مع الإعلان رسمياً عن التوصل لمَصل من أجل علاج فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 كثر الحديث عن كيف يعمل هذا اللقاح، وكيف سيعالج الوباء وعلى أي معيار استندت شركة Pfizer في تطوير المَصل؟
في هذا التقرير المترجم عن صحيفة New York Times الأمريكية سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة المعقدة.
وكانت شركة BioNTech الألمانية في شراكةٍ مع Pfizer لتطوير واختبار لقاح فيروس كورونا المعروف باسم BNT162b2. وأظهرت تجربةٌ سريرية أنّ اللقاح له نسبة فاعلية تصل إلى 95% في الوقاية من كوفيد-19.
كيف سيعمل اللقاح؟
يعد فيروس سارس-كوف-2 مليء بالبروتينات التي يستخدمها لدخول خلايا الإنسان. وبروتينات الحسكة المزعومة هذه تُمثّل هدفاً مغرياً للقاحات والعلاجات المحتملة.
وعلى غرار لقاح Moderna، نجد أنّ لقاح Pfizer وBioNTech قائمٌ على التوجيهات الجينية للفيروس في بناء بروتين الحسكة.
الحمض النووي الريبوزي (رنا) المرسال داخل القشرة الزيتية
يستخدم اللقاح الرنا المرسال، وهي مادةٌ وراثية تقرأها خلايانا لإعداد البروتينات. ويكون الجزيء -الرنا المرسال- هشاً ويسهل على الإنزيمات الطبيعية الفتك به حال حقنه إلى الجسم مباشرةً. ولحماية اللقاح، تُغلّف شركات Pfizer وBioNTech لقاحها بفقاعات زيتية مصنوعة من الجسيمات النانوية الليبيدية.
ونتيجة هشاشتها، تنهار جزيئات الرنا المرسال سريعاً في درجة حرارة الغرفة العادية. لذلك تبني شركة Pfizer حاويات خاصة بها ثلجٌ جاف، وأجهزة استشعار حرارية، وأجهزة تعقّب بنظام التموضع العالمي لضمان نقل اللقاحات في درجة حرارة -70 درجة مئوية للحفاظ عليها.
دخول الخلية
بعد التطعيم، تصطدم جزيئات اللقاح بالخلايا وتندمج معها، لينطلق الرنا المرسال. فتقرأ جزيئات الخلية تسلسله لتبني بروتين الحسكة. وينتهي الأمر بالخلية إلى تدمير الرنا المرسال في النهاية، دون أن تترك أثراً دائماً.
وتُشكّل بعض بروتينات الحسكة عدة حسكات تنتقل إلى سطح الخلية وتُخرِج أطرافها. بينما تُكسّر الخلايا المُلقّحة بعض البروتينات إلى أجزاء، تظهر على سطحها. وبعدها يستطيع جهاز المناعة التعرّف على الحسكات وأجزاء بروتين الحسكة.
رصد الدخيل
حين تموت خليةٌ مُلقّحة، سيحتوي حطامها على الكثير من بروتينات الحسكة وأجزاء البروتينات، والتي يُمكن بعدها أن تستحوذ عليها خليةٌ مناعية تُدعى الخلية المقدمة للمستضد.
وتُقدّم الخلية أجزاءً من بروتين الحسكة على سطحها. وحين ترصد الخلايا الأخرى المعروفة باسم الخلايا التائية المساعدة هذه الأجزاء، يتسنّى للخلايا التائية المساعدة دق ناقوس الخطر والمساعدة في حشد الخلايا المناعية الأخرى لمحاربة العدوى.
صُنع الأجسام المضادة
ربما تصطدم خلايا مناعية أخرى، تُدعى الخلايا البائية، بحسكات فيروس كورونا وأجزاء البروتين على سطح الخلايا الملقحة. وربما تعلق بعض الخلايا البائية القليلة ببروتينات الحسكة. وفي حال تنشيط هذه الخلايا البائية لاحقاً بواسطة الخلايا التائية المساعدة، فسوف تبدأ في التكاثر وضخ الأجسام المضادة التي تستهدف بروتين الحسكة.
إيقاف الفيروس
يُمكن للأجسام المضادة أن تلتصق بحسكات فيروس كورونا، وتمييز الفيروس من أجل تدميره، والحيلولة دون إصابة الخلايا الأخرى بالعدوى عن طريق منع الحسكات من الالتصاق بالخلايا الأخرى.
قتل الخلايا المصابة
يُمكن للخلايا المقدمة للمستضد أيضاً أنّ تُنشّط نوعاً آخر من الخلايا المناعية، يُدعى الخلايا التائية القاتلة، من أجل البحث عن وتدمير أي خلايا مصابة بفيروس كورونا وتظهر على سطحها أجزاء من بروتين الحسكة.
تذكُّر الفيروس
يتطلب Pfizer وBioNTech جرعتي لقاح، تفصل بينهما فترةٌ تصل إلى 21 يوماً، من أجل تنشيط جهاز المناعة بما يكفي لمكافحة فيروس كورونا. ولكن لأن اللقاح جديدٌ للغاية، فلا يعرف الباحثون إلى أيّ مدى ستستمر الفاعلية.
وقد وجدت دراسةٌ حديثة أنّ اللقاح على ما يبدو يوفر حمايةً قوية بعد نحو 10 أيام من الجرعة الأولى، مقارنةً بالأشخاص الذين حصلوا على الدواء الوهمي.
ومن المحتمل أنّ نشهد خلال الأشهر التي تلي التطعيم انخفاضاً في أعداد الأجسام المضادة والخلايا التائية داخل الجسم. لكن جهاز المناعة يحتوي أيضاً على خلايا من نوع خاص تُدعى الخلايا البائية للذاكرة والخلايا التائية للذاكرة، التي يُمكنها الاحتفاظ بالمعلومات حول فيروس كورونا لمدة سنوات أو عقود.
الإعداد والتطعيم
تحتوي كل قنينة من اللقاح على خمس جرعات بمقدار 0.3 ميليلتر. ويجب أن يُذاب اللقاح قبل التطعيم، مع تخفيفه بمحلولٍ ملحي. وعقب التخفيف، يجب استخدام الجرعة في غضون ست ساعات.
الجدول الزمني للقاح
يناير/كانون الثاني، 2020: شركة BioNTech تبدأ العمل على اللقاح بعد اقتناع الدكتور أوغور شاهين، أحد مؤسسي الشركة، بأنّ فيروس كورونا سيتفشى خارج الصين متحوّلاً إلى جائحة.
مارس/آذار: BioNTech تتفق مع شركة Pfizer على التعاون.
مايو/أيار: إطلاق المرحلة 1/2 من التجارب على نسختين من لقاح الرنا المرسال. وأظهرت نسخةٌ منهما، تُعرف باسم BNT162b2، آثاراً جانبية أقل.
22 يوليو/تموز: إدارة ترامب توقع عقداً بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل 100 مليون جرعة تُسلّم في ديسمبر/كانون الأول، مع شرطٍ يسمح بالحصول على 500 مليون جرعة إضافية حال ترخيص اللقاح من قبل إدارة الغذاء والدواء.
27 يوليو/تموز: إطلاق المرحلة 2/3 من التجارب على 30 ألف متطوع داخل الولايات المتحدة ودول أخرى، منها الأرجنتين والبرازيل وألمانيا.
12 سبتمبر/أيلول: Pfizer وBioNTech تُعلنان نيتهما توسيع التجارب داخل الولايات المتحدة لتشمل 44 ألف شخص.
التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني: البيانات الأولية تُشير إلى أنّ لقاح Pfizer فعّالٌ بنسبةٍ تتجاوز الـ90%، بدون آثار جانبية خطيرة. وأظهرت البيانات النهائية للتجارب أنّ نسبة الفاعلية تصل إلى 95%.
20 نوفمبر/تشرين الثاني: شركة Pfizer تطلب تصريحاً للاستخدام العاجل من إدارة الغذاء والدواء.
الثاني من ديسمبر/كانون الأول: بريطانيا تمنح لقاح Pfizer وBioNTech تصريح الاستخدام العاجل، لتصير أول دولةٍ غربية تمنح موافقةً من هذا النوع للقاح يخص فيروس كورونا.
الثامن من ديسمبر/كانون الأول: ويليام شيكسبير من بين أوائل الحاصلين على اللقاح في بريطانيا، خلال اليوم الأول من التطعيم للعاملين في الرعاية الصحية والمسنين فوق الـ80 عاماً الأكثر عرضةً للخطر.
التاسع من ديسمبر/كانون الأول: كندا تمنح اللقاح تصريحاً كاملاً.
العاشر من ديسمبر/كانون الأول: إدارة الغذاء والدواء تجتمع في جلسةٍ مفتوح لمناقشة منح التصريح العاجل للقاح الشركتين.
31 ديسمبر/كانون الأول: Pfizer تتوقع إنتاج ما يصل إلى 50 مليون جرعة بحلول نهاية العام، وما يصل إلى 1.3 مليار جرعة في عام 2021. وسيحتاج كل شخصٍ يتم تطعيمه إلى جرعتين.
ربيع عام 2021: من المتوقع أنّ تصل لقاحات Pfizer وModerna إلى مرحلة التوزيع واسع النطاق في الربيع.