من المتوقع أن يتحرك جو بايدن، الرئيس الأمريكي المنتخب وفريقه الانتقالي بسرعة لملء المناصب في حكومته، على الرغم من أنه قد يضطر إلى إجراء اختيارات أكثر اعتدالاً إذا احتفظ الجمهوريون بالسيطرة على مجلس الشيوخ. ويتوقع محللون بارزون أن يرشح الرئيس المنتخب مزيجاً من التقدميين والمعتدلين وحتى عدد قليل من الجمهوريين بينما يسعى لإرضاء تحالف واسع.
وخلال شهرين ونصف مقبلين، يحتاج بايدن إلى بناء فريق حاكم لمساعدته في مواجهة جائحة تاريخية وإعادة بناء الاقتصاد، وعلاج أزمات خارجية كبيرة سببها ترامب. وإليكم في هذا التقرير أبرز المتنافسين المتوقعين على أهم المناصب الحساسة كالخارجية والدفاع والأمم المتحدة في كابينة بايدن، الذين سيتعاملون بشكل مباشر مع ملفات الشرق الأوسط، ولمحة عن خلفياتهم، ونظرتهم الخاصة تجاه قضايا المنطقة.
وزارة الخارجية الأمريكية
يتسابق على هذا المنصب الحساس العديد من الأسماء، وهنا أكثرهم ترشيحاً ليتم التوافق عليه بين أعضاء الكونغرس:
– أنتوني بلينكن: وهو مستشار حملة بايدن ومسؤول السياسة الخارجية منذ فترة طويلة، وقد كان نائب وزير خارجية أوباما ونائب مستشار الأمن القومي، وقد يحصل بلينكن على منصب مستشار الأمن القومي لإدارة بايدن.
وشغل بلنكن منصب مدير الموظفين الديمقراطيين للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، وأثناء إدارة كلينتون، عمل بلينكن في وزارة الخارجية وفي مناصب عليا في هيئة موظفي مجلس الأمن القومي.
وينحدر بلينكن من أصول يهودية، وهو داعم قوي لإسرائيل، وفي 17 يونيو/حزيران 2020، قال بلينكن إن بايدن "لن يربط المساعدات العسكرية لإسرائيل بأشياء مثل ضم إسرائيل للضفة أو المستوطنات، أو قرارات أخرى من قبل الحكومة الإسرائيلية قد نختلف معها".
وورد اسم بلينكن في كتاب "النفط والدم" الذي يتناول صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الحكم، والذي صدر في سبتمبر/أيلول الماضي. إذ يورد الكتاب أنه بعد انطلاق الحملة العسكرية السعودية على اليمن، والتي عرفت باسم "عاصفة الحزم"، في مارس/آذار 2015، سافر "أنتوني بلينكن"، كبير مستشاري جو بايدن إلى الرياض للقاء عدد من أصدقائه ومحاولة قراءة الموقف، وكان من بينهم ولي العهد السابق محمد بن نايف، الصديق القوي لبلينكن.
ويشير الكتاب إلى أنه خلال اللقاء مع بلينكن، وصف بن نايف حرب اليمن بأنها "رهان خاسر"، بالرغم من محاولته تفادي الحديث عنها صراحة، وكان يبدو أن بن نايف لم يعلم شيئاً عن تلك الحملة العسكرية.
وكان بلينكن هو الشخص المخول من إدارة أوباما لاكتشاف الأمير الشاب الصاعد محمد بن سلمان عام 2015.
– وليام بيرنز: وهو من أبرز الأسماء المرشحة أيضاً لهذا المنصب الكبير، وبيرنز هو دبلوماسي مخضرم وعمل سفيراً للولايات المتحدة الأمريكية في روسيا في الفترة (2005 – 2008). كما أنه كان مساعد وزير الخارجية الأمريكية في 2008 إبان ولاية بوش الابن، وهو يعتبر من أعلى المناصب في الإدارة الأمريكية. وفي عهد أوباما، عين بيرنز نائباً لوزير الخارجية، بين عامي 2011 و2014.
ولسنوات طويلة، لعب بيرنز دوراً نشيطاً في السياسة الخارجية الأمريكية المنحازة كثيراً إلى إسرائيل، وكان بيرنز يتحدث دوماً عن الطموحات المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين، لكنه يؤكد على الالتزام الأمريكي الثابت بحماية أمن إسرائيل ورفاهيتها.
وفي عام 2019 اعترف بيرنز بارتكاب إدارة أوباما أخطاء كبيرة حول الملف السوري عام 2013 إبان توليه منصب نائب وزير الخارجية، إذ قال لصحيفة "الشرق الأوسط"، إن عدم رد إدارة أوباما على تجاوز نظام الأسد "الخط الأحمر" في نهاية 2013 "أثر سلباً على نفوذ أمريكا ودورها في العالم، وقدم فائدة كبيرة لبوتين".
ويقول بيرنز: "قمنا بأخطاء في سوريا، وأعتقد أن بوتين استفاد من أخطائنا، قلنا إن على الأسد الرحيل، ثم وضع الرئيس أوباما (الخط الأحمر) لكنه لم يحترمه".
ويرى بيرنز أن العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على إيران "مؤثرة"، لكنه "لا يعتقد أنها ستؤدي إلى تغييرات كبرى، واستسلام النظام ورفعه الراية البيضاء".
وزارة الدفاع الأمريكية
– سوزان رايس: شغلت الدبلوماسية المخضرمة رايس منصب مستشار الأمن القومي الرابع والعشرين في الولايات المتحدة في الفترة من 2013 إلى 2017. وكانت سابقاً سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وهناك كانت مدافعة قوية عن إسرائيل وأجهضت العديد من المحاولات الأممية لإدانة إسرائيل، حتى إنها وصفت بأن لديها تاريخاً طويلاً في السماح لإسرائيل بفعل ما تريد.
وعملت رايس مع موظفي مجلس الأمن القومي ومساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية خلال فترة ولاية الرئيس بيل كلينتون الثانية. وتم ذكر اسم رايس كبديل محتمل لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بعد إعادة انتخاب أوباما في عام 2012، ولكن ذلك لم يحصل بسبب قضية "هجوم بنغازي".
ورايس مرشحة الآن لمنصب وزارة الدفاع أو وزارة الخارجية كذلك،
ويقول المسؤولون الأمريكيون الحاليون والسابقون إن رايس لديها خبرة سابقة في العلاقات الخارجية، واعتبرها بايدن بالفعل نائبة له بعد العمل معها في البيت الأبيض.
لكن على الرغم من ذلك قد تكون فرص رايس ضعيفة، خصوصاً في منصب الخارجية، لأنها قد تواجه قبولاً صعباً في مجلس الشيوخ المنقسم بشدة حولها، بسبب التصريحات التي أدلت بها بعد هجوم بنغازي عام 2012 على القنصلية الأمريكية في ليبيا. حيث يرى الجمهوريون أنها ضللت الرأي العام الأمريكي بشأن طبيعة الهجوم، الذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين.
وتربط رايس ببايدن علاقة صداقة قوية، على الرغم من اختلافهما حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات والاضطرابات في أماكن مثل مصر وليبيا عندما كان بايدن نائب الرئيس أوباما.
– ميشيل فلورنوي: من المتوقع أيضاً أن تؤول حقيبة وزارة الدفاع في إدارة بايدن حسب تقرير لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية، إلى ميشيل فلورنوي، وسبق أن تولت فلورنوي منصب مساعد وزير الدفاع للشؤون السياسية إبان الولاية الرئاسية الأولى لباراك أوباما.
وشاركت فلورنوي الصيف الماضي في إعداد مشروع قرار بشأن تعزيز جهود البنتاغون لتجاوز الصين في مجال تطوير التكنولوجيات الجديدة، وأعربت فلورنوي في مقابلة صحفية مؤخراً عن قناعتها بضرورة توسيع طيف مسائل الأمن القومي التي يتعامل معها البنتاغون، نظراً لتجربة جائحة فيروس كورونا.
وتعتقد فلورنوي أن "هناك وعياً متزايداً بالمنافسة مع الصين، والتي هي أولاً وقبل كل شيء اقتصادية وتكنولوجية، ويجب العمل على ذلك جيداً".
وبحسب تقرير سابق لصحيفة يديعوت أحرونوت، يعود لعام 2016، فإن فلورنوي على علم جيد بشؤون إسرائيل، وكبار المسؤولين الإسرائيليين في جهاز الأمن عملوا معها، ويصفونها بأنها "امرأة ذات رأي حاد وبالأساس نزيهة"، وأنها إذا ما عينت في المنصب يوماً ما، فإن مدى تأثيرها على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط سيكون "دراماتيكياً".
سفير أمريكا بالأمم المتحدة
يعد هذا المنصب مهماً أيضاً في الإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالقضايا الخارجية وقضايا الشرق الأوسط، والذي من المتوقع بقوة أن تحظى به السيدة التي فاوضت طهران في اتفاقية البرنامج النووي.
– ويندي شيرمان: إنها السياسية والدبلوماسية الأمريكية التي لعبت دوراً كبيراً في قيادة المفاوضات النووية مع إيران بصفتها وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية خلال إدارة أوباما، ويُنظر إليها على أنها اختيار محتمل لسفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. وعملت شيرمان أيضاً في وزارة الخارجية في إدارة الرئيس بيل كلينتون.
وتحظى شيرمان بخبرة كبيرة في التفاوض مع كوريا الشمالية، وبما أن شيرمان كانت سياسية قبل أن تكون دبلوماسية، وعملت في الكونغرس الأمريكي، فهي تفهم أهمية التبعات السياسية للمناورات الدبلوماسية، وبناء على ذلك تم اختيارها من قبل أوباما لقيادة المفاوضات مع إيران.
ورغم انتمائها لعائلة يهودية معروفة، لم تهدأ مخاوف إسرائيل من دورها في الاتفاق النووي مع إيران، وفي عام 2014، نشرت صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية تقريراً حول شيرمان تحت عنوان: "اليهودية التي تقود المفاوضات مع إيران"، ووضعتها في أعلى قائمة أهم اليهود خلال عام 2014.