الصين دفعتهم لتصرفات غريبة بفنادقها.. تفاصيل صادمة لمهمة فريق التحقيق الدولي بشأن نشأة كورونا

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/01/17 الساعة 20:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/17 الساعة 20:20 بتوقيت غرينتش
مدير منظمة الصحة العالمية يصافح الرئيس الصيني، أرشيفية/رويترز

كانت بداية بعثة منظمة الصحة العالمية المعنية بالتحقيق في مصدر جائحة فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية الأسبوع الماضي لا تبشر بالخير. 

وربما يكون فريقها الدولي من العلماء، المقيدين في غرفهم بالحجر الصحي، سجناء أيضاً في فندقهم الذي أغلق الحراس مدخله ووقفوا يراقبونه، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.

دمية 

يرى كثيرون من منتقدي منظمة الصحة العالمية أن هذه البعثة مظهر جديد من مظاهر خنوع منظمة أصبحت دمية في يد بكين. ولكن هل لهذه الانتقادات ما يبررها؟ أم أن مشكلة منظمة الصحة العالمية والصين تنبع من أزمة أكبر داخلها؟.

لقد مثَّل حَمل الدول على الامتثال لتوجيهات المنظمة وتسجيل الإصابات وهي تعرف الضرر الاقتصادي الذي قد تسببه تحدياً، خاصةً على خلفية انهيار التعاون الدولي.

والأدهى، حسبما تقول نايري وودز، عميدة كلية بلافاتنيك الحكومية بجامعة أكسفورد البريطانية، أن "منظمة الصحة العالمية لا تتمتع بأي قوة قسرية لفرض أي شيء". وهي ترى أن المنظمة علقت في صراع بين أمريكا والصين على الهيمنة العالمية، واتخذ منها دونالد ترامب كبش فداء "لتحميلها مسؤولية فشل إدارته في التعامل" مع جائحة كوفيد-19.

وانحياز منظمة الصحة العالمية المزعوم لبكين هو ما دفع ترامب للإعلان العام الماضي وقفه المساهمات الأمريكية، التي تمثل حوالي 20% من ميزانية منظمة الصحة العالمية.

سر علاقة مدير عام منظمة الصحة العالمية والصين

وتعرض تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام الإثيوبي لمنظمة الصحة العالمية والشهير بـ"دكتور تيدروس"، بدوره لانتقادات على خلفية زعمه بأن الصين "وضعت معياراً جديداً" في التعامل مع الجائحة.

يقول ريتشارد إبرايت، عالم الأحياء الجزيئية في جامعة روتغرز في نيوجيرسي: "تيدروس خاضع للقيادة الصينية"، واتهمه بـ"التنازل عن قيادة منظمة الصحة العالمية للصينيين".

ويرى إبرايت أنه من الضروري أن تراجع منظمة الصحة العالمية آلية انتخاب قادتها: "إنها منظمة مهمة وتؤدي مهمة حيوية. لكن مديرها العام ليس له تأثير حقيقي، وكذلك من سبقوه خلال العقد الماضي".

وقال إن آلية انتخاب المدير "تركز على التوازنات بين الدول على حساب الكفاءة، وهو ما يدفع المرشحين لإبرام اتفاقات تبادل منفعة مع الحكومات للفوز بالانتخابات". وقال إنها "معادلة للفشل".

وأصبحت الطريقة التي تعاملت بها منظمة الصحة العالمية مع الجائحة موضوعاً شائكاً لدرجة أن بعضهم سلط الضوء على منصب المدير العام السابق حين كان وزيراً للصحة في نظام إثيوبي استبدادي معروف بعلاقاته الوثيقة مع الصين. 

وكان من أولى الخطوات التي اتخذها تيدروس أدهانوم غيبريسوس بعد توليه إدارة منظمة الصحة العالمية عام 2017 تعيين روبرت موغابي، ديكتاتور زيمبابوي الراحل، "سفيراً للنوايا الحسنة"، فيما بدا مكافأة له لدعم ترشيحه للمنصب. لكن هذا القرار أثار ضجة وسرعان ما تراجع عنه.

منظمة الصحة العالمية والصين
انتقادات لعلاقة مدير منظمة الصحة العالمية مع الصين/رويترز

وكانت بينغ لي وان، مغنية الأوبرا المتزوجة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، سفيرة للنوايا الحسنة أيضاً. وقد عينتها مارغريت تشان، المديرة الصينية لمنظمة الصحة العالمية التي تولت المنصب من عام 2006 إلى عام 2017.

ويشير لاري غوستين، مدير المركز المتعاون مع منظمة الصحة العالمية في قانون الصحة المحلي والعالمي، إلى أن المنظمة تحاول دوماً كسب رضا القوى الكبرى مثل الصين. وقال: "تشعر دوماً بأنها مدينة بالفضل للدول الأعضاء، ولا سيما الأقوى منها"، لأنها تعتمد على تعاونهم في تنفيذ برامجها.

لكنه يرى أن منظمة الصحة العالمية كان ينبغي أن تكون أكثر حرصاً في بداية تفشي كوفيد-19 فيما يخص مزاعم الصين بأنه لا يوجد دليل على أن البشر ينشرون الفيروس. لكن ما حدث أنها عززتها. 

وقال: "كان يجب أن تقول: "هذا ما تنقله الصين، ولكننا لا نملك وسيلة للتحقق منه بشكل مستقل". لكن تيدروس كان يرى أنه من الأفضل كسب تعاون الصين".

وقال فيشال ديف، عضو هيئة تدريس القانون السابق بجامعة دلهي، والخبير في المنظمات المتعددة الأطراف لصحيفة "Sunday Guardian" البريطانية": "قبل فبراير/شباط 2020، كانت منظمة الصحة العالمية تُكرر المعلومات التي كانت تحصل عليها من السلطات الصينية دون انتقاد". 

وبصفتها الدولة التي نشأ فيها الفيروس كان على الصين أن تلعب دوراً مركزياً في جمع البيانات عن انتشاره، وتمكين العلماء في جميع أنحاء العالم من تطوير استجابة سريعة وفعالة. ومع ذلك، وفقاً لتقارير مفصلة في الواشنطن بوست ونيويورك تايمز وساوث تشاينا مورنينغ بوست، سعت الصين منذ البداية إلى تشويش البيانات.

هذا التضليل المتعمَّد لمنظمة الصحة العالمية، والعلماء في البلدان الأخرى، حجب التحليل في المراحل المبكرة الحرجة للوباء.

ورغم أن قلة المعلومات عن المرض هي مسؤولية السلطات الصينية بالأساس، كما تتهمها الجهات الغربية، فإن المنظمة استسلمت لذلك على ما يبدو، علماً أن أي لوم أو ضغوط من قبل المنظمة كان يمكن أن يشكل حافزاً للصين للكشف المبكر عن تفاصيل الوباء.

الصين عازمة على وأد التحقيق

وبعد أشهر من المفاوضات بشأن نطاق التحقيق، اُختزلت مهمة فريق منظمة الصحة العالمية الذي وصل إلى ووهان يوم الخميس إلى وجبات خدمة الغرف والاجتماعات الافتراضية مع العلماء الصينيين أثناء وجودهم في الحجر الصحي الذي فرض عليهم لأسبوعين في فندقهم. وعززت هذه القيود الاعتقاد بأن الصين عازمة على وأد هذا التحقيق.

وقال غوستين: "الصين تعرقل عمل منظمة الصحة العالمية، وهي لا تتمتع بأي شفافية. لن يتمكن الفريق من الوصول إلى العينات أو البيانات أو فاضحي المخالفات أو خبراء الرعاية الصحية بالكامل. وهذا يجعل من الصعب للغاية إجراء تحقيق يكسب ثقة العالم".

تضارب مصالح

وانتقد إبرايت منظمة الصحة العالمية لقبولها شروط الصين: "في كل مرة، تقف بكين في وجه إجراء تحقيق موثوق ومفتوح عن مصدر تفشي المرض وتعامل الصين المبدئي مع تفشي المرض، وفي كل مرة، تقبل منظمة الصحة العالمية بهذا الوضع.

وكانت البعثة المتجهة إلى الصين مُعدّة لتفشل. وهي تضم عضواً واحداً على الأقل تتضارب مصالحه مع مهمتها ولا تؤهله للانضمام إليها".

وهذا العضو الذي يضمه الفريق هو بيتر داسزاك، عالم الحيوان البريطاني الذي يتمتع بخبرة طويلة في التحقيق في الفيروسات التي تنقلها الخفافيش في جنوب الصين والذي عمل عن كثب مع معهد ووهان للفيروسات في أبحاث فيروس كورونا.

ولا تقدم الشروط المتفق عليها مع فريق منظمة الصحة العالمية أي فرصة للتحقيق في عمل معهد ووهان للفيروسات. 

وقد رفض داسزاك نظرية تسرب الفيروس العرضي من المختبر ووصفها بأنها "هراء" وأشاد بعمل نظرائه الصينيين، ولا سيما "المرأة الخفاش" في المعهد، شي جينجلي، التي تعاون معها في الماضي. وتتفق معه بكين في ذلك: ففي الوقت الذي كان فيه العلماء قابعين في محبسهم بالفندق، منحت شي وساماً، ووصفتها بأنها أحد "العاملين البارعين في الأكاديمية الصينية للعلوم".

تحميل المزيد