أعلن القيادي في حزب الليكود الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي كان ينافس بنيامين نتنياهو على زعامة إسرائيل، انشقاقه عن حزب الليكود اليميني الحاكم، الثلاثاء 8 ديسمبر/كانون الأول 2020، والمضيّ في منافسة نتنياهو بعد إنشاء حزب جديد، في الانتخابات المبكرة القادمة التي باتت تلوح في الأفق، سعياً للإطاحة به من زعامة الحكومة. فكيف سيؤثر ذلك على مستقبل نتنياهو ورئاسته للحكومة، وهل يعني ذلك بداية تشظي وانهيار الليكود أكبر معقل لليمين؟ وما حظوظ ساعر في الفوز والقبول؟
بداية، من هو جدعون ساعر الذي ينوي الإطاحة بـ"عرش" نتنياهو؟
يعتبر جدعون ساعر (54 عاماً) من أبرز القيادات لحزب الليكود اليميني، وهو سياسي مخضرم وشَغِل مناصب عدة، كعضو في الكنيست، ووزير للداخلية ووزير للتربية والتعليم في حكومات نتنياهو المختلفة، وكان ساعر قد أعلن عن استقالته من منصب وزير الداخلية عام 2014، إلا أنه عاد إلى الحياة السياسية عام 2019، وانتُخب في المكان الرابع ضمن قائمة الليكود للانتخابات.
وساعر يميني، ينتهج السياسة نفسها التي يتبعها نتنياهو في العديد من القضايا الرئيسية بما في ذلك العلاقة مع الفلسطينيين والعرب. وهو الوحيد الذي تحدى نتنياهو (71 عاماً) داخل صفوف حزب الليكود الحاكم، على زعامة الحزب.
ولا شك أن ساعر شخصية بارزة في الليكود على مستوى الأحزاب الإسرائيلية، وعلى الرغم من كل المحاولات في العقد الأخير لإطفاء بريقه من نتنياهو، فإنه حافظ على مستوى من المعارضة والتحدي، ليكون تصنيفه بين الشخصيات الأبرز على مستوى الحلبة السياسية الإسرائيلية.
علماً بأن ساعر يُتهم بأنه يفتقر للنمطية القيادية المحبوبة لدى الجمهور الإسرائيلي، فهو "هادئ يميل للإقناع ويبتعد عن الميدان في الاتصال مع قيادات الأحياء والبلدات ومدن التطوير البعيدة عن المركز"، كما يصفه محللون.
لماذا يعتبر انشقاقه عن الليكود أخطر تهديد لرئيس الوزراء نتنياهو؟
يعتبر الانشقاق الذي أعلن عنه ساعر الأول في صفوف حزب الليكود الحاكم الذي يسيطر على البلاد من سنوات طويلة. وبذلك يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أخطر تهديد له داخل الحزب الذي يتزعمه منذ عقد من الزمن، وبحسب الصحافة الإسرائيلية فإن جدعون ساعر تسبب بزلزال سياسي في الليكود وفي الكتلة اليمينية، وربما في النظام السياسي في إسرائيل برمته.
وقال ساعر الذي استقال من الكنيست ومن صفوف الليكود، وقدم لائحة اتهام سياسية وعلنية ضد رئيسه السابق نتنياهو: "هذه الحكومة نهبت نفسها والشعب، التركيبة الحالية لن تكون قادرة على إجراء التغيير اللازم.. قبل عام حاولت التغيير وترشحت لرئاسة الليكود وخسرت أمام نتنياهو".
وأضاف: "في العام الماضي، أدركت أكثر من أي وقت مضى أن الليكود قد غيّر وجهه وابتعد عن مسار الدولة. أصبح الليكود حركة تملق وأداة ضمن محاكمة رئيس الوزراء، لا يمكنني تأييد هذه الظواهر، إسرائيل بحاجة إلى الاستقرار والوحدة ونتنياهو غير قادر على ذلك، قال بيغن ذات مرة إن الحكم المطول يشكل خطراً على حرية الأمة، هو سيء بطبيعته".
ما حظوظ ساعر في التغلب على نتنياهو وإضعافه؟
لا شك أن خطوة ساعر تشكل ضربة موجعة لنتنياهو الذي يواجه بالفعل اتهامات بالفساد ومحاكمات، ومن بين المرشحين للانضمام إلى الحزب الجديد بقيادة ساعر الذي أطلق عليه اسم (الأمل الجديد)، أعضاء في الكنيست من حزب "ديرخ أريتس"، ورئيس حزب كولانو عضو الكنيست شاشا بيتون. كما أن رئيس أركان الجيش السابق غادي أيزنكوت لا يستبعد أيضاً الانضمام إلى حزب ساعر.
وبحسب أول استطلاع أجرته صحيفة "معاريف" صباح الأربعاء، حصل جدعون ساعر على 17 مقعداً، وهذه نسبة تعتبر جيدة في الكنيست ويبنى عليها، وإذا تكررت نتائج هذا الاستطلاع، وضم ساعر لحزبه أسماء بارزة وشخصيات عسكرية وأمنية قوية، ربما يستطيع إحداث تغيير كبير مع الآخرين قد يقضي على نتنياهو.
ولأن ساعر ينتهج السياسة اليمينية نفسها التي يتبعها نتنياهو في العديد من القضايا الرئيسية بما في ذلك العلاقة مع الفلسطينيين، فإن انشقاقه قد يشكل في الواقع تحدياً كبيراً بالنسبة لرئيس حزب "يمينا"، نفتالي بنيت، الذي كان يستنزف أصوات يمين الوسط، وأكثر من ذلك لبيني غانتس، الذي قد يجد نفسه على وشك عدم حصوله على نسبة الحسم، ويمكن أن تحطم هذه الخطوة أخيراً أحزاب يسار الوسط، وقد تمنع نتنياهو من الحصول على 61 صوتاً للحصانة.
في النهاية، يعتبر ساعر شخصية سياسية بارزة، لكنه يفتقر للماضي العسكري والأمني الذي اعتاد الجمهور الإسرائيلي أن يجده في قياداته السياسية. لكن ساعر يمتاز بصفات السياسي الهادئ، ولم يتورط في أي قضايا فساد، وحافظ على صورته الدعائية بشكل كبير. وربما يكون لديه جمهور كبير في اليمين، يميل باتجاه رؤيته ونظريته السياسية والاجتماعية، في ظل وجود قائد فاسد كنتنياهو، ومتغيرات دولية وإقليمية كبيرة تتطلع للتغيير، كصعود بايدن وسقوط ترامب من رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
انتخابات رابعة في إسرائيل على الأبواب
يذكر أن ساعر أقدم على هذه الخطوة بعد أقل من أسبوع، من موافقة الكنيست مبدئياً على مشروع قانون يقضي بحله، والذي يحظى بتأييد شريك رئيس الوزراء في الحكم وزير الدفاع بيني غانتس الذي يتزعم حزب الوسط أزرق أبيض.
وكان الكنيست قد صوّت الأسبوع الماضي بالقراءة التمهيدية لصالح مشروع قانون، حلّ نفسه، والتوجّه إلى انتخابات مبكرة، وما زال يتعين التصويت على مشروع القانون بثلاث قراءات، قبل أن يصبح قانوناً ناجزاً، وصوت لصالح مشروع القانون 61 نائباً وعارضه 54، من أصل 120 عضواً.
وشكل نتنياهو وغانتس حكومة "وحدة" في مايو/أيار 2020 بعد ثلاثة انتخابات غير حاسمة منذ أبريل/نيسان 2019، لكنهما يختلفان على ميزانية عامة وإذا فشلا في التصديق على حزمة تحفيز مالي في البرلمان بحلول 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري سيتعين إجراء انتخابات رابعة في أقل من عامين، في مارس/آذار المقبل.