قيمة الصفقة 23 مليار دولار تشمل 50 طائرة إف-35، و20 درون من طراز ريبر، وحوالي 14 ألف قنبلة وذخيرة، اتفق عليها ترامب مع الإمارات، ويرغب في إتمامها قبل مغادرته البيت الأبيض، لكن الصفقة تواجه رفضاً لخمسة أسباب يتعلق أحدها باليمن وليبيا.
ما تبرير إدارة ترامب للصفقة؟
عقدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي جلسة سرية مساء الإثنين، 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، مع مسؤولين من إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، بخصوص الصفقة المقترحة لبيع أسلحة متقدمة للإمارات، لكن بمجرد انتهاء الجلسة عبّر أحد أعضاء اللجنة عبر تويتر عما دار في الجلسة العاصفة، بحسب تقرير لموقع Vox الإخباري، بعنوان "تفاصيل المعركة بشأن صفقة الأسلحة الضخمة التي أبرمها ترامب مع الإمارات".
السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي كتب على حسابه في تويتر: "أنهيت لتوي جلسة استماع بشأن صفقة الأسلحة غير المسبوقة للإمارات، والتي تضم طائرات إف-35 ودرونات ريبر. عدد كبير جداً من القضايا غير المحسومة والأسئلة التي فشلت الإدارة في الإجابة عنها. أجد صعوبة في التأكيد على حجم الخطر جراء الإسراع في إتمام تلك الصفقة".
ملاحظة ميرفي ليست سوى قمة جبل الجليد بشأن صفقة الأسلحة الضخمة للإمارات، التي أثارت جدلاً هائلاً داخل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يحذر كثير من المراقبين من الفوضى التي يسعى الرئيس الخاسر لإثارتها قبل مغادرة البيت الأبيض.
بررت إدارة ترامب صفقة الأسلحة الضخمة للإمارات بربطها صراحة بجهود مواجهة إيران من ناحية، وباتفاق تطبيع العلاقات الذي أبرمته أبوظبي مع إسرائيل من ناحية أخرى، وهذا ما جاء في خطاب موافقة وزير الخارجية مايك بومبيو على الصفقة، والذي أرسله لمجلس الشيوخ.
"هذه (الصفقة) هي اعتراف بعلاقتنا الوثيقة وبحاجة الإمارات لقدرات دفاعية متطورة بغرض الردع، وللدفاع عن نفسها في مواجهة التهديدات المتصاعدة من جانب إيران. الاتفاق التاريخي الذي أبرمته الإمارات العربية المتحدة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل يقدم فرصة لا تتكرر سوى مرة واحدة في كل جيل لتغيير المشهد الاستراتيجي في المنطقة بشكل إيجابي".
ماذا يقول الرافضون للصفقة؟
الرافضون للصفقة يشملون أعضاء في مجلس الشيوخ جمهوريين وديمقراطيين، إضافة لجماعات حقوقية، على أساس أن الإمارات مسؤولة عن قتل مدنيين في اليمن، كما أنها تمول مرتزقة فاغنر الروس، الذين يقاتلون بجانب خليفة حفتر في ليبيا، وبالتالي لا يجب أن تكافئها الإدارة الأمريكية، بل يجب أن تعاقبها.
وهذا ما عبّر عنه سيث بيندر من مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، وهي جماعة حقوقية تقود جهود منظمات مراقبة بيع الأسلحة ومنظمات حقوقية لمنع إتمام الصفقة، حيث قال لموقع Vox: "بيع هذه الأسلحة المتطورة للإمارات الآن يعني دعم سياساتها التي تهدد المصالح الأمريكية وتزعزع الاستقرار في المنطقة".
وقدم أعضاء مجلس الشيوخ ميرفي وميننديز والجمهوري راند بول، يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني، 4مشاريع قوانين تهدف إلى منع إتمام الصفقة للإمارات، وتركز تلك المشاريع على 5 نقاط رئيسية لتبرير طلب إيقاف الصفقة للإمارات.
5 اعتراضات على إتمام الصفقة
النقطة الأولى تتعلق باستخدام أبوظبي لتلك الأسلحة المتطورة والفتاكة في حرب اليمن أو في أي بلد آخر في المنطقة يشهد اضطرابات، مثل ليبيا أو القرن الإفريقي، ولا يريد رافضو الصفقة إتمامها قبل أن تقدم الإمارات ضمانات كافية على أن ذلك لن يحدث، وهو ما لم يحدث بحسب جلسة الاستماع الأخيرة في مجلس الشيوخ.
النقطة الثانية تتعلق باحتمال أن تفقد إسرائيل "تفوقها النوعي في مجال التسليح" في الشرق الأوسط، وهي السياسة الأمريكية المتبعة منذ عام ،1973 والتي تضمن تفوق إسرائيل عسكرياً على جميع الدول العربية، وحصول أبوظبي على المقاتلات الأفضل عالمياً إف-35، ودرونات ريبر قد يقلص تلك الأفضلية.
لكن البعض يرى أن نقطة تفوق إسرائيل تراجعت أهميتها مؤخراً، والسبب الرئيسي هو أن حكومة إسرائيل تخلّت عن اعتراضاتها على بيع طائرات إف-35 للإمارات، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد وعد البنتاغون لتل أبيب بضمان تفوقها عسكرياً، "القضية الآن أصبحت مرتبطة أكثر بأبعاد السياسة الخارجية المتعلقة بالصفقة المقترحة"، بحسب باربرا ليف، سفيرة أمريكا لدى أبوظبي في الفترة من 2014 حتى 2018.
نقطة الاعتراض الثالثة تتعلق بأن حصول الإمارات على تلك الصفقة الضخمة من الأسلحة النوعية المتطورة قد يؤدي إلى تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط، حيث ستصبح الإمارات أقوى وأكثر تأثيراً كلاعب إقليمي، ويرى الخبراء أنه في حالة حدوث ذلك يمكن أن تهاجم أبوظبي بنفسها أو من خلال وكلاء لها دولاً تراها عدواً.
لكن البعض لا تقلقه هذه النقطة: "هذه الصفقة لن تغير ميزان القوى العسكري في الشرق الأوسط"، بحسب ليف، التي تعمل حالياً باحثةً في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، مضيفة: "ترسانة إيران الصاروخية وغير التقليدية قاتلة، ويمكنها أن تسبب أضراراً كاسحة حتى لو حصلت أبوظبي على طائرات إف-35".
نقطة الاعتراض الرابعة تتعلق بإمكانية أن تؤدي الصفقة إلى انطلاق سباق تسلح في المنطقة، حيث إن الدول الأخرى في المنطقة لن تقبل بأن تمتلك أبوظبي أسلحة متطورة كطائرات إف-35 دون أن تسعى لامتلاك أسلحة متطورة أيضاً، وهو ما يجعل المنطقة أكثر تسليحاً وخطورة.
أما نقطة الاعتراض الخامسة فلها علاقة بأن إدارة ترامب تسعى لإتمام تلك الصفقة الضخمة في غضون أشهر، بينما صفقة بهذا الحجم يستغرق إتمامها في العادة سنوات، حيث تستغرق المفاوضات بين الدولتين فترات طويلة، ثم يخضع الاتفاق لتدقيق كامل من جانب وزارة الخارجية الأمريكية والبنتاغون، ثم تبدأ بعدها مشاورات طويلة المدى بين الإدارة والكونغرس. وفي العادة قد تستغرق المشاورات بشأن موقف إسرائيل فقط من صفقة كهذه سنوات وليس أشهراً.
كل هذه المعطيات توحي بأن ما تبقى من أسابيع قليلة لترامب في البيت الأبيض (تنتهي ولايته رسمياً 20 يناير/كانون الثاني 2021) سوف تشهد سجالات ساخنة، حيث يريد ترامب إتمام الصفقة قبل تولي إدارة بايدن، التي من المتوقع أن تضع الصفقة تحت الإجراءات المعتادة، وربما حتى يتم التراجع عنها إذا لم يتمها ترامب.