طائرة الاستطلاع الأمريكية الأشهر لوكهيد يو-2 تطير على ارتفاع 10 أميال ومهمتها التجسس، وفرصة إسقاطها ضئيلة للغاية، وفي حالة إسقاطها وهبوط الطيار في المحيط كانت حمايته من أسماك القرش مهمة شبه مستحيلة.
شبكة أسماك القرش
إذا اضطر الطيار للهبوط فوق المحيط، وهي احتمالية تستغرق وقتاً طويلاً للهبوط من ارتفاع يصل إلى ضعف ارتفاع الطائرات التجارية، فيجد الطيار نفسه في بيئة مائية عدوانية تضم كائنات لا ترحم. لكن وكالة الاستخبارات المركزية لديها خطة لكل حالة طوارئ.
فابتكرت الوكالة شبكة أسماك قرش مصممة لحماية الطيارين من الأسنان الحادة لأسماك القرش. وبرغم ضعف هذه الاحتمالية، فربما دُعمت هذه الفرضية عن طريق تزويد طائرات يو-2 بقدرات على شاكلة الهبوط فوق حاملات الطائرات في منتصف الستينيات.
وكانت شبكات وكالة الاستخبارات المركزية، أو "ستائر القروش"، حسبما وُصفت، أغطية حماية صغيرة للغاية يمكن للطيارين الذين سقطت طائراتهم أن يفتحوها في هذه الحالات غير المحتملة التي تنطوي على هبوط فوق سطح الماء. كانت شبكة القروش الخاصة بالوكالة في الأساس حقيبة كبيرة ذات خرطوم مطاطي حول الحواف يمكن أن تنتفخ، وبمجرد أن يكون الطيارون قادرين على الطفو، يمكنهم القفز بداخلها، بحسب تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
ولا يزيد حجم ستائر القروش وهي مطوية عن علبة سجائر، مصنوعة من "رقائق مُمعدنة مغلفة بالألومنيوم والبوليستر، وهو عبارة عن تركيبة نسيج قوية كانت خفيفة ومرنة".
حماية على الأرض أيضاً
وكان الهدف الرئيسي المباشر من تلك الشبكة الإبقاء على الطيار آمناً من أي هجمات لأسماك القرش، ولكن إذا حدثت هجمة قرش بالفعل، فإن الحقيبة ستمنع العثور على الطيار عن طريق أي كائنات أخرى ترغب في التهام لحوم البشر، وذلك من خلال الحد من كمية المياه التي تتسرب إلى المحيط. إضافة إلى ذلك، فالحقيبة تحتوي على أي روائح منبعثة من الطيار، أو على الأقل هذا ما يفترض أن يحدث نظرياً.
وفي هذا السياق، تعتبر شبكة القروش عديمة النفع على الأرض، لكن وكالة الاستخبارات المركزية تقول إن ستائر القروش يمكن أن تكون مفيدة للطيارين الذين هبطوا بأمان على الأرض، إذا كانوا يحاولون الفرار من الأسر. فعلى الأرض، يمكن أن تستخدم ستائر القروش كأنها خيمة، أو مأوى مقاوم للرياح، أو حتى حقيبة نوم، بل يمكن أن تستخدم كأنها معطف من نوع ما.
وتشير وكالة الاستخبارات المركزية إلى أن ستائر القروش كانت "الرادع لهجمات القروش الأكثر نجاعة عند اختبارها حتى هذه اللحظة"، ومع ذلك لم يسبق لطياري الوكالة أن استخدموها لا في البر ولا البحر. والخلاصة هنا هي أنه يبدو أن جيمس بوند ليس الجاسوس الوحيد الذي يحمل أدوات غريبة، حسبما يتضح هنا.
الطائرة "دراغون ليدي"
أما الطائرة لوكهيد يو-2 الملقبة بـ"دراغون ليدي"، فهي طائرة مراقبة جوية أحادية المحرك عالية الارتفاع تستعملها اليوم القوات الجوية الأمريكية وكانت وكالة المخابرات المركزية تستخدمها أثناء الحرب الباردة للتجسس على الاتحاد السوفيتي، وكانت توفر مراقبة ليلاً ونهاراً على ارتفاع يصل إلى 21 ألف متر وفي جميع الأحوال الجوية.
وفي عام 1960، نجحت الدفاعات الجوية السوفييتية في إسقاط تلك الطائرة في حادثة شهيرة كان بطلها الطيار الجاسوس فرانسيس غاري باورز الذي قام بمناورة غير محسوبة أدت لإسقاط الطائرة، مما تسبب في فشل اجتماع كان مقرراً في باريس بين الرئيس الأمريكي أيزنهاور ورئيس الوزراء السوفييتي خروتشوف ورئيس وزراء بريطانيا مكملان والرئيس الفرنسي شارل ديغول".
وربما يتبادر إلى الذهن سؤال بشأن اختراع شبكة حماية من أسماك القرش رغم أن السيناريو يبدو غير محتمل في أغلب الأحيان، مقابل تعرض الطيار نفسه للقنص أثناء هبوطه بالباراشوت حال إسقاط طائرته فوق أرض العدو، لكن قوانين الحرب نفسها تفسر هذا اللغز.
فالطيار عندما يقفز من طائرته التي تعرضت لإصابة يصبح تلقائياً في حكم الشخص المدني، وممنوع تماماً محاولة استهدافه في الهواء وهو في طريقه نحو الأرض، ورغم أن قوانين معاهدة جنيف أقرت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن قاعدة تجريم استهداف الطيارين في حالة قفزهم من طائراتهم المصابة موجودة حتى قبل تلك المعاهدة.
وقد قال قائد نازي لطياريه المقاتلين في واقعة شهيرة: "أنتم طيارون مقاتلون أولاً وأخيراً ودائماً. لو سمعت أن أحداً منكم أطلق النار على طيار يهبط بمظلة، سأطلق النار عليه بنفسي"، والأمر نفسه أصدره الجنرال دوايت أيزنهاور للقوات الأمريكية، بحسب تقرير لموقع بيزنيس إنسايدر الأمريكي.