يمثل احتمال شراء إيران منظومة إس 400 للدفاع الجوي من روسيا، تغييراً مهماً -إذا تمت الصفقة- في موازين القوى بالشرق الأوسط.
فقد انتهى الحظر المفروض من الأمم المتحدة على بيع الأسلحة إلى إيران في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والآن تتوارد الأنباء عن احتمال شراء إيران منظومة إس 400، التي يمكن أن تمثل تهديداً خطيراً للطائرات الأمريكية والإسرائيلية.
وتتحدث تقارير إعلامية عن اتفاقية محتملة بين إيران وروسيا، قد تتضمن شراء إيران منظومة إس 400 للدفاع الجوي، ضمن بنود أخرى.
كانت روسيا إحدى الدول التي عارضت الخطة الأمريكية التي كانت تهدف إلى تمديد حظر الأسلحة على طهران، وفقاً لما أكده السفير الإيراني لدى روسيا كاظم جلالي، في حديث سابق لـ"عربي بوست"، وقال: "إن إيران مهتمة وعازمة على شراء الأسلحة من روسيا، لتعزيز قدراتها الدفاعية".
وبالتأكيد فإن شراء إيران منظومة إس 400 للدفاع الجوي يأتي بصدارة الصفقات التي ينوي قادة طهران عقدها بعد نهاية الحظر، حسبما ورد في مجلة The National Interest الأمريكية.
تبعاً لذلك، هل يمكن أن تصبح مقاتلات F-22 وقاذفات B-2 الأمريكية، وحتى مقاتلات F-35، معرضةً للخطر أثناء الطيران فوق إيران أو مناطق أخرى معادية للأمريكيين في الشرق الأوسط؟ في حين لم يكن الحال كذلك في السنوات الأخيرة على أي نحو، فإن الوضع الراهن قد لا يظل قائماً بالكامل.
حقيقة شراء إيران منظومة إس 400 للدفاع الجوي
بالفعل قال سفير روسيا لدى إيران، ليفان جاجاريان، لصحيفةٍ إيرانية مؤخراً، إن بلاده قد تبيع أنظمة دفاع جوي من نوع "إس 400" إلى إيران، على الرغم من مخاوف الولايات المتحدة المتعلقة بالأمر.
وكانت وكالة تسنيم الإيرانية قد نقلت عن السفير الروسي، قوله: "لسنا خائفين من التهديدات الأمريكية، وسنفي بالتزاماتنا".
يأتي ذلك في وقت أدى انسحاب إدارة ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 (الاتفاق النووي الإيراني) ثم فشل ضغوطه من أجل تجديدها بشروطه الخاصة في عام 2018، إلى إدخال ديناميكية جديدة وبُعداً إضافياً في المناقشات التي باتت تتعلق كذلك بالمخاوف من أن إيران قد تبيع أسلحة نوعية لبعض وكلائها.
وكانت إدارة ترامب قد أشارت في السابق، إلى أن الأسلحة التي قد تمتلكها إيران ستتدفق إلى العراق واليمن ولبنان ومناطق أخرى، حيث تسلّح إيران المجموعات المسلحة التابعة لها.
هل تستطيع إيران إسقاط الطائرات الأمريكية والإسرائيلية؟
والسؤال هنا: ماذا يعني امتلاك إيران صواريخ الدفاع الجوي "إس 400" المتطورة؟ يبدو أن الإجابة تعتمد بدرجة كبيرة على مدى التطور الذي وصلت إليه منظومة الدفاع الجوية الروسية الصنع.
وبحسب الأخبار الواردة، تستخدم إصدارات "إس 400" الروسية جيلاً جديداً من المعالجات الرقمية وشبكات الكمبيوتر وتقنيات اكتشاف تردد الرادارات؛ ما دفع بعض المحللين في وسائل الإعلام الروسية إلى ادعاء أنها قادرة على تدمير المقاتلات الشبحية من الجيل الخامس (مقاتلات "إف 22″ و"إف 35") وقاذفات "بي 2" الأمريكية (قاذفات ذات خصائص إخفائية).
كيف كان أداء إس 300 في مواجهة الطائرات الإسرائيلية من طراز F 35؟
من المعروف أن روسيا قد أكملت في 2016، تسليم إيران نظام صواريخ الدفاع الجوي إس -300، وهو بمثابة النسخة الأقل بجيل من نظام إس 400.
وبإمكان نظام صواريخ أرض – جو المتنقل S-300 مواجهة عدة طائرات على مدى 195 كيلومتراً والصواريخ الباليستية على مدى يصل إلى 50 كيلومتراً.
في عام 2018، عندما تم نشر الإصدار السابق من S-400 وهو S-300 بسوريا، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن القوات السورية المدعومة من روسيا، فشلت في اكتشاف طائرات F-35 الإسرائيلية التي تحلّق فوق دمشق.
فعندما يتعلق الأمر بالدفاعات الجوية الروسية القديمة أو الحالية، والتي من المعروف أن إيران تمتلكها، فإن ادعاء أن المقاتلات الشبحية ستكون عرضة لتهديد حقيقي، ادعاء مشكوك فيه بشدة، على أقل تقدير.
منظومة إس 400 مختلفة لهذه الأسباب
غير أن ذلك لا يمنع أن منظومة "إس 400" المحدثة، وبالطبع "إس 500″، قد تقدم سيناريو مختلفاً قليلاً عن ذلك، وإن لم يجرِ التحقق من ذلك بعد.
إضافة إلى ذلك، فإن وجود مزيد من منظومات الدفاع الجوي "إس 400" وصواريخها في المنطقة يمثل تحدياً إضافياً للطائرات الإسرائيلية العاملة بالمنطقة، وقد يساعد في تحصين المجموعات شبه العسكرية وأنواع حروب العصابات الهجينة الأخرى المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل.
إلى جانب أنظمة الكشف والاستهداف المستقلة والرادار متعدد الوظائف والقاذفات ومركز القيادة والتحكم ، تم تجهيز S-400 بأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات، والمصممة بذكاء لإنشاء دفاع متعدد الطبقات، من خلال إطلاق أربعة أنواع مختلفة من الصواريخ، حسبما ورد في تقرير لموقع Eurasian Times.
ولكن يبدو أن الخطر الحقيقي الكامن في منظومة "إس 400" المطورة يتعلق على الأرجح بسرعة معالجات الكمبيوتر التي تمتلكها وإلى أي مدى يتم ربطها بعضها ببعض، بمعنى أنه إذا تحسنت القدرة على رصد "مسار" الطائرات على سرعات أعلى ونطاقات أكبر، بسبب قدرة المنظومة على دمج معلومات الشبكة على نحو أسرع، فإن ذلك قد يجعل المقاتلات الأمريكية والإسرائيلية أكثر عرضة للخطر، حتى لو لم يكن التغير في المعدات أو الذخائر نفسها كبيراً.
ويُذكر هنا، على سبيل المثال، أن تقنية ارتباط البيانات عالية السرعة الخاصة بتلك المنظومة تعمل على تحسين قدرة موقع الدفاع الجوي الواحد فيما يتعلق برصد التفاصيل ومشاركتها مع "عقدة" أخرى داخل نظام أوسع نطاقاً، ومن ثم يمكن أن يصبح التحليق في مناطق أوسع، عرضة للخطر، كما أن الميزة التي تتمتع بها هذه المقاتلات في ما يتعلق بتجنب الرادارات العادية عن طريق التحليق على سرعات عالية، قد تتقلص أيضاً.
ومنذ نشر S-400 الروسي (اسم تعريف الناتو: SA-21 Growler) داخل الحدود الروسية في عام 2007، اكتسب انطباعاً بأنه أحد أكثر أنظمة الدفاع الجوي فتكاً في العالم، وظهرت طلبات شراء من الصين ثم تركيا والهند.
على الجانب الآخر، يشكك بعض الخبراء في دقة نظام S-400 الروسي. قال مايك كوفمان، عالم أبحاث متخصص بالشؤون العسكرية الروسية في CNA Corporation: "استثمرت روسيا في رادارات الإنذار المبكر منخفضة النطاق، مع بعض المتغيرات الرائعة، ولكن هل يمكن استخدامها لوضع صورة جيدة معاً ومعالجتها، لتطوير مسار ضد طائرات المراقبة المنخفضة؟".
يضيف كوفمان: "إنه لأمر رائع أن تكون قادراً على رؤية طائرة أو أجزاء منها، ولكن الحصول على الدقة بحيث يمكنك بثقةٍ الحصولُ على صاروخ بالقرب من الهدف هو التحدي الأساسي".