليد بشكلٍ كبير، فإنّ هذا التراجع سيتواصل دون توقف".

علامات:
تحميل المزيد