فرصة بايدن التي لم يحظَ بها أي رئيس أمريكي من قبل.. كيف سينعكس قانون نيتا لوي على الفلسطينيين؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/31 الساعة 14:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/31 الساعة 15:02 بتوقيت غرينتش
بايدن إلى جانبه السيناتور إليزابيث وارين إلى تنظيم وتفكيك شركات التقنية الضخمة/رويترز

يبدو أن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن قد نال حظاً من التوفيق قبل بداية فترته الانتخابية، فلأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة يوضع ربع مليار دولار سنوياً تحت تصرفه من أجل قضايا السلام، وخاصة بين إسرائيل وفلسطين، ما قد ينعكس على هذا الملف بالإيجاب ويقدم خدمة جليلة لبايدن.

ففي خضم الأسبوع الحافل بالمناقشات والجدل في الكونغرس حول حزمة مساعدات الإنقاذ المقررة للتخفيف من تداعيات فيروس كورونا، تم تمرير حصة مخصصات قياسية قدرها ربع مليار دولار لدعم جهود بناء السلام الإسرائيلي الفلسطيني، يوم الإثنين 28 ديسمبر/كانون الأول، بحسب تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.

ما قصة قانون النائبة نيتا لوي

القانون الذي يعرف باسم "قانون النائبة نيتا لوي للشراكة في الشرق الأوسط من أجل السلام" يوفر مبلغاً يصل إلى 250 مليون دولار على مدى خمس سنوات، لتوسيع نطاق البرامج الشعبية المشتركة بين إسرائيل وفلسطين "من الأفراد إلى الأفراد"، والتي يمكن أن يدعم بعضها في نهاية المطاف الاقتصاد الفلسطيني.

وكان "التحالف من أجل السلام في الشرق الأوسط" (ALLMEP)، وهو منظمة جامعة لمجموعات تعمل في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، قد أمضى ما يقرب من عقد من الزمان في الدعوة لإقامة صندوق من هذا النوع، وأخيراً تمكن من حشد الدعم اللازم من الحزبين لتحويله إلى قانون.

أوضح جون ليندون، المدير التنفيذي للتحالف من أجل السلام، أن المفهوم يستند إلى المفهوم الذي يقوم عليه الصندوق الدولي لأيرلندا، والذي استثمر ما يقرب من 1.3 مليون دولار في مشروعات بناء السلام في أيرلندا الشمالية على مدى الاثني عشر عاماً السابقة لاتفاقية الجمعة العظيمة بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية. والواقع أن التحالف كان قد تقدم على مدار السنوات الماضية بثلاثة مشروعات قوانين قبل المسودة الحالية للمشروع، لكن أول مشروعين حصلا على دعم الديمقراطيين فقط.

الكونغرس الأمريكي، أرشيفية/ رويترز

أخيراً، جذبت نسخة معدلة من مشروع القانون الذي تم تقديمه في عام 2019 مشاركةً من الحزبين، وفي مقدمتهم النائبة نيتا لوي (نائبة ديمقراطية عن ولاية نيويورك)، وهي مشرِّعة مخضرمة لها علاقات قوية مع المنظمات الموالية لإسرائيل، ومن الجانب الجمهوري السيناتور ليندسي غراهام (جمهوري)، والنائب جون فورتنبيري (جمهوري). ومع ذلك، فإن الإنجاز الحقيقي فيما يتعلق بمهمة إنشاء الصندوق جاءت بوادره في يناير/كانون الثاني 2020، عندما زار وفد من الكونغرس إسرائيل بمناسبة الذكرى الـ75 لتحرير معسكر "أوشفيتز" النازي، والتقى عدداً من نشطاء المنظمات الداعية للسلام، في القدس.

من يقف وراء هذا القرار

وفي هذا السياق، قال النائب الديمقراطي بالكونغرس، تيد دويتش، الذي كان أحد المشاركين في تلك الزيارة، لصحيفة Haaretz، إن سماع قصص الأشخاص الذين يعملون على الأرض لخلق تعاون بين الإسرائيليين والفلسطينيين ساعدَ في إقناع المشرعين بأهمية الصندوق. وأضاف أن "جهد الحزبين في هذا الموضوع يضع أساساً قوياً لإدارة بايدن القادمة للبناء عليه".

ومع ذلك، فقد توقفت جهود التحالف من أجل السلام بسبب جائحة كورونا، حتى يونيو/حزيران الماضي، عندما قام مؤيدو مشروع القانون بتغييره من تشريع مستقل إلى جزء من مشروع قانون التخصيصات، من أجل تحسين فرصه في أن يصبح قانوناً.

من جانبه، يقول النائب الديمقراطي دويتش: "كانت النائبة نيتا لوي مناضلة فيما يتعلق بالترويج للبرامج بين الأفراد، وسيؤدي هذا العمل إلى إنشاء طريقة مستدامة لتمويل هذه البرامج"، ورغم انتمائها للحزب الديمقراطي لم يمنع ذلك الجمهوريين من تأييد تسمية القانون باسمها، تقديراً لجهود النائبة الديمقراطية المتقاعدة.

نانسي بيلوسي رئيس مجلس النواب/ رويترز

ويشير كيفن راشلين، مدير منظمة "التحالف من أجل السلام" في الولايات المتحدة، إلى أنه الآن بعد أن انتهت الجولة التشريعية، بدأ العمل المكثف على تنفيذ مشروع القانون في ظل إدارة بايدن.

ويلفت ليندون، المدير التنفيذي للمنظمة، إلى أنه لم يكن لدى أي رئيس أمريكي جديد أداة مثل قانون نيتال لوي عند دخوله البيت الأبيض: في المقام الأول، ميزانية سنوية تبلغ 50 مليون دولار لإنفاقها على جهود بناء السلام التي تشمل الإسرائيليين والفلسطينيين، بدلاً من التركيز على الوضع النهائي المتعلق بالمفاوضات.

يقول ليندون إن الأوضاع القائمة لم تكن مستقرة منذ منتصف التسعينيات، "إذ لم تكن حكومة الولايات المتحدة وهيكل السياسة الخارجية على علم بالواقع على الأرض، وكانت المبادرات حسنة النية، لكن تحقيق اتفاق لحسم الوضع النهائي لم يكن أمراً ممكناً ببساطة". وعلى هذا الأساس يرى ليندون أن الصندوق الذي وافق عليه الكونغرس "أكثر تدريجية، وأكثر عملية فيما يتعلق بحل النزاعات، وهو سابقة متجذرة الحضور في النماذج المقارنة التي نجحت في أماكن أخرى".

وتعليقاً على ذلك، يقول النائب الديمقراطي تيد دويتش: "من الواضح أن الإدارة القادمة ستشتبك مع القضايا [الأساسية للصراع]، لكن الهدف ليس فرض اتفاق. إنهم يعلمون أنهم بحاجة إلى الانخراط فعلياً على الأرض، وإعادة بناء الثقة، والتيقُّن من ثقة الأطراف ببعضها بعضاً. وهنا تبرز قيمة هذه البرامج التي تتضمن عملية بناء الثقة يوماً بعد يوم".

عملية بطيئة لكنها قد تكون مفيدة

ورغم أن راشلين يحذر من أن العملية ستكون بطيئة، فإنه يرى أن ذلك قد يكون شيئاً جيداً، مشيراً إلى أن "ذلك شيء لم تقم به الولايات المتحدة من قبل حقاً. وهي تضع حالياً نحو 5 ملايين دولار فقط في جهود بناء السلام. ومن ثم فنحن سنعمل على الفور على منح الإدارة القادمة المرونةَ والتحفيز اللازم للاستفادة من هذا المبلغ في صندوق تمويلي أكبر بكثير"، مضيفاً أن الدول الأخرى يمكن أن تشارك أيضاً في دعم جهود السلام.

ويضيف دويتش: "الهدف ليس فقط جمع الناس معاً للتعامل مع المصالح المشتركة، بل أيضاً للمساعدة في تهيئة الظروف التي يمكن أن يزدهر فيها السلام".

الهجوم الإلكتروني بايدن
الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن – رويترز

لكن، وعلى الرغم من أن القانون ينص على أن جوانبه الاقتصادية وجوانب دعم التعامل بين الأفراد تهدف إلى خدمة السبل المؤدية إلى خلق بيئة تناسب حل الدولتين، فإن القانون لا يحدد ماهية حل الدولتين.

وشدد راشلين على أن "تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها تضمين (الدولتين) في إطار قانون واحد"، مضيفاً أن هذا له أهمية رمزية في وقت تبرز فيه التحديات لحل الدولتين من اتجاهات متعددة.

كما يقول بيندون إن تمويل برامج الشراكة على مستوى الأفراد يخلق فرصة لمنح شباب الدولتين إحساساً بالضمانة والأمل، ومنحهم فرصة لتحقيق ذواتهم. هذه فرصة لإعادة وضع التصور وليس القيام ببعض الأنشطة القديمة التي يربطها الناس بفترة اتفاق أوسلو وما بعدها مباشرة".

كم فترة القانون؟

من الجدير بالذكر أن الصندوق لديه تفويض مدته خمس سنوات، ولكن فريق منظمة "التحالف من أجل السلام" يدرك أنه لا يوجد شيء مؤكد في واشنطن. ويقول راشلين: "لقد استغرق الأمر منا 13 عاماً لنقل الأمور إلى موقع يجمع موافقة من الحزبين. فبحسب القواعد، تشرف إدارة بايدن على تنفيذ القانون، لكن تخصيص الأموال من اختصاص الكونغرس، ومن ثم يجب أن يكون هناك جهد واعٍ لضمان تأييد الكونغرس لمخصصات القانون كل عام".

وفي الختام، يقول دويتش إن الصندوق يشكّل تكريماً مناسباً للنائبة تينا لوي المتقاعدة، ويمثل مشروع القانون جزءاً من الإرث الذي تركته وراءها، والذي "لا يُبيّن فقط أن الديمقراطيين والجمهوريين يمكنهم العمل معاً، بل يمكن للكونغرس ككل العمل معاً لدفع السلام قدماً"، وتحقيقه.

تحميل المزيد