في صيف 2015 ألقت الإمارات بكتيبتي دبابات لوكلير اشترتها من فرنسا، محدثةً تحوُّلاً واضحاً لصالحها في جنوب اليمن، فماذا يميز الدبابة الفرنسية الأكثر فتكاً عن نظيرتها الأمريكية؟
ما مواصفات الدبابة الفرنسية؟
تزن الدبابة لوكلير 60 طناً، أي أنها أخف من نظيراتها الغربية بأكثر من 10 أطنان، ويطلق عليها خبراء الأسلحة "الدبابة السوبر"، نظراً لتنوع الأسلحة التي تحملها وسرعتها الفائقة، حيث تقطع 340 ميلاً قبل الحاجة لإعادة التزود بالوقود مقارنة بنظيرتها الأمريكية الدبابة أبرامز التي تقطع 260 ميلاً فقط قبل الحاجة للتزود بالوقود، وهذه الميزة تحديداً أبرز عوامل النجاح الذي حققته لوكلير في حرب اليمن.
ومن ناحية التسليح، يتميز المدفع الرئيسي للدبابة الفرنسية وهو عيار 120 ملم – شأنه شأن مدفع أبرامز والدبابة الألمانية ليوبارد والبريطانية تشالينجر – بنظام التلقيم التلقائي للقذائف وهو ما يجعله قادراً على إطلاق 12 قذيفة في الدقيقة، بينما الدبابات الثلاث تعتمد على التلقيم البشري.
لكن هذه ليست الميزة الوحيدة، فهناك مدفع آخر أصغر (50 ملم) مثبت بجوار المدفع الرئيسي للدبابة لوكلير، كما أن المدفع الرئيسي للدبابة أطول من نظيره في الدبابة الأمريكية أبرامز وهو ما يعني نظرياً قدرة أكبر على اختراق الدروع.
واكتسبت الدبابة الفرنسية اسمها من الجنرال الفرنسي لوكلير الذي تمكنت فرقته المدرعة من تحرير باريس من القوات النازية عام 1944 أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان سعر الدبابة الفرنسية مطلع القرن أغلى دبابة على وجه الأرض مقارنة بنظيراتها؛ فبحسابات قيمة الدولار عالمياً عام 2011، كان سعر لوكلير 9.3 مليون دولار بينما كانت الدبابة الروسية T-90 تساوي 4 ملايين دولار، بحسب تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
ماذا تفعل الدبابة الفرنسية في اليمن؟
ونظراً للثمن الباهظ الذي تكلفه الدبابة لوكلير في ظل حرص القائمين على إنتاجها على تطويرها باستمرار، وكان أحدث ذلك التطوير ما كشف عنه الفرنسيون في يونيو/حزيران 2016 من الموديل الجديد من الدبابة لوكلير-XLR الهادف إلى جعلها تتربع على عرش الدبابات حتى عام 2040، فإن الإمارات هي الدولة الوحيدة التي اشترت تلك الدبابات.
ليس هذا فحسب، بل إن النماذج الإماراتية من الدبابة الفرنسية تشمل تحسينات تجعلها أفضل مقارنة بمثيلاتها لدى الجيش الفرنسي، بحسب تقرير المجلة الأمريكية. وقد اشترت الإمارات 390 دبابة لوكلير إضافة إلى 46 عربة مصفحة من نفس الفصيلة، كما اشترت أيضاً 13 درعاً للدبابات مصممة لتفجير قذائف الـ"آر بي جي" المضادة للدبابات قبل أن تضرب الدبابة.
لكن النقطة اللافتة هي أن الدبابة لوكلير لدى الجيش الفرنسي لم يتم استخدامها بعد في أي عمليات حربية، على عكس الإمارات التي أرسلت من 70 إلى 80 من تلك الدبابات إلى اليمن، وعلى مدى ست سنوات الآن يلعب ذلك السلاح الفتاك دوراً رئيسياً في الكارثة الإنسانية الأسوأ، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
وتعود بداية دخول الدبابات الفرنسية التي اشترتها الإمارات إلى اليمن إلى شهر أغسطس/آب 2015، وكانت حينها قوات التحالف السعودي-الإماراتي تحاول السيطرة على قاعدة العند الجوية في عدن لكنها كانت محاصرة من جانب ميليشيات الحوثي التي أوقعت خسائر فادحة في صفوف التحالف.
وتم إنزال كتيبة إماراتية مدرعة جواً من منصة لتكرير البترول وانطلقت الكتيبة المدرعة تدعمها الدبابات لوكلير على الطريق السريع في عدن وهاجمت القاعدة الجوية واستولت عليها يوم 3 أغسطس/آب 2015.
ومنذ ذلك الوقت اعتمدت الإمارات على الدبابة الفرنسية في حرب اليمن وتم تقسيمها إلى كتيبتين؛ الأولى متمركزة حول عدن، والثانية موجودة في منطقة وسط اليمن. وبخلاف الدبابات لوكلير توجد أيضاً عربات مشاة قتالية مدرعة روسية الصنع وبطاريات صواريخ هاوتزر G6 عيار 155 ملم.
وعلى مدى السنوات الست استخدمت الإمارات ستار "تحالف دعم الشرعية" كي تُطبِق قبضتها على جنوب اليمن، وخصوصاً ميناء عدن، وذلك من خلال دعم وتسليح المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى للانفصال عن شمال اليمن، وهو ما أدى إلى تفتيت جبهة القتال في مواجهة تمرد الحوثيين، بينما يدفع الشعب اليمني ثمناً باهظاً بين عشرات الآلاف من القتلى وملايين المهجرين والمصابين والجوعى.
متى تتم مساءلة فرنسا؟
قصة الدبابة الفرنسية لوكلير التي يعتبرها البعض رأس الحربة في التواجد الإماراتي في اليمن تفتح الباب أمام التساؤلات بشأن الدور الفرنسي المسكوت عنه في دعم التحالف السعودي-الإماراتي في مأساة حرب اليمن، مقارنة بالضجة التي ينالها دور واشنطن ولندن في تقديم الدعم لنفس التحالف.
ففي الولايات المتحدة، اتخذ الكونغرس الأمريكي أكثر من قرار يلزم الإدارة بوقف دعمها لذلك التحالف ووقف مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، لكن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب استخدم حق النقض الفيتو لإبطال قرار الكونغرس، بل ووقع مؤخراً اتفاقاً لبيع صفقة أسلحة متطورة للإمارات بقيمة 23 مليار دولار شملت طائرات الإف-35 رغم معارضة الكثيرين للصفقة بسبب دور الإمارات المزعزع للاستقرار في المنطقة.
وفي بريطانيا صدر حكم قضائي قبل أكثر من عام بمنع بيع الأسلحة للسعودية والإمارات بسبب دورهما في حرب اليمن، وصدرت أحكام مشابهة في ألمانيا ودول أوروبية أخرى، لكن الدور الفرنسي في تسليح الإمارات لا يزال غائباً عن المساءلة، على ما يبدو.