العالم في عام 2030 قد يكون أسوأ من 2020، هذا سيناريو يجب أن تضعه في اعتبارك عندما تصف 2020 بأنه أسوأ عام مرّ عليك.
نعم انتهى عام 2020، الذي يُمكِن وصفه بـ"البجعة السوداء"، لما وقع فيه من أزمات ومصائب واستقطاب ووباء.
وفي 2021، هناك أسباب تدعو للتفاؤل، ولا سيما أنَّ الدول في أنحاء العالم بدأت توفر المراحل الأولى من خطط لقاح فيروس كورونا المستجد.
لكن الصورة الأكبر ما زالت قاتمة بعض الشيء. وسجل الأسبوع الماضي البداية الرسمية لعقدٍ جديد. وإيذاناً ببداية العام، تسلط نشرة Today's WorldView الضوء على 3 مناح يمكنها تحديد مسارات السنين القادمة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.
أبرز أزمات العالم في عام 2030
أزمة الشباب
يُتوقَّع وصول تعداد سكان العالم إلى نحو 8.5 مليار شخص بحلول 2030؛ أي سنشهد زيادة بنسبة 15% في حجم البشرية خلال 15 عاماً فقط، وفقاً لدراسة صادرة عن الأمم المتحدة عام 2015.
وقد يتضاعف عدد المدن الضخمة بنهاية العقد، مع إقامة ما يقرب من ثلثي البشر في مراكز حضرية.
إضافة إلى ذلك، بحلول 2030، سيكون أكثر من مليار شخص على الكوكب في الشريحة العمرية الأعلى من سن 65، وفقاً لدراسة مولتها معاهد الصحة الوطنية الأمريكية. لكن كِبَر سن سكان العالم- ليس في الغرب فحسب، لكن في أنحاء آسيا وأمريكا اللاتينية أيضاً- يحمل معضلة سياسية حقيقية.
إذ تتصارع الحكومات الأوروبية بالفعل مع مستقبل تحدد ملامحه ارتفاع تكاليف رعاية المسنين، وعواقب انخفاض عدد السكان وتقلص القوى العاملة. وقد تشمل الحلول السياسية لهذه التحديات طويلة الأجل تشجيع المزيد من الهجرة لملء الوظائف وخفض الحماية الاجتماعية لدفع إنتاجية العمال. ومن شبه المؤكد أن تأخذ المخاوف الديموغرافية حيزاً أكبر في السياسة الغربية: فعلى جانبي المحيط الأطلسي، تزداد رؤية الحركات اليمينية المتطرفة للمناهضة النسوية على أنها نداء حشد في وقت تتراجع فيه معدلات المواليد.
وفي الصين، تدرك القيادة الاستبدادية تمام الإدراك الحاجة إلى تغيير تركيزها نظراً لشيخوخة سكانها، وقد شرعت في محاولة إعادة توجيه الاقتصاد الصيني للاهتمام أكثر بتلبية احتياجات السوق المحلية بعد سنوات من الازدهار القائم على التصدير.
وبعد عقدٍ من الزمن، قد نعرف أيضاً ما إذا كانت وفرة الشباب في الهند- التي يقل عمر أكثر من نصف سكانها عن 25 عاماً- قد تحولت إلى نعمة ديموغرافية أم نقمة. وتكافح أكبر ديمقراطية في العالم بالفعل لدعم عدد سكانها الهائل من الشباب بالتعليم المناسب والرعاية الصحية والوظائف.
كارثة مناخية
العالم في عام 2030 سيشهد أساسياً من وجهة نظر المنظمات الدولية وعلماء المناخ الذين كانوا بمثابة جرس إنذار كئيب عن التغيرات المناخية. وقبل عامين، حذَّرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة من أنه إذا لم تحدث تخفيضات ضخمة وغير مسبوقة لانبعاثات الكربون خلال العقد المقبل، سيضع العالم نفسه على شفا كارثة مناخية. واقترحت الدراسات اللاحقة أنه حتى لو استُجِيب لمطالب نشطاء المناخ، سيستغرق الوضع عقوداً لقياس أية آثار ملموسة للتغيير.
بيد أنَّ هناك أسباباً تدعو للأمل بالنسبة إلى العالم في عام 2030.
فقد تبنى عددٌ لا يحصى من الحكومات خططاً طموحة لتحويل اقتصاداتها إلى تحييد بصمتها الكربونية. وتعتزم إدارة بايدن القادمة حشد زخم لجهود المناخ العالمية التي تخلى عنها الرئيس ترامب، بينما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ الشهر الماضي إنَّ دولته تخطط لخفض انبعاثات الكربون إلى 65% على الأقل مما كانت عليه في عام 2005 بحلول عام 2030. ويتوقع منتدى الاقتصاد العالمي- معقل التفاؤل- مستقبلاً في عام 2030 تتحول فيه المراكز الحضرية إلى مناطق تتسم بنشاط المشاة، ويزيد فيها الاستغناء عن امتلاك سيارات بفضل التكنولوجيا، ويقل عدد الأشخاص الذين يأكلون اللحوم، ويتنفس الناس هواء أنظف، وتهيمن الطاقة النظيفة المتجددة على قطاع الطاقة.
هذه هي النظرة الوردية. بينما على الجانب الآخر، قد تُشكِّل مطالب الطبقة المتوسطة الصاعدة في العالم النامي تحدياً لجهود خفض الانبعاثات الكربونية، في حين أنَّ التشكك في المناخ قد يمثل قوة دافعة لمجموعة من الحركات اليمينية في الغرب مع تحول خصومهم إلى إجراءات أكثر صداقة للبيئة.
وبدلاً من تحذير العالم، فإنَّ ذوبان القمم الجليدية في القطب الشمالي يفتح بالفعل ممرات تجارية جديدة وسبلاً للاستكشاف؛ مما يُذكي حقبة جديدة من المنافسة الجيوسياسية. وخلال ذلك الوقت، يتوقع العلماء عدداً متزايداً من الظواهر الجوية المتطرفة التي تجتاح العالم وتزعزع استقرار المجتمعات الضعيفة.
إرث ترامب
غيّر العقد الماضي نظرتنا للسياسة العالمية. فقد ولى منذ زمن طويل أي يقين في حتمية الديمقراطية الليبرالية؛ فلا تزال دول الحزب الواحد تزدهر، بينما تعد الشعبوية الديماغوجية والقومية اليمينية المتطرفة من القوى العاتية في العديد من الديمقراطيات الرئيسية في العالم.
وتحذر الجماعات الحقوقية من تآكل الديمقراطيات التي كانت تتمتع بالصحة في السابق والتهديدات الجديدة على الحرية والخصوصية التي تُفرِضها المراقبة الإلكترونية الحكومية.
وأزيحت الرؤى الخاصة بنظام عالمي ليبرالي قوي عن الطريق لتفسح المجال أمام "الأوراق البيضاء" التي تتحدث عن عودة المنافسة بين القوى العظمى.
الذكاء الاصطناعي
المنافسة بين دول العالم في عام 2030 قد تزداد عن الوقت الحالي.
وتتضمن هذه المنافسة السباق الجديد حول البحث واستخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، الذي من المتوقع أن يضيف نحو 16 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، وهو ميزة لها آثار سياسية ضخمة.
من جانبه، أعلن معهد بروكينغز في موجز سياسي حديث: "من يحقق الريادة في الذكاء الاصطناعي في عام 2030 سيحكم العالم حتى عام 2100".
وبرغم ذلك، يأمل الليبراليون في الغرب أنَّ التحديات الخطيرة التي تنتظر العالم في العقد المقبل، والتي تتطلب جميعها تعاوناً وتنسيقاً دولياً موسعاً، ستُبَدِّد في النهاية النزعة القومية الغاضبة في الوقت الحاضر.
لكننا قد نشهد المزيد من الاضطراب في ضوء الاستقطاب الحالي في الولايات المتحدة، المتمثل في رفض ترامب وحلفائه قبول الحكم الصادر في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، مما قد ينذر بأزمة دستورية أسوأ في السنوات المقبلة. وقد يتعطل مشروع الاتحاد الأوروبي للتكامل أو ينهار؛ بسبب الأزمات المالية ومشاعر الشعبوية.
وفي إفريقيا، لا تزال خطة القارة الخاصة بمنطقة تجارة حرة متكاملة، التي رُوِج لها كثيراً (وتشتد الحاجة إليها)، تكافح من أجل الانطلاق.