سلَّطت وكالة The Associated Press الأمريكية الضوء على الادعاءات الصينية الأخيرة بأنها اكتشفت عينات نشطة من فيروس كورونا على عبوات الأطعمة المجمدة المستوردة، فما مدى صحة هذه الادعاءات؟ وما حد خطورة هذا التهديد على الصحة العامة؟
كورونا على عبوات الأطعمة المجمدة.. ما مدى صحة ذلك؟
كانت الصين قد أصدرت حظراً على استيراد الجمبري المجمد من إحدى الشركات الإكوادورية لمدة أسبوع، بداية من يوم الثلاثاء 24 نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك ضمن سلسلة مستمرة من قرارات الحظر المؤقت.
وفي حين يقول الخبراء إن الفيروس يمكن أن يعيش لبعض الوقت على العبوات المصنوعة من الورق المقوى أو البلاستيك، فإنه يظل من غير الواضح مدى جسامة الخطر الذي يمثله الأمر. مع ذلك، وعلى غرار العديد من القضايا المتعلقة بالوباء، سرعان ما أصبحت المسألة "مُسيّسة".
إذ رفضت الصين شكاوى من الولايات المتحدة ودول أخرى، قائلة إنها تضع حياة الناس في المقام الأول. على الجانب الآخر، فإن خبراء يقولون إنهم بوجه عام لا يعتبرون ظهور عينات من الفيروس على بعض العبوات أمراً ينطوي على خطر صحي كبير. إليك نظرة على القضية وبعض الاستنتاجات البارزة حتى الآن:
كيف نفهم حملات الصين الصارمة هذه؟
في البداية، أصبحت مسألة التعبئة والتغليف قضيةً رئيسية مع حوادث تفشي المرض في الصين المرتبطة بأسواق الجملة الخاصة بالمواد الغذائية، وإحداها اكتشفت في يونيو/حزيران الماضي في إحدى ضواحي بكين. وهو ما أعقبه قرار صيني برفع السلمون المدخن من على أرفف السوبر ماركت، وامتد الحظر في حالات عديدة على صعيد البلاد ليشمل الدجاج ولحوم البقر والمأكولات البحرية القادمة من نحو عشرين دولة. وبعد ذلك، بدأت بعض محلات السوبر ماركت تعرض اللحوم المستوردة الآن مع ملصق يعلن أنها خالية من الفيروسات.
كما أدى انتشار العدوى بين عمال الشحن إلى تفاقم الشك في العبوات. ومع ذلك لم يُستبعد احتمال أن تكون العدوى قد انتقلت من شخص إلى آخر، ولم تنشر الصين بعدُ دليلاً على أن التغليف كان، على نحو مؤكد، طريقَ انتقال كورونا في الوقائع ذات الصلة.
شكاوى خارج الصين، فماذا تقول منظمة الصحة العالمية؟
على الجانب الآخر، يقول الشركاء التجاريون، من الولايات المتحدة ونيوزيلندا وكندا والاتحاد الأوروبي، إن ثمة غموضاً فيما يتعلق بمنهجية الصين المتبعة حيال الأمر، وإنهم لم يروا دليلاً قوياً على أن منتجاتهم تحمل الفيروس. حتى إن الولايات المتحدة تشككت فيما إذا كانت حملة الصين الصارمة تستند إلى أسس علمية، وأشارت إلى أن قرارات الحظر من ذلك النوع قد ترقى إلى مستوى فرض حواجز تجارية غير عادلة.
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، وصف الاتهامات الأمريكية بأنها "لا أساس لها من الصحة وغير معقولة". وقال الأسبوع الماضي إن الإجراءات التي تتخذها الصين "ضرورية تبعاً لما تلتزمه من روح إعطاء الأولوية لحياة الناس وحماية صحتهم".
أما منظمة الصحة العالمية فقالت، في بيان لوكالة Associated Press، إن حالات العثور على فيروسات نشطة على عبوات المواد الغذائية تبدو "نادرة ومتفرقة". وقالت المنظمة إنه في حين أن الفيروس يمكن بالفعل أن "يعيش لفترة طويلة في ظروف التخزين البارد، فإنه لا يوجد أي دليل على إصابة الأشخاص بالفيروس عن طريق تناول طعام ملوث به".
ماذا يقول الخبراء حول هذا الأمر؟
يقول تيموثي نيوسوم، أستاذ علم الفيروسات في جامعة سيدني الأسترالية، إن عينات الفيروس الموجودة على العبوات يمكن أن تكون معدية أو غير معدية، مشيراً إلى أن الاختبارات شديدة الحساسية التي يجري استخدامها يمكنها الكشف عن كل من الفيروسات النشطة وبقاياها، دون إمكانية التمييز بينهما.
ولفت نيوسوم إلى أن "هذا ممكن وقد ينطوي على بعض المخاطر، لكنه بالتأكيد يقع ضمن الحدود الدنيا من مخاطر انتقال العدوى. نحن نعلم أن درجات الحرارة المنخفضة تحفظ استقرار الفيروس. ومع ذلك، أعتقد أنه فيما يتعلق بالأشياء التي يجري شحنها ونقلها عبر الأسطح، فإن المخاطر منخفضة في هذا الإطار".
ومن جانبه، يقول أندرو بيكوز، من كلية بلومبيرغ للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز، إن إيجابية العينة "لا تعني بالضرورة وجود فيروس معدٍ، بل قد يكون مجرد إشارة على وجود بعض بقايا الفيروس على السطح" الخاضع للاختبار.
وأكد أنه "لم يرَ أي بيانات مقنعة بأن وجود فيروس كورونا على عبوات المواد الغذائية يشكل خطراً كبيراً للإصابة بالعدوى".
كيف تنتقل عدوى كورونا عبر الأسطح؟
ينتقل فيروس "سارس كوف 2" المسبِّب للإصابة بعدوى فيروس كورونا المستجد في الأغلبية الساحقة للحالات بواسطة قطيرات الجهاز التنفسي والجزئيات صغيرة الحجم التي تمر عبر الهواء، ما يؤكد أهمية ارتداء القناع الطبي.
ومع ذلك، يمكن للفيروس أيضاً أن ينتقل عبر الأسطح، وقد حثَّ مسؤولو الصحة العامة الجميع على غسل أيديهم بعناية وتجنب الاتصال الجسدي مع الآخرين. وبوجه عام، كلما كانت الظروف أكثر برودة وجفافاً، طالت مدة بقاء الفيروس على الأسطح.
لذلك يعد مسح أسطح مكاتب العمل والدرابزين والأسطح الأخرى طريقة شائعة لضمان السلامة العامة، وذهب بعض الأشخاص أيضاً إلى حد اشتراط تعقيم العبوات التي يُحضرونها إلى منازلهم، سواء بأنفسهم أو عن طريق خدمات التوصيل.