بعد قرار الشيوخ الأمريكي.. هل اقتربت الإمارات من إتمام صفقة طائرات F 35 أم يمنعها بايدن؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/10 الساعة 18:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/10 الساعة 23:57 بتوقيت غرينتش
الطائرة الأمريكية الشبحية F35/ويكيبيديا

جاء فشل مجلس الشيوخ الأمريكي في وقف صفقة بيع طائرات F 35 وطائرات مسيرة للإمارات ليقرب أبوظبي خطوة من احتمال إتمام الصفقة، التي تلقى معارضة بالأوساط الأمريكية، ولكن ماذا يعني قرار مجلس الشيوخ، وهل يمنع بايدن صفقة F 35 الإماراتية أم يعمد ترامب لتمريرها قبل تسليمه السلطة

تسعى الإمارات العربية المتحدة للحصول على صفقة أسلحة ضخمة بقيمة 23.37 مليار دولار، يفترض أن تشمل نحو 50 مقاتلة من طراز F-35A بقيمة 10.4 مليار دولار، و18 طائرة بدون طيار من نوع "ريبر" MQ-9B بقيمة 2.97 مليار دولار، و 10 مليارات دولار من الذخائر جو- جو، وج- أرض، هذه المبالغ هي تقديرات وقد تتغير خلال المفاوضات النهائية، لكنها لا تزال الصفقة تمثل فوزاً هائلاً للصناعة الأمريكية، وتثير معركة سياسية داخل الأوساط السياسية الأمريكية.

وفي حال إتمام صفقة F 35 الإماراتية، ستصبح الإمارات أول دولة عربية تحصل على طائرات F-35، ما يضع سقفاً جديداً لمبيعات السلاح الأمريكية ربما يسعى المشترون الأثرياء الآخرون في الخليج إلى الاقتداء به.

ماذا يعني قرار مجلس الشيوخ بشأن الصفقة الإماراتية، وهل وافق عليها؟

صوّت غالبية أعضاء مجلس الشيوخ ضد مقترحين لمنع بيع طائرات مقاتلة من طراز F-35 وطائرات ريبر بدون طيار ومعدات عسكرية أخرى إلى الإمارات، ما أدى إلى إحباط الجهود المبذولة لوقف -أو على الأقل إبطاء- بيع هذه الأسلحة المتطورة إلى الإمارات.

وقال مسؤول في إدارة ترامب لصحيفة The jerusalem post الإسرائيلية إن كبير مستشاري الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر والممثل الخاص للمفاوضات الدولية آفي بيركوفيتز تحدثوا إلى العديد من أعضاء مجلس الشيوخ قبل التصويت، وطالبوهم بمعارضة القرار الذي يهدف لمنع صفقة F 35 الإماراتية.

فمجلس الشيوخ الأمريكي لم يوافق على صفقة F 35 الإماراتية، ولكن رفض إصدار قرار استباقي بمنعها، وذلك بعد أن هدد ترامب باستخدام الفيتو ضد القرار.

 ومازال أمام الصفقة طريق يكون طويلاً عادة في الكونغرس، إذ يجب أن تحيلها الإدارة الأمريكية للكونغرس بمجلسيه للموافقة عليها، علماً أن مجلس الشيوخ به أغلبية جمهورية مؤيدة لترامب، وتميل دائماً لتقليل اعتبارات حقوق الإنسان في مجال الأسلحة، وتركز على الأمن الأمريكي والإسرائيلي، وفي هذه الصفقة تحديداً كانت إسرائيل وبالتالي اللوبي اليهودي مؤيدين للصفقة.

أما مجلس النواب الذي يجب أن يوافق على الصفقة فإن أغلبيته ديمقراطية، وهم أكثر إيلاء للاهتمام بقضايا حقوق الإنسان، وقضايا مثل حرب اليمن.

ما سبب الاعتراضات على الصفقة؟

أثار أعضاء مجلس الشيوخ الداعمون للتشريع الذي حاول وقف صفقة F 35 الإماراتية مخاوف بشأن السرعة التي حاولت بها إدارة ترامب إتمام الصفقة، التي أُعلن عنها في أعقاب توقيع الإماراتيين على اتفاق سلام مع إسرائيل. كما حذروا من أن تمرير مثل هذه الصفقات في الأيام الأخيرة للإدارة يشكل سابقة خطيرة لعزل المشرعين عن مداولات الأمن القومي.

وقال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي بوب مينينديز (ديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي) خلال خطابه في قاعة مجلس الشيوخ إن "هناك الكثير من الأسئلة المعلقة والأسئلة الجادة للغاية حول مصالح الأمن القومي الأمريكي على المدى الطويل".

وتساءل مينينديز الذي رعى القرار جنباً إلى جنب مع أعضاء مجلس الشيوخ كريس مورفي (ديمقراطي من كونيتيكت) وراند بول (جمهوري من ولاية كنتاكي) "لماذا هذه العجلة"؟

وأضاف "هل يحاولون إتمام الصفقة قبل تنصيب الرئيس المنتخب بايدن، بغض النظر عن التكلفة المحتملة للأمن القومي للولايات المتحدة وإسرائيل؟"

وقالت إن صفقة بهذا الحجم تتطلب عادةً شهوراً وأشهراً من المداولات التفصيلية بين وزارتي الدفاع والخارجية".

هل يمنع بايدن صفقة F 35 الإماراتية
مؤيدو الصفقة يرونها مكافئة لتوقيع الإمارات إتفاقية سلام مع إسرائيل/رويترز

وتساءل مينينديز هل نعتقد حقاً أنه يمكننا بيع هذا إلى الإمارات العربية المتحدة فقط دون أن تطرق تلك الدول الأخرى أبوابنا وتبدأ سباق تسلح متطور للغاية في علبة العادم في العالم؟".

في المقابل، جادل المدافعون عن صفقة الأسلحة بأنها ستحسن أمن إسرائيل الإقليمي ومكافأة ضرورية لأبوظبي على توقيع اتفاق السلام.

وقبل التصويت بساعات وتحديداً يوم الإثنين، قال سفير إسرائيل في واشنطن، رون ديرمر، إن تل أبيب تعتقد أن أبوظبي حليف في مواجهة إيران، ولا تعتقد أن مبيعات الأسلحة المقترحة للدولة العربية ستنتهك التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على جيش إسرائيل النوعي.

وغمز من قناة بايدن قائلاً: "ما يُبقيني مستيقظاً في الليل ليس في الواقع بيع F-35 المقترح للإمارات، بل فكرة عودة شخص ما إلى الاتفاق النووي مع إيران".

ويُظهر هذا الأمر الخلاف الكبير بين إسرائيل والسعودية والإمارات مع إدارة بايدن تجاه الملف النووي الإيراني، ولكن لا يُعرف إلى أي مدى سينعكس على موقف بايدن من تزويد الإمارات بالطائرات.

هل ينجح ترامب في إتمام الصفقة قبل مجيء بايدن؟

هناك اعتقاد بأن إدارة بايدن قد تسعى إلى منع صفقة F 35 الإماراتية، ومن ثم تسارع إدارة ترامب لإنجاز عملية البيع قبل 20 يناير/كانون الثاني، موعد تنصيب الرئيس الجديد. 

وتعتقد إحدى كبار مسؤولي بيع الأسلحة، أنه من "الممكن" الحصول على عقد لدولة الإمارات العربية المتحدة لشراء مقاتلة إف-35 جوينت سترايك فايتر قبل نهاية إدارة ترامب.

وفي حديثها للصحفيين يوم الجمعة، قالت هايدي جرانت، رئيسة وكالة التعاون الأمني ​​الدفاعي، إن مثل هذا الجدول الزمني ممكن من الناحية اللوجيستية، لكنها أشارت إلى أنه من المحتمل أن يتطلب إجراءً سريعاً من الإمارات العربية المتحدة.

وقال جرانت رداً على سؤال حول ما إذا كان من الممكن أن تكون طائرات F-35 متعاقدة بحلول 20 يناير/كانون الثاني، عندما يتم تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن: "إذا سألت عما إذا كان ذلك ممكناً، فهذا ممكن تماماً"، مستدركة: "لكننا لا نتحكم فيه".

هل يمنع بايدن صفقة F 35 الإماراتية؟

محاولة الأعضاء الديمقراطيين منع الصفقة بمجلس الشيوخ هذه تأتي في وقت يبدأ فيه الديمقراطيون دراسة كيفية تعامل إدارة بايدن مع مبيعات الأسلحة إلى الشرق الأوسط.

والمثير للجدل هنا قرار بايدن، هذا الأسبوع، تعيين الجنرال لويد ج. أوستن الثالث وزيراً للدفاع؛ نظراً إلى أن أوستن عضو في مجلس إدارة شركة Raytheon، وهي شركة مقاولات دفاعية عملاقة تستفيد من صفقات الأسلحة الإماراتية الأخيرة وتنتج الذخائر الموجهة بدقة والتي استخدمت لاستهداف المدنيين في اليمن.

من المتوقع أن يواجه أوستن استجواباً حول علاقاته بشركة Raytheon عندما يدلي بشهادته أمام مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وكلاهما يجب أن يوافق على توليه منصبه.

أرسل النائبان مارك بوكان (ديمقراطي عن ولاية ويسكونسن) وباربرا لي (ديمقراطية من كاليفورنيا) رسالة إلى بايدن، طالبا فيها بعدم تعيين وزير دفاع له صلات بمقاولي الدفاع.

صفقة F 35 الإماراتية
الطائرة الأمريكية المسيرة Reaper/رويترز

لكن واحداً على الأقل من الأصوات الرئيسية في الكونغرس، ينادي ضد مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، رفض فكرة أن علاقة أوستن بشركة Raytheon ستكون مدعاة للقلق.

وفي العام الماضي، صوَّت مجلسا الشيوخ والنواب على منع العديد من مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، لكن ترامب اعترض على هذه الإجراءات ولم يتمكن المشرعون من حشد الدعم الكافي لتجاوز اعتراضه. 

وخلال عمليات التصويت هذه، انضم عدد قليل من الجمهوريين إلى أغلب الأعضاء الديمقراطيين في التصويت لمنع صفقات الأسلحة. 

خلال تصويت الأربعاء على صفقة F 35 الإماراتية، انضم اثنان من الديمقراطيين- سيناتور أريزونا، كيرستين سينيما، ومارك كيلي- إلى جميع الجمهوريين باستثناء بول في التصويت لدعمهم.

يشير ذلك إلى أن موقف بايدن سيكون حاسماً في تحديد مصير الصفقة، خاصة إذا أخفق ترامب في تمريرها قبل رحيله.

وقال أنتوني بلينكن مرشح بايدن لمنصب وزير الخارجية، للصحفيين، في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، إن الصفقة "شيء سننظر فيه بعناية فائقة، ونتأكد من الحفاظ على التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي في الشرق الأوسط، ومن المهم أيضاً أن يلعب الكونغرس دوراً".

وقال السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، إن إحاطة إدارة ترامب بشأن المبيعات التي تلقاها هو وأعضاء آخرون في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الشهر الماضي، أقنعته بأن البيع يجري التعجيل به ووضعه في الصناديق قبل مجيء بايدن.

لكنه يعتقد أن صفقة F 35 الإماراتية، إذا لم تُهزم في الكونغرس، يمكن أن يغيرها الرئيس المقبل.

وأضاف مورفي: "أعتقد أن إدارة بايدن ستكون قادرة على وضع شروط إضافية على المبيعات أو كبح مبيعات الأسلحة، لكنني لم أتعمق في التفاصيل حتى الآن"، فـ"ما يقلقني هو أن هناك عمليات بيع معينة سنضطر للقيام بها".

عكس ترامب الذي تحدى الكونغرس عبر استخدام الفيتو لتمرير صفقات السلاح المثيرة للجدل للسعودية والإمارات، فقد لا يقف بايدن في طريق جهود الكونغرس المستمرة للحد من مبيعات الأسلحة إلى البلدين، حسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.

ويرجع ذلك جزئياً إلى المغامرات الأخيرة للدولتين في المنطقة، حسب التقرير.

وقد كانت محاولة إصدار قرار من الحزبين من مجلس الشيوخ لمنع الصفقة الإماراتية الضخمة محاولة لتحقيق هذا الهدف، وكان حلاً يجنب بايدن حرجاً إضافياً مع أبوظبي.

ولكن من الواضح أن إدارة بايدن ستكون هي من ستتخذ القرار حتى لو مررته إدارة ترامب، لأن تنفيذ صفقة F 35 الإماراتية سيكون في عهد الرئيس الديمقراطي.

تحميل المزيد