بغطاء أمريكي.. كيف استغلت الإمارات “الحرب على الإرهاب” لقمع شعبها 9 سنوات؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/11/04 الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/11/04 الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش
كيف سعت الإمارات لتأطير الممارسات القمعية بدعم أمريكي؟/ رويترز

مع انتشار الاحتجاجات المُطالِبة بالديمقراطية كالنار في الهشيم في الشرق الأوسط في عامَي 2011 و2012، مرَّت الإمارات العربية المتحدة بنسختها الخاصة الأخف حدة من الربيع العربي.

إذ اتحد المفكرون العلمانيون والإسلاميون معاً في مارس/آذار 2011 لصياغة عريضة من أجل تمثيل أكبر في السياسة الإماراتية. وبعدما شهدت أبوظبي سقوط الأنظمة في جميع أنحاء المنطقة، ردَّت بشن أكبر حملة قمع في تاريخ الإمارات؛ عملياً باعتقال وسجن وحظر ونفي جميع الأطراف المعنية. وعقب هذه الحملة، صوَّر النظام الملكي ما حدث على أنه مبادرة من الدولة لقمع التطرف العنيف ومنع الإرهاب من التسلل إلى حدودها.

تأطير الممارسات القمعية

يقول موقع Responsible Statecraft الأمريكي إن هذه الأحداث تُوضِح كيف تمكنت الإمارات من تأطير ممارساتها القمعية ضد المعارضة الداخلية وحملاتها العسكرية التدخلية في دول المنطقة على أنها مبادرات لمكافحة الإرهاب؛ مما منح المجتمع الدولي صورة مشوهة عن مشاركتها في ما يُسمَى بـ"الحرب على الإرهاب".

وأكثر من انخدع بهذه الصورة هي واشنطن. فبالرغم من تزايد الممارسات القمعية السياسية لأبوظبي، تواصل الولايات المتحدة تزويدها بنطاق واسع من الدعم السياسي والأمني؛ مما يعكس دعماً راسخاً لأفعالها. وفي ظل اقتراب إدارة ترامب من بيع 50 طائرة مقاتلة من طراز "إف-35" إلى الإمارات بعد تعاونها في توقيع التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب، ينبغي أن يكون المنظمون الأمريكيون على دراية بدوافع أبوظبي ودورها في الأمن الإقليمي، يقول الموقع الأمريكي.

واشنطن دعمت أبوظبي بممارساتها الفاسدة وغير الأخلاقية

إنَّ نظرة الإمارات للمعارضة السياسية على أنها تهديدٌ للنظام يؤثِّر بشدة في أجندة أمنها القومي. وتنبع انتقادات النظام من مجموعة من الأصوات الديمقراطية المحلية والأكاديميين ودعاة حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. ويحظى تيار المعارضة هذا، على وجه الخصوص، بشعبية لدى الإماراتيين المُهمَّشين بسبب تركيزه على العقيدة وانتقاد السياسات الاجتماعية الخليجية.

وفي عام 2011، أرسلت المعارضة، المؤلفة من قادة أكاديميين دينيين وعلمانيين، إشارات إلى النظام الحاكم بأنَّ تهديد القوى الديمقراطية يتزايد بشدة، وأنَّ أبوظبي تفقد سيطرتها على التوافق الوطني. وفي نظر الحكومة، إذا تُرِكَت المعارضة السياسية دون رادع، يمكن أن تُفكِّك نسيج النظام الحاكم ذاته.

وقدَّم تركيز الولايات المتحدة على "الحرب على الإرهاب" ذريعة مناسبة لأبوظبي لمواصلة القمع السياسي في الداخل. واتهم مواطنون سراً الحكومة بمراقبة الاتصالات والمنظمات الخاصة تحت ستار حماية الدولة من الإرهاب. 

ووثَّق مدافعون دوليون عن حقوق الإنسان الاعتقالات غير الأخلاقية والممارسات القضائية الفاسدة، التي أدت إلى سجن شخصيات سياسية لمدة عقود. ومع ذلك، لم يُقابَل هذا إلا بالقليل من الغضب من واشنطن؛ لأنَّ الإمارات تدعي التزامها بأولوية الأمن القومي للولايات المتحدة المُتمَثِلَة في "هزيمة" التطرف العنيف. 

سياسات استبدادية على نطاق إقليمي

إلى جانب ذلك، تعمل الإمارات على مواءمة تدخلاتها العسكرية مع مبادرات مكافحة الإرهاب الأمريكية في المنطقة، الأمر الذي مكَّنها من متابعة تنفيذ سياساتها الاستبدادية على نطاق إقليمي. إذ دعمت أبوظبي الحملات العسكرية الداعمة للأنظمة ذات التفكير المماثل في اليمن والصومال وليبيا؛ في محاولة للحد من تطور الجماعات السياسية التي تعكس وجهات نظر الكيانات المناهضة للحكومة داخل الإمارات. 

ونوَّه النقاد بأنَّ الحملات العسكرية الإماراتية التي تصورها على أنها تستهدف مواجهة الجماعات المتطرفة، أدت في الحقيقة إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وجرائم حرب. لكن مرة أخرى، طالما أنَّ أبوظبي تستشهد بمكافحة الإرهاب باعتباره هدفها، ففي إمكانها شن حربٍ عشوائية دون معارضة أمريكية تُذكر.

ومع زيادة مشاركة الإمارات في المبادرات الإقليمية والعالمية، فإنها تُعزز تحالفها الأمني ​​مع واشنطن؛ بمعنى أنَّ الولايات المتحدة لن تعترض على أجندة أبوظبي لأنها تعكس نزعتها العسكرية العشوائية في المنطقة، كما انتقدها تقرير مركز السياسة الدولية عن مبيعات الأسلحة الأمريكية. 

دعم أمريكي مستمر

لكن يجب أن تخضع طبيعة العلاقة الأمنية بين واشنطن والإمارات لمزيد من التدقيق، خاصة مع اقتراب إدارة ترامب أكثر من أبوظبي في أعقاب الاتفاقية الدبلوماسية غير المسبوقة بين الإمارات وإسرائيل. وفي أثناء مناقشة العلاقات الدبلوماسية الرسمية الجديدة، أشاد الرئيس ترامب بمشاركة أبوظبي العميقة في المنطقة باعتبارها لحظة محورية للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط. لكن مقابل أي ثمن؟ تنطوي الاتفاقية على مخاطر ترسيخ علاقة أمريكا الأمنية بأبوظبي دون التطرق لجهود الإمارات للحفاظ على الوضع الراهن في المنطقة كما هو.

ويجب على المشرعين والمسؤولين الأمريكيين التفكير ملياً في القمع السياسي الذي يمارسه النظام الملكي في سياق السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؛ للتأكد من أنَّ الولايات المتحدة لا ترتكب هي أيضاً تجاوزات تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وأنها تُنفذ الإرهاب بدلاً من مكافحته، يقول الموقع الأمريكي.

تحميل المزيد