هل تناول لقاح كورونا يعني وداعاً للكمامة؟ كلا، وهذه هي الأسباب

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/09 الساعة 15:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/15 الساعة 10:05 بتوقيت غرينتش
أكثر من شركة أدوية تحدثت عن الآثار الجانبية للقاح كورونا الذي أنتجته لكنها خفيفة إلى متوسطة - رويترز

حالة الفرح المبررة تماماً ببدء عمليات توزيع وتناول لقاحات كورونا يجب ألا تطغى على حقيقة أن الفيروس لا يزال موجوداً وأنَّ تناول اللقاح لا يعني عودة الحياة إلى طبيعتها تماماً، فارتداء الكمامة لا يزال حتمياً حتى لمن تناولوا اللقاح.

صحيفة The New York Times الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان: "السبب وراء ضرورة الاستمرار في ارتداء الكمامة حتى بعد تناول اللقاح"، ألقى الضوء على التوصيات بألا يتخلى من يتناولون أحد لقاحات كورونا عن ارتداء الكمامة.

اللقاحات فعالة ولكن!

يبدو أن لقاحي كوفيد-19 الجديدين من شركتي فايزر وموديرنا فعالان بشكل ملحوظ في الوقاية من الإصابة الخطيرة بفيروس كورونا. لكن مدى نجاحهما في الحد من انتشار الفيروس ليس واضحاً.

وهذا لأن تجارب "فايزر" و"موديرنا" رصدت فقط عدد الأشخاص الذين تناولوا اللقاح وأصيبوا بكوفيد-19. وهذا يترك الباب مفتوحاً أمام احتمالية أن بعض الأشخاص الذين يتناولون اللقاح يصابون بالمرض دون ظهور أعراض، وقد ينقلون الفيروس خفية بعد ذلك، خاصةً إذا كانوا على مسافة  قريبة من الآخرين أو توقفوا عن ارتداء الكمامات.

وإذا كان الأشخاص الذين تناولوا اللقاح هم الناشرين الخفيين للفيروس، فقد يستمرون  في نشره بمجتمعاتهم، وهو ما يعرض الأشخاص الذين لم يتناولوا اللقاح للخطر.

الآثار الجانبية للقاح كورونا
الآثار الجانبية للقاح كورونا

تقول ميشال تال، خبيرة المناعة في جامعة ستانفورد: "يعتقد كثير من الناس أنه فور تناولهم اللقاح، لن يضطروا إلى ارتداء الكمامات بعدها. سيكون من المهم حقاً لهم أن يعرفوا أنه ما يزال يتحتم عليهم الاستمرار في ارتداء الكمامات، لأنه ما يزال بإمكانهم نقل العدوى".

ويُشار إلى أنه في معظم التهابات الجهاز التنفسي، ومنها فيروس كورونا الجديد، يعتبر الأنف هو المنفذ الرئيسي للدخول. ويتكاثر الفيروس فيه بسرعة؛ ما يدفع الجهاز المناعي إلى إنتاج نوع من الأجسام المضادة خاصة بالغشاء المخاطي الذي يبطن الأنف والفم والرئتين والمعدة. وإذا تعرض الشخص نفسه للفيروس مرة ثانية، فهذه الأجسام المضادة، وكذلك الخلايا المناعية التي تتذكر الفيروس، تحبس الفيروس بسرعة في الأنف قبل أن تتاح له فرصة التمكُّن من مكان آخر في الجسم.

وفي المقابل، تُحقن لقاحات فيروس كورونا في عمق العضلات ويمتصها الدم بسرعة، حيث تحفز جهاز المناعة على إنتاج الأجسام المضادة. ويبدو أن هذه حماية كافية للشخص الذي تناول اللقاح.

وبعض هذه الأجسام المضادة ستنتقل إلى الغشاء المخاطي للأنف وتحميه، لكن مقدار الأجسام المضادة المحتشدة، أو مدى سرعة احتشادها ليسا واضحين. إذا كانت الإجابة "ليس كبيراً"، فقد تتكاثر الفيروسات في الأنف، وتنتقل إلى الآخرين عن طريق العطس أو التنفس.

حماية المحيطين من العدوى

تقول ماريون بيبر، خبيرة المناعة بجامعة واشنطن في سياتل: "إنه سباق بين سرعة تكاثر الفيروس وسرعة عمل الجهاز المناعي. وهي مسألة غاية في الأهمية".

ويقول خبراء  إن هذا هو السبب في أن لقاحات الغشاء المخاطي، مثل رذاذ الأنف FluMist أو لقاح شلل الأطفال الفموي، أفضل من الحقن العضلي في درء فيروسات الجهاز التنفسي.

وقد يتمكن الجيل القادم من لقاحات فيروس كورونا من تنشيط مناعة في الأنف وبقية الجهاز التنفسي، حيث تشتد الحاجة إليها. أو يمكن أن يُحقن الناس بحقنة عضلية متبوعة بدفعة مخاطية تنتج أجساماً مضادة واقية في الأنف والحلق.

روسيا تلقيح فيروس كورونا
بدء حملة تلقيح جماعي في روسيا ضد فيروس كورونا – رويترز

وقد ثبت أن لقاحات فيروس كورونا دروع قوية في مواجهة الإصابة الخطيرة بالمرض، لكن هذا لا يضمن فاعليتها في الأنف. ويسهل وصول الأجسام المضادة إلى الرئتين- موضع الأعراض الحادة- أكثر  من الأنف أو الحلق، ومن ثم يسهل حمايتهما.

يقول ديبتا باتاتشاريا، خبير المناعة بجامعة أريزونا: "الوقاية من درجة الإصابة الخطيرة أسهل، والوقاية من الدرجة الخفيفة أصعب. وإذا كان اللقاح فعالاً بنسبة 95% في الوقاية من الإصابة المصحوبة بأعراض، فستقل هذه النسبة في الوقاية من جميع درجات الإصابة".

لكنه قال هو وخبراء آخرون إنهم يشعرون بالتفاؤل إزاء تمكُّن اللقاحات من وقف نشاط الفيروس بدرجة كافية حتى في الأنف والحنجرة لمنع الأشخاص المحصنين من نقله للآخرين.

تقول أكيكو إيواساكي، خبيرة المناعة في جامعة ييل: "أرى أنه فور تطوير شكل من أشكال المناعة بعد تناول اللقاح، فإن إمكانية الإصابة بالعدوى ستنخفض أيضاً. وحتى لو كنت مصاباً، فستتراجع مستويات الفيروس التي تتكاثر في  أنفك".

اللقاح لا يعني اختفاء الفيروس

وفي الوقت نفسه، يقول الدكتور بهاتاشاريا، إن الدراسة الأخيرة التي توصلت إلى أن الأشخاص الذين تناولوا لقاح الإنفلونزا العضلي يحملون أجساماً مضادة وفيرة في الأنف مشجعة.

ووجدت دراسة أجريت على مرضى كوفيد-19، أن مستويات الأجسام المضادة في اللعاب والدم كانت متطابقة، وهو ما يشير إلى أن الاستجابة المناعية القوية في الدم من شأنها أن تحمي الأنسجة المخاطية أيضاً.

والأشخاص الذين يتجمع الفيروس في أنوفهم وحلوقهم هم فقط من يُتوقع أن ينقلوا الفيروس، وغياب الأعراض لدى الأشخاص الذين تناولوا اللقاح وأصيبوا بالعدوى يشير إلى احتمالية أن اللقاح نجح في السيطرة على مستويات الفيروس.

لقاح أكسفورد
لقاح كورونا؟/رويترز

لكن بعض الدراسات أشارت إلى أنه حتى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض، قد تحتشد كميات كبيرة من فيروس كورونا في أنوفهم، وهو ما أشارت إليه الدكتورة إيفون مالدونادو، التي تمثل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، في اجتماعات اللجنة الاستشارية الفيدرالية لممارسات التحصين. ويُذكر أن أول شخص تأكدت إصابته بفيروس كورونا، وهو رجل يبلغ من العمر 33 عاماً في هونغ كونغ، لم تظهر عليه أعراض أيضاً، لكنه كان يؤوي ما يكفي من الفيروسات لإصابة الآخرين.

وتقول الدكتورة إيفون، إن الأشخاص الذين تناولوا اللقاح ولديهم مستويات عالية من الفيروس ولكن دون أعراض، "سيكونون في الواقع، من بعض النواحي، ناشرين أشد سوءاً للمرض، لأنه قد يراودهم شعور زائف بالأمان".

وتقول الدكتورة ميشال تال إنها قلقة إزاء الدراسات التي أجريت على القرود والتي أظهرت أن بعضها الذي تناول اللقاح لم يمرض، لكن الفيروس كان ما يزال في أنوفها.

لكن جون مور، خبير الفيروسات بكلية طب وايل كورنيل في نيويورك، قال إن تلك القرود تعرضت عن قصد لكميات هائلة من الفيروس، وكمية الفيروس بداخلها ما تزال أقل من الحيوانات التي لم تُحقن باللقاح.

ويقول الدكتور مور: "كلما قلت مستويات الفيروس، قلَّ احتمال نشره". ولكن "كل هذه الأشياء تتفوق فيها البيانات على النظرية، والبيانات هي ما نحتاجه".

تحميل المزيد