إدارة بايدن تقرر رفع السرية عن تقارير اغتيال خاشقجي.. ماذا يعني ذلك للعلاقات السعودية الأمريكية؟

تم النشر: 2021/01/20 الساعة 10:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/20 الساعة 10:49 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان/ عربي بوست

فيما تهم إدارة ترامب بالرحيل وتستعد إدارة بايدن لدخول البيت الأبيض، سيفقد ولي العهد السعودي دعماً وزخماً أمريكياً كبيرين اعتاد عليهما طوال 4 سنوات، ولا شك أن الرياض ستواجه مصاعب ربما تكون خطيرة مع الإدارة الأمريكية الجديدة المتحمسة للصدام مع محمد بن سلمان حتى الآن.

وكدلالة على موقف إدارة بايدن والديمقراطيين الاستباقي من الرياض، سترفع إدارة بايدن السرية عن تقارير استخباراتية حول جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وفقاً لأفريل هاينز، المرشحة لمنصب رئاسة الاستخبارات الوطنية الأمريكية. ويعني هذا القرار أنه من المرجح أن تلقي واشنطن باللوم رسمياً في هذه الجريمة، على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. فما الذي ينتظر العلاقات بين الرياض وواشنطن في عهد بايدن؟

بايدن لم ينسَ للسعودية قضية خاشقجي

خلال حملته الانتخابية، تعهد بايدن "بجعل السعودية تدفع ثمن عملية اغتيال خاشقجي"، وبعد فوزه الآن، تتعالى المطالبات داخل وخارج أمريكا لبايدن بإثبات ذلك للعالم والتزام إدارته بأن تدفع الرياض ثمن فعلتها.

وبعد مقتل خاشقجي، على يد عملاء سعوديين داخل القنصلية السعودية في تركيا في أكتوبر/تشرين الأول 2018، ذكرت تقارير إعلامية أن أجهزة المخابرات الأمريكية حددت بدرجة متوسطة إلى عالية من الثقة أن الأمير محمد بن سلمان أمر بالقتل، لكن لم يتم الإعلان عن هذا التقييم رسمياً، بسبب حماية ترامب للأمير السعودي، ونفى الأخير أنه أمر بعملية القتل.

وخلال مشاركتها في جلسة للرد على استفسارات اللجنة الاستخباراتية في مجلس الشيوخ، سأل السيناتور الديمقراطي رون وايدن، أفريل هاينز، إذا كانت ستقدم تقريراً مفصلاً عن جريمة مقتل خاشقجي، حال التصديق على توليها المنصب. وأجابت هاينز: "بالتأكيد سأقدم، وفقاً للقانون". وفي حال توليها المنصب، سيتاح لهاينز الفرصة على الفور لقلب صفحة "السرية المفرطة" حول "المسؤول الحقيقي" عن مقتل خاشقجي، كما هو مطلوب بموجب قانون فبراير/شباط 2020 الذي منعته إدارة ترامب في ذلك الوقت.

ويقول بروس ريدل، المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمدير في معهد بروكينغز، لصحيفة الغارديان البريطانية: "إنها طريقة مفيدة لوضع مسألة المساءلة عن مقتل خاشقجي على الملأ في وقت مبكر من الإدارة الجديدة".

في حين أشادت أغنيس كالامارد، إحدى أكثر المدافعين صراحة عن العدالة في جريمة قتل خاشقجي، بهذه التصريحات، قائلة إن المعلومات ستوفر "القطعة الأساسية المفقودة في أحجية إعدام جمال خاشقجي".

وأضافت كالامارد، وهي مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بعمليات القتل خارج نطاق القانون، أنها تأمل في أن تظهر معلومات أخرى، مثل أي تفاصيل جديدة حول مكان رفات خاشقجي، وما إذا كانت الولايات المتحدة قد أجرت تقييماً للمخاطر حول حياة خاشقجي قبل رحلته إلى تركيا.

ما الذي ينتظر العلاقات السعودية الأمريكية؟ وهل تكفي تحركات ولي العهد الأخيرة لتخفيف التوتر؟

وقبل هذه التصريحات الهامة لإدارة بايدن، كانت السعودية تتخوف من أن يكون ملف خاشقجي مطروحاً على جدول اهتمامات الديمقراطيين في البيت الأبيض، خاصة أن الجمهوريين كانوا ممن دعم المملكة في قضية خاشقجي بشكل كبير.

وسيثير إصدار تقرير خاشقجي أيضاً مجموعة من الأسئلة الجديدة لكل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومستقبل العلاقات بينهما، فإذا كانت الوثيقة تشير إلى أن محمد بن سلمان هو المسؤول الأول عن جريمة القتل، فإنها ستثير السؤال عما سيفعله بايدن لمحاسبته؟

وخلال الحملة الانتخابية لعام 2020، أطلق بايدن انتقادات لاذعة ضد ولي العهد، قائلاً إن المملكة العربية السعودية بحاجة إلى أن تعامل على أنها "منبوذة". ومن المتوقع أن تسعى إدارة بايدن إلى الحد من مبيعات الأسلحة للسعودية، لكنها قد تتخذ أيضاً إجراءات أكثر استهدافاً ضد الأمير محمد بن سلمان، بما في ذلك العقوبات المالية.

من جانبها، تقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن التغييرات الأخيرة في المملكة السعودية ومحاولات ولي العهد لإصلاح بعض الملفات، قد تخفف على الأقل بعض المصادر طويلة الأجل للغضب الأمريكي في وقت مبكر من ولاية بايدن.

وفي حين أن المملكة لم تلغ أي إدانات لمعارضين في الفترة التي سبقت إدارة بايدن، يبدو أن الأحكام التي أصدرتها لشخصيتين سعوديتين بارزتين -وليد فتيحي ولجين الهذلول- في القضايا الحقوقية التي انتقدها المسؤولون الأمريكيون، تهدف إلى إبقائهم خارج السجن أثناء وجود بايدن في البيت الأبيض.

السعودية تتأهب لعصر بايدن بعد رحيل "الصديق الوفي" ترامب

وكان ولي العهد السعودي قد عاد مؤخراً إلى صدارة المسرح السياسي بعد شهور ظل فيها بعيداً عن الأضواء، من خلال تحركات دبلوماسية واقتصادية لافتة هدفها أن يُظهر للرئيس الأمريكي الجديد أنه شريك ثمين يمكن الاعتماد عليه في إنجاز المهام، بحسب وصف رويترز.

ففي غضون بضعة أسابيع أعلنت المملكة اتفاقاً عربياً للمصالحة مع قطر وتخفيضات طوعية في إنتاج النفط الخام السعودي للمساهمة في تحقيق استقرار الأسواق، بالإضافة إلى إعطاء زخم جديد لخطة ترمي لتنويع الموارد الاقتصادية كانت قد تعثرت بسبب جدل سياسي وهبوط أسعار النفط وجائحة كوفيد-19.

وقال ثلاثة دبلوماسيين أجانب لرويترز، إن الأمير الشاب الذي يتصف بجرأة بالغة يتحرك، سواء خلف الكواليس أو على الملأ في رئاسة قمة خليجية للمرة الأولى، لتقديم نفسه في صورة "رجل الدولة الذي يعول عليه" وإرساء نبرة عملية في التعامل مع إدارة بايدن المقبلة الأقل مجاملة، وخاصة فيما يتعلق بإيران.

يقول دبلوماسي غربي في المنطقة إن ولي العهد، الحاكم الفعلي للمملكة، يدرك أن "عهداً جديداً بدأ" دون الحاجز الواقي الذي وفره له الرئيس دونالد ترامب وأن الرياض بحاجة لتقديم بعض التنازلات في القضايا الخلافية مثل حقوق الإنسان من أجل التركيز على أولويات إقليمية مثل الاتفاق النووي الإيراني.

وأضاف الدبلوماسي لرويترز: "السعوديون لا يريدون إعادة اتفاق 2015 إلى المائدة"، مضيفاً أن اللفتات الإيجابية الأخيرة من جانب الرياض "ترتبط كلها بالتغيير الحاصل في واشنطن" بطريقة أو بأخرى. وتابع أن من هذه التحركات أحكاما أصدرتها في الآونة الأخيرة محاكم سعودية على ناشطة حقوقية بارزة وعلى طبيب أمريكي من أصل سعودي، وقد أظهرت قرارات الإدانة أن الرياض لن تطيق أي معارضة، وفي الوقت نفسه كانت أحكام السجن المخففة بمثابة لفتة موجهة إلى واشنطن.

"على السعوديين أن يتكيفوا مع العالم الجديد"

وكان الرئيس المنتخب جو بايدن، الذي تشير التوقعات إلى أنه سيستأنف التواصل مع إيران، قد قال إنه سينتهج نهجاً أشد صرامة فيما يتعلق بسجل السعودية في حقوق الإنسان وحرب اليمن المدمرة.

يقول شادي حميد من مؤسسة بروكنجز في واشنطن: "بالنسبة للسعوديين، المتغيرات واضحة، فعليهم أن يتكيفوا مع عالم جديد، ويقدموا أنفسهم بصورة أكثر إيجابية قبل تولي بايدن السلطة".

وقال دبلوماسي أجنبي آخر لرويترز إن "توتر" الرياض بسبب سياسة بايدن حيال إيران أحد الأسباب التي دفعتها للضغط على إدارة ترامب لإدراج جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران والتي شنت هجمات على المملكة في قوائم الإرهاب. وقال الدبلوماسي إن الأمير محمد حريص على "فرض بعض قواعد اللعبة" فيما يتعلق بإيران واليمن في الوقت الذي يقدم فيه السعودية أيضاً "كعضو بارز في المجتمع والاقتصاد الدوليين" يجب الدفاع عنه.

ويعد الأمن اعتباراً رئيسياً لدى قادة دول الخليج الآخرين الذين يستعدون أيضاً لرئاسة بايدن بتصوير أنفسهم في صورة "قوة معتدلة في منطقة مضطربة" ويتحوطون للتطورات.

تحميل المزيد