من الجمارك للنقل والأسماك.. أبرز نقاط صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن انتصر في المفاوضات

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/25 الساعة 15:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/25 الساعة 15:28 بتوقيت غرينتش
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تستقبل رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون/رويترز

بعد مفاوضات شاقة وتهديدات من الجانبين، اكتملت المفاوضات على صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) عشية عيد الميلاد، بعد حل النقاط الشائكة بين الجانبين.

ووصل عدد صفحات الصفقة إلى نحو ألفي صفحة شاملةً الملاحق. وسوف تدخل حيز التنفيذ بمجرد موافقة الجانبين عليها، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

وأثار التوصل إلى صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي أسدلت الستار على نحو 10 شهور من مفاوضات مضنية تساؤلات حول تفاصيلها ومن الذي اقترب من تحقيق أهدافه رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون أم القادة الأوروبيون، وما هي حركة السفر والتجارة بين بريطانيا وأوروبا؟

وقد أشاد كافة القادة الأوروبيين بالاتفاق، فيما وصفه رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، بأنه "هدية" عيد الميلاد للبريطانيين.

ولكن الشيطان سيكمُن في تفاصيل ما جرى الاتفاق عليه بشأن صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهي التفاصيل التي ستظهر خلال الأيام المُقبلة.

تغييرات كبيرة

رغم الاتفاق على صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حذر الطرفان من أن "تغييرات كبيرة" مقبلة اعتباراً من الأول من الشهر المقبل بالنسبة للأفراد والأعمال التجارية في أنحاء أوروبا.

 ولن يكون من الممكن أن يواصل مواطنو المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستفادة من حرية الحركة المطلقة للإقامة والعمل على طرفي الحدود، حسبما ذكرت "فرانس برس".

 وأكدت بروكسل أن حرية حركة الناس والبضائع والخدمات ورؤوس الأموال بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ستنتهي، وسيصبح هناك ترتيبات جديدة.

 وقالت إن "الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سيشكلان سوقين منفصلين؛ فضاءين تنظيميين وقانونين منفصلين. سيخلق ذلك قيوداً في الاتجاهين على تبادل البضائع والخدمات وعلى الحركة عبر الحدود والمبادلات، غير موجودة اليوم".

فيما يلي بعض تفاصيل صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

التعريفات الجمركية.. الانتصار البريطاني الأكبر

يُعتبر الوصول الخالي من التعريفات والحصص (الكوتا) إلى واحدٍ من أكبر أسواق العالم بمثابة العمود الفقري لصفقة بريكست، ويتجاوز حدود صفقات الاتحاد الأوروبي مع كندا أو اليابان.

يعني الاتفاق أنه لن تكون هناك أي رسوم أو حصص على المنتجات البريطانية والأوروبية، التي يتبادلها الطرفان.

وسيبقى على الصادرات البريطانية الامتثال لمعايير الصحة والسلامة، التي يضعها الاتحاد الأوروبي، بينما تحكم قواعد صارمة المنتجات المصنوعة من مكوّنات مصدرها خارج المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

وأشادت لندن بغياب الرسوم كنقطة إيجابية رئيسية في الاتفاق، ستساعد في الوقت ذاته في المحافظة على جزء من الميزات، التي تمتعت بها بريطانيا أساساً كعضو في التكتل.

 التجارة قيود وامتثال للمعايير الأوروبية

ستغادر بريطانيا الاتحاد الجمركي الأوروبي والسوق الموحدة نهاية العام، ما يعني أن الأعمال التجارية ستواجه سلسلة قيود جديدة على الواردات والصادرات عبر بحر المانش.

وأفادت المملكة المتحدة بأن الاتفاق يسمح بالاعتراف ببرامج" التجارة الموثوقة"، التي من شأنها أن تخفف البيروقراطية على الجانبين، ويعني ذلك أيضاً أنّ منتجي المملكة المتحدة سيتعيّن عليهم الامتثال لمعايير المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على حد سواء.

الاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية

لن يكون هناك اعترافٌ تلقائي بالأطباء، والممرضين، والمهندسين المعماريين، وأطباء الأسنان، والصيادلة، والأطباء البيطريين، والمهندسين. 

إذ سيتعين عليهم الآن الحصول على اعترافٍ من دولة الاتحاد الأوروبي التي يرغبون في مزاولة المهنة داخلها.

هل يصبح من حق البريطانيين التمتع بحرية التنقل في الاتحاد الأوروبي؟

لم يعد مواطنو المملكة المتحدة يتمتعون بحرية العمل، أو الدراسة، أو بدء نشاط تجاري، أو العيش داخل الاتحاد الأوروبي. 

وستتطلّب الإقامة لفترات تتجاوز الـ90 يوماً الحصول على تأشيرة إقامة. 

لكن التنسيق في ما يتعلق ببعض مزايا الضمان الاجتماعي، مثل معاشات الشيخوخة والرعاية الصحية، ستجعل العمل خارج البلاد أسهل ويضمن عدم فقدان أي تراكم سابق من الإسهامات المدفوعة في التأمين الوطني لبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.

مصايد الأسماك

كان وصول صيادي الاتحاد الأوروبي مستقبلاً إلى مياه بريطانيا الغنية من بين أبرز المسائل الشائكة والقابلة للاشتعال سياسياً، وآخر نقطة تم حلّها قبل الإعلان عن الاتفاق.

وأصرت بريطانيا مراراً على أنها ترغب باستعادة السيطرة الكاملة على مياهها، بينما سعت دول الاتحاد الأوروبي الساحلية إلى ضمان حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة.

وفي النهاية، توصل الطرفان إلى تسوية تقضي بأن المملكة المتحدة ستخرج من سياسة المصايد المشتركة، وبأن تتخلى قوارب الاتحاد الأوروبي تدريجياً عن 25% من حصصها الحالية خلال فترة انتقالية مدتها 5 سنوات ونصف.

صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا/رويترز

وبالتالي ستتمكّن سفن الاتحاد الأوروبي التي تصطاد على بعد 6-12 ميلاً بحرياً عن الساحل البريطاني الاستمرار في الصيد خلال الفترة الانتقالية مع تخفيض الحصص.

وسيتم إجراء مفاوضات سنوياً بعد ذلك على كميات السمك، التي يمكن لقوارب الاتحاد الأوروبي الحصول عليها من المياه البريطانية. وفي حال لم تكن النتيجة مرضية بالنسبة لبروكسل، فسيكون بإمكانها اتّخاذ تدابير اقتصادية ضد المملكة المتحدة.

وهناك فترة إشعار لثلاثة أشهر قبل منع الوصول. وفي حال رفض الوصول لأي من الجانبين، يمكن للآخر السعي للحصول على تعويض أو فرض تعريفات جمركية بطريقة متناسبة.

مساعدات الدولة للشركات

ظهرت عثرة أخرى تمثلت بما أطلق عليها قواعد "الفرص المتساوية"، التي أصر عليها الاتحاد الأوروبي؛ لمنع الشركات البريطانية من امتلاك أفضلية على منافساتها الأوروبية في حال خفضت لندن معاييرها مستقبلاً أو دعمت الصناعات لديها.

 وعملت المملكة المتحدة جاهدة؛ لتجنب قيام نظام من شأنه أن يمكن بروكسل من إجبارها على الالتزام بقواعد التكتل في مسائل على غرار القواعد البيئية أو العمالة أو الدعم، الذي تقدمه الدولة للشركات.

وأصرّ الاتحاد الأوروبي على التزام المملكة المتحدة بقواعد مساعدات الدولة. 

إذ خشيت بروكسل أنّ حكومة المملكة ستسعى لإيجاد ميزة تنافسية من خلال الدعم. لكن المملكة المتحدة قتلت الفكرة في مهدها. وستضع المملكة المتحدة نظام الدعم الخاص بها. وسيتسنى لهيئة الإنفاذ المحلية الجديدة اتّخاذ القرارات بشأن ما إذا كانت مساعدات الدولة قد أثّرت سلباً على التجارة بعد منح الدعم. وهذا تنازلٌ كبير من جانب الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، سيتعيّن على المملكة المتحدة ضمان أن يحترم نظام الدعم الخاص بها المبادئ الأساسية المنصوص عليها في المعاهدة. كما تسمح الصفقة أيضاً للطرفين بتبني تدابير علاجية إذا كان هناك دليلٌ على أنّ هيئة الإنفاذ المحلية فشلت في دعم المبادئ المشتركة.

المعايير أو تكافؤ الفرص

توافق الطرفان على حد أدنى للمعايير البيئية، والاجتماعية، والخاصة بالقوى العاملة التي لا يجب النزول عنها.

إذ قالت أورسولا فون دير لاين إّنه ستكون هناك مراجعة بعد أربع سنوات لضمان أن مبدأ تكافؤ الفرص لا يزال محفوظاً وفعالاً.

وكانت إحدى أكبر النقاط الشائكة في المحادثات تدور حول إصرار المملكة المتحدة على "بند تطور" أو "آلية تكافؤ" على حد تعبير الحكومة البريطانية.

وفي النهاية، جرى التوصُّل إلى تسوية. وتحمل التسوية شبهاً بأهداف المملكة المتحدة أكثر من أهداف بروكسل.

وتنص الصفقة على بند مراجعة و"إعادة ضبط توازن"، يسمح للجانبين ببدء عملية مراجعة للجوانب الاقتصادية في الصفقة، ومنها معايير الحد الأدنى.

وإذا تباطأ أي من الجانبين في الاتفاق على أرضية جديدة للمعايير، فيُمكن للجانب الآخر فرض التعاريف الجمركية الخاضعة لموافقة لجنة تحكيم مستقلة.

قواعد المنشأ.. أي المنتجات ستعفى من الجمارك الأوروبية؟

تُحدّد هذه القواعد هوية البضائع التي ستحمل جملة: "صُنع في بريطانيا".

إذ أقنعت المملكة المتحدة بروكسل بأنّ مواد الاتحاد الأوروبي الخام ومعالجتها يجب أن تُعتبر مدخلات بريطانية عند تصدير المنتجات النهائية إلى السوق الأوروبي.

وبالتالي تُفرض التعريفات الجمركية بموجب الاتفاقية على المنتج فقط في حال كانت أكثر من 40% من قيمته قبل اكتماله ليست بريطانية المنشأ، أو من دولةٍ ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي مثل اليابان.

فض المنازعات

كانت هذه من أكثر مجالات التفاوض صعوبة، لأنّها ستضع حلولاً للنزاعات التجارية طيلة عقودٍ مقبلة. إذ قالت المستشارة أنجيلا ميركل إنّ الخلاف بشأن آلية التحكيم هي أكبر عقبة تُواجه الصفقة.

إذ خشي الاتحاد الأوروبي أنّ المملكة المتحدة، بمرور الوقت وبحسب الحكومة التي في السلطة، ربما تحيد بعيداً عن معايير الاتحاد الأوروبي بما يمكنها من الحصول على ميزة تنافسية لتصير "سنغافورة جديدة على نهر التايمز".

وفي حال شعور أي من الطرفين بتخريب التجارة، فسوف يتسنى له اتخاذ تدابير بعد التشاور. وتجتمع لجنة تحكيمة في غضون 30 يوماً للفصل في الأمر. وفي حال اعتُبِرَت التدابير لاحقاً خاطئة أو مفرطة، فسوف يكون بمقدور الطرف المتضرر اتخاذ تدابير تعويضية.

ما زالوا متحدين في البحث العلمي

ستُواصل المملكة المتحدة المشاركة في برنامج الاتحاد الأوروبي الرائد "هورايزن أوروبا" (مبادرة لتمويل البحث العلمي تصل ميزانيتها إلى نحو 97.5 مليار دولار)، بصفتها عضواً مشاركاً بالتمويل لمدة سبع سنوات. 

كما ستواصل المشاركة في برنامج كوبرنيكوس (النظام الأوروبي لبيانات رصد الأرض) والجماعة الأوروبية للطاقة الذرية.

الأمن وإنفاذ القانون

الاتفاق يؤسس لإطار عمل جديد؛ لإنفاذ القانون والتعاون القضائي في المسائل الجنائية، وتلك المرتبطة بالقانون المدني، حسبما يقول الاتحاد الأوروبي.

ستتواصل تحقيقات الشرطة وجهود إنفاذ القانون عبر الحدود، مع اتفاقيات تضمن بقاء المملكة المتحدة في برامج تبادل المعلومات الرئيسية، وليس كل البرامج بالطبع.

إذ لن تعود المملكة المتحدة جزءاً في نظام مذكرات الاعتقال الأوروبي، على سبيل المثال.

كما لن تظل المملكة المتحدة عضواً كاملاً في اليوروبول (وكالة تطبيق القانون الأوروبية) واليوروجست (وكالة العدل الأوروبية (يوروجست): هيئة لمتابعة المقاتلين الأجانب قضائياً). 

ولكن سيظل هناك "تعاونٌ مستمر بين المملكة المتحدة، واليوروبول، واليوروجست. مع تعاون قوي بين الشرطة الوطنية والسلطات القضائية".

وستُحافظ المملكة المتحدة على "آلية وصول" إلى نظام معلومات شنغن، وهي قاعدة البيانات المؤتمتة التي تُشارك تنبيهات الشرطة بشأن البضائع المسروقة والأشخاص المفقودين.

وأشارت لندن من جهتها إلى أن الطرفين سيواصلان مشاركة المعلومات المرتبطة بالحمض النووي والبصمات ومعلومات الركاب.

وتفيد بروكسل بأنه "يمكن تعليق التعاون الأمني في حال حدوث انتهاكات من جانب المملكة المتحدة لالتزاماتها، فيما يتعلق بمواصلة الامتثال إلى الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان".

خدمات التلفزيون.. انتصار فرنسي

نجحت فرنسا في إبقاء قطاع الصوتيات والمرئيات خارج الصفقة، ما مثل ضربة موجعة للمملكة المتحدة التي تمتلك نحو 1,400 محطة إذاعية تُمثل 30% من إجمالي القنوات في الاتحاد الأوروبي.

ولن يتمكن مقدمو خدمات التلفزيون والفيديو البريطانيون -حسب الطلب- من تقديم خدماتهم لعموم المشاهدين الأوروبيين إلّا في حال نقلوا جزءاً من أعمالهم إلى دولةٍ عضوة في الاتحاد الأوروبي.

السفر إلى الاتحاد الأوروبي من أجل العمل.. تقسيم البريطانيين إلى شرائح 

يُمكن للموظفين المنتدبين إلى الاتحاد الأوروبي من أجل العمل البقاء لفترةٍ تصل إلى ثلاث سنوات في حال كانوا من المديرين أو المختصين، وتصل إلى عامٍ واحد للموظفين المتدربين. أمّا العاملون لفترة قصيرة فسوف يتعين عليهم الحصول على تصريح عمل، ويمكنهم الإقامة لفترة مدتها 90 يوماً خلال فترة 12 شهراً.

وقد حذّر الخبراء من أنّ المسافرين من رجال الأعمال والعاملين المنتدبين البريطانيين -الذين يُقيمون في الاتحاد الأوروبي من أجل العمل لفترة محدودة- ربما يتعرضون لغرامات في حال عدم حصولهم على إذنٍ مُسبق بمجرد خروج المملكة المتحدة من السوق المشتركة.

المواصلات.. انتصار بريطاني مهم

سيستمر النقل الجوي وبالشاحنات كما كان في السابق، مع استمرار قدرة طائرات الركاب والشحن على الإقلاع والهبوط في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب رحلات الترانزيت في مطار هيثرو وغيره من مطارات المملكة المتحدة للقادمين من خارجها. 

كما سيُسمح للشاحنات بمواصلة القيادة دون التصاريح الخاصة المخصصة بأعداد محدودة للدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وهذا يُمثل ارتياحاً كبيراً لصناعة الخدمات اللوجستية التي خشيت تحديد أعداد السائقين.

تحميل المزيد