ماذا يعني فرض عقوبات أمريكية على أتباع حفتر؟ ومن التالي بعد الكاني؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/11/30 الساعة 09:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/16 الساعة 09:56 بتوقيت غرينتش
حفتر وقادة المليشيات في بنغازي، أرشيفية/رويترز

فرض الولايات المتحدة عقوبات على ميليشيات تابعة لخليفة حفتر مؤشر على تحول موقف واشنطن تجاه الأوضاع في ليبيا مع قرب نهاية ولاية دونالد ترامب وتولي جو بايدن الرئاسة، فمن سيكون التالي على لائحة العقوبات بعد ميليشيات الكاني؟

من الذي تعرض للعقوبات الأمريكية؟

الأربعاء 25 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشن في بيان فرض عقوبات على ميليشيا "الكانيات" وقائدها، في إطار "قانون ماغنيتسكي" الذي يستهدف "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والفساد في جميع أنحاء العالم".

زعيم ميليشيا الكانيات محمد الكاني

ويتهم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية "أوفاك"، التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، ميليشيا "الكانيات" وقائدها بالمسؤولية عن "قتل مدنيين تم اكتشافهم مؤخراً في العديد من المقابر الجماعية في ترهونة، فضلاً عن التعذيب، والاختفاء القسري، وتشريد المدنيين".

وبموجب هذه العقوبات، يتوجب حظر كافة ممتلكات "الكانيات"، وتشمل ما لديهم في الولايات المتحدة، أو في حوزة أو سيطرة مواطنين أمريكيين.

ويأتي إدراج الخزانة الأمريكية للميليشيا وقائدها محمد الكاني، في قائمة العقوبات، بعد أقل من أسبوع من إحباط روسيا مساعي أمريكية وألمانية على مستوى "لجنة عقوبات ليبيا"، لوضع هذه الميليشيا ضمن قائمة العقوبات الأممية، لانتهاكها حقوق الإنسان في البلاد.

وبررت روسيا موقفها بأنها "تريد رؤية مزيد من الأدلة أولاً على قتلهم مدنيين"، رغم أن المقابر الجماعية التي اكتشفت في مدينة ترهونة جنوب شرق العاصمة طرابلس، وقعت خلال الفترة التي سيطرت "الكانيات" على المدينة (2013- منتصف 2020).

ماذا بعد الكاني؟

يشكل إدراج "الكانيات" وقائدها في القائمة السوداء الأمريكية خطوة من شأنها تضييق الخناق على حفتر وميليشياته، خاصة أن "الكانيات" أعلنت ولاءها له منذ 2019، وشكلت نقطة ارتكاز رئيسية له خلال عدوانه على طرابلس في 4 أبريل/نيسان 2019، والذي استغرق 14 شهراً.

وبعد هروب "الكانيات" من ترهونة، وفرّ لها حفتر المأوى والحماية في الشرق الليبي، رغم أنها لم تحظ بترحيب كبير من قبائل الشرق وميليشياتها لسمعتها الإجرامية في الغرب.

خسارة ترامب كابوس لحفتر

ومع اقتراب رحيل ترامب من البيت الأبيض، بعد فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية، أعطى ذلك الضوء الأخضر للمؤسسات الأمريكية للتحرك ضد مصالح حفتر، بداية مع "الكانيات".

وتتزامن العقوبات ضد "الكانيات"، مع تحشيد ميليشيات حفتر لعناصرها قرب خطوط التماس بالغرب والجنوب، وقيامها بعدة مناورات بالذخيرة الحية وباستخدام أسلحة جديدة وحديثة على غرار راجمات الصواريخ الصربية الحديثة "مورافا"، التي زودتها بها الإمارات، بالإضافة إلى الطائرات الهجومية "سوخوي 24″، وطائرات متعددة المهام "ميغ 29″، بحسب تقرير لوكالة الأناضول.

وتشكل هذه العقوبات تحذيراً أمريكياً لحفتر، من أنه سيكون تحت طائلة العقوبات في حال هاجم مجدداً طرابلس ومدن الغرب الليبي بتحريض من الإمارات وروسيا، أو حاول إعاقة الحل السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة، ففرض عقوبات على مجموعة أو أفراد تابعين لحفتر، إدانة ضمنية له، خاصة أنه لم يفتح تحقيقات حول هذه الجرائم ولم يعاقب مرتكبيها.

وقد لا يملك الكاني ولا "الكانيات" أموالاً أو عقارات في الولايات المتحدة، لكن ممتلكات حفتر وأبنائه هناك تقدر بأكثر من 8 ملايين دولار، مما يجعل وضعه معقداً إذا وضعته واشنطن في قائمة العقوبات، وحجزت ممتلكاته ومدخراته.

وبناء على ذلك فهامش المناورة أمام حفتر محدود ويتقلص، خصوصاً بعد انكسار ميليشياته في معركة طرابلس، لكنها لم تتفكك بعد بفضل الدعم العسكري الذي توفره لها روسيا ومرتزقة شركة فاغنر، بالإضافة إلى الإمارات.

كما أن مجلس النواب الأمريكي صادق على "مشروع قانون استقرار ليبيا" وينتظر مصادقة مجلس الشيوخ، وتوقيع الرئيس، ليدخل حيز التنفيذ، وخلال الفترة الأخيرة ركز مشرعون أمريكيون بينهم السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز، هجومهم على الدور السلبي الذي تلعبه الإمارات في ليبيا.

لذلك من المتوقع أن يتم تسليط الضوء أكثر على الإمارات في عهد بايدن، الذي سيتولى إدارة البلاد رسمياً في 20 يناير/كانون الثاني 2021، لكن قد تحاول أبوظبي بدعم من موسكو دفع حفتر للهجوم بشكل خاطف على طرابلس أو مصراتة قبل تسلم بايدن الحكم.

 وإن كان هذا السيناريو مستبعداً لأن احتمالات تكبده هزيمة جديدة كبيرة، إلا أن حفتر عادة ما يقوم بهجمات غير متوقعة بغض النظر عن مخاطرها السياسية والعسكرية.

غليان في شرق ليبيا

لم تهدأ الأوضاع في شرق ليبيا الخاضع لسيطرة ميليشيات حفتر، بعد مقتل المحامية حنان البرعصي، وسط بنغازي، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حتى عادت للغليان مجدداً.

فالبذخ والإسراف اللذان شهدهما حفل زواج صدام نجل حفتر في منتجع بالإمارات، ثم توزيعه سيارات رباعية وهواتف ذكية على شعراء بالغوا في مدحه خلال عرسه بمدينة أجدابيا (شرق) أثار سخط عناصر من ميليشياته خاصة المصابين منهم.

احتفالات في طرابلس بالانتصارات على حفتر – الأناضول

وذكرت وسائل إعلام ليبية، بينها قناة "فبراير"، أن صدام حفتر أهدى 40 شاعراً أحيوا حفل زفافه بأجدابيا سيارات جديدة رباعية الدفع، وهواتف ذكية.

وأثار ذلك غضب جرحى ميليشيات حفتر، الذين تجمع عشرات منهم في بنغازي، وأقفلوا مصرف ليبيا المركزي (الموازي)، احتجاجاً على إيقاف علاجهم وعدم سداد ديون العلاج، قبل أن يتم قمعهم، بحسب ناشطين إعلاميين وحقوقيين بينهم نادين الفارسي.

وهذا الوضع المضطرب لا يعطي الانطباع بأن قبائل الشرق الليبي مازالت تملك نفس الحماسة للقتال من أجل حفتر وأولاده.

وقد يدفع هذا الواقع حفتر إلى الاعتماد أكثر فأكثر على المرتزقة الأجانب، الذي قدر مسؤولو المخابرات الأمريكية عددهم بنحو 2000 مرتزق روسي، تمولهم الإمارات جزئياً على الأقل، بالإضافة إلى نحو 3 آلاف سوداني، إلى غاية نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، بحسب موقع "في.أو.أ نيوز" الأمريكي.

تحميل المزيد