عقوبات أمريكا على تركيا بسبب إس-400.. لماذا الآن، وكيف تؤثر على الصناعات العسكرية؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/15 الساعة 11:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/29 الساعة 07:32 بتوقيت غرينتش
ترامب يعلق على الاختراق الإلكتروني، روسيا والصين / رويترز

أثار قرار إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب فرض عقوبات على تركيا بسبب شراء أنقرة منظومة الدفاع الصاروخية إس-400 من روسيا تساؤلات أبرزها يخص التوقيت ومدى تأثير تلك العقوبات على الصناعات الدفاعية التركية.

لماذا فرض العقوبات الآن؟

توقيت اتخاذ ترامب خطوة فرض عقوبات على تركيا جاء لافتاً، ونشر موقع Vox الأمريكي تقريراً بعنوان "ترامب فرض عقوبات على تركيا عضو الناتو الآن"، راصداً شراء أنقرة نظام الدفاع الصاروخي الروسي سبباً لتلك العقوبات، لكن الصفقة تمت قبل أكثر من عام، فلماذا الآن؟

ويرجع سبب التساؤل بشأن توقيت فرض العقوبات إلى حقيقة أن صفقة شراء الإس-400 من روسيا تمت بالفعل قبل أكثر من عام، وردت الإدارة الأمريكية باستبعاد أنقرة من برنامج إنتاج الطائرة الأمريكية إف-35، لكن إدارة ترامب رفضت الاستماع إلى بعض الأصوات داخل الكونغرس بفرض عقوبات على تركيا.

إس-400

ثم قامت تركيا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بالتشغيل التجريبي للنظام الصاروخي الروسي رغم مطالبات الإدارة الأمريكية بعكس ذلك، وأيضاً لم تفرض إدارة ترامب عقوبات على تركيا، ويرى مراقبون بحسب تقرير الموقع الأمريكي أن قرار إدارة ترامب فرض العقوبات أمس الإثنين، 14 ديسمبر/كانون الأول، يصبّ مزيداً من التوتر على العلاقات بين أنقرة وواشنطن بالفعل، لكن هذه لن تكون مشكلة ترامب، بل مشكلة إدارة جو بايدن.

ويواجه بايدن معضلة بالفعل، فتركيا حليف استراتيجي وشريك في حلف الناتو، لذلك ترغب واشنطن وباقي حلفائها الأوروبيين في الضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كي يتخلى عن سياساته التي تسبب إزعاجاً لهم، لكن في الوقت نفسه يتخوفون من أن زيادة الضغوط قد تؤدي في نهاية المطاف إلى مزيد من التقارب التركي-الروسي. ويرى البعض أن إقدام ترامب الآن على فرض عقوبات على أنقرة ربما يكون مقصوداً بسبب هذه النقطة بالتحديد.

ماذا قالت واشنطن عن العقوبات؟

قالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان، إنها أدرجت رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية (SSB) إسماعيل دمير، ومسؤولي المؤسسة مصطفى ألبر دنيز، وسرحات غانش أوغلو، وفاروق ييغيت على قائمة العقوبات. وتشمل العقوبات أيضاW مصادرة أصول دمير وموظفي المؤسسة الآخرين، وفرض قيود التأشيرات عليهم (لدخول الولايات المتحدة).

وأفاد مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الأمن الدولي والحد من التسلح كريستوفر فورد، في مؤتمر صحفي، بأن العقوبات المفروضة على المؤسسة التركية تشمل "حظر إصدار تصاريح تصدير منتجات وتقنيات الولايات المتحدة".

العقوبات الأمريكية على تركيا
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب/رويترز

وأضاف فورد أنه تم منع كل المؤسسات المالية الأمريكية والدولية من إسناد أي قرض أو دين بقيمة تتجاوز 10 ملايين دولار إلى المؤسسة التركية. كما سيتوقف بنك التصدير والاستيراد في الولايات المتحدة (ExIm Bank) عن تقديم قروض للمؤسسة التركية.

كما أشار وزير الخارجية مايك بومبيو إلى أن فرض عقوبات على مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية تم بموجب قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات (كاتسا). وقانون معاقبة الدول المتعاونة مع خصوم الولايات المتحدة الأمريكية المعروفة بـ"كاتسا CAATSA"، كان الرئيس دونالد ترامب قد وقعه ودخل حيز التنفيذ في 2 أغسطس/آب 2017.

العقوبات الأمريكية على تركيا، بحسب فورد، لا تتعلق بما تمت مناقشته في قمة زعماء الاتحاد الأوروبي الأخيرة، بل فقط بشراء تركيا منظمة "إس 400". وفي معرض رده على سؤال حول رؤيته لتركيا، قال المسؤول الأمريكي "إنها علاقة معقدة وصعبة، تركيا لا تزال حليفتنا في الناتو (حلف شمال الأطلسي)، ونحن نولي قيمة كبيرة لمساهمتها فيه". 

ولفت إلى أنهم قضوا "فترة طويلة لمحاولة إقناع تركيا بالتراجع عن شراء "إس 400″، عبر مفاوضات دبلوماسية والعقوبات جرت في إطار القانون". وفي الإطار ذاته دعا بومبيو تركيا إلى حل ما سماه مشكلة صواريخ "إس-400" في أسرع وقت ممكن بالتنسيق مع واشنطن.

ما مدى تأثير العقوبات على تركيا؟

في تعليقه على العقوبات الأمريكية، أكد رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية دمير أن تركيا مصممة على الاستقلال بالكامل في مجال الصناعات الدفاعية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.

ففي تغريدة لدمير عبر تويتر، قال: "مصممون على تحقيق أهدافنا نحو صناعات دفاعية مستقلة بالكامل بقيادة رئيسنا رجب طيب أردوغان"، مؤكداً أن أي عقوبات خارجية تستهدف شخصه أو تستهدف مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية لن تُغير من موقفه وموقف أفراد مؤسسته. وأضاف أن العقوبات لن تعيق مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية بأي شكل كان.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال لقاء سابق مع جو بايدن عندما كان نائباً للرئيس الأمريكي باراك أوباما/رويترز

بينما أعربت وزارة الخارجية التركية عن رفضها وإدانتها لقرار واشنطن فرض عقوبات على أنقرة، معتبرة الخطوة "خطأً جسيماً"، وأضافت في بيانها: "ندين ونرفض قرار العقوبات الأحادي الجانب الذي أعلنته الولايات المتحدة اليوم ضد تركيا، بسبب تزودنا بمنظومات إس 400 للدفاع الجوي".

وشددت الخارجية على أن العقوبات الأمريكية الأحادية "عمل يخلو من كافة أشكال التعقل"، مضيفة: "ندعو الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في قرار العقوبات الجائر والرجوع عن هذا الخطأ الجسيم".

بيان الخارجية التركية قال أيضاً إن الجميع يعلم الأسباب التي دفعت تركيا لشراء منظومات "إس 400″، وإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أقر في أكثر من مناسبة بأن تركيا كانت محقة بهذا الموضوع، وأضاف: "تركيا لن تمتنع عن اتخاذ التدابير التي تراها ضرورية لحماية أمنها القومي".

وتصر أنقرة على أن الادعاءات الأمريكية بأن صواريخ "إس 400" ستتسبب في ضعف في منظومات الناتو تفتقر للأساس الفني، واقترحت تشكيل مجموعة عمل فنية حول الموضوع بمشاركة الناتو، لتناول الأمر بشكل موضوعي، بعيداً عن الأحكام السياسية المسبقة، بينما لم تتجاوب واشنطن مع هذا المقترح الرامي لحل هذا الخلاف عبر الحوار والدبلوماسية بما يليق بدولتين حليفتين، بحسب بيان الخارجية التركية.

وشدَّدت على أن تركيا ستتخذ الخطوات الضرورية ضد قرار العقوبات الذي لا مفر من تأثيره سلباً على العلاقات بين البلدين، وستردّ بالمثل بالطريقة والزمن اللذين تراهما مناسبين.

ودعت الوزارة واشنطن للعدول عن هذا الخطأ الجسيم في أسرع وقت، كما جددت تأكيدها على استعداد تركيا لتناول هذه القضية عبر الحوار والدبلوماسية بما يتماشى مع روح التحالف.

تحميل المزيد