رغم التقدم الملحوظ في العلاقات التركية الأمريكية بعدة قضايا عالقة، إلا أنه ما يزال من غير المعروف ما الذي ستكون عليه طبيعة العلاقات في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن، فيما يتفاءل تقرير لوكالة الأناضول بأن الفترة المقبلة "قد تشهد تفعيلاً لآليات الحوار الثنائية وعودة قوية للحوار والدبلوماسية لتعزيز التحالف الراسخ بين تركيا وأمريكا".
ومرت العلاقات بين أنقرة وواشنطن بفترات صعبة، لكن تقول الأناضول إنها "على عتبة مرحلة جديدة مع العهد الرئاسي الجديد بالولايات المتحدة، في وقت يُتوقع أن يكتسب الحوار الثنائي زخماً قوياً على جميع المستويات من أجل حل الملفات العالقة والاستفادة بشكل أفضل من الفرص المتاحة، ما سيعطي دفعة إيجابية للعلاقات الثنائية".
وبالرغم من تمكن الرئيس السابق دونالد ترامب من إقامة علاقات جيدة مع تركيا، إلا أن الكونغرس فشل في حل المشكلات المختلفة التي تعكر صفو العلاقات بين الطرفين.
ملفات عديدة بانتظار بايدن لحل الخلافات مع تركيا
وينتظر إدارة بايدن ملفان يجب العمل عليهما لحلحلة الخلافات التركية الأمريكية، هما تسليم زعيم تنظيم "غولن" فتح الله غولن، المصنف إرهابياً من قبل أنقرة، والمساعدات الأمريكية المقدمة لتنظيمات "ي ب ك/ بي كا كا" الإرهابية.
من ناحية أخرى، يعتبر ملفا عقوبات واشنطن على أنقرة عقب شرائها منظومة الدفاع الروسية (إس-400)، واستبعاد تركيا من برنامج مقاتلات (إف-35)، أبرز المشاكل الرئيسية التي يتعين على الإدارة الأمريكية الجديدة حلها لعودة الزخم إلى العلاقات الثنائية.
وتقول أنقرة إنها تنتظر من واشنطن الجديدة العمل لإيجاد حلول للملفات العالقة بينهما، وترى أن الحوار وفتح قنوات الاتصال على جميع المستويات، من شأنه تقليل التوتر بين البلدين، وجعل الأجواء إيجابية أكثر.
كما "تنتظر تركيا من إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، عدم اللجوء إلى سياسة العقوبات ضدها لحل الخلافات، والتخلي عن لغة التهديد بما يليق بالتحالف الراسخ بين البلدين، واستخدام أسلوب الحوار والقنوات الدبلوماسية بين المؤسسات"، بحسب الأناضول.
وتأمل أنقرة أن تتخذ واشنطن خطوات ضد تنظيمات "ي ب ك/ بي كا كا"،
وأيضاً عدم ربط قضية مشاركة تركيا في برنامج إنتاج مقاتلات (إف-35) بقانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات (كاتسا).
وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، في كلمة بالبرلمان، إن أنقرة ستعمل ما في وسعها من أجل عودة الأجواء الإيجابية مع واشنطن، ومستعدة للعمل مع إدارة بايدن لأجل علاقات أكثر صحية.
أزمة تنظيم "غولن"
وتعتقد أنقرة أن "استمرار الولايات المتحدة في احتضان تنظيم "غولن" من أجل مواصلة أنشطته المعادية لتركيا، يشكل أكبر معضلة تزعزع استقرار العلاقات الثنائية بين البلدين".
وحافظ ملف "غولن"، الذي تتهمه أنقرة بتنفيذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا في 15 يوليو/تموز 2016، على مكانته في طاولات المفاوضات والدبلوماسية بين البلدين. ونظراً لحساسية موضوع هذا التنظيم بالنسبة لتركيا، فقد سعت إدارة ترامب لاتخاذ خطوات تجاه الحد من أنشطة "غولن"، وبدء التحقيق مع كبار أعضائه، إلا أن جميع تلك الخطوات لم تفرز أية نتائج ملموسة.
لكن، لا بد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة بدأت خلال السنوات الماضية بإثقال كاهل المدارس التابعة لتنظيم "غولن" بالعديد من العقوبات المالية على خلفية ضلوعها في مخالفات عدة، بحسب الأناضول.
ومع ذلك تتوقع أنقرة أن تقوم الإدارة الأمريكية الجديدة باتخاذ "مواقف ودية واضحة لمحاربة هذا التنظيم".
التنظيمات الكردية المسلحة
من ناحية أخرى يعتبر ملف دعم الولايات المتحدة لتنظيمات "ي ب ك/ بي كا كا" الإرهابية في سوريا، تحت ذريعة "محاربة داعش"، بين أبرز الملفات التي تقف عقبة في إصلاح العلاقات التركية الأمريكية.
ورغم احتجاج أنقرة على التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وتنظيم "ي ب ك"، الذي تعزز في فترات أوباما وحينما كان بايدن نائباً له، واصلت إدارة ترامب هذا التعاون، بتزويد التنظيم بالأسلحة والمعدات بشكل مباشر.
وتقول أنقرة إن دعم واشنطن لهذه التنظيمات بحجة محاربة داعش يهدد الأمن التركي، وعلاقات التحالف بين البلدين.
منظومة إس-400 الروسية واستبعاد تركيا من برنامج طائرات F-35
إضافة إلى ما سبق، تعتبر قضية شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400" في مقدمة القضايا التي تشكل مثار خلاف بين أنقرة وواشنطن.
وتقول تركيا إنها طلبت قبل شراء المنظومة الروسية، الحصول على نظام الدفاع الجوي "باتريوت" من الولايات المتحدة، لكن الأخيرة لم تستجِب للطلب التركي.
وعارض الكونغرس الأمريكي شراء تركيا منظومة "إس-400″، معتبراً إياها تهديداً لمنظومات حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومقاتلات "إف-35″، التي تملكها بعض الدول الغربية.
وطالب الكونغرس ترامب، إدراج تركيا ضمن قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات (كاتسا)، وهو ما تمَّ في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقبل ذلك استبعد البنتاغون تحت ضغط من الكونغرس في 17 يوليو/تموز 2019، أنقرة عن برنامج إنتاج مقاتلات (إف-35)، وعلق الشراكة معها في هذا المشروع، ما ألحق أضراراً بالغة في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وتربط واشنطن شراكتها مع أنقرة في برنامج مقاتلات (إف-35)، بتراجع الأخيرة عن شراء منظومة (إس-400)، وفرض عقوبات على تركيا، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على تطور العلاقات بينهما.
وتتوقع أنقرة أن تُحدث إدارة بايدن "تغييراً وتقدماً في العلاقات المشتركة، من خلال تفعيل أدوات الحوار والدبلوماسية بطريقة تتوافق مع روح التحالف الاستراتيجي بين البلدين، والاستغناء عن لغة العقوبات ورفعها بشكل كامل".