ما زال الوقت مبكراً للحكم على نجاح حملات التطعيم بلقاحات كورونا في تقليل انتشار المرض خاصة أن حملات التطعيم قد بدأت للتو، ولكن قد يكون هناك مؤشرات أولية على مدى نجاحات اللقاحات يمكن أن تظهر من بعض الدول التي قطعت شوطاً أكبر من غيرها في هذه الحملات.
ومع البداية المعثرة لأكبر حملة تطعيم في التاريخ، سيعتمد تأثير لقاحات COVID-19 على الوباء على عدة عوامل. وتشمل عوامل مثل فعالية اللقاحات؛ مدى سرعة الموافقة عليها وتصنيعها وتسليمها؛ وكم عدد الأشخاص الذين تم تطعيمهم، حسب منظمة الصحة العالمية WHO.
ولكن يفترض أن تخفض لقاحات COVID-19 بشكل كبير من معدل الحالات الجديدة، والاستشفاء والوفيات شريطة أن يحصل عدد كافٍ من الناس على اللقاحات.
ويعتقد أن أي بلد يحتاج إلى تطعيم حوالي ثلاثة أرباع السكان قبل أن يتمكن من البدء بأمان في تخفيف القيود والإغلاقات، بالنظر إلى مدى سهولة انتشار COVID-19 بين الناس، كما قال ميغان فيتزباتريك، الأستاذ المساعد ومصمم نقل الأمراض المعدية في جامعة ميريلاند الأمريكية مؤلف دراسة حول حملات التطعيم.
ولكنه يعتقد أنه إذا تم تطعيم 41% من السكان قد يكون هناك بعض النتائج الإيجابية حيث يؤدي الوصول لهذه النسبة للتقليل بشكل كبير من عدد الحالات، والحاجة للعلاج، وحتى الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا.
اللقاحان الرئيسيان المرشحان لتحقيق هذا النجاح، واللذين أجريت الدراسة عليهما هما لقاح شركة Moderna الأمريكية والآخر اللقاح الذي تم إنتاجه بواسطة Pfizer الأمريكية وBioNTech – الألمانية وهما فعالان بنسبة تزيد على 94% في الوقاية من COVID-19، وفقاً للتحليلات المبكرة.
وقال فيتزباتريك إن هذا المستوى من الفاعلية "أعلى بكثير مما كان متوقعاً قبل عام على الوباء"، وأضاف: "ما يؤكده بحثنا هو أن هذه اللقاحات ذات الفعالية العالية بشكل غير عادي لديها القدرة على إحداث تأثير هائل".
وفقاً للدراسة سيحدث الانخفاض الأكثر دراماتيكية في الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر، والذين سيشهدون انخفاضاً بنسبة 83% إلى 90% في الحالات المحتملة.
مع ملاحظة أن الدراسة تتبنى النموذج القائم على عدم تطعيم أي شخص دون سن 18 عاماً، مع إعطاء الأولوية للأطقم الطبية وكبار السن والمرضى.
بعبارة أخرى، وفقاً للسيناريو الذي تبنته الدراسة فإنه بينما سيحصل كبار السن على حماية مباشرة عبر حملات التطعيم باللقاح، سيتم حماية الشباب والأطفال بشكل غير مباشر مع زيادة المناعة في المجتمع ككل، كما قال فيتزباتريك.
ولكن بعيداً عن التنظير هل نجحت اللقاحات على الأرض؟
البلدان التي تتصدر قائمة أعلى نصيب لقاحات للفرد هي إسرائيل (24%) والبحرين (16.8%) والإمارات العربية المتحدة (8.3%) والمملكة المتحدة (5.3%)، وفقاً للأرقام الصادرة في 19 و20 يناير/كانون الثاني 2020.
حتى ذلك التاريخ تم إعطاء 40 مليون جرعة من لقاحات COVID-19 منها 12 مليوناً في الولايات المتحدة، تليها 10 ملايين في الصين، و4 ملايين في المملكة المتحدة وفقًا لـ Our World in Data، وهي مؤسسة مقرها المملكة المتحدة منظمة غير ربحية تتعقب إحصاءات اللقاح.
مقابل 2 مليون شخص تلقوا الجرعة الأولى من اللقاحات في إسرائيل، حتى يوم (18 يناير/كانون الثاني 2020)، أي بنسبة 4.7% من إجمالي الجرعات في العالم، فيما يبلغ عدد سكان إسرائيل 0.11% من سكان العالم، أي أن نسبتها من اللقاحات تبلغ نحو 42 ضعفاً نسبتها من سكان العالم.
تحقق ذلك بفضل صفقة بين تل أبيب وشركة الأدوية الأمريكية العملاقة فايزر، أدت لحصول الدولة العبرية على مخزون كبير من جرعات لقاح فيروس كورونا مقابل تزويد الشركة ببيانات سريعة حول تأثير المنتج عبر اختباره على مواطنيها.
الإجابة تأتي من الدولة التي تتصدر حملات التطعيم
مع تصدر إسرائيل حملات التطعيم بلقاح كورونا في العالم، فإنه يمكن أن تقدم مؤشرات عملية على مدى فعالية اللقاحات في تقليل انتشار المرض.
وبالفعل، تشهد إسرائيل انخفاضاً بنسبة 60% في حالات الاستشفاء في سن 60 وأكثر بعد 3 أسابيع بعد الجرعة الأولى، حسبما ورد في تقرير نشر بموقع Times of Israel.
وتبدأ التأثيرات الكاملة لجرعات فايزر بعد حوالي شهر من تلقيها، لكن البيانات من إسرائيل تُظهر أن هناك انخفاضاً حاداً في الإصابات حتى قبل حلول هذا الموعد.
وأشارت المؤسسة المعنية بتقديم الرعاية الصحية في إسرائيل إلى أن اللقاحات أدت سريعاً إلى تقليل الحالات الخطيرة لـ COVID-19 بين أفراد المجتمع الأكثر ضعفاً.
وذكرت خدمات الرعاية الصحية "مكابي" في وقت سابق من هذا الشهر أنها شهدت انخفاضاً بنسبة 60% في حالات الإصابة بفيروس كورونا بعد ثلاثة أسابيع من إعطاء اللقطة الأولى.
لكن لم يكن واضحاً ما إذا كانت الفوائد موزعة بالتساوي بين أولئك الذين لديهم ميل للإصابة بعدوى خفيفة وأولئك الذين من المحتمل أن يصابوا بالمرض بشكل قوي.
الآن بدأت مكابي الإجابة عن السؤال الذي تطرحه المستشفيات ووزراء الصحة في جميع أنحاء العالم بقلق وهو ما مدى السرعة التي تحقق بها فوائد التطعيم؟
وبالفعل، تشير مكابي في أحدث بياناتها إلى حدوث انخفاض سريع في دخول المستشفيات بعد التطعيم.
ووجد أن حالات دخول المستشفى تبدأ في الانخفاض بشكل حاد اعتباراً من اليوم 18 بعد تلقي المرضى الجرعة الأولى.
وكشفت مكابي بعد رصد 50777 مريضاً أنه بحلول اليوم الـ23 لتلقي الجرعة الأولى، أي بعد يومين من الجرعة الثانية، هناك انخفاض بنسبة 60% في المستشفيات بين الأشخاص الذين تم تطعيمهم ممن تزيد أعمارهم عن 60 عاماً.
"من خلال إلقاء نظرة ثاقبة على حالات الاستشفاء بين الأشخاص المسنين الذين تم تطعيمهم فقط تكون هذه البيانات ذات قيمة"، حسب البروفيسور غاليا رحاف.
ومع ذلك حذرت غاليا من أن بعض الانخفاض قد يكون بسبب ميل الأشخاص الذين تم تطعيمهم حديثاً إلى الالتزام بقواعد الإغلاق، مما يؤدي إلى انخفاض في العدوى والاستشفاء.
قد يكون نجاح حملات التطعيم بلقاحات كورونا الأخرى أقل من إسرائيل، ولكنها ستظل نقطة فارقة
يظل من المبكر الحكم على نجاح حملات التطعيم في إسرائيل.
كما يجب ملاحظة أن حملات التطعيم في إسرائيل تعتمد على لقاح فايزر الأغلى من بين كل اللقاحات، والذي يعتقد أنه الأكثر فعالية، وفي الأغلب لا يوجد دولة في العالم سوف توفر لأغلب شعبها هذا اللقاح الباهظ، حتى الولايات المتحدة التي تعتمد بالإضافة إلى لقاح فايزر على لقاح مودرنا الذي يقاربه في الفعالية، ولكنه أقل تكلفة.
وكما هو الحال مع اللقاحات الأخرى، لن يكون لقاح فيروس كورونا فعالاً 100% للجميع، وليس هناك ما يضمن أنه سيعطي حماية كاملة.
ولكن لقاحات الإنفلونزا فعالة بنسبة 50% في المتوسط لعامة السكان (أي أدنى من أقل لقاحات كورونا فعالية)، ومع ذلك لا تزال فعالة في تقليل عدد مرات دخول المستشفى والمضاعفات الخطيرة للإنفلونزا.
إذا أصيب شخص بمرض فيروس كورونا بعد التطعيم، فمن المحتمل أن يكون الفيروس أقل حدة وسيتعافى بشكل أسرع مما لو لم يكن قد تلقى اللقاح. كما سيقلل الحصول على اللقاح من خطر الدخول إلى المستشفى.
قد يؤدي التطعيم أيضاً إلى منع متلقيه من نشر الفيروس لأشخاص آخرين، على الرغم من عدم وجود دليل على ذلك حتى الآن.