هل اقتحام الكونغرس عملية مدبرة ومخطط لها أم مجرد عملية عشوائية تمت بشكل ارتجالي من قبل أنصار ترامب؟
يبدو أن إجابة هذا السؤال هي هدف جهود السلطات الأمنية الأمريكية، في وقت قالت وزارة العدل إنها تلقي بثقلها وراء متابعة هذه القضية الكبرى التي قد ترقى إلى أكبر تحقيق في مكافحة الإرهاب منذ 11 سبتمبر /أيلول 2001.
ومع مواصلة إلقاء القبض على المشاركين في اقتحام الكونغرس، تتكشف حقائق صادمة، حيث قُبض على ما يقرب من 12 متهماً معروفاً جديداً أو وُجهت إليهم تهم في جميع أنحاء البلاد.
هل اقتحام الكونغرس عملية مدبرة ومخطط لها، أم عشوائية؟
يقول رجال تطبيق القانون، إن الأدلة تشير إلى احتمال أن يكون اقتحام الكونغرس عملية مدبرة، حسب تقرير لموقع شبكة CNN الأمريكية.
وقال مسؤول في مجال إنفاذ القانون الفيدرالي، إن الأدلة التي تم الكشف عنها حتى الآن، وضمن ذلك الأسلحة والتكتيكات التي شوهدت في فيديو للمراقبة، تشير إلى مستوى من التخطيط دفع المحققين إلى اعتقاد أن الهجوم لم يكن مجرد احتجاج خرج عن السيطرة.
وقد أدى ذلك إلى إجراء تحقيقات أكثر تعقيداً، حيث اجتمع المدعون العامون المعنيُّون بالنزاهة العامة والأمن القومي؛ للتعامل مع التحقيق مثل أي تحقيق إرهابي مترامي الأطراف.
يرجع وجود مدعين معنيين بالفساد إلى خبرتهم في التحقيقات المالية. وقال المسؤول: "نحن نتابع الأموال المرتبطة بهذه الممارسات".
وقال اثنان من مسؤولي إنفاذ القانون، إن من بين النصائح التي تلقاها مكتب التحقيقات الفيدرالي من الجمهور بعض المعلومات التي تشير إلى أن أعضاء بالكونغرس ظهروا مع أشخاص شاركوا لاحقاً في أعمال الشغب بالكابيتول.
واستدرك المسؤولان، إن هذا لا يعني أن أعضاء الكونغرس والموظفين يخضعون للتحقيق، لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي يتحقق من صحة الادعاءات.
وتكشف إيداعات المحكمة عن تفاصيل مخيفة عن التهديدات التي تعرض لها مبنى الكابيتول، كما تشير إلى إمكانية إلى أن تكون عملية اقتحام الكونغرس مدبرة.
يُزعم أن اثنين من المتهمين، هما كليفلاند ميريديث جونيور ولوني كوفمان، قد جلبا ترسانات إلى المدينة مع الاهتمام بالانضمام إلى ما يسمى الحرب.
تلقَّى كوفمان إحدى لوائح الاتهام الأولى من هيئة محلفين كبرى تتعلق بأحداث الشغب، ويواجه الآن 17 تهمة جنائية، إلى حد كبير لحيازته أسلحة متعددة، من ضمنها الذخيرة وقذائف البندقية ومسدسات مختلفة، وضمن ذلك بندقية وثلاثة مسدسات و11 قنبلة مولوتوف كوكتيلات من دون تسجيل في واشنطن العاصمة، يوم 6 يناير/كانون الثاني، بحسب لائحة الاتهام.
يُزعم أنه أوقف شاحنته المليئة بالقنابل أمام مبنى الكابيتول قبل تجمُّع ترامب، بعد أن عاش في الشاحنة بالعاصمة لمدة أسبوع تقريباً.
في وثائق المحكمة المتعلقة بكوفمان، كشف المدعون أنهم عثروا على ملاحظات مكتوبة بخط اليد لاقتباس من أبراهام لينكولن حول الإطاحة بـ"الرجال الذين يفسدون الدستور"، وأرقام هواتف لشخصيات يمينية، من ضمنها السيناتور تيد كروز وشون هانيتي، وقائمة وصف لقاضٍ فيدرالي على أنه رجل سيئ ولعضو الكونغرس بأنه مسلم.
وزُعم أنه أرسل رسالة نصية مبتهجة حول إطلاق النار على عمدة العاصمة موريل باوزر ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.
هجمات تتزامن مع اقتحام الكونغرس، والخوف الأكبر مما يحدث يوم تنصيب بايدن
وما قد يشير إلى احتمال أن تكون عملية اقتحام الكونغرس مدبرة، التحركات التي تزامنت مع اقتحام الكونغرس والدعوات إلى تحركات في أعقاب ذلك.
إذ تنتشر دعوات جديدة إلى العمل المتطرف، على منتديات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يحذّر مكتب التحقيقات الفيدرالي من الاحتجاجات المخطط لها التي تسبق تنصيب بادين.
وعندما غزا حشد من الآلاف مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير/كانون الثاني، هدد أنصار ترامب المشرّعين والمواطنين في المدن بجميع أنحاء البلاد.
بالمقارنة مع الحشود العنيفة بواشنطن، كانت الحشود المؤيدة لترامب في أماكن أخرى من البلاد أصغر بكثير، وجذبت العشرات إلى مئات الأشخاص.
لكنهم استخدموا الخطاب المتطرف نفسه، حيث وصفوا السياسيين الديمقراطيين والجمهوريين الذين يُنظر إليهم على أنهم غير موالين لترامب، بأنهم "خونة".
وظهر تمثيل لمقصلة خارج مبنى الكابيتول في ولاية أريزونا، ودمية لحاكم ديمقراطي يحترق في ولاية أوريغون.
وعندما كان يتم إجلاء المشرعين من مبنى الكابيتول تجمعت الحشود المؤيدة لترامب في عاصمتي ولاية جورجيا ونيومكسيكو.
وظهر هتاف في ولاية أيداهو حيث قيل للحشد إن المواطنين "يأخذون الكابيتول" و"يقتلون" مايك بنس، نائب الرئيس.
ويحذّر مكتب التحقيقات الفيدرالي من خطط لاحتجاجات مسلحة جديدة بواشنطن وجميع عواصم الولايات الخمسين في الأيام التي تسبق تنصيب بايدن، وانتشرت دعوات جديدة إلى العنف المتطرف، على منتديات وسائل التواصل الاجتماعي.
ولم تتحول أغلب المظاهرات المؤيدة لترامب، يوم الأربعاء، إلى أعمال عنف، حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
لكن في لوس أنجلوس، اعتدى أنصار ترامب البيض ومزّقوا شعراً مستعاراً من على رأس امرأة شابة سوداء صادف أن اجتازت احتجاجهم في 6 يناير/كانون الثاني، حسبما ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز.
وفي ولاية واشنطن (ولاية بشمال غربي البلاد تختلف عن العاصمة)، اقتحم أنصار ترامب، وبعضهم مسلح، بوابة قصر الحاكم، وكذلك حديقة منزل السياسي الديمقراطي جاي إنسلي.
ولكن مما يشير إلى خطط محتملة لإشعال الأوضاع، ناقش أعضاء الميليشيات والنازيون الجدد ومتطرفون يمينيون آخرون عدة تواريخ محتملة لاحتجاجات مسلحة في الأيام المقبلة، كما يقول الباحثون الذين يراقبون الجماعات المتطرفة، مع مقترحات تتراوح بين التجمعات أو الهجمات على الكابيتول بالولاية و"مسيرة ميليشيا المليون" في العاصمة واشنطن.
حذَّرت نشرة المخابرات التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي من احتجاجات مسلحة محتملة من 16 يناير/كانون الثاني "على الأقل" حتى يوم تنصيب بايدن في 20 يناير/كانون الثاني، لكن الباحثين يقولون إنه لا يوجد تركيز على حدث واحد محدد، حسبما تقول صحيفة The Guardian.
لكن الخبراء يقولون إنه من المرجح أن يتم وضع مزيد من الخطط الملموسة في المنتديات الخاصة وفي المنتديات الأصغر التي يصعب اختراقها.